سابعاً: الإنعدام لفقدان ركن النية في القرار: وهو أحدث مجال سحبت اليه المحكمة الإدارية العليا فكرة الإنعدام، وكان ذلك بحكمها الصادر في عام 1959 حيث قالت "إذا كانت وزارة التربية والتعليم قد حدد من قبل نيته فيمن تتجه إليه هذه النية بإحداث الأثر القانوني، فإشترط في المرقى أن ترجع أقدميته في الدرجة الى سنة 1944 أ وبعبارة أخرى يكون تحديد النية من قبل بحسب هذا الشرط هو الأساس لإصدار القرار بتعيين أشخاص المرقين بذواتهم، فلا يعدو القرار الأخير ـ والحالة هذه أن يكون إجراء تطبيقاً لنية تحددت من قبل. ومن ثم فإذا رقى شخص بدون وجه حق على فهم أنه يتوافر فيه شرط الأقدمية بينما هو فاقده، فإن قرار الترقية بالنسبة اليه يكون في الواقع من الأمر فقد ركن النية على وجه ينحدر الى درجة الإنعدام، فلا يكتسب أية حصانة ولو فات الميعاد المحدد للطعن بالإلغاء أو السحب، بل يجوز الرجوع فيه وإلغاءه في أي وقت. كما ان المحكمة الحديثة أصدرت بحكمها الصادر في عام 1971 أصدرت ما يلي " إذا رقى شخص على فهم أننه يتوافر الأقدمية بينما هو فاقده، فإن قرار الترقية بالنسبة إليه يكون بالواقع من الأمر قد فقد ركن النية على وجه ينحدر به إلى درجة الإنعدام".
ثامناً: كون القرار مشوباً بأي عيب جسيم: مثال ذلك قضاء المحكمة الإدارية العليا ، حكمها الصادر في أبريل سنة 1969 حيث تؤكد أن تعيين موظف سبق الحكم عليه في جناية في ظل القانون لسنة 1951 يجعله مشوباً "يعيب جوهري إنحدر به إلى درجة الإنعدام".

أـ إعتداء هيئة تأديبية على إختصاص هيئة أخرى:
المحكمة الإدارية العليا إعتبرت أن قيام هيئة تأديبية بالإعتداء على إختصاص هيئة تأديبية أخرى سبباً لإعتبار القرار الإداري الصادر من الهيئة المعتدية معدوماً.
وقضت المحكمة بهذا الشأن بعد أن تبين أن مجلس التأديب المطعون في قراره قد إنتزع ولاية جماعة كبار العلماء في محاكمة عالم من علماء الأزهر، لفعل نسب إليه هو حقيقته وجوهره مما تملك هذه الجماعة ولاية الحكم فيه. وهذا العيب الذي اعتبر القرار لا يجعله قابلاً للإلغاء مع إعتباره قائماً قانوناً إلى أن يقضي بإلغائه، بل هو عيب ينهض إلى حد إغتصاب السلطة الذي ينزل بالقرار الى جعله فعل مادي عديم الأثر قانوناً.

ب ـ إعتداء المرؤوس على إختصاص رئيسه:
جعلت محكمة القضاء الإداري القرار الصادر من المرؤوس في إختصاص من إختصاصات رئيسه الإداري معدوماً على أساس أنه إغتصاب لسلطة الرئيس، حيث حكمت بان القانون قد جعل " … نقل موظفي المصلحة لغاية الدرجة الثانية من إختصاص المدير العام وحده.
فإذا كان قرار نقل المدعي قد صدر من السكرتير العام للمصلحة فإنه يكون صادراً من موظف غير مختص، وهو بهذه المثابة مشوب بعيب إغتصاب السلطة، مما يجعله قراراً معدوماُ ولا أثر له".

جـ حالة التفويض الباطل:
قضت محكمة القضاء الإداري في هذا المجال بأن "المرسوم بقانون رقم (35) لسنة (1931) أعطى إختصاصات معينة لمدير عام مصلحة السكة الحديد بالنسبة لطائفة من موظفيها ولا يجوز قانوناً التفويض في هذا الإختصاص، بل يتعين أن يباشر الإختصاص من عينه القانون بالذات ومن ثم فيكون القرار المطعون فيه الصادر من سكرتير عام مصلحة السكة الحديدية بفصل المدعي ينطوي على نوع من إغتصاب السلطة، فهو قرار معدوم لا أثر له.



المراجع
القانون الإداري. حاتم شفيق لبنان ـ الطبعة الأولى 97 ـ الأهلية للنشر والتوزيع.
القضاء الإداري. قضاء التعويض وطرق الطعن في الأحكام ـ دراسة مقارنة (الكتاب الثاني). القاهرة. 86 دار الفكر العربي. د. الطماوي (سليمان)
د. عبد الله (عبد الغني بسيوني) ولاية القضاء الإداري على أعمال الإدارة (قضاء الإلغاء) مصر الإسكندرية 83 منشأ المعرف بالإسكندرية).
د. عبد الله عبد الغني بسيوني القضاء الإداري مصر الإسكندرية 96 منشأ المعرف بالإسكندرية).
د. خليل (محسن) القضاء الإداري اللبناني ورقابته لأعمال الإدارة ـ دراسة مقارنة بيروت 72 دار النهضة العربية للطباعة والنشر.
الخصومة الإدارية بطلان وإنعدام وسحب القرار الإداري ـ سلطة الإدارة في إصدار القرارات الإدارية والتعسف في إستخدام السلطة ج2 (المستشار د. عبد الحكم فودة) 1997 دار المطبوعات الجامعية.
الوجيز في القانون الإداري ذاتية القانون الإداري ـ التنظيم الإداري ـ النشاط الإداري ـ عمال وأعمال السلطة الإدارية ـ أموال السلطة الإدارية (د. إعاد حمود القيسي) الطبعة الأولى (1998).