ثالثاً : اثر إحالة القوانين إلى المجلس الدستوري :
إذا ما تم تحويل القوانين التي صوت عليها البرلمان إلى المجلس الدستوري فان هذا الإجراء يؤدي إلى إيقاف مدة إصدارها , ولكن بمجرد نشر قرار المجلس الدستوري في هذا الشأن فان إيقاف مدة الإصدار ينتهي إذا كان القانون مطابقا للدستور وغير مخالف له .
ويجب أن ينظر المجلس هذه القوانين من حيث دستوريتها خلال شهر عادة وخلال ثمانية أيام إذا أعلنت الحكومة استعجال نظر هذه القوانين من المجلس , وهذا القرار يكون واجب الاحترام من كل السلطات ولا يرتب مسئولية الدولة أو مسئولية أية جهة في ذلك.
وفيما يتعلق بنطاق الرقابة فلا بد أن يكون هناك قانون كامل فلا يمكن أن ينظر المجلس بعض النصوص التي جاء بها القانون , ولكن هذا لا يمنع أن تحدد السلطة التي طعنت في القانون النصوص التي ترى أنها لا تتطابق مع الدستور . ولكن هل يلتزم المجلس بفحص كل نصوص القانون ؟
قرر المجلس الدستوري في هذا الشأن انه له الحق في فحص كل نصوص القانون ولكن ليس عليه التزام في ذلك .
كما أن المجلس يتقيد بالقوانين التي أمامه فإذا كانت هذه القوانين تتعلق بأخرى سبق إصدارها فانه لا يجوز له التعرض لهذه التي سبق إصدارها بالرغم من أن القوانين التي يمكن أن يقضى بعدم دستوريتها قد لا تكون إلا تكملة لهذه القوانين السابقة .
وبالنسبة لأعمال السلطة التنفيذية فهي تخرج عن نطاق الرقابة الدستورية للمجلس , ولكن قد يحدث أن يتبنى القانون عملاً تنفيذياً أي صادر من السلطة التنفيذية وفي هذه الحالة فان المجلس يستطيع أن يراقب القانون ليس في نصوصه وحده , ولكن بما يتبناه من نصوص أخرى أما فيما يتعلق بالنصوص الدستورية التي يجب على القانون أن يحترمها ويصدر في ظلها فان المادة 61 من الدستور تقضي بان نطاق الرقابة ينحصر في مدى مطابقة هذه القوانين للدستور , ولكن المجلس الدستوري استطاع في هذا الشأن أن يوسع من التفسير فأشار إلى أن الحماية أو الرقابة لا تكون لمواد الدستور فقط وإنما لمقدمته بل وللنصوص التي تشير إليها هذه المقدمة بصورة مباشرة , مثل إعلان حقوق الإنسان سنة 1789 ومقدمة دستور سنة 1946 أو بصورة غير مباشرة مثل المبادئ الأساسية التي تحميها قوانين الدولة وقواعد القانون الدولي والقوانين الأساسية الموجودة .

رابعاً : اثر الرقابة على دستورية القوانين :
ينص الدستور على الأثر المترتب على نظر المجلس الدستوري للقوانين والذي يتمثل في أن قرار المجلس بعدم دستورية النص تؤدي إلى الامتناع عن إصداره , وهذه يعني أن عدم إمكانية الإصدار ينصب على النص فقط الذي صدر القرار بعدم دستوريته وليس كل القانون أي أن القانون لا يجوز إصداره إلا بعد حذف هذا النص أو تعديله إلا إذا أعلن المجلس أن هذا النص لا يمكن فصله عن القانون المعروض أمامه ككل ففي هذه الحالة لا يمكن أن يصدر القانون .

خامساً : ضرورة أن تكون الإحالة قبل إصدار القانون :
و إذا كانت القاعدة انه لا يجوز الطعن في دستورية القوانين التي صدرت فان لهذه القاعدة بعض الاستثناءات وسوف نتكلم عن ذلك في هاتين النقطتين مع شيء من التفصيل .
( أ ) القاعدة أن القانون الذي تم إصداره لا يجوز الطعن فيه بعدم الدستورية فطالما أن القانون قد تم إصداره فأنه يصبح غير قابل للطعن فيه بعدم الدستورية , فقد قرر المجلس انه ليس هناك نص في الدستور يسمح له بالتعرض لرقابة دستورية القوانين التي تم إصدارها وذلك بمناسبة تعرض المجلس لمنازعة انتخابية , فالمجلس يرى كقاعدة عامة أن رقابة الدستورية تعتبر أمر جديداً استحدثه دستور سنة 1958 وبالتالي فهو شيء استثنائي لا يمكن التوسع فيه أو القياس عليه .
( ب ) الاستثناء قبول نظر دستورية بعض القوانين التي تم إصدارها :
ينص الدستور على أن القوانين التي صدرت بعد الدستور لا يجوز تعديلها بمقتضى لوائح صادرة من السلطة التنفيذية إلا إذا قرر المجلس الدستوري أن هذه القوانين تتعلق بمسائل لها طابع لائحي , ومن هنا فان القوانين التي تتعلق بتوزيع الاختصاصات بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية يمكن نظر دستوريتها عن طريق المجلس الدستوري إذا كانت تؤثر في توزيع هده الاختصاصات , والذي يملك هذا الحق في رفع الأمر بشأن هذه القوانين التي تم إصدارها إلى المجلس الدستوري هو رئيس الحكومة أي رئيس الوزراء .
ويعلن المجلس في قراره ما إذا كان هذا القانون يتعلق باختصاص تشريعي أو اختصاص لائحي ثم يرسل هذا القرار إلى رئيس الوزراء ويتم نشره في الصحيفة الرسمية , بمعنى أن النصوص التي أصدرتها السلطة التشريعية تتمتع بقرينة التشريع إلى أن يصدر المجلس الدستوري قراره بأنها ذات صفة لائحية .
كما قرر المجلس الدستوري قبول انعقاده لفحص ليس فقط ما إذا كان نص يدخل في نطاق الحكومة أو السلطة التشريعية وإنما لفحص التقنين الصادر والذي يشتمل على مجموعة قواعد متعددة بعضها صادر من السلطة التشريعية والأخرى من السلطة اللائحية وذلك لتحديد ما إذا كانت هذه النصوص في نطاقها الصحيح أم لا , ولكن المجلس الدستوري هنا يمكنه فحص النصوص الصادرة من السلطة التشريعية وتقرير ما إذا كانت تدخل في نطاق السلطة التنفيذية ولكن لا يستطيع التعرض لفحص النصوص اللائحية وتقرير ما إذا كانت تدخل في نطاق السلطة التشريعية .

المطلب الثالث
رقابة المجلس الدستوري للوائح التي
تصدرها السلطة التشريعية

يتخذ المجلس التشريعي بعض القرارات التي تتعلق بتنظيم العمل فيه وكيفية إدارة الجلسات والمناقشات وتقديم الطلبات وكيفية اختيار رئيس المجلس والحلول أثناء غيابه وكيفية إجراء الاتصالات بالجهات الخارجية وتحديد حقوق والتزامات الأعضاء وتحديد اختصاصات الإدارة ...الخ .
وبالتالي فان هذه اللوائح الداخلية للسلطة التشريعية يمكن أن تكون على قدر كبير من الأهمية , ولذلك نص الدستور على أن اللوائح الخاصة بالمجالس التشريعية وقبل وضعها موضع التطبيق يجب أن توضع أمام المجلس الدستوري الذي يعلن مطابقتها للدستور أم لا , وبالتالي فان هذه الرقابة تعتبر رقابة إلزامية فرئيس المجلس التشريعي يجب عليه القيام بإحالة اللائحة إلى المجلس الدستوري والذي يصدر قراره بعد أن يقوم احد أعضائه بتقديم تقرير بذلك فإذا قرر المجلس أن بعض النصوص لا يتطابق مع الدستور فلا يمكن تطبيق هذه النصوص بعد ذلك , ويمكن للمجلس التشريعي أن يصحح هذه النصوص ولكن يجب عليه إحالة الأمر مرة أخرى إلى المجلس الدستوري للنظر في مدى مطابقتها للدستور .