المطلب الرابع
رقابة المجلس الدستوري للمعاهدت والتعهدات
الدولية التي تستلزم إذن البرلمان لنفاذها

يختص المجلس الدستوري كذلك بنظر الشرعية الدستورية للمعاهدات الدولية التي تكون في طريقها للإصدار أي للتصديق عليها فالمجلس يبحث مشروعية مشروع المعاهدة وليس المعاهدة ذاتها , وذلك لأنه بمجرد التصديق عليها فإنها تصبح قانونا واجب التطبيق ولا يمكن التعرض لدستوريتها فيكون مثلها في ذلك مثل القانون الذي تم إصداره بل يعترف الدستور للاتفاقيات بوضع أسمى من القانون نفسه .
وطبقا للدستور فانه يجوز لرئيس الدولة أو لرئيس الوزراء أو لأحد رئيسي المجلسين التشريعيين أن يطلب انعقاد المجلس للنظر في بعض الشروط أو النصوص التي يتضمنه مشروع الاتفاقية الدولية و إعلان ما إذا كان متعارضا أم لا مع الدستور , فإذا أعلن المجلس الدستور أن نصا في مشروع الاتفاقية يتعارض مع الدستور فانه يجب أن تتخذ الإجراءات لتعديل الدستور نفسه , فان التصديق على هذا الاتفاق أو تأييده من البرلمان لا يمكن أن يتم إلا بعد مراجعة الدستور أي تعديله لكي يتواءم والنصوص الواردة في الاتفاقية.
أما القانون الذي يصدر من البرلمان مؤيداً تطبيق الاتفاقية ومتضمنا الإجراءات اللازمة لذلك التطبيق فأنه يمكن إحالته إلى المجلس الدستوري قبل إصداره من إحدى الجهات التي نص عليها الدستور , بشرط ألا يكون هذا القانون قد أجرى عليه استفتاء من الشعب لأن المجلس في هذه الحالة يقرر عدم اختصاصه .

أولا : المقصود بالتعهدات والاتفاقيات الدولية :
قرر المجلس الدستوري أن فكرة التعهدات الدولية تشمل كل ما ينطوي على التزامات وارتباطات دولية تكون فرنسا طرفا فيها ,وبالتالي يدخل في هذا الاختصاص القرارات الخاصة بالمنظمات الدولية التي تكون فرنسا قد وافقت على اتفاقياتها الأساسية .
وفيما يتعلق بقرارات المنظمات الدولية أو المنظمات الأوروبية فهي تعتبر جزءاً من التعهدات الدولية , فإذا كانت نافذة من تلقاء نفسها فإنها تتعلق بتعهدات دولية أو بموافقة الدول الأعضاء لأنها تعهدات تتعلق بالقانون الدولي وتجري طبقاً له وان الدولة تلتزم بها طبقا لنص الدستور وهذه القواعد تعتبر أسمى من قواعد القانون العادي .
وهذا يعني أن المجلس لكي يكون مختصاً بنظر دستورية هذه التعهدات والمعاهدات الدولية يجب أن يكون هناك تعهداً من قبل الدولة وان يكون هذا التعهد أو الانضمام إليه خاضعاً لضرورة الحصول على إذن من السلطة التشريعية طبقا لنص الدستور .

ثانياً : الإجراءات المتعلقة برقابة المجلس الدستوري فيما يتعلق بالمعاهدات والتعهدات الدولية :
فيما يتعلق بميعاد طلب انعقاد المجلس لنظر شرعية أو دستورية التعهدات الدولية فان ذلك يجب أن يكون أثناء إجراءات وضع التعهد أو الاتفاق موضع التنفيذ أي بين لحظة الانتهاء من إعداد الاتفاقية وبين لحظة تطبيقها , أي بعد توقيعها من جانب السلطة التنفيذية وحتى يمكن القول فعلا أن هناك تعهداً أو التزاما دولياً قد حدث , ولكن المجلس لا يمكن أن ينعقد إلا قبل التصديق على المعاهدة أو إجازتها من البرلمان , ولم يحدد الدستور فترة معينة لانعقاد المجلس الدستوري بين يوم توقيع التعهد وبين التصويت النهائي على إجازته من البرلمان , ويجب أن ينظر المجلس الدستوري دستورية هذه التعهدات التي يطلب منه نظرها خلال شهر أو ثمانية أيام إذا ما أعلنت الحكومة استعجالها .

ثالثا : النصوص الخاضعة للرقابة والنصوص التي يجب احترامها :
اشرنا إلى أن الدستور يشير إلى أن المقصود ليس فقط الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وإنما أيضا التعهدات الدولية , أما النصوص التي يجب مراعاتها لأمكان تنفيذ الاتفاقيات والتعهدات الدولية أي النصوص التي بها يقيس المجلس الدستوري شرعية هذه المعاهدات فهي تنطوي على الدستور والقوانين الأساسية و ألا تتعارض هذه الاتفاقيات مع السيادة الوطنية وقواعد القانون الدولي العام .