هل حدث ان اردت الاستيقاظ مبكراً للقيام بعمل هام وسمعت صوتين من داخلك احدهما يحثك على النهوض والآخر يشجعك على ان تظل راقداً في سريرك وتتمتع بالراحة؟

ترى أي الصوتين كان الفائز؟

هل تذكر في مرة كان من المفروض ان تذهب لمزاولة تمرينك الرياضي ولكنك سمعت صوتاً يناديك من داخلك ويحثك على الراحة والبقاء في المنزل، دعني اسألك: هل احياناً تتحدث مع نفسك؟

كلنا بشر نتكلم ونفكر وهذا لن يتوقف طالما نحن احياء.

لو ان مديرك في العمل طلب منك في بداية الاسبوع مقابلته في مكتبه يوم الاربعاء الساعة التاسعة صباحاً، فماذا سيخطر في بالك؟

طبعاً ستسأل نفسك العديد من الاسئلة مثل: لماذا يريد مقابلتي؟ ماذا يريد مني؟ ما هو الخطأ الذي ارتكبته؟ هل سيقوم بفصلي من العمل؟ وتتوقع بالتالي كل السلبيات اليس كذلك؟ بالرغم من ان هذا اللقاء المنتظر لم يحدث بعد إلا انك تفكر فيه مقدماً وتشعر بالضيق من نتائجه المنتظرة وكأنك تقول لنفسك: لماذا انتظر حتى أمر بالتجربة؟

اعتقد انه من الافضل ان اشعر بالهموم من الآن؟

ولكن في نفس الوقت هل من الممكن أن يدور في ثنايا فكرك بدلاً من كل هذه السلبيات توقعات إيجابية مثل: ترى كم ستكون العلاوة التي سيمنحني إياها؟ على أي عمل جميل سيكافئني؟

أشك طبعاً أن يدور هذا في تفكيرك بل إنك من الممكن أن تعود إلى منزلك ذلك اليوم وتحكي لزوجتك أخبار هذا الطلب المفاجئ من مديرك لتشاركك الهموم والتفكير السلبي والتوقعات المدمرة؟

ترى ماذا سيكون شعورك في بداية الأسبوع؟ هل أنت معنوياً: مرتفع أم منخفض؟

وماذا عن اليوم التالي؟ والذي يليه؟ قطعاً ستكون معنوياتك منخفضة، أليس كذلك؟

وأخيراً يأتي يوم الأربعاء وأنت تنتظر إحدى المصائب.. ثم تدخل على مديرك بروح منهزمة ونفسية متعبة لتتفاجأ بأن مديرك يقابلك بابتسامة عريضة قائلاً أريد دعوتك إلى حفل زواج ابني غداً وأردت أن تكون أنت أول المدعوين.

وهكذا.. حملت كل الهموم والأحاسيس السلبية مقدماً وبدون أي سبب

دع المقادير تجري في أعنتها = ولا تبيتن إلا خالي البال

في كتابه "دع القلق وابدأ الحياة" يقول ديل كارنيجي: ان أكثر من 93% من الأحداث التي نعتقد أنها ستتسبب في الأحاسيس السلبية لن تحدث أبداً وان 7% أو أقل لا يمكن التحكم فيها مثل الجو أو الموت مثلاً.

كطبيعة البشر نحن كثيراً ما نتحدث إلى أنفسنا ونتوقع السلبيات وقد أجرت إحدى الجامعات في كاليفورنيا دراسة على التحدث مع الذات عام 1983م وتوصلت إلى ان أكثر من 80% من الذي نقوله لأنفسنا يكون سلبياً ويعمل ضد مصلحتنا.

ولك ان تتخيل أخي الكريم مدى تأثير هذا الكم الهائل من السلبيات.

والآن.. أريد ان أكلفك بعمل شيء بسيط وهو كلما انهمكت في التفكير السلبي فعليك ان تتوقف وتدون كل النقاط التي كنت تفكر فيها وستندهش من الكم الهائل من الطاقة الضائعة في القلق والسلبيات التي أثقلت بها ذهنك وتفكيرك.

كان أحد المحاضرين يلقي محاضرة يتحدث فيها لطلابه عن التحكم في ضغوط الحياة وأعبائها فرفع كأساً مملوءاً من الماء وسأل الطلاب:

ماهو في اعتقادكم وزن هذا الكأس من الماء؟

تعددت الإجابات وتراوحت بين 50جراماً الى 500جرام فأجاب المحاضر:

لا يهم الوزن المطلق لهذا الكأس!!

فالوزن هنا يعتمد على المدة التي أظل فيها ممسكاً به فلو رفعته لمدة دقيقة فلن يحدث شيء ولو حملته لمدة ساعة فسأشعر بألم في يدي ولكن لو حملته لمدة يوم فستستدعون سيارة الإسعاف.

الكأس له الوزن نفسه تماماً ولكن كلما طالت مدة حملي له كلما زاد وزنه علي فلو حملنا مشاكلنا وأعباء حياتنا في جميع الأوقات فسيأتي الوقت الذي لن نستطيع فيه المواصلة فالأعباء سيتزايد ثقلها فما يجب علينا فعله هو ان نضع الكأس ونرتاح قليلاً قبل ان نرفعه مرة أخرى.

المصدر
http://www.alriyadh.com/2007/12/26/article304169.html