ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش الباب الأول
(1) (1) انظر دليل المصطلحات التجارية الدولية الصادر عن شركة النصر للتصدير والاستيراد من إعداد وترجمة الأستاذ مختار السويفى .
(2) (2) وتعرف في العمل بالحروف ICC وهى الحروف الأولى لعبارة :
International Chamber of Commerce .
(3) (3) كالحبوب والدقيق والخضروات والموالح والكروم والنبيذ وغيرها من البضائع .

الباب الثانى
اتفاقية الأمم المتحدة للبيع الدولى للبضائع
38 – تقديم للموضوع :
يعتبر البيع الدولى فى أساسه بيعا للبضائع وبالتالى ، فإنه يثير كافة المشاكل التجارية والقانونية المتعلقة ببيع البضائع ، إلا أنه يستمد صفته الدولية من وجود البائع والمشترى فى دولتين مختلفتين .
ويهتم البائع عادة فى البيوع الدولية ، بتوفير ضمان له للحصول على ثمن البضاعة المبيعة بينما يعنى المشترى بألا يدفع الثمن قبل أن يتحقق من إرسال البضاعة إليه ، وتلعب البنوك دوراً هاماً فى هذا الصدد عن طريق نظام الاعتماد المستندى (1) ، كما يشارك الناقلون والمؤمنون أيضاً فى توفير ضمانات البيع الدولى ، ذلك أن عقد البيع الدولى للبضائع لا يتضمن فقط النص على الالتزام بالتسليم والالتزام بدفع الثمن وإنما يتضمن كذلك مسائل أخرى مثل نقل البضاعة من دولة البائع إلى دولة المشترى والتأمين على البضاعة وكذلك طريقة سداد الثمن (2) .
وتتميز العقود الدولية لبيع البضائع إذن ، بخصائص لا تتوافر فى البيوع الداخلية، فالبيع الدولى للبضائع تتصل به اتصالا لازما بعض العقود الدولية الأخرى ، من ذلك عقد نقل البضائع بحراً أو جواً عند تصديرها ، وعقد التأمين على البضائع ، كما أن دفع {صفحة 51 } الثمن يتم من خلال عقد فتح الاعتماد المستندى الذى يبرمه المشترى مع البنك المراسل ، وبالتالى فإن البيع الدولى للبضائع يكون وحدة من العقود الدولية ترتبط معا ككل ، يشكل عملية التبادل التجارى الدولى (3) . وقد اهتمت بعض الهيئات الدولية بوضع قواعد موحدة للبيع التجارى الدولى سواء فى شكل شروط عامة أو عقود نموذجية أو اتفاقيات دولية .
39 – اتفاقيات لاهاى بشأن البيع الدولى :
بدأ التفكير أولا فى توحيد القاعدة التى تقرر أى القوانين الوطنية يكون واجب التطبيق على عقود البيع الدولى عندما يثور النزاع بين أطراف هذه العقود ، وأسفرت الجهود التى بذلت فى هذا الصدد عن إبرام اتفاقية لاهاى فى 15 يونيو سنة 1955 بشأن تحديد القانون الواجب التطبيق على عقود البيع الدولى للبضائع (4) واحتوت هذه الاتفاقية على القواعد الآتية :
(أ) يطبق على عقد البيع الدولى القانون الوطنى الذى يعينه الطرفان .
(ب) إن لم يتم هذا التعيين ، فيطبق القانون الوطنى للدولة التى يكون فيها للبائع محل إقامة معتاد . { صفحة 52 }
( جـ) يرد على القاعدة السابقة استثناءان :-
1 – إذا تلقى البائع الأمر بالشراء بواسطة فرع له فى إحدى الدول ، فإن القانون الواجب التطبيق يكون قانون الدولة التى يوجد فيها هذا الفرع .
2 – إذا تلقى البائع أو وكيله الأمر بالشراء فى الدولة التى يوجد فيها المشترى ، فإن قانون الدولة التى يتخذ فيها المشترى محل إقامته العادية ، يكون الواجب التطبيق .
على أن توحيد قاعدة تحديد القانون الواجب التطبيق على البيوع الدولية لم تؤد إلى توحيد القواعد الموضوعية لهذه البيوع .
ولمس المجتمع الدولى ضرورة توحيد هذه القواعد ، لذلك اهتم معهد روما لتوحيد القانون الخاص بهذا الأمر ووضع الفقيه الألمانى أرنست رابل مشروعين لقانونين موحدين للبيوع الدولية ، وبعد ثلاثين عاما من الإعداد لهذين القانونين ، أقرهما مؤتمر عقد فى لاهاى فى 25 أبريل سنة 1964 . ويعتبر القانون الأول قانونا موحداً للبيوع ويطلق على الثانى القانون الموحد لتكوين عقد البيع الدولى للبضائع (5) .
ويهدف القانون الموحد للبيوع الدولية إلى توحيد القواعد الموضوعية لهذه البيوع. وبالإضافة إلى قواعده العامة ، فإن هذا القانون ينقسم إلى أقسام أربعة ، التزامات المشترى ، والتزامات البائع ، ونصوص مشتركة تعالج التزامات كل من البائع والمشترى ، وانتقال المخاطر . أما القانون الثانى الخاص بتكوين العقد ، فيعتبر مكملاً للأول ، وبالرغم من وصفه بأنه يتعلق بتكوين عقد البيع ، فإنه لا يتناول كل أركان العقد وإنما يعالج فقط ركن الرضا ، بل انه { صفحة 53 } لا يعالج هذا الركن كاملاً وإنما يتكلم عن الإيجاب والقبول ولم يتعرض لعيوب الرضا ، ولعل السبب فى ذلك يرجع إلى صعوبة التوحيد فى المسائل الأخرى المتعلقة بتكوين العقد مثل أهلية المتعاقدين وعدم مشروعية المحل ، والسبب والغلط والإكراه والتدليس فكلها أمور تتفاوت من دولة إلى أخرى تبعا لتفاوت المعايير الأخلاقية والاجتماعية (6) .
وقد انضمت إلى هاتين الاتفاقيتين كل من المملكة المتحدة وبلجيكا وألمانيا الغربية وإيطاليا وهولندا وجامبيا وسان مارينو ، وأصبحت الاتفاقية سارية فى بعض هذه الدول منذ 18 أغسطس 1972 وفى إيطاليا منذ 23 أغسطس سنة 1972 .
40 – اتفاقية الأمم المتحدة ‎:
رأينا آنفا الدول التى صدقت على اتفاقيتى لاهاى للبيع الدولى (1964) ومن الغريب أنه لم تكن من بين هذه الدول فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية برغم أنهما من الدول الموقعة على الاتفاقيتين كما عزفت معظم الدول النامية عن التوقيع عليهما تأسيساً على أنهما لصالح بائعى السلع التى تنتجها الدول الصناعية المتقدمة ، فضلا عن أن الدول النامية لم تكن ممثلة فى لجنة صياغة هاتين الاتفاقيتين ، لذلك فإن انتشار هاتين الاتفاقيتين كقانون تجارى موحد للتجارة الدولية لم يتحقق خاصة أن الدول الاشتراكية لم تشارك أيضا فى وضعهما .
على أن المجهودات الدولية لتحقيق وجود هذا القانون الموحد لم تتوقف ، بعد فشل اتفاقيتى لاهاى للبيع الدولى . { صفحة 54 }
وتصدت لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولية UNCITRAL للقيام بهذه المهمة فشكلت مجموعة عمل لوضع قانون موحد للبيوع الدولية ، على أن هذه المجموعة لم تبدأ من فراغ وإنما اتخذت من اتفاقيتى لاهاى سنة 1964 أساساً لعملها فى محاولة لوضع قانون موحد يكون مقبولا بقدر الإمكان من عدد كبير من الدول .
وقد انتهت مجموعة العمل من إعداد المشروع الأول للاتفاقية فى يناير 1976 والذى صدقت عليه اللجنة فى اجتماعها الذى عقد فى فيينا فى مايو ويوليو 1977 ، كما أن مشروع الاتفاقية الخاص بتكوين عقد البيع والذى اقترحته مجموعة العمل قد تم التداول فيه فى اجتماع اللجنة بنيويورك سنة 1978 وأدمج فى القانون الموضوعى للبيع الدولى .
وبتاريخ 11 أبريل سنة 1980 تم توقيع الاتفاقية فى فيينا وقد وقعتها عشرون دولة (7) ، وصدرت الاتفاقية باللغات الرسمية الست للأمم المتحدة (8) .
وبتاريخ 6 ديسمبر 1982 انضمت مصر إلى هذه الاتفاقية ولم تكن قد وقعت عليها حتى انتهاء التاريخ المحدد للتوقيع فى 30 سبتمبر عام 1981 .
وقد نصت المادة 99 من اتفاقية فيينا سنة 1980 على أن تدخل الاتفاقية فى مرحلة النفاذ فى اليوم الأول للشهر التالى لانتهاء اثنى عشر شهراً بعد تاريخ إيداع وثيقة التصديق من الدولة العاشرة . { صفحة 55 }
وبدأ نفاذ الاتفاقية طبقاً للنص السابق فى أول يناير 1988 فيما يتعلق بإحدى عشرة دولة من بينها مصر (9) .
وقد نصت المادة 99 من اتفاقية فيينا سنة 1980 أيضا على أن الدولة التى تصدق أو توافق أو تنضم إليها وكانت طرفا فى أى أو كل من اتفاقيتى لاهاى سنة 1964 ( الأولى بشأن تكوين عقد البيع الدولى للبضائع ، والثانية تتعلق بالبيع الدولى ذاته من الناحية الموضوعية ) تعتبر منسحبة من أى أو كل من هاتين الاتفاقيتين وذلك بإخطار الحكومة الهولندية بذلك .
ونلاحظ أن اتفاقية فيينا تتضمن أربعة أقسام على النحو التالى :-
القسم الأول : فى نطاق تطبيق الاتفاقية والأحكام العامة لها .
القسم الثانى : فى تكوين عقد البيع الدولى للبضائع .
القسم الثالث : فى الأحكام الموضوعية للبيع الدولى للبضائع .
القسم الرابع : فى الأحكام الختامية .
أى أن هذه الاتفاقية قد جمعت فى نصوصها بين الأحكام التى تضمنتها اتفاقيتا لاهاى سنة 1964 بشأن تكوين العقد والأحكام الموضوعية له .
وقد نصت المادة 92 من اتفاقية فيينا على حق أية دولة متعاقدة عند التوقيع أو التصديق أو الموافقة أو الانضمام للاتفاقية أن تلتزم فقط بأحد القسمين الثانى أو الثالث من هذه الاتفاقية ، والمقصود من هذا الحكم توفير الحرية اللازمة للدول للانضمام إلى أحد الموضوعين { صفحة 56 } اللذين يعالجهما كل من القسم الثانى والثالث من الاتفاقية كما لو كان كل منهما اتفاقية مستقلة تعالج موضوعا مستقلا ، كما هو الشأن بالنسبة لاتفاقيتى لاهاى سنة 1964 .
ونلاحظ أن السمة الرئيسية التى تتسم بها اتفاقية فيينا هى مرونة أحكامها وحمايتها لمصالح المشترى .
41 – خطة البحث :
سنتبع فى دراستنا لهذه الاتفاقية الخطة التى اتبعتها فى عرض أحكامها فنقسم الدراسة إلى فصول ثلاثة على النحو التالى :-
الفصل الأول : نطاق تطبيق الاتفاقية
الفصل الثانى : تكوين عقد البيع .
الفصل الثالث : الأحكام الموضوعية للبيع الدولى . {صفحة 57 }
هوامش
(1) (1) جورجيت صبحى فى مؤلفها مبدأ الاستقلال فى الاعتماد المستندى ، دار النهضة العربية 1992 رقم 9 ص 22 .
(2) (2) D.M. Day: The Law of International Trade, Butterworths, London 1981, pp.1 – 2 .
(3) (3) Clive M. Schmitthoff : The Export Trade, 6 th ed., Stevens, London 1975, pp.6-7
(4) (4) اقر هذه الاتفاقية مؤتمر لاهاى للقانون الدولى الخاص فى جلسته السابعة التى انعقدت سنة 1951 ، ويجب عدم الخلط بين هذا المؤتمر ومؤتمر لاهاى الذى عقد سنة 1964 والذى أقر القوانين الموحدة للبيع الدولى التى وضعها معهد روما لتوحيد القانون الخاص ، وتعتبر اتفاقية سنة 1955 نافذة فى كل من بلجيكا والدانمارك وفنلندا وفرنسا وإيطاليا والنرويج والسويد .
(5) (5) شميتوف فى قانون تجارة التصدير ، المرجع السابق ، ص 109 ، ص 118 – 127.
(6) (6) محسن شفيق : اتفاقيات لاهاى لعام 1964 بشأن البيع الدولى للمنقولات المادية ، مذكرات لدبلوم القانون الخاص 1972 – 1973 ص 94 .
(7) (7) هذه الدول هى ، النمسا وشيلى والصين وتشيكوسلوفاكيا والدانمراك وألمانيا الاتحادية وألمانيا الديمقراطية وفنلندا وغانا وإيطاليا ويوغوسلافيا وليسوتو وهولندا والنرويج وبولندا والسويد وسنغافورة والمجر والولايات المتحدة الأمريكية وفنزويلا .
(8) (8) العربية والإنجليزية والفرنسية والأسبانية والروسية والصينية .
(9) (9) هذه الدول هى الأرجنتين وإيطاليا وسوريا وزامبيا والصين وفرنسا وليسوتو ومصر والمجر والولايات المتحدة الأمريكية ويوغسلافيا .

الفصل الأول
نطاق تطبيق الاتفاقية
42 – تقسيم :
خصصت اتفاقية فيينا الفصل الأول من القسم الأول منها لتحديد نطاق تطبيق هذه الاتفاقية ، ويحتوى هذا الفصل على ست مواد ، تحدد أولا المقصود بدولية البيع ، ثم تعرض للبيوع المستبعدة من الاتفاقية ، وأخيراً تعدد المسائل المستبعدة من نطاق تطبيقها .
الفرع الأول
معيار الدولية
43 – اختلاف مكان وجود مراكز أعمال أطراف البيع :
تقضى المادة الأولى من الاتفاقية بأن تطبق أحكامها على بيع البضائع الذى يتم بين أطراف توجد مراكز أعمالهم Places of business فى دول مختلفة وذلك : -
(II) (II) متى كانت هذه الدول دولا متعاقدة ، أو ؛
(ب) متى أشارت قواعد القانون الدولى الخاص إلى تطبيق قانون دولة متعاقدة .
ويبين من ذلك أن اتفاقية فيينا لا تكتفى لاعتبار البيع دوليا ، أن تقع مراكز أعمال أطراف البيع فى دول مختلفة ، كما كانت تقضى { صفحة 59 } أحكام القانون الموحد الملحق باتفاقية لاهاى ، وإنما تطلبت توافر أحد أمرين :
الأول : أن تكون مراكز أعمال أطراف البيع فى دول مختلفة متعاقدة different contracting states ، ولا يكفى أن تكون إحدى أو بعض هذه الدول من الدول المتعاقدة بل يجب أن تكون جميعها كذلك .
الثانى : متى أشارت قواعد القانون الدولى الخاص فى الدولة التى يعرض عليها النزاع إلى تطبيق قانون دولة معينة ، فإن هذه الدولة يجب أن تكون من الدول المتعاقدة ، ويعنى ذلك أن الاتفاقية لا تكون واجبة التطبيق إلا إذا تبين للقاضى فى الدولة المعروض عليها النزاع أن قانون دولة متعاقدة هو القانون الواجب التطبيق على النزاع ، عندئذ فإنه يطبق قواعد اتفاقية فيينا على النزاع ، وذلك سواء أكانت دولة القاضى المعروض عليه النزاع دولة متعاقدة أم دولة غير متعاقدة (1) .
وقد قضت المادة 95 من الاتفاقية بوضع تحفظ يجوز بمقتضاه للدولة عند التصديق أو الانضمام إليها أن تقرر عدم تطبيق هذا الحكم (2) .
أما اتفاقية لاهاى فلم تشترط عند وجود مراكز أعمال أطراف البيع فى دول مختلفة أن تكون هذه الدول متعاقدة ، وان كانت المادة الثالثة من اتفاقية لاهاى وضعت تحفظاً بمقتضاه يجوز لكل دولة عند التصديق على الاتفاقية أو الانضمام إليها أن تقرر أنها سوف لا تطبق{ صفحة 60 } أحكام القانون الموحد إلا إذا كانت مراكز أعمال أطراف البيع موجودة فى دول متعاقدة مختلفة (3) .
44 – الاكتفاء بوجود علاقة أجنبية :
تشترط أحكام القانون الموحد فى اتفاقية لاهاى لتطبيق أحكامه أن تكون هناك علاقة عبر الحدود سواء فى تكوين عقد البيع أو فى تنفيذه ، ذلك أن هذه الاتفاقية أخذت بمعيارين فى تحديد دولية البيع ، الأول شخصى وهو وجود مراكز أعمال أطراف البيع فى دول مختلفة لا يشترط أن تكون متعاقدة بشرط أن يتوافر أيضا معيار موضوعى من المعايير الثلاثة التى وضعتها وهى تبادل الإيجاب والقبول عبر دولتين ، أو انتقال الشئ المبيع من دولة إلى أخرى أو تسليم المبيع فى دولة غير التى أبرم فيها البيع (4) .
أما اتفاقية فيينا فإنها لم تحتفظ بهذه المعايير برغم أن الأخذ بها يؤكد الطبيعة الدولية للبيع ، واكتفت اتفاقية فيينا بأن تكون مراكز أعمال أطراف عقد البيع فى دول مختلفة ، ولو تم تكوين العقد وتنفيذه فى دولة واحدة بل ولو كانت هذه الدولة التى تم فيها تكوين العقد وتنفيذه دولة غير متعاقدة .
وتنص الفقرة (2) من المادة الأولى من اتفاقية فيينا بأنه لا يعتد بتحقق واقعة وجود مراكز أعمال أطراف البيع فى دول مختلفة كلما كانت هذه الواقعة غير ظاهرة من العقد أو من المعاملات السابقة بين أطراف البيع أو من المعلومات التى صرح بها أطراف البيع فى أى وقت قبل أو عند إبرام عقد البيع . ويقصد بهذه الفقرة أنه لكى يمكن { صفحة 61 } تطبيق الاتفاقية فإن واقعة وجود مراكز أعمال طرفى العقد فى دول مختلفة ، يجب أن تكون ظاهرة عند إبرام العقد وليس بعد ذلك سواء من نصوص العقد أو من المعاملات السابقة بين طرفيه أو من أية معلومات أدلى بها طرفا البيع . (5)
45 -‎ عدم الاعتداد بجنسية أطراف البيع :
تقضى الفقرة الثالثة من المادة الأولى من اتفاقية فيينا بأنه لا يعتد بجنسية أطراف عقد البيع فى تحديد نطاق تطبيق الاتفاقية .
ويبين من هذا النص أن اتفاقية فيينا تأخذ بذات الحكم الذى نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة الأولى من القانون الموحد الملحق باتفاقية لاهاى . ويعنى ذلك أنه لا يمنع من اعتبار البيع دوليا أن يقع بين شخصين من جنسية واحدة مادام أن معيار الدولية التى حددته اتفاقية فيينا يتوافر فى عقد البيع .
ويذهب رأى إلى أن استبعاد ضابط اختلاف جنسية المتعاقدين كمعيار لتحديد دولية البيع يرجع إلى تباين القوانين الوطنية فى مجال الجنسية تباينا يخشى معه اضطراب الحدود التى تفصل بين القانون الموحد (اتفاقية لاهاى ) والقوانين الوطنية (6).
46 – عدم الاعتداد بتجارية البيع أو أطرافه :
تقضى الفقرة الثالثة من المادة الأولى من اتفاقية فيينا ، أيضا بعدم الاعتداد بصفة أطراف عقد البيع أى بما إذا كانوا تجاراً أو غير تجار ، وكذلك بعدم الاعتداد بالطبيعة المدنية أو الطبيعة التجارية لعقد البيع ذاته فى تحديد نطاق تطبيق أحكام الاتفاقية { صفحة 62 }
وهذا الحكم هو ذات الحكم الذى أخذ به قانون لاهاى الموحد فى المادة 7 منه دون أن يورد أى تحفظ على هذا الحكم .
ونرى أن هذا النص من أهم مزايا كل من القانون الموحد واتفاقية فيينا ، وذلك أنه ما من نظرية أثارت من الناحية العملية تعقيدات كبيرة مثل نظرية الأعمال التجارية ، فضلاً عن أنها من النظريات التى لا تأخذ بها كل النظم القانونية ، فثمة نظم لا تعرف التفرقة بين القانون المدنى والقانون التجارى وتخضع جميع المعاملات لنظام قانونى واحد مثل إنجلترا وسويسرا وإيطاليا .
ومن ناحية أخرى فإن القوانين التى تأخذ بهذه التفرقة ، لا تتفق مع حيث الأساس القانونى الذى يقوم عليه القانون التجارى ، فبعضها يأخذ بمعيار شخصى ويقضى بتطبيق القانون التجارى على النشاط الذى يقوم به مشروع تجارى ، والبعض الآخر يأخذ بمعيار موضوعى ، فالقانون التجارى يحكم الأعمال التجارية بغض النظر عن وقوعها من مشروع تجارى أو من غير تاجر .
كما أن معيار التفرقة بين الأعمال المدنية والأعمال التجارية من الأمور الخلافية فى الفقه التجارى نظراً لأن التشريعات التجارية لا تحدد هذا المعيار عادة (7) . ولهذا فإن الاتفاقيات الدولية تقضى صراحة بعدم الاعتداد بتجارية أطراف البيع أو موضوعه حتى لا تقحم هذه الخلافات فى نطاق تطبيق الاتفاقية .
47 – تعدد مراكز الأعمال لأحد الأطراف :
تنص الفقرة أ من المادة 10 من اتفاقية فيينا على أنه : " إذا كان لأحد أطراف عقد البيع الدولى أكثر من مركز أعمال ، فإنه يعتد { صفحة 63 } بمركز الأعمال الذى يكون أقرب صلة بالعقد وتنفيذه على أن يؤخذ فى الاعتبار الظروف المعروفة أو التى يواجهها أطراف البيع فى أى وقت قبل أو عند إبرام العقد " .
ويعنى هذا الحكم أنه متى كان لطرف من أطراف البيع أكثر من مركز أعمال ، كما لو كان هذا الطرف من الشركات المتعددة القوميات ولها أكثر من مركز أعمال فى أكثر من دولة ، فإنه يعتد بمركز الأعمال الأوثق صلة بالعقد أو بمكان تنفيذه مع أخذ ظروف التعاقد فى الاعتبار .
48 – عدم وجود مراكز أعمال لأحد الأطراف :
لما كانت المادة 1/3 من اتفاقية فيينا قد نصت على أنه لا يشترط لإعمال أحكامها أن يكون أطراف البيع من المشروعات التجارية وأنه لا يشترط أن يكون البيع ذاته تجاريا ، فإنه قد لا يكون لأحد أطراف عقد البيع الدولى مركز أعمال ، لذلك نصت الفقرة (ب) من المادة 10 على أنه إذا لم يكن لأحد أطراف عقد البيع الدولى مركز أعمال فإنه يعتد بمحل الإقامة المعتاد . وهذا الحكم هو ذات الحكم الذى أخذ به القانون الموحد لاتفاقية لاهاى فى الفقرة الثانية من المادة الأولى منها .
ونلاحظ أن اتفاقية فيينا شأنها فى ذلك شأن اتفاقية لاهاى قد تفادت استعمال اصطلاح الموطن وذلك لاختلاف المقصود بهذا الاصطلاح فى مختلف النظم القانونية ، فالموطن فى إنجلترا مثلا يقصد به الإقليم الذى يقيم فيه الشخص على وجه الدوام ولو تركه مؤقتا ، أما فى فرنسا فيقصد به المركز الرئيسى لأعمال الشخص أى يقصد به عنوان محدد فى مدينة معينة . وفى القانون المصرى ، فإن المادة 40 {صفحة 64} من التقنين المدنى تقضى بأن الموطن هو المكان الذى يقيم فيه الشخص عادة ، ويجوز أن يكون للشخص إلى جانب هذا الموطن العام مواطن خاصة كالموطن التجارى أو الموطن المختار (8) ، لذلك فإن فكرة محل الإقامة المعتاد التى عبرت عنها المادة 10 (ب) من اتفاقية فيينا تطابق فكرة الموطن العام فى القانون المصرى . { صفحة 65 }
الفرع الثانى
البيوع المستبعدة
49 – أولاً : البيوع المستبعدة صراحة :
نصت المادة الثانية من اتفاقية فيينا على ألا تطبق أحكامها على البيوع الآتية :-
( أ ) السلع التى يتم شراؤها للاستعمال الشخصى أو العائلى أو المنزلى ما لم يتبين أن البائع لم يكن يعلم فى أى وقت قبل إبرام البيع أو عند إبرامه أو لم يكن من المفروض فيه أن يعلم أن هذه السلع قد تم شراؤها لأحد هذه الأغراض المذكورة .
(ب) البيع بالمزاد .
(جـ) البيع الذى يتم تنفيذاً لأمر صادر من سلطة يخولها القانون إصدار هذا الأمر.
( د ) بيع القيم المنقولة والأوراق التجارية والنقود .
(هـ) بيع السفن والمراكب والطائرات .
( و ) بيع الكهرباء
ونعرض فيما يلى لكل نوع من هذه الأنواع .
50 – السلع الاستهلاكية :
استبعدت اتفاقية فيينا بيع السلع غير التجارية التى تباع بقصد الاستهلاك من البيوع الخاضعة لها ، وتقصد الاتفاقية من ذلك أن { صفحة 66 } تستبعد البيوع التى تتم بين البائع والمشترى بقصد الاستهلاك الشخصى أو العائلى أو المنزلى ، فإذا اشترى سائح مثلا بعض السلع من بلد أجنبى ، وكان هذا البيع مما يمكن أن يدخل فى نطاق تطبيق الاتفاقية ، فإنه متى تبين أن الهدف منه هو الاستعمال الشخصى ، فإنه يخرج عن نطاق الاتفاقية .
وقد نصت الفقرة ( أ ) ، من المادة الثانية على أن بيع السلع الاستهلاكية لا يخضع للاتفاقية ما لم يتبين أن البائع لم يكن يعلم فى أى وقت قبل أو عند إبرام العقد أو لم يكن من المفروض فيه أن يعلم أن هذه السلع قد تم شراؤها للاستعمال الشخصى .
وقد وردت صياغة هذه الفقرة فى صيغة النفى لكى تبين الاتفاقية أن الأصل هو خضوع البيوع التى لها صفة دولية لها والاستثناء هو عدم خضوعها متى كانت بيوعا استهلاكية ، وبذلك تلقى الاتفاقية عبء إثبات أن البيع للاستهلاك أو للاستعمال الشخصى على عاتق من يتمسك بالاستثناء الذى يقضى باستبعاد هذا البيع من الخضوع لأحكام الاتفاقية (9) .
ويلاحظ أن ذكر أنواع الاستعمال فى الفقرة (أ) من المادة الثانية من الاتفاقية والتى من شأنها أن تؤدى إلى استبعاد البيع من نطاق تطبيق الاتفاقية بأنه شخصى أو عائلى أو منزلى إنما ورد على سبيل المثال لا الحصر ، لما يمكن أن يكون بيعا لسلع استهلاكية .
ونلاحظ أن النص على استبعاد بيع السلع الاستهلاكية من الخضوع للاتفاقية ، يقتضيه ما نصت عليه الفقرة (3) من المادة الأولى من اتفاقية فيينا من أنه لا يؤثر على تطبيق الاتفاقية أن يكون { صفحة 67 } أطراف البيع من غير التجار أو أن يكون عقد البيع غير تجارى ، ذلك أن مؤدى هذا النص الأخير أن يخضع للاتفاقية البيع الذى يرد على سلعة استهلاكية ، مادامت قد توافرت الصفة الدولية للبيع كما تحددها المادة الأولى من الاتفاقية ، لذلك كان لابد لاستبعاد مثل هذا البيع من الخضوع لأحكام اتفاقية فيينا ، من أن يرد النص صراحة على استبعاده ما لم يتبين أن البائع لم يكن يعلم أو لم يكن من المفروض فيه أن يعلم ، عند البيع أن الشراء يقصد به الاستعمال الشخصى .
وإذا كان عبء إثبات أن البيع يرد على سلع استهلاكية يقع على عاتق من يتمسك باستبعاد البيع من الخضوع للاتفاقية ، فإن هذا الإثبات نظراً لتعلقه بواقعة مادية ، يمكن أن يتم بكافة الطرق بما فى ذلك قرائن الحال ، من ذلك مثلا طبيعة السلعة محل البيع ، وصفة المشترى أو مهنته ، والكمية المشتراة .
وجدير بالذكر أن استبعاد بيع السلع الاستهلاكية من الخضوع للاتفاقية جاء نتيجة أنه طبقا لأحكام القانون الموحد لاتفاقية لاهاى سنة 1964 فإن هذا البيع يمكن أن يخضع للقانون الموحد رغم أن بيع هذه السلع من البيوع قليلة الأهمية فى نطاق التجارة الدولية ، ولكن مؤدى تطبيق المعايير التى وضعها القانون الموحد من شأنه أن يخضع هذا النوع من البيوع - على تفاهته - لأحكام اتفاقية لاهاى ، لذلك حرصت اتفاقية فيينا على استبعاده صراحة ، إذ لاحظت لجنة قانون التجارة الدولية التابعة للأمم المتحدة Uncitral مدى شذوذ هذا الوضع (10) .
ولما كان بيع بعض السلع الاستهلاكية قد يتم بالتقسيط ، وتنظم معظم التشريعات الوطنية ، البيع بالتقسيط بنصوص آمرة { صفحة 68 } حماية للمستهلك ، فإن من أهداف استبعاد بيع هذه السلع من الخضوع لأحكام اتفاقية فيينا ، أن يتمتع المشترى بحماية القوانين الوطنية التى تنظم حماية المستهلك .
ويلاحظ أن القانون المصرى الذى ينظم البيع بالتقسيط هو القانون رقم 100 لسنة 1957 وتتعلق معظم نصوص هذا القانون بالنظام العام إلا أن أحكامه لا تقتصر على حماية المشترى ، بل انها تهدف أيضا إلى حماية البائع ، من ذلك مثلا ما تنص عليه المادة 42 من القانون المشار إليه بمنع المشترى من التصرف فى السلعة موضوع التقسيط قبل الوفاء بكامل ثمنها ، وإلا تعرض المشترى لجزاء جنائى نصت عليه المادة 45 من القانون (11) .
51 – البيع بالمزاد :
استبعدت اتفاقية فيينا فى الفقرة (ب) من المادة الثانية ، البيع بالمزاد من الخضوع لأحكامها ، ولم يكن هذا البيع مستبعداً من القانون الموحد الملحق باتفاقية لاهاى سنة 1964 .
ونلاحظ أن المقصود بالبيع بالمزاد ، البيع الذى يتم اختياراً بالمزاد العلنى ، إذ أن البيع الجبرى يعتبر أيضاً من البيوع المستبعدة ولكن بموجب فقرة خاصة من المادة الثانية كما سيلى .
ويقال فى تبرير استبعاد البيع بالمزاد ، أنه يعد من البيوع المحلية التى تتصل بالقوانين الوطنية أكثر من تعلقه بالتجارة الدولية ، ذلك أن البيع بالمزاد يبرم فور رسو المزاد فى مكان وجود الشئ وبالتالى فإن القضاء فى مختلف الدول يخضع هذا البيع لمكان رسو المزاد (12) . { صفحة 69 }
52 – البيع الجبرى :
استبعدت الفقرة (ج) من المادة الثانية من اتفاقية فيينا ، البيع الذى يتم تنفيذاً لأمر صادر من سلطة يخولها القانون إصدار هذا الأمر ، من الخضوع لأحكام الاتفاقية .
ويعتبر البيع الجبرى الذى يتم تنفيذاً لأمر صادر من القضاء أو من السلطة العامة من البيوع المستبعدة أيضا وفقا للفقرة " 1 (د) " من المادة 6 من القانون الموحد لاتفاقية لاهاى ، ويقال فى تبرير هذا الاستبعاد أن صلتها بالتجارة الدولية منعدمة فضلا عن وقوعها بمقتضى إجراءات إدارية أو قضائية تختلف فى كل دولة عن الأخرى اختلافاً يصعب معه توحيدها (13) .
53 – بيع القيم المنقولة والأوراق التجارية والنقود :
تنص الفقرة (د) من المادة الثانية من اتفاقية فيينا على استبعاد بيع القيم المنقولة التى تشمل الأسهم والسندات وسندات الاستثمار ( الأوراق المالية ) والأوراق التجارية كالكمبيالات والسندات الاذنية والشيكات من الخضوع لأحكام الاتفاقية ، كما استبعدت الفقرة المذكورة أيضا بيع النقود – أى عمليات الصرف الأجنبى – من الخضوع للاتفاقية (14) ويستبعد بيع هذه القيم من الاتفاقية ولو كان البيع دولياً ، لأن بيع هذه القيم يخضع لأحكام قانونية خاصة به تكون غالباً أحكاماً ملزمة .
ونلاحظ أن هذا الاستثناء لا يشمل عقود البيع التى تمثل فيها البضاعة بمستند خاص كسند الشحن أو تذكرة النقل أو صك إيداع البضائع فى مخازن عامة ، ولو سمى البيع ببيع مستندات ، لأن دور { صفحة 70 } المستندات هنا يتصل بالتزام البائع بتسليم البضاعة ، ولذلك يدخل هذا البيع فى نطاق البيع الدولى الخاضع للاتفاقية ، وذلك برغم أن بعض التشريعات الوطنية تعتبر السندات الممثلة للبضائع من قبيل الأوراق التجارية.
54 – بيع السفن والمراكب والطائرات ‎:
احتفظت اتفاقية فيينا فى الفقرة (هـ) من المادة الثانية باستثناء بيع السفن والمراكب والطائرات من الخضوع لأحكام الاتفاقية وهو استثناء وارد فى القانون الموحد لاتفاقية لاهاى سنة 1964 فى المادة 5 ( 1/ب) وذلك بالرغم من إثارة اعتراضات كثيرة حول استبعاد هذه البيوع من نطاق اتفاقية فيينا .
ونلاحظ أن قانون لاهاى الموحد كان يستبعد بيوع السفن المسجلة أو التى يتطلب القانون تسجيلها ، ولكن أغفلت اتفاقية فيينا هذا الاشتراط ، وذلك لاختلاف أحكام التسجيل من دولة إلى أخرى ، وكان المقصود من هذا الاشتراط أن تشريعات بعض الدول تعامل السفن معاملة العقار وتخضعها لقواعد التسجيل لنقل ملكيتها ، بل تتطلب بعض التشريعات مثل التشريع المصرى إفراغ عقد بيع السفينة فى محرر رسمى ، لذلك يخرج من نطاق الاستثناء وفقاً لاتفاقية لاهاى ، السفن غير الخاضعة للتسجيل أى السفن التى تستثنى من التسجيل وفقاً للقوانين الوطنية مثل بعض السفن الصغيرة ، وسفن الصيد ، وسفن النزهة.
55 – بيع الكهرباء :
استبعدت اتفاقية فيينا فى الفقرة ( و ) من المادة الثانية بيع الكهرباء من الخضوع لأحكام الاتفاقية وهو ما تنص عليه الفقرة 1/ج من المادة 5 من القانون الموحد لاتفاقية لاهاى . { صفحة 71 }
واستبعاد بيع الكهرباء لا يشمل استبعاد بيع مصادر الطاقة الأخرى ، لأن الاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع فى تفسيره ، لذلك تخضع بيوع البترول والغاز الطبيعى والطاقة الذرية لأحكام الاتفاقية وبرغم أن البعض كان يرى أن المنطق يستلزم أيضاً استبعاد بيع الطاقة الذرية من نطاق الخضوع للقانون الموحد لاتفاقية لاهاى ، قياساً على بيع الطاقة الكهربائية لاختلاف الرأى حول طبيعتها وما إذا كانت تعتبر منقولاً مادياً أو منقولاً معنوياً لأن القانون الموحد لا يسرى إلا على بيع المنقولات المادية (15) ، فإن اتفاقية فيينا لم تنص على استبعاد بيع الطاقة الذرية ، بل يبدو أن مناقشة هذا الأمر لم يكن وارداً عند إعداد مشروع الاتفاقية (