السجل التجاري

الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى الوزير الأول في موضوع التدبير اللامتمركز للاستثمار

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه

الطابع الشريف - بداخله:

(محمد بن الحسن بن محمد بن يوسف الله وليه)

خديمنا الأرضى ووزيرنا الأول السيد عبد الرحمان يوسفي

أمنك الله ورعاك وعلى طريق الخير سدد خطاك، وبعد،

1- فإنك تعلم مدى عزمنا الوثيق وعلمنا الدؤوب على إنعاش الاستثمار والنهوض به باعتباره وسيلة فعالة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، مؤكدين في عدة مناسبات على دوره الحيوي كمحفز أساسي للنمو ولاسيما في دعم مشاريع المقاولات الصغرى والمتوسطة في الصناعة التقليدية والسياحة والسكن وفي القطاعات الصناعية ومجالات الصناعات المرتبطة بالإنتاج الفلاحي والمعادن، التي تعد مصدرا لا ينضب معينه لتوفير مناصب الشغل وخلق الثروات، وتشكل محركا قويا للتنمية ولتعزيز الطاقات الإنتاجية وإمكانات الادخار بالنسبة لشبابنا وللفئات الوسطى التي تتطلع، بكل استحقاق، إلى المزيد من التقدم وتحمل المسؤولية، وتحفيز طاقاتها الخلاقة.

1.1- وفي السياق الرامي إلى حفز الاستثمار وتسهيله، سبق أن أكدنا في الخطاب الذي افتتحنا به الدورة البرلمانية لأكتوبر 2000 على أهمية إحداث "...شباك موحد على صعيد كل جهة...مع تحديد أجل معقول وسريع. للبت في ملفات مشاريع الاستثمار".

1.2- وكثيرا ما شد انتباهنا ما تواجهه فئات المقاولين من مصاعب بسبب الإجراءات المتعددة والمعقدة التي يستوجبها إحداث الشركات أو المقاولات الفردية ويتطلبها استكمال المساطر الإدارية التي تستلزمها عملية الاستثمار.

1.3- وإذا كانت هذه المساطر والإجراءات التشريعية أو التنظيمية غالبا ما تكون ضرورية لأن حرية المبادرة الخاصة التي كرسها الدستور تقتضي إيجاد إطار قانوني ملزم كفيل وحده بطمأنة المستثمر وضمان مساواة الجميع أمام القانون وكذا تهييء مناخ ملائم للمنافسة الشريفة فإن من الواجب تبسيط هذه الإجراءات والمساطر وتقليصها والحرص على أن يتم العمل بها بأكثر ما يمكن من القرب من المستثمرين.

1.4- ولبلوغ هذا الهدف وعملا على انتهاج ما يقتضيه التدرج والواقعية من استبعاد لأي اقتراح أو إصلاح يخلو من المصداقية والنجاعة، فإننا نعتبر أن من شأن الإطار الجهوي أن يوفر المجال الترابي والإداري الأنسب نظرا لما لإدارتنا الترابية من وسائل لحل المشاكل المتعلقة بإجراءات الاستثمار.

2- ويندرج هذا النهج في إطار انسجام متناسق مع مفهومنا المتجدد للسلطة بجعلها في خدمة الاستثمار باعتباره أداة نمو متميزة.

2.1- فمنذ أن أعلنا عن هذا المفهوم، سجلنا باهتمام ما بذلته إدارتنا ولاسيما المكلفة منها بالشؤون الداخلية في مملكتنا، من جهود لإعطائه محتوى ملموسا يجسده على أرض الواقع.

2.2- وإنه ليطيب لنا اليوم، بعون الله وتوفيقه، أن نوجه إليك هذه الرسالة، توخيا لتوسيع وتجسيد رؤيتنا لدور السلطة في خدمة المواطن في مجال حيوي من مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

2.3- وإننا لنعتبر المقاربة المعتمدة في هذه الرسالة بيانا مفصلا لما يشكل في نظرنا النهج القويم للإصلاح الإداري المنشود الذي يستوجب تحديدا جديدا للأهداف المتعين على الجهاز الإداري تحقيقها بالموازاة مع إصلاح المساطر التي يتبعها، وتأهيل القائمين على هذه المساطر من خلال إعادة تكوينهم وصقل خبرتهم.

3- لذا، فقد قررنا أن تحدث، تحت مسؤولية ولاة جلالتنا على الجهات، مراكز جهوية للاستثمار تتولى نوعين من المهام الرئيسية، أحدهما للمساعدة على إنشاء المقاولات والآخر لمساعدة المستثمرين، وتتكون بالتالي من شباكين اثنين: -3.1 وهكذا، فإن الشباك المكلف بالمساعدة على إنشاء المقاولات يعد المخاطب الوحيد بالنسبة للأشخاص الذين يرغبون في إحداث مقاولة مهما يمكن شكلها ويودون الاستفادة من خدماته. ويمكن أن يتوفر هذا الشباك على ملحقات، على صعيد العمالات أو الأقاليم أو الجماعات، حسب الحاجة وما تسمح به الوسائل. ويضع القائمون على هذا الشباك رهن إشارة الطالبين مطبوعا موحدا يتضمن كل المعلومات القانونية والتنظيمية الضرورية لإنشاء أي مقاولة.

3.1.1- كما يتولى هؤلاء القائمون إنجاز كافة الإجراءات الضرورية للحصول، لدى الإدارات المختصة، على الوثائق والشهادات التي تقتضيها التشريعات والتنظيمات لإحداث أي مقاولة، ويسلمون للطالبين، في أجل يحدده الوالي، كل الوثائق الإدارية التي تثبت وجود مقاولاتهم.

3.2- أما الشباك الآخر الخاص بمساعدة المستثمرين، فيتولى:

- تزويد المستثمرين بكل ما يفيدهم من معلومات بشأن الاستثمار الجهوي؛

- دراسة كافة طلبات الترخيص الإداري أو تحضير جميع الوثائق الإدارية الضرورية لإنجاز مشاريع الاستثمار في قطاعات الصناعة والتصنيع الفلاحي والمعادن والسياحة والصناعة التقليدية والسكن، بالنسبة للمشاريع المقدرة بما دون مائتي مليون درهم وذلك لتمكين والي الجهة من تسليم التراخيص أو توقيع القرارات الإدارية المتعلقة بهذا الاستثمار؛

- دراسة مشاريع العقود أو الاتفاقيات التي ستبرم مع الدولة من أجل منح المستثمرين امتيازات خاصة، بالنسبة للاستثمارات المتعلقة بالقطاعات المذكورة سلفا التي تساوي أو تفوق مبلغ مائتي مليون درهم، والقيام بتوجيهها إلى السلطة الحكومية المختصة من أجل المصادقة والتوقيع عليها من لدن الأطراف المتعاقدة. ويقوم الوالي، في حدود اختصاصاته، بإعداد وتنفيذ التراخيص والوثائق والعقود الضرورية لإنجاز الاستثمار موضوع الاتفاقية التي يتكفل بتنفيذها؛

- اقتراح الحلول التوافقية لما قد ينشأ من منازعات بين المستثمرين والإدارات.

3.2.1- تتم الدراسة المذكورة في إطار احترام القوانين والتنظيمات المتعلقة بهذا المجال، من لدن المندوبين الجهويين للوزارات المختصة الذين يطلعون الوالي على ما يزاولونه من اختصاصات في هذا الشأن.

3.2.2- وحرصا على أن يتم تدبير المركز الجهوي للاستثمار التابع لسلطة الوالي - الذي يشكل أفضل سلطة ترابية مخاطبة للمستثمرين - من قبل موظف سام تتناسب رتبته مع مستوى المسؤوليات المناطة به، فقد قررنا أن يتم تعيين هذا الموظف من لدن جلالتنا، وتراعى في اختياره كفايته في مجال المهام المسندة إليه وخصاله الإنسانية مع تخويله وضعية مدير للإدارة المركزية.

3.2.3- ويتولى هذا المدير تنشيط وتسيير لجنة جهوية مكونة من المندوبين الجهويين للإدارات المعنية بالاستثمار ومن السلطات المحلية المختصة. ويساعده في مهامه موظفون خاضعون لنظام أساسي محفز خاص بهم.

3.2.4- ومن جهة أخرى، فإننا نأمر بتحويل اللجن الوطنية الموكل إليها إبداء الرأي في بعض العمليات العقارية وبخاصة اللجنة المكلفة بدراسة طلبات التصريح بعدم قابلية الأراضي للفلاحة واللجنة المكلفة بحماية المناطق الساحلية والمناطق الحساسة إلى لجن جهوية وبوضعها تحت سلطة الوالي أو العامل الذي يفوض إليه ذلك.

3.2.5– كما أننا نتطلع إلى أن يعهد بتهيئة وتسيير المناطق الصناعية والسياحية والسكنية إلى الخواص الذين تعتمدهم الدولة والذين سيضطلعون في تعاملهم مع المستثمر بدور الشباك الموحد بالنسبة للمنطقة المعنية.

3.3- وإننا لندعو حكومتنا لإعداد إصلاح لهيكلة المندوبيات الجهوية للإدارات المركزية بقصد التقليص من المرافق وتجميعها للمزيد من التفاعل والتناسق التقريب فيما بينها، كما ندعوها لدراسة ووضع نظام أساسي خاص بموظفي الإدارة الترابية لجعله أكثر تحفيزا لأكفء العناصر في إدارتنا على اختيار مزاولة عملهم في جهات المملكة وليس فقط في الإدارات المركزية.

3.4 - ولتمكين الوالي من تقدير ما يتوفر لديه من وسائل تثبت أن المركز الجهوي الذي يقترحه سيكون مجديا ومنتجا فور إحداثه، فإن إنشاء المراكز الجهوية للاستثمار يتم بقرار مشترك لوزارة الداخلية والمالية والتجارة والصناعة بناء على اقتراح من والي الجهة المعنية.

3.5- و يكلف الوالي بتنظيم المركز وتسييره وكذا بإحداث شبابيك المساعدة على إنشاء المقاولات في عمالات الجهة أو أقاليمها أو جماعاتها، وبتنظيمها وتدبيرها.

3.6- وإن تفعيل التدابير التي أمرنا بها يقتضي تخويل ولاتنا على الجهات كل ما يلزم من صلاحيات قانونية وتنظيمية ليتخذوا القرارات الإدارية اللازمة لإنجاز الاستثمارات نيابة عن أعضاء الحكومة المختصين أو بتفويض منهم.