من كتاب عصر العلم "2005" | تجربة الصين واليابان في التعامل مع القوي العظمي

لقد كان اليابانيون يعاملون بدرجة عالية من الإهمال وعدم التقدير في الولايات المتحدة, وكان أن ابتلع اليابانيون مرارة الهزيمة, ولم يتحدثوا كثيرا ولم يحاربوا امريكا بالكلام, كما لم تكن مهمة الصحافة اليابانية نقد الولايات المتحدة ليل نهار . . بل كان الرد هو التجرية اليابانية في التنمية, والتي وصلت إلي درجة المعجزة, وغزا اليابانيون الولايات المتحدة بالسلع والمنتجات, وبعد ان كانت اليابان خالية من جوائز نوبل علي سبيل المثال حصدت في هذا الفترة اكثر من عشر جوائز. بل إن الإقتصاد الياباني قد حمل معه ثقافته إلي الولايات المتحدة, فانتشرت المطاعم اليابانية, وأصبح اليابانيون يحظون باحترام الأمريكيين والعالم.

والصين هي الأخري نموذج لذلك النمو الذي جعل من الصين نداً للولايات المتحدة, كان ( الشاينيز الحمر ) بالتعبير الأمريكي لا يحتلون درجة متقدمة في الحفاوة والتقدير, لكن ماجري من ثورة جديدة في الصين, قد أحدث نقلة عملاقة, رفعت معها مكانة الشعب الصيني عالمياً. وحين زرت الصين في أواخر التسع
ينات, ثم رزتها في 2004 بهرني ماوصلت إليه, فهي تحيا ثورة علمية تظهر ملامحها فيما ينشره علماء الصين في المجلات العلمية الغربية, كما تشهد نقلة تكنولوجية هائلة, وأصبحت منطقة جذب استثمارات عملاقة, حتي أن رجال الأعمال في تايوان التي تشتبك سياسيا مع الصين شرعوا في نقل رؤوس أموالهم وأنشطتهم إلي الصين, وأما عبارة "صنع في الصين" فقد أصبحت الأكثر انتشارا داخل دول عديدة في العالم وفي مقدمتها الولايات المتحدة ذاتها. وإنني لا أستبعد أبدا أن تكون القوة العظمي القادمة هي الصين.

وهكذا قدمت اليابان والصين نموذجا بارعاً لكيفية التعامل مع القوة العظمي, لا بالاستغراق في نقد الولايات المتحدة, والدخول في حرب كلامية معها, بل بتقديم تجربة ناجحة في النمو والتقدم أعادت الاعتبار إلي مكانتها.

من كتاب عصر العلم 2005 .