أقول للغافلين: تنبَّهوا قبل ألاَّ تتمكَّنوا!

أقول لغير المبالين: ستُصدمون بمبالاة لا تقدرون على دفعها.

أقول للمسئولين: لا يكفى فى الحاكم ألاَّ ينشئ فسادًا جديدًا. فالسكوت على فساد هو إنشاء فساد جديد، وأسوأ من الفساد تهيُّب الإصلاح له، وأسوأ من الأسوأ الدفاع عنه!

أقول للمُهلِّلين: لا تهنئة لحاكم إلا يوم خروجه من الحكم، لتقييم إنجازاته. وأقول للحاكم المُهلَّل له: إن الحكم امتحان وعبء نفسى وتكليف لا تشريف. ويجب ألاَّ يفرح أنه عُيِّن رئيسًا وأصبح حاكمًا. وأقول له أجِّل الفرحة إلى أن تخرج وأنت حاكم. فالناس تعرف كيف تستقبل الحكم، ولكن للأسف لا تعرف كيف تودِّعه، وهذا هو الخطر. فتقديم التهنئة عند فوز الحاكم دليل على أن الحكم هو الشهوة، وقد تحققت، وكأنها هى الثمرة والغاية. لكننا نقول له: انتظر حتى نعرف ماذا ستفعل، لأن الثمرة تُعرف يوم الحصاد. كما أن الحاكم المسلم ما يهمه حقًّا هو الجزاء من الله.

أقول للمعارضين: مَن يعارض فلا يجب أن يعارض فقط، لأن المسألة ليست على هواه، أو أن الأمر لا يروق له، بل يعارض من أجل المسألة ذاتها، هل هى صالحة أو غير صالحة للوطن؟ ولا يتم النقاش إلا فى أجواء مودة بعيدًا عن المصالح الشخصية والانفعالات.

أقول للذين لا يجدون عملاً: ليس هناك عمل أفضل من عمل، ولكن هناك عاملاً أفضل من عامل.

أقول للثوار: قد تنتهى المبالغة فى الثورة إلى عمل ثورة مضادة، مضادة لكل المبادئ والقيم النبيلة التى رفعها ونادى بها الثوار.

أقول للمتعصبين: إذا كان تعصبكم للخير فتلك رجولة، وإذا لم يكن فذلك هراء يجب أن تتنزهوا عنه.

أقول للذين يريدون عزل الدين عن الحياة: إنما جاء الله بالإسلام لينظم حركة الحياة كلها. وإن الذين يحاولون أن يقصروا الإسلام على الشعائر المعروفة والأركان الخمسة، يريدون أن يعزلوا الإسلام عن حركة الحياة لصالحهم، ويريدون أن يجعلوا من الإسلام مسيحية أخرى تُعزل فى المساجد، حتى يضمن المفسدون فى الأرض أن يفسدوا فيها ما شاءت لهم أهواؤهم، فدين الله حين يتدخل إنما يتدخل فى رفع سيطرة الأهواء على الناس.

أقول للذين يخافون أن يتولى رجال الدين الحكم فى مصر: يقول النبى صلى الله وعليه وسلم: "أنتم أعلم بشؤون دنياكم". فالحكم يكون للذين يفهمون دين الله على حقيقته. وحين أطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية أقول للحكومة طبقيها، وأقول للأفراد طبقوها على أنفسكم فيما لكم فيه ولاية على أنفسكم. ومعظم حركة الحياة ليس للحاكم فيها نصيب. وحين أجد من يقول: إنما أريد أن أحكم حتى أطبق الإسلام، فأقول له: بل قل أنا أريد أن أُحكم بالإسلام، لا أن أحكم بالإسلام. أما عن تطبيق الحدود فقد قلت من فوق جبل عرفات: ارجعوا إلى حكامكم وقولوا لهم: إن من يعارض فى قطع يد السارق ففى نيته أن يسرق، وإلا فلماذا ترتعد يده عندما تقول له: سنقطع يد السارق؟!

أقول للذين يؤخرون محاكمة الظالمين: إن العدل هو أن تخرج الموازين من أيدى البشر. يقول الله تعالى: "وما كان ربك ليهلك القرى بظلم" أى بمجاوزة حد، لكن له أن يهلكهم بعدل. لأن الظالم حين تأخذه بالعقوبة تكون حقًّا أتعبته، لكن أرحت كل المظلومين. وهذه هى العدالة، فحين ترى إنسانًا يعاقب على جريمة إياك أن تأخذك به رأفة. ولا تنظر إلى نزول العقوبة عليه، ولكن انظر ماذا فعل هو. ولذلك من خطأ التقنينات الوضعية البشرية التراخى فى إنفاذ الحقوق فى التقاضى، لأنه حين تحدث جريمة اليوم ويتأخر القصاص بهتت بشاعتها، فلابد أن يكون العقاب فى "حموة" الجريمة، لماذا؟ لكى يتذكر الذى يتذكر البشاعة فى المقتص منه الجريمة فى المقتص من أجله!

وإذا كان الموت هو نهاية كل حى فأسوأ أنواع الموت، كما يراه فضيلته، هو أن يموت الإنسان فى مقبرة الوجود، أى أن يجمد رغم حركته. كما كان يرى أن الذى يعطى للإنسان ميلادًا لا تطرأ عليه وفاة هو أن يربط الإنسان نفسه بباقٍ، ولا بقاء إلا لله سبحانه وتعالى. وربما هذا هو السر فى امتداد أثر الشيخ بكلماته وأحاديثه فى وجدان الأمة الإسلامية.

رحم الله الشيخ الذى كان يرى أن العمر هو مجموعة أعمال تبقى بعد صاحبها. ونفعنا بعلمه وعمله.

اليوم السابع