المطلب الأول: ماهية العمل الطبي في اراء الفقهاء
تعددت الاراء حول تعريف العمل الطبي، فيعرفة الاستاذ سافتية في شرحة للقانون الطبي بأنه (ذلك العمل الذي يقوم به شخص متخصص من اجل شفاء الغير، طالما كان هذا العمل يستند إلى الاصول والقواعد الطبية المقررة في عالم الطب) . كما ويعرفه الاستاذ الدكتور محمد نجيب حسني (بأنه ذلك النشاط الذي يتفق بكيفيته وظروف مباشرته مع القواعد المقررة في علم الطب، ويتجة في ذاتة، اي وفق المجرى العادي للامور إلى شفاء المريض، والاصل في العمل الطبي ان يكون علاجياً اي يستهدف التخلص المرض او تخفيف حدته او مجرد تخفيف آلامة، يعد كذلك من قبيل الاعمال الطبية ما يستهدف الكشف عن اسباب سوء الصحة او مجرد الوقاية من المرض) .
وبتدقيق النظر في التعريفين السابقين، يلاحظ انهما قصرتا نطاق العمل الطبي على العلاج فقط دون ذكر الاعمال التي تكون غايتها المحافظة على صحة الانسان او تنظيم حياته، وأرى ان مفهوم العمل الطبي اوسع من ذلك بكثير ذلك ان دور الطبيب لم يعد مقصورا على شفاء المريض فقط او وقايته من الامراض، وانما اصبح يقوم بتوجية وتنظيم الحياة العضوية للانسان بالنظر إلى ظروف حياته المهنية والعملية. ويمكنني القول ان العمل الطبي هو (ذلك الجانب من المعرفة الذي يتعلق بموضوع الشفاء وتخفيف المرض ووقاية الناس من الامراض الجسمانية والنفسية، ومحاولة تخليص الانسان من كل ما يلم بة من آلام جسمانية ومعنوية ونفسية).
المطلب الثاني: ماهية العمل الطبي في القضاء
تطور مفهوم العمل الطبي في القضاء تطورا ملحوظا فقد كان مقصورا على التشخيص، والعلاج ثم تغير مفهوم القضاء للعمل الطبي فشمل إلى جانب العلاج التشخيص فقد قضت محكمة النقض الفرنسية بانه يعد مزاولا لمهنة الطبيب دون ترخيص كل من يقوم بتشخيص الامراض . واتسعت ايضا نظرة القضاء للعمل الطبي فاصبحت تشمل الفحوص المخبرية والتحاليل الطبية، وعمليات نقل الدم ووصف الادوية، وإعطاء الاستشارات الطبية والعقاقير. لقد كان للتطور العلمي والاجتماعي تركيز على مفهوم العمل الطبي فقد اتسع نطاقة ليشمل الفحص والتشخيص والعلاج، كما ظهر إلى جانب ذلك عنصر جديد هو الوقاية وهي مرحلة سابقة تماماً على وقوع المرض، ذلك ان العلم الحديث قد كشف عن وسائل علمية وطبية يمكن عن طريقها تفادي الامراض مثل التطعيم ضد بعض الامراض.