رابعا : تمهيد العقد
يعكس التمهيد ما يدور في ذهن أطراف العقد ويدل على اتجاه إرادتهم إلى الارتباط المتبادل، كما يتضمن فضلا عن الغاية من التعاقد، السياق الذي جرى فيه التعاقد أي خلفياته أو ماضي العلاقة بين الطرفين مما يبين الخطوات التي أدت إلى التعاقد متضمنة مراحل التفاوض بينهما، كما يوضح التمهيد علاقة العقد بغيره من الوثائق ذات العلاقة بموضوع التعاقد، أي أن التمهيد يمثل الإطار الأساسي للتعاقد وفي نفس الوقت يتضمن روح العقد.

يتضح من ذلك، أن الجزء الخاص بالتمهيد يعطى خلفية عن العقد وغرض الأطراف من الدخول فيه، ولا يعتبر هذا الجزء أساسياً في العقد في نظر البعض، ومن ثم يكمن الاستغناء عنه إذا لم تكن ثمة ضرورة لوجوده. لكن تظل له أهمية عملية لا خلاف عليها حيث يمكن من التعرف على نوايا أطراف العقد مما يفيد في تفسيره سواء بين الطرفين أو أمام المحاكم وهيئات التحكيم.

ويتضمن هذا الجزء من العقد عادة معلومات أو بيانات، وينظر إليه عموما على أنه خارج متن العقد. ومن ثم يجب على صائغ العقد تجنب وضع بنود تعاقدية في التمهيد. وعند الحاجة إلى إدراج معلومات تتعلق ببند في العقد، يمكن الإحالة إليه.

ومثال على المعلومات التي ترد في التمهيد، على نحو صحيح، أن يذكر في تمهيد عقد بيع قطعة أرض تاريخ ملكية الأرض، وكيف آلت إلى البائع وبيانات تسجيلها إلخ.

ومن الخطأ أن يتضمن مثل هذا التمهيد إقرارات تعاقدية،
ومثال ذلك أن يتضمن التمهيد إقرارا من البائع بملكيته للأرض المبيعة ملكية تامة خالصة فمن الأفضل إدراج مثل هذا الإقرار في متن العقد .
ومن الخطأ بالمثل أن يتضمن تمهيد عقد إنشاءات إقراراً من المقاول بأن لديه القدرة والتنظيم والكفاءة للقيام بالعمل المتعاقد عليه ، فمن الأفضل إدراج مثل هذا الإقرار في متن العقد.

ويكتب الجزء الخاص بالتمهيد بطريقتين، الأول كلاسيكية في شكل حيثيات، والثانية، وهى الطريقة الحديثة، في شكل فقرات مستقلة.
وفى الطريقة الأولى يأخذ التمهيد شكل جملة واحدة ممتدة عبر عدة فقرات كل منها يبدأ بكلمة حيث إن وفيما يلي أمثلة على صياغة التمهيد في شكل حيثيات.

مثال رقم (1):
عقد مقاولة من الباطن
تمهيد:
حيث أن المقاول أبرم عقدا لتنفيذ مشروع محطة تخفيض الضغط لشبكة توزيع الغاز الطبيعي بمنطقة المشروع في
وحيث أن المقاول عين مقاول الباطن لتنفيذ الأعمال المدنية وفقا لأخر نسخة معدلة من مستندات المشروع ولكافة المراسلات الأخرى الخاص بالعقد التي تسلمها المقاول من العميل بما في ذلك مواصفات الخرسانة، والأعمال الترابية، ومبنى الخدمات، والسور.
وحيث أنه لغرض تلبية حاجة المقاول إلى بعض المعدات والعمالة لتنفيذ كل الأعمال المدنية في محطة تخفيض الضغط لشبكة توزيع الغاز الطبيعي بمنطقة المشروع في قرر المقاول إرساء هذه الأعمال على مقاول الباطن نظرا لخبرته في تنفيذ هذه الأعمال ووفقا للعرض المقدم منه المرفق طيه المؤرخ في ....................
لذا اتفق الطرفان المتعاقدان فيما بينهما على الشروط والأحكام التالية :

مثال رقم (2)
عقد خدمات استشارية
تمهيد
حيث أن الطرف الأول " صاحب العمل " بنك تجارى محلى متخصص في تشغيل حسابات العملاء وحسابات حفظ الخزائن وتداول المعاملات في الأوراق المالية سواء بنفسه أو عن طريق شركات مستقلة متخصصة تحت المسئولية الكاملة للبنك.
وحيث أن شركة ( .......... ) متخصصة في تقديم الخدمات العالمية الإرشادية والاستشارية المالية والاستثمارية، لذا اتفق الطرفان بعد أن أقر بأهليتهما القانونية الكاملة على ما يلي :


أما في الطريقة الثانية، فيأخذ الجزء الخاص بالتمهيد شكل الفقرات العادية المنفصلة، مع مراعاة التوازن بين الفقرات ومثال ذلك ما يلي :

مثال رقم (3)
عقد إيجار أملاك
تمهيد
الشقة ( ...) رقم بالعقار الكائن في ( ... ) موضوع هذا العقد كانت مؤجرة إلى السيد / ............... بموجب عقد إيجار مؤرخ في (.........) والذي تضمنت نصوصه تخويل المستأجر الحق في تأجير العين من باطنه مؤثثة أو غير مؤنثة والتنازل عن عقد الإيجار للغير كليا أو جزئيا كما أجاز له تمكين الغير من الانتفاع بالعين للضيافة دون الحصول على إذن كتابي من المؤجر ( المادة .... من العقد ) وكذلك الإضافة المحررة في نهاية العقد بخط اليد التي أكدت هذا الحق للمستأجر دون أن يكون للمالك حق الاعتراض .
واستناداً إلى ذلك تنازل السيد / ........... عن عقد الإيجار سالف الذكر إلى كل من (أ) و (ب) . وذلك بموجب إقرار بالتنازل مؤرخ في ...... ومنذ ذلك التاريخ، حل المتنازل إليهما محل المستأجر المتنازل في كافة حقوقه والتزاماته المترتبة على عقد الإيجار المتنازل عنه قبل الملاك الحاليين للعقار.
ويرغب الطرف الثاني في استئجار الشقة المذكورة وتلاقت رغبته من قبول الطرف الأول، ومن منطلق حق الطرف الأول المنصوص عليه على نحو ما تقدم في عقد الإيجار المتنازل عنه إضافة إلى كون الطرف الأول ضمن ملاك العقار على الشيوع .
لذا اتفق الطرفان بكافة الضمانات الفعلية والقانونية على ما يلي :

وكما لاحظنا من الأمثلة المذكورة أعلاه، ينتهي الجزء الخاص بالتمهيد، عادة، بعبارة تقدم لبنود العقد المتفق عليها بين الطرفين.

وتأخذ هذه العبارة عادة الصيغة التالية :
لذا اتفق الطرفان، بعد أن أقرا بكامل أهليتهما للتعاقد والتصرف على ما يلي :

ولا داعي في رأينا، لعبارة " بعد أن أقرا بكامل أهليتهما للتعاقد والتصرف "، لأنه إذا ثبت أن أيا من الطرفين غير مؤهل للتعاقد، يبطل العقد سواء أقر ذلك الطرف كذبا بأهليته للتعاقد ( أو التصرف )، أم لا وبالتالي فالنتيجة واحدة في حالة وجود هذه العبارة أو عدمه. والعكس صحيح إذا لم تكن هذه العبارة موجودة وكان الطرفان مؤهلين للتعاقد، فإن العقد ينشأ صحيحا بصرف النظر عن وجود هذه العبارة.

القواعد التي تنبغي مراعاتها في صياغة التمهيد
1- يجب أن يقتصر التمهيد على إعطاء خلفية عن العقد، عند الضرورة :
كما أسلفنا، لا يعد الجزء الخاص بالتمهيد من العناصر الجوهرية اللازمة لصحة العقد، بل هو من الأجزاء الاختيارية التي يجوز لصائغ العقد إدراجها أو عدم إدراجها في العقد. وبالتالي ينبغي على صائغ العقد أن يسأل نفسه قبل إدراج التمهيد في العقد عن ضرورة إدراجه. فإذا كانت ثمة معلومات تمثل خلفية مهمة عن العقد أمكن للصائغ حينئذ إدراجها في التمهيد له، ومثال ذلك ما يلي :

مثال : عقد إدارة
تمهيد
تمتلك الشركة المالكة فندقا في مدينة (.............) يشار إليه فيما بعد في هذا العقد باسم الفندق .
شركة الإدارة جزء من مجموعة (.........) التي تعتبر واحدة من أكبر مجموعات الفنادق في العالم وتدير العديد من الفنادق في جميع أنحاء العالم، واكتسبت خبرة في مختلف مراحل تشييد الفنادق وتشغيلها وإدارتها خاصة تلك التي تحمل العلامة التجارية (...........).
دخلت " شركة الإدارة " في عقد مع الشركة المالكة بموجب منحت شركة الإدارة الحق في تشغيل فنادق في المملكة العربية السعودية تحمل العلامة التجارية (.....)
دخلت الشركة المالكة في عقد إدارة في وترغب في (.....) وترغب في تجديد هذا العقد ووافقت شركة الإدارة على ذلك بموجب البنود الواردة بهذا العقد
اتفقت كل من الشركة المالكة وشركة الإدارة على تنفيذ برنامج كامل للتجديدات للفندق بغرض رفع كفاءة منشآته إلى معايير فنادق (.....).
اتفق الطرفان على أنه بمجرد الانتهاء من برنامج التجديدات المستمر يمكن تغيير الاسم التجاري للفندق من (.....) إلى (......).
وستتم إعادة تسمية الفندق ليصبح اسمه فندق (.....) بعد تصديق المسئولين داخل مجموعة (.....) على مطابقة الفندق لمعايير فنادق (.....).
وسيقتصر هذا التغيير، الذي يمكن أن يتم في عام (....) فقط على علامة التجارية، ولن يكون له أي اثر من أي نوع على البنود والشروط الواردة في هذا العقد.
لذا اتفق الطرفان على ما يلي :

2- يجب ألا يتضمن التمهيد اتفاقات أو وعودا بين الطرفين

من الممارسات الشائعة الخاطئة في صياغة التمهيد أن يضع الصائغ فيه بنودا تعاقدية ، ثم يدرج في صدر بنود العقد بنداً ينص على أن " التمهيد جزء من العقد ..." ومثال ذلك ما يلي :

مثال: عقد بيع:
حيث أن البائع يمتلك قطعة أرض في منطقة (.........) ومساحتها (........) ويقر بأنه يمتلكها ملكية خالصة دون منازعة من أحد .........

3- تجنب استخدام أسلوب الحيثيات وبدلاً منه استخدم أسلوب الفقرات المنفصلة في بناء التمهيد:

- أسلوب الحيثيات في بناء الجزء الخاص بالتمهيد يؤدي عادة إلى تشجيع صائغ العقد إلى إدراج المزيد من الحيثيات ومن هنا يقع صائغ العقد في خطأ إدراج وعود واتفاقات في التمهيد.
- يؤدي استخدام أسلوب الفقرات المنفصلة إلى زيادة تركيز انتباه صائغ العقد مما يساعده على المعلومات المهمة التي تتعلق بالعقد.
- يعتمد أسلوب الحيثيات على الجملة الممتدة التي تبدأ بعبارة " حيث أن " وتنتهي بعبارة " لذا، اتفق الطرفان " وبين العبارتين توجد عادة سلسلة من الحيثيات، وهذا بلا شك يرهق مستخدم العقد مما يقلل من وضوح مضمون التمهيد.

خامساً: مواد ( بنود ) العقد

وهي الشروط الخاصة بموضوع العقد ( تختلف بحسب طبيعة محل العقد من سلع وخدمات وعمليات مختلفة ).

من الناحية المثالية يقسم العقد إلى مواد حسب موضوع كل مادة، ويخصص لكل مادة عنوان رئيس يعكس موضوعها، وترقم المواد بأرقام مسلسلة
ويمكن تقسيم كل مادة إلى مواد فرعية:

مثال:
1. نطاق الأعمال
1-1
1-2
1-3
2. تجهيزات المقاول
2-1
2-2
2-3
ويمكن تقسيم المواد الفرعية إلى فقرات:
1 -
1-1
1-1-أ
1-1-ب

في العقود الكبيرة يقسم العقد إلى مجلدات،
وكل مجلد إلى أبواب أو أجزاء،
ويأخذ كل باب عنواناً رئيساً،
ويتكون كل باب من عدة مواد تتعلق بموضوعه
ويخصص لكل مادة عنوان فرعي
ويمكن أن تشمل كل مادة عدة بنود فرعية
وقد يخصص لكل بند فرعي عنوان فرعي
ويمكن أن يشتمل كل بند فرعي على عدة فقرات
مثال:
المجلد الثاني: شروط العقد
الجزء الأول: الشروط العامة
1- التعريفات

صياغة بنود العقد

1- بنود أركان العقد
أولاً: التراضي
بند التراضي: ( مفهوم التراضي – صياغة بند التراضي – توجيهات حول صياغة بند التراضي )

التراضي هو تطابق إرادتين. والمقصود بالإرادة، هنا، هي الإرادة التي تتجه إلى إحداث أثر قانوني معين، هو إنشاء الالتزام أو نقله أو تعديله أو إنهاؤه.

والتراضي، كذلك، هو توافق الإرادتين على إحداث أثر قانوني معين. ويُعَدّ التراضي ركن العقد الأساسي. فإذا فُقِدَ، لم ينعقد العقد.

وسائل التعبير عن الإرادة :

الإرادة أمر كامن في النفس لا يمكن أن تحدث أثراً قانونياً معيناً، إلا إذا ظهرت إلى الخارج، أي إلا إذا أفصح صاحبها عنها.

والتعبير عن الإرادة، يكون باللفظ، وبالكتابة، وبالإشارة المتداولة عرفاً. كما يكون باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود، أي يكون التعبير عن الإرادة مطابقاً لحقيقة ما قصدت إليه.

ويجوز أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنياً، إذا لم ينص القانون، أو يتفق الطرفان على أن يكون صريحاً. ويعتبر من قبيل القبول الضمني قيام الوكيل بتنفيذ الوكالة، إذ يدل هذا على قبوله لها.
والتراضي لا يكون صحيحاً، إلا بشرطين:

1 ـ أن يكون صادراً من ذي أهلية:
الإنسان، لدى ولادته، تكون له شخصية قانونية، صالحة لأن تثبِت له حقوقاً، ولأن تقرر عليه واجبات والتزامات. ولكنه لا يستطيع أن يباشر الأعمال والتصرفات القانونية بنفسه، فهو غير أهل لمباشرة هذه الأعمال. ويجب التفرقة بين تمتع الشخص بالحقوق وقابليته لتحمل الالتزامات، وهو ما يطلق عليه "أهلية الوجوب"، وبين قدرة الشخص على أن يقوم بالأعمال الناجمة عنها تلك الحقوق والالتزامات، والتي تسمى " أهلية الأداء ".

ويمر الإنسان، من حيث أهليته، ومن وقت ولادته، بثلاثة مراحل، هي:
1. المرحلة الأولى: وتبدأ من ولادة الطفل، وينتهي ببلوغ سن التمييز، وهي سن سبع سنوات. ويكون الشخص، في هذا الدور، صغيراً، غير مميز (عديم الأهلية).
2. المرحلة الثانية : وتبدأ من سن التمييز، وينتهي ببلوغ الإنسان سن الرشد. وفي هذا الدور، يكون الشخص صبيّاً مميزاً، ولكنه غير كامل عناصر الرشد ( ناقص الأهلية ).
إذا كان الصبي مميزاً، كانت تصرفاته المالية صحيحة، متى كانت نافعة نفعاً محضاً، وباطلة، متى كانت ضارّة ضرراً محضاً. أما التصرفات المالية، الدائرة بين النفع والضرر، فتكون قابلة للإبطال، لمصلحة القاصر، ويزول حق التمسك بالإبطال، إذا أجاز القاصر التصرف، بعد بلوغه سن الرشد، أو إذا صدرت الإجازة من وليّه، أو من المحكمة، بحسب الأحوال".

3. المرحلة الثالثة : وتبدأ ببلوغ الشخص سن الرشد، وهي ثمانية عشر سنة في النظام السعودي وإحدى وعشرون سنة، بالنسبة إلى القانون المصري. وفي هذه المرحلة، يُعَدّ الشخص رشيداً بالغاً (كامل الأهلية)، ما لم يحدث له عارض من عوارض الأهلية أو مانع من موانع الأهلية.
وعوارض الأهلية : بعضها يؤثر في العقل، وهي: الجنون، والعُتْه، والسَّفَه، والغفلة.
وموانع الأهلية بعضها يصيب الجسم، فيجعل الشخص عاجزاً عجزاً، جزئياً أو كلياً، عن القيام على أمر نفسه، كإصابة حواسّ الشخص ببعض العاهات.
وبعضها يمنع الشخص عن الإشراف على أمواله كالغَيبة.
والبعض الآخر يفرض على الشخص لمصلحة الغير مثل الحجر على المفلس

2 ـ أن يكون صادراً من ذي إرادة سليمة، غير مشوبة بعيب من عيوب الرضا.
وعيوب الرضا هي:
الغلط، والتدليس، والإكراه، والاستغلال.

صياغة بند التراضي
يعبر عن ركن التراضي في العقد بأحد الطرق التالية:
مثال: تم هذا البيع وقبل بإيجاب وقبول قانونيين بين الطرفين المتعاقدين .......
مثال: أجر الطرف الأول إلى الطرف الثاني القابل لذلك .................
مثال:
1- حيث يرغب البائع في أن يبيع للمشتري ..........
2- وحيث صادفت هذه الرغبة قبول المشتري
مثال:
1- باع الطرف الأول إلى الطرف الثاني قطعة الأرض الواقعة في ......
2- يقبل الطرف الثاني أن يشتري من الطرف الأول قطعة الأرض المذكورة ..........

- بند محل العقد: ( مفهوم المحل – وصف موضوع العقد )
والمحل هو الركن الثاني من أركان العقد.
أ. محل الالتزام :
محل الالتزام هو ما يتعهد به المدين، والمدين يلتزم:
- إما بإعطاء شيء كنقل الملكية للشيء المبيع، أو ترتيب حق عيني على شيء كالرهن،
- وأما القيام بعمل كالتزام مقاول ببناء منزل،
- أو الامتناع عن عمل كالتزام بائع المتجر بالامتناع عن مزاولة نفس التجارة في الجهة الكائن فيها المتجر المبيع.

ب. محل العقد :
هو العملية القانونية، التي يراد تحقيقها من طريق التراضي. وهذه العملية القانونية، تتحقق من طريق جملة الالتزامات الناشئة عن العقد.

ومحل العقد يتنوع بحسب الغايات المتعددة، التي يريد المتعاقدون تحقيقها. ويشترط في محل العقد، ألا يكون مخالفاً للنظام العام أو للآداب.

ويجب أن يستوفي محل الالتزام، إذا كان شيئاً، الشروط الآتية:
* أن يكون الشيء موجوداً، أو قابلاً للوجود.
* أن يكون داخلاً في دائرة التعامل.
* أن يكون معيّناً أو قابلاً للتعيين.

ويجب في محل الالتزام، إذا كان أداء عمل، أو الامتناع عن عمل:
* أن يكون ممكناً.
* أن يكون مشروعاً.

صياغة بند محل العقد

من الأفضل في تحديد محل العقد بيان محتوياته وحدوده تحديدا دقيقا يجعل من السهل تمييزه عن غيره، ففي عقد البيع مثلا فإن محل الالتزام الرئيسي في العقد هو المبيع، لذلك يجب تحديد مواصفات المبيع الأساسية ( الوزن – الجودة – التعبئة – تحديد بلد المنشأ – جهة الوصول – تاريخ الإنتاج – تاريخ انتهاء الصلاحية – الخ )

مثال من عقد بيع شقة تمليك:
وصف الشقة موضوع التعاقد
تقع الشقة موضوع التعاقد رقم ( 10 ) بالطابق الرابع العلوي البحري على ناصية تقاطع الشارع رقم ( 12 ) مع الشارع رقم ( 61 ) في العمارة رقم ( 73 ) المقامة على قطعة الأرض رقم 23 / 81 بشاطئ النخيل، العجمي، وحدودها كالتالي:
الحد البحري: الشارع رقم ( 12 ) عرض 15 متر
الحد القبلي قطعة الأرض رقم 23 / 80
الحد الشرقي الشارع رقم ( 61 ) عرض 10 أمتار
الحد الغربي: قطعة الأرض رقم 23 / 56
ومرفق رسم هندسي موضح عليه موقع الشقة وموقع عليه من المشتري

مثال من عقد خدمات نظافة:
يلتزم الطرف الثاني بالقيام بأعمال النظافة موضوع هذا العقد والموضحة بالملحق رقم ( 1 ) الموقع عليه من الطرفين.

قد يكون محل العقد هو العملية القانونية التي يراد تحقيقها، والتي ينشأ العقد في سبيل تحقيقها التزامات على عاتق أطرافه. لذلك، فإن بيان هذه الالتزامات بطرقة واضحة من شأنه أن يعطي لمحل العقد تحديدا وافياً.

تحديد التزامات الأطراف:
يعتبر العقد مصدرا من مصادر الالتزام، لذلك تحرص الصياغة العقدية على وضع بنود تحدد التزامات وحقوق الأطراف بشكل واضح ومحدد. وتتضمن بنود الالتزامات عادة كل من الالتزامات الرئيسية من ناحية والالتزامات الثانوية من ناحية أخرى. ( مثل التزام البائع بنقل ملكية المبيع في عقد البيع التجاري )

يجب أن تكون بنود الالتزامات واضحة وصريحة وموجزة بقدر الإمكان، من خلال بناء الجمل بكلمات واضحة المعنى، مع البعد عن العبارات الغامضة التي تحتمل التأويل وتحتاج إلى التفسير، فقد يؤدي التفسير إلى منازعات إذا لم يرتضيه أحد الأطراف في العقد.

وضمانا لحسن صياغة الالتزامات، يعين على القائم بالصياغة مراعاة الاعتبارات التالية:
1- أنه يقوم بصياغة التزامات عقدية لأطراف تتعارض مصالحهم التجارية، فكل التزام على عاتق طرف منهم هو في نفس الوقت حق للطرف الأخر.
2- ضرورة التنظيم والتوزيع الصحيح للالتزامات مع مراعاة الربط بين البنود بعضها البعض عن طريق وضع بناء أولي لهيكل العقد.
3- يجدر وضع البدائل التي يمكن أن يواجهها الطرفين في المستقبل بحيث يستشرفها ويتوقعها مع الأخذ في الاعتبار قصد الأطراف وطبيعة العقد وحسن النية.
4- اختلاف مضمون بنود وآثار كل عقد عن غيره حيث أن لكل عقد طبيعته الخاصة التي تميزه عن غيره من العقود الأخرى.
5- أن يكون تحت يده كافة المستندات والمعلومات التي يمكن أن تساهم في الإعداد الجيد للصياغة والتي تتيح له الوقوف على معطيات وخلفيات موضوع العقد. (مسئولية مشتركة مع أطراف العقد طالبي الصياغة).

- بند السبب ( المقابل ): صياغة بند السبب

والسبب هو الركن الثالث من أركان العقد.

والسبب في العقد، هو الغرض الذي يقصد المتعاقد إلى تحقيقه، أو هو الباعث الذي حمل المتعاقد على إبرام العقد. والبواعث التي تحمل الإنسان على إبرام عقد ما، هي بواعث متعددة، ومتنوعة، ومختلفة من عقد إلى أخر، ومن متعاقد إلى آخر.

فإذا سألت لماذا اشترى فلان هذا المنزل؟ كانت الإجابة لأنه يريد أن يسكنه، أو يريد استغلاله فندقاً، أو يؤجره … وهكذا. وسبب العقد، أي سبب العملية القانونية، التي يريد العاقد تحقيقها، هو ما يُعرف بالباعث أو الدافع الفردي، أو الباعث الذاتي. ويجب أن يكون سبب العقد مشروعاً، أي لا يكون مخالفاً للنظام العام أو للآداب،

أما السبب في الالتزام: فهو ما يحمل الشخص على الالتزام، وهو واحد في كل نوع من أنواع العقود،

ففي البيع مثلاً سبب التزام المشتري بدفع الثمن هو التزام البائع بتسليم المبيع إليه، وسبب التزام البائع بتسليم المبيع إلى المشتري هو التزام هذا الأخير بدفع الثمن إليه. أيّ أنه في كافة عقود البيع سبب التزام المشتري أو سبب التزام البائع واحد لا يتغير. والسبب في هذا المعنى يشترط فيه شرطاً واحداً وهو أن يكون موجوداً.

وإذا لم يكن للالتزام سبب أو كان سببه مخالفاً للنظام العام أو للآداب، كان العقد باطلاً.

صياغة بند السبب ( المقابل )

في العقود البسيطة يصاغ بند السبب ( المقابل ) على النحو التالي:

مثال:
يوافق الطرف الأول في مقابل مبلغ ... ريال على أن يبيع للطرف الثاني .......
مثال:
1- باع الطرف الأول إلى الطرف الثاني العقار .......
2- تم هذا البيع مقابل ................

في العقود الطويلة التي يتضمن المقابل فيها تفاصيل كثيرة، يصاغ بند المقابل بطريق الإحالة وذلك بإدراج بند يحدد السعر المتفق عليه ويحيل إلى ملحق يرفق بالعقد يتضمن تفاصيل ذلك السعر،
مثال:
سعر الشراء المتفق عليه موضح في الملحق ( أ ) المرفق بهذا العقد.

مثال: من عقد توريد محطة توليد طاقة كهربائية:
في مقابل تقديم وتسليم المحطة طبقاً للملحق ( ب )، المادة ( 7 ) المعنونة ( البدء والإتمام )، يدفع المالك إلى المورد إجمالي سعر الشراء الموضح في الملحق ( ج )، القسم المعنون ( جدول الكميات والأسعار ).

ملاحظة:
عند صياغة بند المقابل، ينبغي عدم الاكتفاء بمجرد تحديد الثمن إذا كان المقابل في شكل ثمن يدفعه أحد طرفي العقد إلى الطرف الآخر. بالرغم من اختلاف طرق تحديد الثمن وتعدده إلا أن صياغة هذا البند يجب أن تتضمن أحكاما واضحة، حيث ينبغي تحديد العناصر التالية:
- الثمن المتفق عليه جملة وتفصيلاً، والطرف الملزم بالدفع.
- ما يدخل في الثمن وما لا يدخل فيه.
- شروط الدفع وتشمل:
• طريقة الدفع. ( الشكل الذي سيتم به الدفع، نقداً، بشيك، بحوالة، خطاب اعتماد غير قابل للإلغاء .... الخ ).
• مواعيد الدفع.
• مكان الدفع.
• العملة التي يدفع بها الثمن ( في حالة التعاقد مع طرف أجنبي ).
• الخطوات الواجب حدوثها قبل الدفع.
• نفقات الدفع إذا كان دفع الثمن يقتضي نفقات خاصة.
- الدفاتر المحاسبية والكشوف وحق الإطلاع عليها ومراجعتها ( العقود التجارية ).
- الموقف من أي تغييرات قد تطرأ على السعر.
وينبغي ملاحظة أن شرط تعديل الثمن يختلف عن شرط مراجعة الثمن أو إعادة النظر فيه:
• شرط تعديل الثمن يتعلق بالحالات التي يحدث بها تعديلات في العقد تعود إلى طلبات التعديل أو التغيير في الأشياء أو الأعمال التي تشكل محل العقد، أو في حالة بدء تنفيذ العقد على بيانات خاطئة أو معلومات غير صحيحة، أو تغيير الالتزامات في العقد، أو التعديلات الناتجة عن زيادة أو نقص التكاليف.
• شرط إعادة النظر في الثمن يشمل الحالات التي يطرأ فيها تغيير يؤدي إلى اختلال التوازن العقدي مثل الظروف الطارئة أو القوة القاهرة.

المرجع
الدكتور / رضا محمود العبد