بدأنا المحاضرة بعرض للموضوع الثاني في الكتاب والمتعلق بتفسير الظاهرة الإجرامية
من خلال المدارس الجنائية (المدرسة التقليدية + المدرسة التقليدية الحديثة + المدرسة الوضعية + مدرسة الدفاع الاجتماعي)
وأيضا من خلال المذاهب ( المذاهب الاجتماعية + المذاهب البيولوجية + المذاهب النفسية)

ثم بدأنا بدراسة أولاً: المدرسة التقليدية

وهي التي قامت في إيطاليا في النصف الثاني من القرن الثامن عشر الميلادي بزعامة "بكاريا"
حيث كانت العدالة الجنائية في حالة متردية في أوربا كلها وما وجده بكاريا من أبشع صور الظلم والاستبداد من جانب
السلطتين التنفيذية والقضائية وإهدار كل الضمانات الضرورية للمتهم عند محاكمته وتجاوز المسئولية الجنائية لشخص المجرم
وامتدادها لتشمل أقاربه وأيضا وحشيه العقوبات في أساليب تنفيذها.

(أ) أسس السياسة الجنائية التقليدية
قامت على المبادئ التالية :

1- مبدأ الشرعية الجنائية ....... ومفاده أن تتولى تحديد الجرائم والعقوبات السلطة التشريعية وحدها دون غيرها فالمشرع وحده هو صاحب الاختصاص بالتجريم والعقاب
بنصوص مكتوبه أما القاضي فيقف دوره عند حد تطبيق النصوص الجنائية التي يضعها المشرع.

2- مبدأ المسئولية الأخلاقية كأساس للمسئولية الجنائية
أساس هذا المبدأ حرية الإرادة عند شخص المجرم بمعنى أنه مسئول لأنه اختار السلوك الخطأ فهو من الناحية الأخلاقية محل اللوم بسبب اختياره
أما
إذا كان الشخص مجنون أو صبي غير مميز فلا وجود للإرادة الحرة وبالتالي لا وجه للمسئولية الأخلاقية. ويترتب على أن المسئولية أخلاقية أن المجرم يرتكب
الجريمة بدافع اللذة والمتعة كذلك اعتبروا أن المجرمين نموذج واحد لا يتغير.

3- المبدأ النفعي كأساس لمشروعية العقاب
ميز بكاريا بشأن حق الجماعة في عقاب المجرم بين أمرين هما :

الأول : مصدر الحق أي حق الدولة في عقاب المجرم ورده إلى نظرية العقد الاجتماعي
الثاني: أساس مشروعية الحق هو المنفعة التي تعود على المجتمع من توقيع العقاب (الردع العام والردع الخاص)

وهكذا

توصل أقطاب هذه المدرسة من خلال اعتناقهم لمبدأ " اللذة والمتعة" الذين رأوا فيه أساس يحكم كافة التصرفات الإنسانية إلى الدعوة إلى الشدة في العقاب.

وأيضا

نبذ بكاريا أساليب التعذيب الوحشية التي سادت عصره وأعلن عدم مشروعية عقوبة الإعدام إلا في الجرائم السياسية ، كما نادى بالمساواة في العقاب بين
الغني والفقير كما طالب بكاريا بعقوبة للشروع في الجريمة أقل من عقوبة الجريمة الكاملة.