2- تأثير المخدرات على الأسرة :
الأسرة هي (الخلية الرئيسية في الأمة إذا صلحت صلح حال المجتمع وإذا فسدت انهار بنيانه فالأسرة أهم عامل يؤثر في التكوين النفساني للفرد لأنه البيئة التي يحل بها وتحضنه فور أن يرى نور الحياة ووجود خلل في نظام الأسرة من شأنه أن يحول دون قيامها بواجبها التعليمي لأبنائها)).
فتعاطي المخدرات يصيب الأسرة والحياة الأسرية بأضرار بالغة من وجوه كثيرة أهمها :
1- ولادة الأم المدمنة على تعاطي المخدرات لأطفال مشوهين.
2- مع زيادة الإنفاق على تعاطي المخدرات يقل دخل الأسرة الفعلي مما يؤثر على نواحي الإنفاق الأخرى ويتدنى المستوى الصحي والغذائي والاجتماعي والتعليم وبالتالي الأخلاقي لدى أفراد تلك الأسرة التي وجه معيلها دخله إلى الإنفاق عل المخدرات هذه المظاهر تؤدي إلى انحراف الأفراد لسببين :
أولهما : أغراض القدوة الممثلة في الأب والأم أو العائل.
السبب الآخر : هو الحاجة التي تدفع الأطفال إلى أدنى الأعمال لتوفير الاحتياجات المتزايدة في غياب العائل.
3- بجانب الآثار الاقتصادية والصحية لتعاطي المخدرات على الأسرة نجد أن جو الأسرة العام يسوده التوتر والشقاق والخلافات بين أفرادها فإلى جانب إنفاق المتعاطي لجزء كبير من الدخل على المخدرات والذي يثير انفعالات وضيق لدى أفراد الأسرة فالمتعاطي يقوم بعادات غير مقبولة لدى الأسرة حيث يتجمع عدد من المتعاطين في بيته ويسهرون إلى آخر الليل مما يولد لدى أفراد الأسرة تشوق لتعاطي المخدرات تقليداً للشخص المتعاطي أو يولد لديهم الخوف والقلق خشية أن يهاجم المنزل بضبط المخدرات والمتعاطين
3- أضرار المخدرات على الإنتاج :
يعتبر ((الفرد لبنة من لبنات المجتمع وإنتاجية الفرد تؤثر بدورها على إنتاجية المجتمع الذي ينتمي إليه)).
فمتعاطي المخدرات لا يتأثر وحده بانخفاض إنتاجه في العمل ولكن إنتاج المجتمع أيضاً يتأثر في حالة تفشي المخدرات وتعاطيها فالظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تؤدي إلى تعاطي المخدرات ((تؤدي إلى انخفاض إنتاجية قطاع من الشعب العام فتؤدي أيضاً إلى ضروب أخرى من السلوك تؤثر أيضاً على إنتاجية المجتمع)).
ومن الأمثلة على تلك السلوك هي : تشرد الأحداث وإجرامهم والدعارة والرشوة والسرقة والفساد والمرض العقلي والنفسي والإهمال واللامبالاة وأنواع السلوك هذه يأتيها مجموعة من الأشخاص في المجتمع ولكن أضرارها لا تقتصر عليهم فقط بل تمتد وتصيب المجتمع بأسره وجميع أنشطته وهذا يعني أن متعاطي المخدرات لا يتأثر وحده بانخفاض إنتاجه في العمل ولكنه يخفض من إنتاجية المجتمع بصفة عامة وذلك للأسباب التالية :
1- انتشار المخدرات والاتّجار بها وتعاطيها يؤدي إلى زيادة الرقابة من الجهات الأمنية حيث تزداد قوات رجال الأمن ورقباء السجون والمحاكم والعاملين في المصحات والمستشفيات ومطاردة المهربين للمخدرات تجارها والمروجين ومحاكمتهم وحراستهم في السجون ورعاية المدمنين في المستشفيات تحتاج إلى قوى بشرية ومادية كثيرة للقيام بها وذلك يعني أنه لو لم يكن هناك ظاهرة لتعاطي وانتشار أو ترويج المخدرات لأمكن هذه القوات إلى الاتجاه نحو إنتاجية أفضل ونواحي صحية أو ثقافية بدلاً من بذل جهودهم في القيام بمطاردة المهربين ومروجي المخدرات وتعاطيها ومحاكمتهم ورعاية المدمنين وعلاجهم.
2- يؤدي كذلك تعاطي وانتشار المخدرات إلى خسائر مادية كبيرة بالمجتمع ككل وتؤثر عليه وعلى إنتاجيته وهذه الخسائر المادية تتمثل في المبالغ التي تنفق وتصرف على المخدرات ذاتها.
فمثلاً : إذا كانت المخدرات (تزرع في أراضي المجتمع) التي تستهلك فيه فإن ذلك يعني إضاعة قوى بشرية عاملة وإضاعة الأراضي التي تستخدم في زراعة هذه المخدرات بدلاً من استغلالها في زراعة محاصيل يحتاجها واستخدام الطاقات البشرية في ما ينفع الوطن ويزيد من إنتاجه.
أما إذا كانت المخدرات تهرب إلى المجتمع المستهلك للمواد المخدرة فإن هذا يعني إضاعة وإنفاق أموالاً كبيرة ينفقها أفراد المجتمع المستهلك عن طريق دفع تكاليف السلع المهربة إليه بدلاً من أن تستخدم هذه الأموال في ما يفيد المجتمع كاستيراد مواد وآليات تفيد المجتمع للإنتاج أو التعليم أو الصحة.
3- أن تعاطي المخدرات يساعد على إيجاد نوع من البطالة ؛ وذلك لأن المال إذا استغل في المشاريع العامة النفع تتطلب توفر أيدي عاملة وهذا يسبب للمجتمع تقدماً ملحوظاً في مختلف المجالات ويرفع معدل الإنتاج ، أما إذا استعمل هذا المال في الطرق الغير مشروعة كتجارة المخدرات فإنه حينئذ لا يكون بحاجة إلى أيدي عاملة ؛ لأن ذلك يتم خفية عن أعين الناس بأيدي عاملة قليلة جداً.

4- إن الاستسلام للمخدرات والانغماس فيها يجعل شاربها يركن إليها وبالتالي فهو يضعف أمام مواجهة واقع الحياة الأمر الذي يؤدي إلى تناقص كفاءته الإنتاجية فما يعوقه عن تنمية مهاراته وقدراته وكذلك فإن الاستسلام للمخدرات يؤدي إلى إعاقة تنمية المهارات العقلية والنتيجة هي انحدار الإنتاج لذلك الشخص وبالتالي للمجتمع الذي يعيش فيه كمّاً وكيفاً.
5- كل دولة تحاول أن تحافظ على كيانها الاقتصادي وتدعيمه لكي تواصل التقدم ومن أجل أن تحرز دولة ما هذا التقدم فإنه لا بد من وجود قدر كبير من الجهد العقلي والعضلي معاً ((يبذل بواسطة أبناء تلك الدولة سعياً وراء التقدم واللحاق بالركب الحضاري والتقدم والتطور)) ليتحقق لها ولأبنائها الرخاء والرفاهية فيسعد الجميع ، ولما كان تعاطي المخدرات ينقص من القدرة على بذل الجهد ويستنفذ القدر الأكبر من الطاقة ويضعف القدرة على الإبداع والبحث والابتكار فإن ذلك يسبب انتهاك لكيان الدولة الاقتصادي وذلك لعدم وجود الجهود العضلية والفكرية (العقلية) نتيجة لضياعها عن طريق تعاطي المخدرات.
6- إضافة إلى ذلك فإن المخدرات تكبد الدول نفقات باهظة ومن أهم هذه النفقات هو ما تنفقه الدول في استهلاك المخدرات فالدول المستهلكة للمخدرات (مثل الدول العربية) تجد نفقات استهلاك المخدرات فيها طريقها إلى الخارج بحيث إنها لا تستثمر نفقات المخدرات في الداخل مما يؤدي (غالباً) إلى انخفاض في قيمة العملة المحلية لو كانت العملة المفضلة لدى تجار المخدرات ومهربيها هو الدولار.
7- أثر المخدرات على الأمن العام مما لاشك فيه أن الأفراد هم عماد المجتمع فإذا تفشت وظهرت ظاهرة المخدرات بين الأفراد انعكس ذلك على المجتمع فيصبح مجتمعاً مريضاً بأخطر الآفات ، يسوده الكساد والتخلف وتعمّه الفوضى ويصبح فريسة سهلة للأعداء للنيل منه في عقيدته وثرواته فإذا ضعف إنتاج الفرد انعكس ذلك على إنتاج المجتمع وأصبح خطر على الإنتاج والاقتصاد القومي إضافة إلى ذلك هنالك مما هو أخطر وأشد وبالاً على المجتمع نتيجة لانتشار المخدرات التي هي في حد ذاتها جريمة فإن مرتكبها يستمرئ لنفسه مخالفة الأنظمة الأخرى فهي بذلك (المخدرات) الطريق المؤدي الى ارتكاب جرائم أخرى
رابعاً: أضرار المخدرات وآثارها السياسية :
يمكن تلخيصها بالآتي:
1- يهتز الكيان السياسي لأي دولة إذا لم يكن في وسعها ومقدورها بسط نفوذها على كل أقاليمها ولقد ثبت أن كثيراً من مناطق زراعة المخدرات في أنحاء متفرقة من العالم لا تخضع لسلطات تلك الدول التي تقع ضمنها ، إما لاعتبارات قبلية ، أو لاعتبارات جغرافية ، وهناك روابط وثيقة بين الإرهاب الدولي والاتّجار غير المشروع في الأسلحة والمفرقعات من جانب الاتّجار غير المشروع في المخدرات من جانب آخر.
2- كما يهتز كيان الدولة السياسي إذا اضطرت الدولة إلى الاستعانة بقوات مسلحة أجنبية للحفاظ على كيانها ، وقد حدث مثل هذا في إحدى دول أمريكا الجنوبية اللاتينية ؛ حيث توجد عصابات لزراعة الكوكا وإنتاج مخدر الكوكايين وتهريبه وهي عصابات جيدة التنظيم ، ولديها أسلحة متقدمة ووسائل نقل حديثة حتى إن هذه العصابة وُجد بحوتها قواعد عسكرية ومهابط طائرات وقد سيطرت هذه العصابات على مناطق زراعية لكوكا والقنب ومنعت القوات الحكومية من دخولها الأمر الذي دعى الدولة إلى الاستغاثة واستدعاء قوات أجنبية (قوات للجيش الأمريكي).
3- الحركات الانفصالية في العالم تغذيها أموال تجار المخدرات.
4- مهربوا المخدرات والمتاجرون في المخدرات لا يؤمنون بدين أو عقيدة ولا ينتمون إلى وطن وليس لديهم انشغال سوى التفكير في الكسب المادي الغير مشروع من وراء الاتّجار بالمخدرات فهم على استعداد لبيع أنفسهم وأسرهم وأوطانهم وشعوبهم مقابل السماح لهم بالمرور بالمخدرات وتهريبها فيفشون الأسرار ويقدمون المعلومات للأعداء مما يجعل من المتعاطي ومهربي المخدرات فريسة سهلة للعدو ومخابراته.
خامساً :أثر المخدرات على الإجرام :

إن تعاطي المخدرات يؤدي إلى كثرة الجرائم وانتشارها في المجتمع، إذ هي تدفع متعاطيها إلى ارتكاب شتى الجرائم عن قصد منه، وعن غير قصد، وقد أثبتت ذلك الدراسات المتخصصة التي أجريت في هذا المجال، نورد نموذجاً من تلك الدراسات للدلالة على ذلك، نقلاً عن كتاب المسكرات والمخدرات بين الشريعة والقانون للمستشار عزت حسنين، حيث قال: "ومن تلك الدراسات ما قام به المكتب الخاص بخدمات المجرمين بأثينا تحت رئاسة مديره الأستاذ مارديكاس بدراسة 379 حالة من حالات التعاطي، وانتهت الدراسة إلى الآتي:
إن الإدمان على الحشيش يؤدي إلى ارتكاب الجرائم، ويحول شخصية الفرد إلى شخصية كسولة غير مستقرة، مما يؤدي في النهاية إلى التشرد والسرقة، وكذلك يحول الفرد إلى إنسان مشاكس سريع التهيج، شكاك، خائف جبان، وكنتيجة لهذا الخوف والجبن يحدث الهجوم والعدوان، ولهذا يقعون في جرائم الاعتداء .
وان أضرار المخدرات لايقتصر على متعاطيها فحسب بل يتعداه إلى ذريته وذويه وكونها تفسد العقل والمزاج حتى يصير في الرجل تخنث ودياثة أي يرضى الفساد على محارمه لما يفقد من عقل عند تعاطيه لهذه السموم وبالتالي فان تعاطي المخدرات يدفع الشخص إلى ارتكاب الجرائم الجنسية مثل الخطف ومن ثم الاغتصاب والقتل .
فيعد تعاطي المخدرات من أكبر الأخطار التي تواجه المجتمعات في العصر الحاضر لما تخلفه من أضرار لمتعاطيها صحياً واجتماعياً واقتصادياً ودينياً لا نستطيع حصرها لتجددها يوماً بعد يوم لما تورثه هذه الآفة من سموم خطرة ، ، تقود متعاطيها إلى طريق مظلم نهايته الموت المحقق والتشرد والضياع .
ولقد نتج عن تعاطي المخدرات كثير من انحرافات السلوك تمثل ذلك في ازدياد العلاقة بين تعاطي المخدرات وجريمة ازهاق الأرواح وجرائم هتك الأعراض بفعل تأثير المخدر على الإنسان الدعارة كطريق للحصول على المال اللازم لشراء هذا المخدر أو ذاك لأن «المخدر يبعد الانسان عن واقعه ويضعه ويضمه في عالم من الوهم ينسى معه وجوده وفضائله وينسى معه ارتباطه بمجتمعه وتكرار هذا الانفصال عن الواقع يجعل متعاطي المخدر في حالة تبعية للسم الذي يتعاطاه فينهش جهازه العصبي ويحطم ويصبح من يتعاطى المخدر هارباً منحرفاً من محيطه ومن واقعه والشواهد على مدى ارتباط المخدرات بالانحراف الاجتماعي والسلوكي للأفراد كثيرة إذ تبين في دراسة على تعاطي الحشيش ان 76% من أفراد العينة متهمون بارتكاب جرائم وان أكثر الجرائم هي الاعتداء المباشر على النفس أو الشروع في القتل تبين ان 58% من قضايا القتل عمداً ارتكبت فيها الجريمة بسبب المعتقد الخاطئ بالخيانة الزوجية وقتلت الزوجة في 31% من هذه القضايا وفي حادثتين أخريين قتل المتعاطي طفله على اعتبار انه ابن سفاح وفي دراسة عن الجريمة في الكويت وجد ان 15% من الجرائم التي ارتكبت كانت تحت تأثير الخمور والمخدرات وتوجد كذلك علاقة قوية بين المخدرات واللذة المحرمة وعملية بيع الأجساد في مقابل أجر معين فالاعتقاد الشائع لدى الكثيرين ان المخدرات تطيل من زمن المتعة واللذة الجنسية ولكنها بالعكس من ذلك تؤدي إلى نتيجة عكسية وهي فقدان القدرة على التنفيذ فيعجز عن الأداء الأمر الذي يؤدي إلى الضعف الجنسي المزمن وانهيار الحياة الزوجية والعائلية، ولقد أثبتت البحوث التي عنيت بتفسير السلوك الاجرامي ان هناك ثمة علاقة أكيدة وقوية بين ميل الفرد إلى شرب الكحول والخمر وممارسته للجريمة والانحراف فقد ثبت من دراسة مركز أبحاث مكافحة الجريمة ان انتشار تعاطي المسكرات يعد مرحلة أولية وكخلفية أساسية لمرتكبي جريمة المخدرات الحالية وقررت نفس الدراسة بانه اذا تم ضبط جريمة السكر خاصة صناعة وتجارة المسكرات والمروجين لها فان ذلك يحد كثيراً من انتشار ظاهرة المخدرات في المجتمع السعودي وفي الدراسة التي أجريت على المجرمين الجنسيين في المجتمع العربي ظهر من نتائج البحث ان الغالبية 70% من المحكوم عليهم بجرائم جنسية كانوا يشربون المسكر وتبين ان الخمر يدفع إلى ارتكاب الأفعال الجنسية الشاذة كاللواط بنسبة 3، 68% ويدفع كذلك إلى ممارسة الفحشاء وخاصة الزنا بنسبة 5، 70% ويساهم أيضاً في ارتكاب الافعال الجنسية بقوة مع الإناث كالاغتصاب بنسبة 6، 67% وكذلك يجعل عند الفرد ميلاً نحو هتك عرض الذكور بنسبة 4، 75% والبيانات الاحصائية السابقة تبرهن على ان شرب المسكرات يشيع عند المجرمين الجنسيين بشكل عام وهو من الأسباب الرئيسية في ارتكاب
الفعل الجنسي المحرم بصرف النظر عن دور في التخصص بنمط من الجرائم الجنسية،
وقد اعترف الطب الحديث بان الخمر عند شربها تغطي المناطق المخية العليا وهي الموجودة في القشر لفصي المخ )
( وهي مركز الإرادة والأخلاق والتفكير والرؤية كما أثبتت إحدى الدراسات التي حاولت كشف العوامل المرتبطة بالجريمة ان 27% من المحكوم عليهم بافعال جنائية كانوا يتناولون المخدرات وان المخدر يدفع بقوة بالفرد إلى ارتكاب جرائم الاعتداء الجنسي كهتك الأعراض والاغتصاب .
وتشير بعض الدراسات إلى أن متعاطي المخدرات شكلوا ما نسبته 20% من جملة الجرائم المسجلة في عينة من الدول العربية عام 1973 (*)
(*)مقالة بعنوان عرض تحليلي للمخدرات الأكثر فتكاً بالبشرية ، بقلم/ عبد الإله محمد الشريف من السعودية موقع صحيفة الجزيرة السعودية على الانترنت .



بالاتفاقيات الدولية لمواجهة ظاهرة الاتجار في المواد المخدرة كما لخصتها لجنة المخدرات بالأمم المتحدة على شكل أسس ومبادئ ـ في دورتها الاستثنائية ـ في جنيف بسبتمبر عام 1970 م ـ التي نصت على التالي:
1 ـ تدعيم التدابير التي تهدف إلى القضاء على الاتجار الغير مشروع.
2 ـ توعية الجماهير بأخطار سوء استعمال المخدرات وتنفيرهم من استعمالها لآثارها الضارة.
3 ـ احلال زراعات نافعة بدلا من الزراعات الضارة.
4 ـ معالجة المدمنين وتأهيلهم مهنياً واجتماعياً.
أولاً : الطرق الطبية للعلاج :
وعلى العموم فإنه كلما ازداد عدد النكسات وزادت خطورة المادة الإدمانية يجب التشدد فى معايير الشفاء حتى فى الحالات التى يصحبها اضطراب جسيم فى الشخصية أو التى وقعت فى السلوك الإجرامي مهما كان محدداً ، وتبدأ مراحل العلاج بالمراحل الآتية:
1- مرحلة التخلص من السموم :
وهى مرحلة طبية فى الأساس ، ذلك أن جسد الإنسان فى الأحوال العادية إنما يتخلص تلقائياً من السموم؛ ولذلك فإن العلاج الذى يقدم للمتعاطي فى هذه المرحلة هو مساعدة هذا الجسد على القيام بدوره الطبيعي ، وأيضاً التخفيف من آلام الانسحاب مع تعويضه عن السوائل المفقودة ، ثم علاج الأعراض الناتجة والمضاعفة لمرحلة الانسحاب ، هذا، وقد تتداخل هذه المرحلة مع المرحلة التالية لها وهى العلاج النفسي والاجتماعي؛ ذلك أنه من المفيد البدء مبكرا بالعلاج النفسي الاجتماعي وفور تحسن الحالة الصحية للمتعاطي.
2- مرحلة العلاج النفسي والاجتماعي :
إذا كان الإدمان ظاهرة اجتماعية ونفسية فى الأساس . فإن هذه المرحلة تصبح ضرورة ، فهى تعتبر العلاج الحقيقي للمدمن ، فأنها تنصب على المشكلة ذاتها ، بغرض القضاء على أسباب الإدمان. وتتضمن هذه المرحلة العلاجية العلاج النفسي الفردي للمتعاطي ، ثم تمتد إلى الأسرة ذاتها لعلاج الاضطرابات التى أصابت علاقات أفرادها ، سواء كانت هذه الاضطرابات من مسببات التعاطي أم من مضاعفاته ، كما تتضمن هذه المرحلة تدريبات عملية للمتعاطي على كيفية اتخاذ القرارات وحل المشكلات ومواجهة الضغوط ، وكيفية الاسترخاء والتنفس والتأمل والنوم الصحي . كما تتضمن أيضاً علاج السبب النفسي الأصلي لحالات التعاطي فيتم – على سبيل المثال – علاج الاكتئاب إذا وجد أو غيره من المشكلات النفسية كما يتم تدريب المتعاطي على المهارات الاجتماعية لمن يفتقد منهم القدرة والمهارة ، كما تتضمن أخيراً العلاج الرياضي لاستعادة المدمن كفاءته البدنية وثقته بنفسه وقيمة احترام نقاء جسده وفاعليته بعد ذلك .
3- مرحلة التأهيل والرعاية اللاحقة:
وتنقسم هذه المرحلة إلى ثلاثة مكونات أساسية أولها:
أ- مرحلة التأهيل العملي :
وتستهدف هذه العملية استعادة المدمن لقدراته وفاعليته فى مجال عمله ، وعلاج المشكلات التى تمنع عودته إلى العمل، أما إذا لم يتمكن من هذه العودة ، فيجب تدريبه وتأهيله لأي عمل آخر متاح ، حتى يمارس الحياة بشكل طبيعي.
ب- التأهيل الاجتماعي :
وتستهدف هذه العملية إعادة دمج المدمن فى الأسرة والمجتمع ، وذلك علاجاً لما يسمى (بظاهرة الخلع) حيث يؤدي الإدمان إلى انخلاع المدمن من شبكة العلاقات الأسرية والاجتماعية ، ويعتمد العلاج هنا على تحسين العلاقة بين الطرفين (المدمن من ناحية والأسرة والمجتمع من ناحية أخرى) وتدريبها على تقبل وتفهم كل منهما للآخر ، ومساعدة المدمن على استرداد ثقة أسرته ومجتمعه فيه وإعطائه فرصة جديدة لإثبات جديته وحرصه على الشفاء والحياة الطبيعية.
ثانياً : أساليب الوقاية من المخدرات ومقترحات وتوصيات وخاتمة :
1 ـ إن المشكلة هي مشكلة اجتماعية يعاني منها المجتمع ككل، وبالتالي يجب مشاركة جميع الجهات الرسمية منها والشعبية في إيجاد هذا الحل… وإفساح المجال بشكل ديمقراطي أمام البحث العلمي لأسباب الظاهرة لتشمل كافة الميادين التي تتشعب منها المشكلة.
2 ـ ان للظاهرة جوانب متعددة (اجتماعية واقتصادية وسياسية) قد أدت إلى وجودها وانتشارها في المجتمع ككل لا بد من العمل بشكل جاد على حل هذه المعضلات المتعددة الجوانب التي يعاني منها المواطن من سكن وتوفير العمل المناسب والحريات الديمقراطية وغيرها لتنقية الأجواء وتخليصها من الشوائب التي تشجع على الكثير من الظواهر والأمراض الأخلاقية والسلوكية السيئة ومن ضمنها ظاهرة تعاطي المخدرات.
3 ـ تشكيل لجنة متخصصة من كافة الجهات الرسمية والشعبية (صحية، اجتماعية، اقتصادية، حقوقيين، مفكرين، مؤسسات شعبية من أندية وجمعيات مهنية ونسائية… الخ…) وذلك لمشاركة في الكشف عن الأسباب الحقيقية للمشكلة وفي وضع الحلول بشكل جماعي، بحيث تتناول مختلف جوانب المشكلة، مع توفير حرية البحث العلمي ووضع الدراسات العلمية التي تتناول المشكلة من جوانبها الاجتماعية والنفسية، وتوفير كافة التسهيلات والضمانات لنجاح عمل اللجنة في القيام بمهماتها، حتى ان يتم القضاء النهائي على المشكلة من المجتمع.
4 ـ الاهتمام بالتعليم التربوي واتباع الأساليب التربوية العلمية المتطورة في المناهج التعليمية لبناء جيل المستقبل على قاعدة متينة من الوعي والتربية و إدخال موضوع المخدرات و المؤثرات العقلية في برامج كليات الحقوق و الشرطة .
5 ـ توعية أفراد المجتمع عبر أجهزة الإعلام المختلفة للدولة بالأضرار الجسيمة ـ الصحية والاجتماعية والقومية الناشئة عن تعاطي المخدرات على ضوء ما تسفر عنه نتائج الدراسات والبحوث الاجتماعية والنفسية حول المشكلة. وإذا سلمنا بدور وسائل الإعلام في صياغة شخصية الفرد وتوجيهه، وتأثيرها على صياغة تفكيره بما تملك هذه المؤسسات الإعلامية من وسائل مطبوعة مثل: الكتب والصحف والمجلات والنشرات والملصقات، أو بالوسائل السمعية والمرئية: كالإذاعة والتلفزيون والسينما والمسرح والمهرجانات والمعارض، فلابد أن نسلم بدور هذه الوسائل والمؤسسات في علاج ظاهرة تعاطي المخدرات.
6 ـ القضاء على مشكلة البطالة التي يعاني منها المئات من الشباب بتوفير فرص متكافئة من العمل والاعتماد على المواطن في البناء الاقتصادي بشكل رئيسي والعمل على تضييق حدة الاعتماد على الخبرات الأجنبية بتوفير فرص التعليم والتدريب المهني للعمالة المحلية لإحلالهم محل العمالة الأجنبية ووقف عملية جلب العمالة الأجنبية إلى المنطقة، وإغلاق مكاتب المتاجرة بها.
7 ـ توفير العلاج الصحي والاجتماعي للمدمنين والمتعاطين الذين يتم ضبطهم ـ على أنهم مرضى يجب علاجهم وليسوا مجرمين ـ وذلك بتوفير المصحات النفسية ومراكز التدريب المهني والتوعية، لكسبهم مهن توفر لهم شروط معيشتهم المادية ومعيشة أفراد أسرهم بعد فترة العلاج.
8 ـ التوسع في إنشاء العيادات النفسية وتزويدها بالاختصاصيين النفسانيين والاجتماعيين والعمل على تشجيع إقبال المرضى والمتعاطين للعلاج بها على أن تبعد هذه العيادات تماما عن الطابع الأمني بحيث يطمأن المريض المتعاطي على انه لن يكون مراقبا من أجهزة الأمن في الدولة.
9 ـ التأكيد على دور الأسرة في تهيئة الظروف الاقتصادية والاجتماعية والصحية لتربية الأبناء على أسس وأخلاقيات سليمة تقيهم من شرط السقوط في تعاطي المخدرات وغيرها من أمراض اجتماعية أخرى.
10 ـ منع تسرب المواد المخدرة إلى داخل البلاد والقضاء على تجارتها بمعاقبة المروجين والمتاجرين الحقيقيين لها دون التمييز والتستر على الكبار منهم ومعاقبة الضحايا الصغار!!.
11 ـ القضاء على الكميات المصادرة والمضبوطة من المخدرات عن طريق حرقها وتلفها، ومنع استخدامها من جديد من قبل بعض رجال الأمن المتنفذين في جهاز الدولة لأغراض أخرى أكثر خطورة على المجتمع.
12 ـ العمل على إملاء الفراغ القاتل الذي يعاني منه قطاع الشباب وذلك بإطلاق الحريات العامة في البلاد ووضع البرامج الاجتماعية الثقافية الجديرة بتنمية وعي الشباب وفتح مداركهم، وتوفير كل فرص الإبداع لديهم من خلال النشاطات الثقافية والاجتماعية والرياضية عبر المؤسسات والجمعيات والأندية الشعبية والمسارح وغيرها.

وأخيرا وكمحصلة نهائية لكل نتائج الحلول السابقة يأتي دور القانون كجزء مكمل لها ـ رادع لمن لم تنفع فيه تلك الحلول آخذا بعين الاعتبار نتائج الدراسات والبحوث العلمية لأسباب الظاهرة التي تخرج بها اللجنة المختصة المقترحة بمكافحة المخدرات ـ وباعتبار ان المتهم يمكن ان يكون عضوا بناء في المجتمع وليس عضوا ميئوسا منه.
______________

المراجع والمصادر :
1- مواقع الانترنت :
ً1- موقع جريدة الصباح العراقية - مقالة بعنوان (( ملف المخدرات في العراق )) تحقيق الباحثة عاصفة 2ً - موقع نساء سورية المقالات والأبحاث التالية : أ- علاج الإدمان على المخدرات والتدخين ، د .سمير السبعة . ب - علاج الإدمان بين الجهود الجادة والمصالح الشخصية ، د.جمعة سيد يوسف ، رابطة الأخصائيين النفسيين المصريين . جـ - المخدرات ،ورشة تثقيفية ،مديرية صحة حمص ،تقديم د.إسماعيل حسن والباحثة المركزية ثناء السبعة بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات الذي يصادف 26 حزيران من كل عام . 3ً - موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القران والسنة على الانترنت ،مقالة بعنوان( المخدرات .. خطر داهم ) - بقلم الدكتور محمد نزار الدقر .
2- الكتب والأبحاث :
1ً- المسكرات والمخدرات بين الشريعة والقانون ـ تأليف: عزت حسنين، ط: الأولى،
2ً- الإدمان: أ. د. محمد سلامة، أ. د. أنور العمروسي، المركز القومي للعلوم الاجتماعية والجنائية بالقاهرة.
3ً- الجامعة اللبنانية - معهد العلوم الاجتماعية - حلقات وأبحاث - الإدمان علـى المخدرات - إعداد: نسرين محمد جميل الخالدي
ناصر علي البراك: دور الأسرة في الوقاية من تعاطي المخدرات من منظور التربية الإسلامية في المملكة العربية السعودية، رسالة ماجستير ، كلية التربية بدمياط، جامعة المنصورة، 1991م . 4ً- سعد المغربي: ظاهرة تعاطي المخدرات: تعريفها – نبذة تاريخية عنها، بحث مقدم للندوة الدولية العربية حول ظاهرة تعاطي المخدرات، الفترة4-10مايو1971م،المنظمة العربية للدفاع الاجتماعي، القاهرة
3- المجلات :
1 ً- مقالة بعنوان (( حضارة الهيروين )) ،مجلة العربي الكويتية ،العدد 479 أكتوبر 1998 .
2ً - مقالة بعنوان (( الإدمان على المخدرات )) ،مجلة النبأ ، العدد / 54 / ذي القعدة 2001 .

إعداد الطالب : علي عبدا لله الحمادة إشراف :رئيس قسم القانون الجزائي د . مصطفـى بيطار