كتاب
مباحث النفقة
{النفقة بين المد و الجزر}
للمستشار المحامي الشيخ عبد الهادي خمدن
*****
مباحث النفقة
المقدمة الإيضاحية
إن هذا الكتاب ليس كتاب فتاوى كما انه ليس كتاب قانون و إنما هو أفكار مستوحاة مما يتداول لدى الفقه و القضاء الشرعيان و غير مقتصر على مذهب بعينه أو فقه محدد بل هو جمع مجموع من الجميع و الغرض من تدوينها هو طرحها للنقاش و تمخيضها لينتج عنها ما هو اقرب للصحة و لعلها تساعد المعينين بالأمور ذات العلاقة في بلوة أفكارهم و اتخاذ قراراتهم...
كما أننا تركنا عن عمد ذكر الأسانيد و المصادر تلافيا لفتح الجدال و مناقشة المصادر و مدى حجيتها عند كل فريق مما يجعل البعض يعزف عن مضمون الكتاب إلى مناقشة أسانيده
سيما و إن مقصودنا طرح الأفكار و ليس التدليل على صوابها هذا ..و بالله التوفيق و عليه الاعتماد ...
تعريف النفقة
هي مبلغ من المال مخصص للإنفاق على المعيشة الضرورية و شبه الضرورية سواء أأنفقه المنفق على ذلك بنفسه أو سلمه للمنفق عليه ليقوم هو بالإنفاق على نفسه أو وكل أحدا ليقوم بذلك و تكون النفقة للزوجة و الأولاد و للأبويين و الجدين على تفصيل و نقاش و لا يسمى انفاق الأنسان على نفسه نفقة بالمصطلح القانوني بل مصاريف معيشة
وتنقسم – باعتبار المنفق-إلى النفقة نفقة واجب و نفقة حق و نفقة الوجب تنقسم إلى عدة أقسام و لكل منها أحكام مختلفة كما أن هناك نفقة لازمة و نفقة غير لازمة و اللازمة قد تكون منحصرة و قد تكون غير منحصرة لوجود بدائل لها قد تكون اقل منها قيمة و لكن تساويها في النتيجة
و قد تصنف النفقة على أنها جزء من الراتب و قد تكون النفقة خاضعة للقانون المدني و قد تكون خاضعة للقضاء الشرعي و قد تصنف على أنها من قبيل الخدمات التي تقدمها الدولة
و بالنسبة للعامل قد يكون منشأ الالتزام بها على رب العمل هو عقد العمل و قد يكون القانون الذي يفرض على رب العمل التزامات مالية لصالح العامل
و قد تكون نفقة راتبة منشأها عقد بيع أو انتفاع أو نحوه و قد تكون مكافاة أو جائزة
و قد تكون تعويضا عن الأضرار -كما في وطيء الصغيرة المفضاة و قد يكون للفعل غير المشروع متى خضع للقانون المدني – نفقة الابن الطبيعي-
و على هذا فان نشاه الالتزام بالنفقة متعدد و يخضع لأكثر من قانون لكننا سنحاول قصر البحث على النفقات الخاضعة للقضاء الشرعي و بالله نستعين وعليه الاعتماد و التوفيق.


أولاً- نفقة الحق
تعريف نفقة الحق :هي تلك النفقة التي تستحقها الزوجة بمقتضى عقد الزوجية أو ضمن عقد آخر لازم بل و ضمن التزام من قبل الزوج بالإرادة المنفردة كما قد يستحقها غير الزوجة بمقتضى عقد أو التزام , ويشمل الالتزام التعهد و التكفل و النذر و العهد .
في غير حالة الاستحقاق للزوجية فان مفهوم النفقة يتسع أو يضيق على حسب ما تفصح عنه إرادة المتعاقدين أو الملتزم أو المتعهد فان اجمل و لم يفصح فانه تحمل على النفقة بالحدود الشرعية
في حال تفويت النفقة غير الزوجية و غير نفقة القرابة المتعلقة بالأصول و الفروع فان الإلزام بقضائها مرهون بما أفصحت عنه إرادة المتعاقدين أو الملتزم أو المتعهد و ا ناجرينا الأصول الفقهية فان الأصل هو عدم القضاء لكن هناك قرينة مقامية تخص حال التعاقد على الإنفاق تلزم بقضاء النفقة
ثانيا – نفقة الواجب
تعريف نفقة الواجب هي تلك النفقة التي تستحق لغير الزوجة بموجب القانون و قد تستحقها الزوجة بالإضافة إلى استحقاقها نفقة الحق و ذلك فيما لو أوجب القانون ذلك لاعتبارات خاصة و لموارد خاصة
و عندما نقول القانون فإننا نقصد هنا القانون الشرعي أو في حالة تدخل المشرع الوضعي بإيجابه ذلك. و هل أن إيجاب المشرع الوضع ملزم شرعا للمنفق ؟ والجواب يتبع المبنى الفقهي الذي يعتنقه المنفق
و على ذلك فان نفقة الواجب مستحقة أصلا للأبناء و إن سفلوا و للآباء وان علوا ذكوراً و وإناثا متى ما تحققت الشروط المتعلقة بالمنفق عليه و هي الحاجة و العجز و العلقة النسبية (سبب إيجادهم أو هم سبب إيجاده ) يضاف إلى ذلك شرط يتعلق بالمنفق و هو الاستطاعة أي القدرة على الإنفاق بالفعل أو بالقوة و القدرة بالفعل تعني أنها يمتلك مالا بوسعه إنفاقه عليهم أما القدر بالقوة فهي تعني انه لا يمتلك المال و لكن لديه القدرة على العمل لتحصيل المال المطلوب للإنفاق عليهم
و لكن هل يلزم بالعمل الشاق المضني أو العمل لوقت طويل بحيث يزيد كثير عن ساعات العمل المتعارفة كان يلزمه العمل 15 ساعة يوميا اذا ما أراد تحصيل المال المطلوب ؟
الجواب هولا, بل يكلف بالعمل بالنحو المتعارف المناسب لوضعه العلمي و الاجتماعي و الصحي و البدني و له اختيار العمل اللائق بشأنه فان لم يحصل عليه أو حصل عليه و لكن لا يدر دخلا بالقدر المطلوب للإنفاق فإنه يعتبر عاجزا و غير مستطيع .
و يبدوا من بعض المنقولات أن وجوب نفقة الواجب غير مقتصرة على الذكور بل تشمل الإناث أيضا فيجب على المرأة الإنفاق على أبويها العاجزين متى كانت مستطيعة .
الفروق بين الحق و الواجب في النفقة
• عدم إمكانية التنازل عن نفقة الواجب و إمكانيته عن نفقة الحق.
• في نفقة الواجب لا يجوز المطالبة بالحق و إنما المطالبة بتنفيذ الواجب
• الأصل أن الواجب لا يقضى إلا بدليل و يفوت بفوات وقته و بسد الحاجة و بفوات غرضه باي وسيلة كانت.