دكتور غنام
قناة دكتور أكرم على يوتيوب

آخـــر الــمــواضــيــع

النتائج 1 إلى 10 من 26

الموضوع: فلسفة الحق في المنظورين الإسلامي والوضعي ودور الحقوق المدنية فيها

العرض المتطور

  1. #1

    افتراضي

    مسلك الإمام القرافي 1
    ينطلق الإمام القرافي في مسلكه من القول بأنه لا يوجد حق للعبد إلا وفيه حق الله تعالى، وهو أمره بإيصال ذلك الحق إلى مستحقه. وبالتالي فليس هناك ما يسمى بحق العبد المحض، فكان تقسيم الحق، عنده، لا يعدو كونه حق الله تعالى، وهو ما لا يملك العبد إسقاطه، كالإيمان وتحريم الكفر.

    وقد يكون حق العبد هو الغالب، كالديون والأثمان. وهو ما يملك العبد إسقاطه. وقد يكون حق الله تعالى هو الغالب، وهو ما لا يملك العبد إسقاطه، كتحريم الربا والغرر صوناً لمال العبد عليه وحفظاً له من الضياع، وكتحريم المسكرات صوناً لمصلحة حفظ عقل العبد عليه. وحق العبد فيها يتمثل بما تتمضنه من جلب مصلحة له أو درء مفسدة عنه .

    وظاهر من هذا المذهب محاولته إبراز حق الله تعالى على أنه قيد ثابت على حق العبد، لتوجيهه نحو صالح نفسه ومجتمعه وأمنه، تأكيداً لمعلولية الأحكام بمصالح العباد.

    مسلك الإمام الشاطبي 2
    يقارب الإمام الشاطبي بمسلكه مسلك الإمام القرافي كثيرا، وهو يبني تقسيمه على مذهبه، وهو مذهب الجمهور، فالأصل في العبادات، بالنسبة إلى المكلف، التعبد دون الالتفات إلى المعاني، وأصل العادات الالتفات إلى المعاني3، ودل الاستقراء على أن الشارع قصد مصالح العباد في تشريعه أحكام العادات. فإذا كان الشارع قد شرع الحكم لمصلحة ما، فهو الواضع لها مصلحة، فإذن كون المصلحة مصلحة هو من قبل الشارع، فالمصالح من حيث هي مصالح قد آل النظر فيها إلى أنها تعبديات، وما انبنى على التعبدي لا يكون إلا تعبدياً. فقد صار كل تكليف حقاً لله، فإن ما هو لله فهو لله، وما كان للعبد فراجع إلى الله من جهة حق الله فيه، ومن جهة كون حق العبد من حقوق الله، وهذا لا يجعل للعبد حقاً أصلاً4فثبت امتناع وجود تكليف شرعي خال عن جهة التعبد فيه.

    ويخلص الإمام الشاطبي إلى أن الحق ينقسم إلى :
    حق الله تعالى : وحقه على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وعبادته امتثال أوامره واجتناب نواهيه بإطلاق. ويفسر أيضاً بأنه ما لا خيرة فيه للمكلف سواء أكان معقول المعنى أم لا. وهذا

    ([1]) القرافي، الفروق، 1/140-141 .

    ([2]) الشاطبي، الموافقات، 2/222 – 235.

    ([3]) المرجع السابق ، 2/222 .

    ([4]) المرجع السابق ، 2/231 .
    مكتب
    هيثم محمود الفقى
    المحامى بالاستئناف العالى ومجلس الدولة
    المستشار القانونى لنقابة التمريض ا مساعد أمين الشباب لدى منظمة الشعوب العربية لحقوق الانسان ودعم الديمقراطية ا مراقب عام دائم بمنظمة الشعوب والبرلمانات العربية ا مراسل ومحرر صحفى ا

  2. #2

    افتراضي

    1. الحق ينقسم إلى قسمين: حق خالص لله كالعبادات، وصلة التعبد، وهو ما لا يعقل معناه على الخصوص 1، وحق مشترك، وحق الله هو الغالب، لأن "حق العبد ما كان راجعاً إلى مصالحه في الدنيا، فإن كان من المصالح الأخروية، فهو من جملة ما يطلق عليه أنه حق لله 2 ومثل لذلك بعدم جواز قبول العفو في الحدود إذا بلغت الحاكم، وعدم قبول إسقاط الرجل العدة عن مطلقته وإنّ ثبتت براءة رحمها، الذي شرعت العدة لأجله، حقاً له. وجلد القاتل العمد مئة جلدة وحبسه عاماً عند الإمام مالك وإن عفا عنه ولي المقتول3
    2. حق العبد "الغالب": وهو ما كان راجعاً إلى مصالح المكلف في الدنيا، وأصله معقولية المعنى، إذا طابق مقتضى الأمر والنهي فلا إشكال في الصحة، لحصول مصلحة العبد بذلك عاجلاً أو آجلاً حسبما يتهيأ له، وإن وقعت المخالفة فههنا نظر أصله المحافظة على تحصيل مصلحة العبد 4

    وظاهر من هذا المذهب أنه، وإن أعطى نطاقا واسعاً لحقوق العبد، إلا أنه قيدها بحق الله تعالى من حيث ابتداؤها ومداها وغايتها، وهو وإن أعطى السلطة العامة صلاحيات واسعة في رعاية حقوق الله تعالى وحفظها، إلا أنه قيدها بعدم التدخل بحقوق العبد من غير إذن شرعي، وهو حق الله المتعلق بهذه الحقوق.

    وبعد؛ فقد اتفقت المسالك على أن الحقوق منها ما هو حق لله تعالى، ومنها ما هو حق مشترك. وإن اختلفوا في حق العبد هل هو قسم قائم بنفسه، أم أنّه مندرج تحت أحد القسمين الأولين. وثمرة هذا الخلاف تظهر من حيث بيان سعة نطاق حق العبد، ومدى القيود الواردة عليه. فهي عند الحنفية أوسع نطاقاً وأقل قيوداً، فجميع الحقوق من حيث غايتها راجعة إلى مصالح العباد، والغالب فيها رعاية جانب الإنسان ونفعه منفرداً أو مع الجماعة. وإضافتهم ما روعي فيه من حق الجماعة والصالح العام لله تعالى ، إنّما من باب الاهتمام والعناية، لخطره وعظم قدره .

    أما اتجاه الإمامين القرافي والشاطبي، فانصب على بيان الجانب التعبدي في الحقوق، وأنها وإن كانت لمصالح العباد، فمن حيث أنها منح منه من غير إيجاب عليه سبحانه. ومن حيث أنها شرعت لتحقيق مقاصده من تشريعه الأحكام، فالقيد بذلك تعبدي.

    ([1]) المرجع السابق ، 2/233 .

    ([2]) المرجع السابق.

    ([3]) تفصيل اتجاهات الأئمة في هذه المسألة عند ابن رشد، في : بداية المجتهد، 2/203.

    ([4]) الشاطبي، الموافقات، 2/233 – 235 .
    مكتب
    هيثم محمود الفقى
    المحامى بالاستئناف العالى ومجلس الدولة
    المستشار القانونى لنقابة التمريض ا مساعد أمين الشباب لدى منظمة الشعوب العربية لحقوق الانسان ودعم الديمقراطية ا مراقب عام دائم بمنظمة الشعوب والبرلمانات العربية ا مراسل ومحرر صحفى ا

  3. #3

    افتراضي

    وبعبارة أخرى، كأن الاتجاه الأول يقول لك أد ما عليك من حقوق الله تعالى، والحقوق المشتركة، وهذه حق الله فيها هو الغالب، وما كان سوى ذلك فهو حقك، وهو شأنك ولك الحرية في التشدد في التمسك به أو التسامح فيه، وبمعنى آخر إنهم يجعلون الصالح العام في جهتين؛ الأولى: ما حدده الشرع وبينه فهو منضبط لذلك، والثانية : ما يتحصل من مجموع أداء الحقوق الخاصة للعباد، فهو ينشأ تبعاً لأدائهم لحقوقهم من غير إلزام بأدائها .

    وكأن الاتجاه الثاني يقول لك الكل من الله وإلى الله، بمعنى أن عليك أن تراعي حق الله تعالى دائماً، حتى فيما كان حقاً لك "بالغلبة" فلا تتصرف، إيجاباً أو سلباً، إلا موافقة للشرع، وذلك بالسعي نحو تحقيق المقاصد المعتبرة شرعاً، ليظهر من خلالها النفع العام. وفي ذلك تغليب للجانب التعبدي والرقابة الذاتية من قبل العبد نفسه، وأكثر تعظيماً للجانب التكليفي في التصرفات الإرادية.

    أم الضابط الداخلي فقد تقدم القول أن أداء المكلف لتكاليفه أو حقوق مرتبط بضابط ذاتي، متمثل بصحة معتقده وسلامته، وبحسن أخلاقه من حيث إن الأداء الخارجي من حركات وسكنات وأقوال وأفعال، هو المظهر المعبر عن صورة النفس، على ما هي عليه من خلق أو سجية، بمعنى ما رسخ فيها من معانٍ وصفات .

    وما السلوك الإنساني إلا انعكاس هذه الهيئات والصفات المستقرة في النفس الإنسانية وفي هذا يقول الإمام الغزالي: (فإن كل صفة تظهر في القلب يظهر أثرها على الجوارح حتى لا تتحرك إلا على وفقها لا محالة) وهذا موافق كل الموافقة لقوله عليه الصلاة والسلام : (ألا إنّ في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) – متفق عليه – فإن صلاح سلوك الإنسان من أقوال وأفعال منشؤها صلاح قلبه، وفساد سلوك منشؤه فساد ما ينطوي عليه قلبه من المعاني والصفات، ومن هنا كان الاشتغال بإصلاح القلب أو النفس من الداخل هو طريق تحسين الأخلاق وتغيير أحوال صاحبها، يدل على ذلك قوله تعالى : "أنّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم1
    وهذا هو توجه التكليف بالتخلق بالخلق الحسن، عن طريق التخلي عن الرذائل والتحلي بالفضائل، وهو طريق الفلاح في الفرد والمجتمع، المبين في قوله تعالى : "قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها2

    ولكن لذلك وجهة من حيث تبين الصور الفلسفي للبناء الأخلاقي في الشريعة الإسلامية وعلاقته بالمعتقد، ودوره في الأفعال (المحكوم فيه)، ومحاكاة التكوين الذاتي للإنسان لمراتب العوالم والعلوم ومناسبة ذلك.

    ([1]) البياتي، منير، النظم الإسلامية، 68.

    ([2]) الشمس : 9-10.
    مكتب
    هيثم محمود الفقى
    المحامى بالاستئناف العالى ومجلس الدولة
    المستشار القانونى لنقابة التمريض ا مساعد أمين الشباب لدى منظمة الشعوب العربية لحقوق الانسان ودعم الديمقراطية ا مراقب عام دائم بمنظمة الشعوب والبرلمانات العربية ا مراسل ومحرر صحفى ا

المواضيع المتشابهه

  1. بحث قيم عن الحق في التقاضي
    بواسطة المحمدي في المنتدى قانون المرافعات والتحكيم
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 08-05-2010, 07:08 PM
  2. نظرية الحق
    بواسطة شمس الدين في المنتدى القانون المدنى
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 05-14-2010, 01:18 PM
  3. السلطة التقديرية في الفقه الإسلامي
    بواسطة هيثم الفقى في المنتدى الفقه الجنائي الإسلامي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05-11-2009, 06:10 AM
  4. مذكرة دفاع فى جنحة نصب قضى فيها لاحقا بالبراءة ورفضت النيابة العامة استئناف الحكم
    بواسطة هيثم الفقى في المنتدى بحوث ومقالات في القانون الجنائي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-26-2009, 03:52 AM
  5. مصادر التشريع الإسلامي
    بواسطة سالي جمعة في المنتدى الفقه الجنائي الإسلامي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-12-2008, 01:47 AM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •