(1)

أتينا في هذا العدد تحت رقم (344) بحكم محكمة الاستئناف الصادر يوم 8 نوفمبر سنة 1938 وموضوعه أن أحدهم اشترى سيارة ثم حجز أحد مداينيه عليها فجاء بائع السيارة ورفع دعوى استرداد لأن السيارة لم تصبح بعد ملكًا للمدين (المشتري) وبيان ذلك أن هذا المدين اشترى السيارة من المحل التجاري لمدة معينة وقد دفع بعض ثمنها وقسط الباقي أقساطًا مدونة في العقد على أن يصير بعد قضائها كلها مالكًا للسيارة وبما أنه لا يزال باقيًا بعض الأقساط فالبيع لم يتم لتوقفه على تحقق شرط الوفاء الكامل واستدل البائع بالعقد نفسه على صحة دعواه فقد جاء بالبند الأول
أولاً: أن هذا البيع يتوقف على شرط دفع الثمن بأكمله، فالمتفق عليه بين الطرفين هو أن ملكية السيارة ولوازمها المباعة بموجب هذا العقد لا تنتقل لصالح المشتري إلا بعد دفع جميع الكمبيالات الموقع منه عليها.
على أنه يجوز للمشتري استعمال السيارة من الآن استعمالاً قابلاً للإلغاء بدون أن تعتبر حيازته المادية استيلاء شرعيًا يمكن التشبث به للمعارضة في حق ملكية البائع.
فلا يجوز إذن للمشتري أن يتصرف بالسيارة للغير ويحصل عليها أية حقوق عينيه أو يتنازل عن استعمالها أو يؤجرها.... إلخ.
وجاء بالبند الخامس ما يأتي:
(ومصرح أيضًا للبائع أن يسحب السيارة في أي وقت وفي أي مكان حتى بغياب المحضر إذا لزم الحال وبدون معارضة من طرف المشتري).
وجاء بالبند الثاني عشر:
(أن محل لويس مقار يحفظ لنفسه الحق بأن يسجل السيارة باسمه لدى السلطات المختصة ولكن من المعلوم أنه إذا حصل هذا التسجيل باسم المشتري (إسماعيل أفندي سيد أحمد) فإن ذلك لا يخل بحقوق ملكية البائع المذكور.
وكان من أهم ما استند إليه الدائن الحاجز البند الرابع من العقد ونصه (أي مبلغ أو جزء منه – متكلمًا عن الثمن المقسط – لم يدفع في استحقاقه تسري عليه فوائد باعتبار 9% وللبائع الحق إما باعتبار هذا الحق ملغى مع جميع نتائجه وهما استرجاع السيارة وحفظ جميع المبالغ التي تكون قد دفعت سابقًا وأيضًا مطالبة المشتري بقيمة جميع الكمبيالات التي تكون قد استحقت قبل الاسترجاع وإما يلزم المشتري بتنفيذ هذا العقد بأكمله أي مطالبته بجميع ثمن السيارة حالاً بدون أدنى إنذار أو إعلان كان (فكان الدائن الحاجز يقول إن هذه المادة تتنافى مع المادة الأولى لأنها تصرح بأن البيع نفذ في كافة نتائجه من يوم توقيعه إنما في حالة التخلف عن دفع قسط يكون للبائع الخيار في أحد أمرين إما اعتبار العقد مُلغى أي يفسخ وإما إبقاء العقد نافذًا مع تقاضي باقي القيمة، ومعنى هذا أن البيع تام ومنجز ولكنه قابل للفسخ بناءً على المادة (232) مدني التي تعطي البائع الخيار بين طلب فسخ البيع وبين طلب إلزام المشتري بدفع الثمن فهي كالمذكور بالعقد.
واستشهد الدائن الحاجز أيضًا بحكم محكمة الاستئناف المختلطة الصادر في 20 نوفمبر سنة 1934 والمنشور في السنة السابعة والأربعين من مجلة التشريع والقضاء ص (30) وخلاصته ( أن العقود الموصوفة بأنها إجارة يتبعها بيع location - vente هي عقود بيع حقيقية مع حفظ حق الملكية للبائع إلى حين تمام دفع الثمن. والبائع الذي لم يقبض الثمن كاملاً ليس له في حالة فسخ العقد أن يحتفظ بجميع الدفعات التي طلبها والتي كانت بعدد الدفعات أقساطًا من الثمن ولكنه له حق المطالبة بالتعويضات الناشئة عن هذا الفسخ ويدخل في عناصر تقدير هذه التعويضات قيمة الأشياء المبيعة حين استرجاعها وكان هذا الحاجز يزعم في مذكرته الاستئنافية أن المحكمة الابتدائية فسرت هذا الحكم بأنه ضد مصلحته مع أنه في مصلحته، ثم يقول إننا لو نفذنا بنود العقد لوضعنا الحق في نصابه وأخذ كل ذي حق حقه إذ لو تحتم على بائع السيارة طلب فسخ العقد واستردادها والتزم برد القيمة للمشتري لكان في استطاعتنا أن نحجز تحت يده على القيمة لأن الظاهر من نصوص العقد أن السيارة بيعت بنقود حاضرة وكمبيالات وقد دفع المدين النقود والكمبيالات التي استحقت إلى الآن وهي ما يقرب من مائتي جنيه وكنا نستطيع أن نحجز من مائتي الجنيه ما يوازي ديننا وقدره 79 جنيهًا فقط، ولكن حكم محكمة أول درجة يؤدي حتمًا إلى احتفاظ البائع بالملكية والثمن وهذا منافٍ للحكم المختلط الذي أخذت منه المحكمة الابتدائية بالسطر الأولين وتركت الباقي فالحكم المختلط قضى برفض دعوى بائع السيارة الخاصة بالاحتفاظ بالملكية والثمن وقال أن عليه أن يختار إما الفسخ ورد الثمن أو إبقاء ملكية السيارة للمشتري وتقاضي الثمن، وينتقل بعد ذلك إلى أن السندات محررة تحت الإذن وهي استبدال للدين فيعتبر دينًا جديدًا يختلف عما لو تقسط الثمن على المشتري بمقتضى عقد الشراء ولم تحرر سندات فدينه عادي في الحالة الأولى وليس له من الحقوق على السيارة أكثر من المداينين الآخرين.
هذا ولم نعثر في ملف القضية على أن العقد جاء فيه أنه عقد إجارة ينتهي ببيع بل هو بيع مقسط فيه الثمن وموقوف تمامه على قضاء الثمن كله فإن بقى شيء منه كان للبائع حق الخيار الوارد بالبند الرابع والحقوق المبينة بالبنود الأخرى فهو الذي يسمى البيع مع تأجيل الثمن vente à crédit أو البيع بتخفيف الدفع vente à tempérament وليس هو عقد location - vente الذي يبدأ دائمًا بالإجارة [(1)]، وقد حكمت المحكمة على ما رأيت في الحكم بأن الشراح اختلفوا في تكييف مثل هذا العقد أهو عقد بيع منجز غير معلق على شرط وناقل للملكية أم هو عقد معلق على شرط الوفاء بجميع الثمن فليس بناقل للملكية التي تبقى للبائع، وبأن الرأي الراجح أن تبحث ظروف كل حالة إذ قد تغير القرائن المحيطة بالعقد أمر تكييفه وتساعد على تفهم نية المتعاقدين وقالت إنه يؤخذ من ظروف هذه الدعوى أن العقد فيها بيع منجز ناقل للملكية في الحال موقوف على شرط الفسخ في حالة عدم الوفاء (أي بخلاف ما كان يقوله بائع السيارة مستمدًا قوله من العقد نفسه من أنه بيع معلق على شرط موقف) لأن المشتري دفع من الثمن وقت التعاقد مبلغا لا يستهان به ولحيازته للسيارة وانتفاعه بها، يضاف إلى ذلك أن ما أجل من الثمن كتبت به سندات واجبة السداد في المواعيد المقررة فيها فهذا البيع يعطي دائن المشتري حق الحجز على السيارة وطلب بيعها لأنها ملك مدينه، ولا عبرة بعد بما تضمنه العقد المطبوع من نصوص وضعها البائع لصيانة حقوقه لما أظهرته الظروف المتقدمة من نية المتعاقدين.
هذا ما قضى به الحكم الاستئنافي ملغيًا الحكم الابتدائي المنشور أيضًا بهذا العدد تحت رقم (348) هذا وقد رجعنا إلى حكم محكمة الاستئناف المختلطة الوارد بمذكرة المستأنف والمذكور في ص (30) من السنة السابعة والأربعين من مجلة التشريع والقضاء فوجدناه صادرًا في استئناف محل جنرال موتور ضد الحاج خليل برغش وآخرين وهو يتضمن أن العقود المبرمة بين برغش والشركة وصفت خطأ بأنها location - ventes وأن الشركة سلمت بها ثلاث سيارات قيمتها 608 جنيهًا دفع بعضها وقت التعاقد وقسط باقيها أقساطًا شهية ثم حجزت الشركة عليها حجزًا تحفظيًا استرداديًا تحول فيما يختص بإحدى السيارات إلى إثبات حالة لما وجدت عليه السيارة من حالة سيئة وأنه لا نزاع من جهة الجنرال موتورس في أن هذه العربات وعلى الأقل اثنتين منها بيعت بيعًا ثانيًا إلى آخرين بعد الحجز فورًا أو بعده بمدة قليلة (مفهوم من عبارات الحكم هذه أن البائع هو الشركة) وعلى أي حال قبل الحكم في دعوى الاسترداد بدون أن تقدم الشركة إلى القضاء المعلومات اللازمة في هذا الصدد وأن الشركة تعلل هذا الحجز وهذا التصرف المباشر في العربات المحجوزة بملكيتها لها وحقها في أن تفسخ العقود لعدم الوفاء ببعض السندات... إلى أن قال الحكم: حتى أن المحكمة لو صرفت النظر مؤقتًا عن اتفاق 24 مايو سنة 1928 فإن الجنرال موتورس ما كان لها أن تصنع ما صنعت فإن عقود يوليه وأغسطس كما حكم مرارًا (انظر بالأخص حكمي محكمة الاستئناف الصادر أحدهما في 11 ديسمبر سنة 1929 ص (89) مجلة التشريع والقضاء سنة 42 والصادر ثانيهما في 20 مايو سنة 1930 بالمجلة المذكورة ص (509)) هي عقود بيع حقيقية مع احتفاظ البائع بحق الملكية avec réserve de droit de droit de propriété sur la tête du vendeur إلى أن يوفي المشتري الثمن أجمع فالبائع الذي لم يوفِ إليه الثمن جميعه ليس له حق في حالة فسخ البيع (كذا) في أن يستبقي لنفسه كل الدفعات التي استلمها وكلها أقساط مدفوعة من الثمن (حكم محكمة الاستئناف في 27 يناير سنة 1931 مجلة ت ق سنة 43 ص (182) وحكمها في 29 مارس سنة 1932 بالمجلة المذكورة سنة 44 ص (252)) بل له المطالبة فقط بالتعويضات الناشئة عن هذا الفسخ والتي يجب عند تقديرها مراعاة قيمة الأشياء المبيعة عند استرجاعها وإن طلب استرداد الأشياء والمطالبة في آنٍ معًا بثمنها لا يتفقان خصوصًا أن هذه العقود يدخلها الغموض فيجب تركها للمحكمة لتفصل في أسباب الفسخ المطروحة أمامها.. إلى آخر ما ورد في الحكم ومنه يعلم أن المحكمة وصفت العقود بأنها بيوع حقيقية وأنها ليست عقود إجارة انتهت بالبيع والأمر كذلك في الواقع لأنه لم يرد النص فيها على إجارة وكذلك قالت المحكمة قولاً صريحًا أن البائع احتفظ بحق الملكية إلى أن يوفي المشتري الثمن أجمع ومعنى ذلك أنه بيع موقوف على شرط فإذا فسخ البائع البيع من جهته ولم يترك للمحكمة النظر في ذلك لم يكن له أن يستبقي الدفعات التي قبضها ويطالب بباقي الثمن والأشياء المبيعة، لذلك ولأن الجنرال موتورس كانت اتفقت مع المشتري على إلغاء السندات رأت المحكمة الحكم على هذا المحل بتعويض قدره خمسمائة جنيه تأييدًا للحكم الأول.

(2)

ولما كان وصف العقود التي بهذه الصور أو ما يشبهها محل خلاف، وهي تبرم غالبًا في بيع السيارات والفيلات والبيانو والراديو والآلات الزراعية وآلات الخياطة وغيرها فقد وجبت العناية بها ومطالبة أقوال شراح القانون المدني وأحكام المحاكم [(2)].

(3)

قال بودري وقال في الجزء الأول من شرحهما لعقد الإيجار بالفقرة (17) أنه كثيرًا ما يذكر في عقد إجارة أن الشيء الموضوع من أحد المتعاقدين تحت تصرف الآخر يصير في المستقبل ملكًا
للثاني إما من تلقاء نفسه وإما – إذا ما أراد الثاني - بعد أن يدفع أجرته في أثناء مدة معينة، بثمن ينحصر فقط في مجموع هذه الأجرة أو يحسب منه مجموع الأجرة، والاتفاقات التي من هذا النوع تحصل كثيرًا في الآلات الزراعية وآلات الخياطة والبيانو وغير ذلك، والغرض منها إما تمكن ذوي الشأن من تجربة قيمة الشيء الذي يريدون شراءه كما يحصل في البيع بشرط التجربة وإما الصبر عليهم حتى يحصلوا على مال يشترون به إذ هم لا يجدونه الآن.
وبعد عبارات أخرى لا تهمنا في موضوعنا قال المؤلفان أننا نجد في هذه الاتفاقات وعلى الأقل في الاتفاقات التي تجعل المستأجر مالكًا من تلقاء نفسه بعد أداء بعض الأقساط نجد فيها إجارة مقترنة بوعد بالبيع أو ببيع موقوف على شرط بل قد يكون العقد إذا لم يذكر فيه بوضوح أن الثمن هو شرط البيع، بيعًا مؤجلاً أو مؤجلاً فيه الثمن.

Un bail accompagné d’une promesse de vente ou d’une vente sous condit on suspensive, et même, dans le cas où il n’est pas indiqué clairement que le prix est la condition de la vente, une vente à terme ou à crédit.

واستشهد المؤلفان بأحكام محكمة النقض والمحاكم الأخرى في أنه وعد بالبيع أو بيع معلق على شرط موقف كما استشهدا بغيرهم من المؤلفين مثل Guillouard وغيره وقالا أن محكمة النقض قضت في ظروف أخرى بأنها مسألة وقائع يحلها القاضي وذكرا حكم محكمة النقض بذلك في 16 يونيه سنة 1885 فهذا الحكم يطابق حكم محكمة الاستئناف الذي دعانا إلى خوض هذا البحث ثم قالا: بل قيل أحيانًا أنه إما بيع منجز لا يختلط بالإجارة.
وإما عقد مختلط يجتمع فيه البيع والإجارة، واستشهدا على الشق الثاني من هذا القول الأخير بحكم محكمة الصلح في باريس يوم 14 إبريل سنة 1897 وعلى الشق الأول بحكم محكمة النقض في 16 يونيه سنة 1885 وأحكام محاكم أخرى ومن المؤلفين بقول Thaller (الذي يستثني مع ذلك حالة اشتراط دفع مبلغ مهم فوق الأجرة) وقول جيوار في مؤلفاته في البيع والإيجار.
ثم قالا: وعندنا أن الأصوب أن يقال إن العقد يجب حسبانه مؤقتًا كعقد إيجار على أنه يجوز أن الملابسات (الظروف) التي تأتي بعد ذلك تحيله بيعًا له أثر رجعي بحيث يجعل الإيجار كأنه لم يوجد قط، وفي كلتا الحالتين حالة الاتفاق على أن يصير الشيء من تلقاء نفسه ملكًا للمستأجر وفي الحالة الأخرى فالطرفان متفاهمان على أن يكون لهذا المستأجر حق الخيار فإذا أدى كل الدفعات المشروطة عليه بانتظام إلى حين انتهاء الموعد الموقوف فقد صار مالكًا وإن لم يفِ بها فهو مستأجر فقط، ويجب أن نعني بذكر هذا لأنه لن يكون هناك مجال للحكم بفسخ العقد لعدم دفع الثمن ولكن هناك محل للتصريح بأن المستأجر دفع الأقساط الدورية دفعًا صحيحًا وأنها لا ترد إليه وأنه في نظير ذلك غير ملزم بالتعويض من عدم قيامه بتنفيذ العقد، وصفوة القول إن له الخيار بين صفة المستأجر وصفة المالك فهو مستأجر بشرط فاسخ، بما أن الوفاء الكامل وحده يجعله مالكًا وهو ليس ملزمًا بالوفاء الكامل، وهو مالك بشرط موقف.
على أن الأمر يكون بخلاف ذلك إذا كان نص العقد يقضي بتسليم الأشياء بالإيجار واحتفاظ من سلم الشيء بحق الملكية إلى أن يستوفي الثمن كله، فالمتعاقدان لهما في الواقع أن يؤخرا الموعد الذي يحصل فيه نقل الملكية الناشئة عن البيع فتكون إجارة مع وعد بالبيع، وبذلك أيضًا قال Huc في الجزء العاشر بالفقرة (6).
ويفهم من ذلك أن بودرى يرى أنه إذا كان للمشتري حق الخيار في دفع باقي الأقساط وعدم دفعها فيجب انتظار ما يفعله فإن لم يدفع كان العقد إجارة وأن دفع الأقساط كلها كان بيعًا، وإما إذا كان ملزمًا بالدفع إلزامًا كان إجارة مع وعد بالبيع حتى يتحقق البيع بالوفاء الكامل.
ونرى خلافًا لما رآه بودرى أنه في حالة اتفاق المشتري والبائع على لزوم وقوع البيع بعد تمام الوفاء بالأجرة كلها أنه بيع موقوف بشرط فهو ليس بوعد فالوعد يكون من ناحية واحدة لا من تقابل الرضا من ناحيتي البائع والمشتري وإلا كان عقدًا تامًا ويكون ما قاله بودرى في أوائل كلامه هو الأصوب.
وأتم بودرى وفال فكرتهما في الفقرة (1 حيث قالا (ولا يهم أن قيمة الإيجار تكون أقل من الريع العادي للشيء المؤجر كما لا يهم أن يكون المستأجر مكلفًا بالإصلاحات كلها ولا يهم كذلك أن يكون مكلفًا بتأمين نفسه من الحريق واستشهد على كل ذلك بحكم محكمة النقض في 22 فبراير سنة 1887 (ثم قالا (في هذه الأحوال لا يوجد بيع منجز، وعلى هذه الصورة تحل المسألة حين يكون للمستأجر حق تملك الشيء المؤجر في نهاية وقت معين بزيادة في الثمن، على أن محكمة باريس حكمت في 19 إبريل سنة 1887 بأن هذا إيجار.
وإذا اتفق على أن المستأجر يستطيع في آخر الإجارة أن يصير مالكًا للمنقول بدون إضافة شيء إلى الأجرة المدفوعة وأنه يستطيع في أثناء الإجارة أن يصير مالكًا بشرط واحد وهو أن يوفي الأجر التي تستحق فالعقد يحتوي كذلك على إجارة يجوز أن تتحول إلى بيع ذي أثر رجعي، وبهذا حكمت محكمة النقض في 22 فبراير سنة 1887 ومع ذلك حكمت محكمة بورج بأن هذا بيع منجز).
إلى هنا انتهى كلام هذين المؤلفين فيما نحن بسبيله.

(4)

وقال بلانيول في الجزء الثاني بالفقرة (1526) مكررة في باب البيع متكلمًا في الشروط العادية لدفع الثمن وبعنوان البيع بتخفيف الدفع (بفتح الدال) vente à tempérament ما يأتي: يطلق عملاً هذا الاسم على بيع مع تأجيل الثمن vente à crédit ينص فيه على وفاء الثمن أقساطًا صغيرة مقسمة أقسامًا متساوية تدفع في مواعيد منتظمة في وقت طويل بعض الشيء.. وهذا العقد كثير الاستعمال في التجارة العادية لبيع بعض منقولات الأثاث أو العمل (منقولات وبيانوات وآلات خياطة وغير ذلك) وفي تجارة المصارف للقيم ذات اليانصيب، فاتفاق كهذا له مزية أن يضع في متناول أصغر الأكياس أشياء ثمينة في العادة ولكن بعض البيوت المصرفية أساءوا استعمال هذا الحق فاستغلوا السحر الذي تحدثه القيم ذات اليانصيب في نفوس أقل الأمة تنورًا حتى اضطرت الحالة البلاد إلى وضع قانون خاص لهذه البيوت يحكم زمام تجارتها وينظمها (قانون (12) مارس سنة 1900) وهذا القانون لا يمس التجارة العادية فهو كله خارج عن دائرة القانون المدني، وكان الخطر في بيع السندات ذات اليانصيب واقعًا على المشتري لأنه كان يأتي من أن الصيرفي le banquier كان يحتفظ في يده بالسندات فلا يسلمها للمشتري إلا بعد الوفاء الكامل بينما الخطر في بيع المنقولات والآلات إنما يقع على البائع ويأتي من أنه يسلم المبيع من أول الأمر حين يقبض أول دفعة فيعمد كثير من التجار إلى التحفظ من هذا الخطر بمزج عقد إجارة تترك لهم ملكية المبيع ببيع لأجل أو وعد بيع، وهنا وضع بلانيول في الحاشية: فهل هذا إيجار مع وعد بالبيع أو بيع بشرط موقف وذكر تواريخ حكم محكمة النقض في 19 يونيه سنة 1903 دالوز 1905 جزء أول ص (486) وحكم أورليان في 26 يناير سنة 1904 دالوز 1905 جزء ثانٍ ص (414) وقال على كل حال هو ليس ببيع ينقل الملكية في الحال ومن ثم جاز أن تدخله خيانة الأمانة يريد أن المستلم للشيء إذا تصرف فيه كان خائنًا للأمانة وعوقب لأنه لم يصبح مالكًا بعد.
وقال بلانيول في المتن (قبل الحاشية التي ذكرناها الآن وبعد الكلام المتقدم قبلها) إن محكمة النقض والإبرام قررت صحة هذا المزيج cette combinaison في حكم لها صادر في مسألة الضرائب يريد أنها اعتبرت مزج الإجارة بالوعد بالبيع صحيحًا وبمقتضاه فصلت في مسألة الضريبة التي كانت موضوع النزاع أمامها فإنها تتغير بحسب صفة العقد، ثم قال بلانيول أن الأحكام الصادرة ليست كلها متماثلة وذكر تواريخ الأحكام التي نقلناها عن بودري وغيرها مما لم ننقل أو لم يرد في كتابه.

(5)

وجاء في تعليقات دالوز على المادة (1709) مدني (وفيها تعريف إجارة الأشياء) بالفقرة (128) ما يأتي: الاتفاق الذي تؤجر به شركة الاستصباح بالغاز عدة استصباح إلى شخص بدفعات مجزأة تصير الأشياء من بعدها ملكًا له ليس هذا الاتفاق بيعًا بل إجارة مع وعد بالبيع، واستشهد بحكم محكمة بورج في 17 يناير سنة 1902 وغيرها ومؤلفات جيوار وفاليرى وبودرى.
وبالفقرة (129) ما يأتي: يكون الحكم كذلك ولو أن مجموع أقساط الإجارة توازي قيمة الشيء المؤجر (حكم محكمة بورج في 17 يناير سنة 1902 السالف الذكر).
وبالفقرة (130) ما يأتي: وقد حكم كذلك بأن قضاة الموضوع يمكنهم ولا معقب لحكمهم فلا يعتبر أنهم وصفوا العقد بغير صفته أن بعدوا من عقود الإجارة لا البيع عقدًا أعطت به شركة للتأجير آلات لمدة ثلاث سنوات أو أربع كما يريد المستأجر على أنه يمكنه أن يصير مالكًا لها بعد مضي السنة الرابعة إذا دفع زيادة تكميلية (29 يناير سنة 1902).
وجاء في الحكم نفسه أن الحكم يكون كما ذكر ولو أن قضاة الموضوع لاختيار هذا الحل ارتكنوا على نية المتعاقدين التي ظهرت أتم ظهور بالمراسلة الكتابية وعلى عدم وجود أي فكرة للإضرار بالغير وعلى أن العقد جاء فيه أن الأشياء المؤجرة تكون في مدة الإجارة مؤمنًا عليها من الحريق باسم المؤجر وعلى الحق المخول للمستأجر بأن يفسخ العقد في نهاية السنة الثالثة وأخيرًا التزام المستأجر بأن يدفع مبلغًا من المال علاوة على الأجر إذا أراد أن يصير مالكًا عند انتهاء الإجارة (الفقرة (131) من تعليقات دالوز على المادة (709) السالفة الذكر).
وجاء في مجلة المحاماة سنة 13 ص (350) نقلاً عن مجلة دالوز الأسبوعية لسنة 1932 أنه يعتبر من عقود عارية الاستعمال العقد الذي بمقتضاه يعطي صانع السيارات إلى أحد عملائه سيارة يمكن أن يصبح مالكًا لها تبعًا لشروط معينة ما دام قد تقرر بينهما أنه حتى تتحقق هذه الشروط يظل صانع السيارات مالكًا للسيارة ويكون محرمًا على العميل في خلال هذه الفترة أن يبيعها أو ينزل عنها فإذا تصرف فيها قبل تحقق الشروط كان خائنًا للأمانة.

(6)

ننتقل الآن إلى الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف المختلطة فنجد الأستاذ بالاتشى في كتابه La vente endroit égyptien mixte يعقد لهذا النوع من البيع فصلاً رقمه (85) وعنوانه vente avec réserve de propriété (البيع مع الاحتفاظ بالملكية) يقول فيه:
نوع من البيع ذو طبيعة خاصة ولكنه في جملته صورة من صور البيع الموقوف على شرط هو الاحتفاظ بالملكية وهو البيع الذي يحتفظ فيه البائع بملكية العين مع أنه يسلمها للمشتري ويرضي من الآن أن يبيعه إياها إلى أن يتحقق حادث معين وهذا الحادث عادة هو أن يقوم المشتري بدفع الثمن كله المنصوص على قضائه على عدة أقساط، ففي هذه البيوع تكون المبالغ التي دفعها المشتري لتحسب من الثمن المحدد تكون هذه المبالغ متفقًا في أكثر الأحيان على اعتبارها ما دام لم يحصل وفاء الثمن كله كأنها أجرة استعمال يدفعها المشتري على الشيء المبيع (لهذا تسمى هذه البيوع أيضًا - location - ventes) ويفقد المشتري هذه المبالغ إذا أخل بوفاء الثمن كاملاً في المواعيد المتفق عليها فيسترد البائع العين التي احتفظ بملكيتها ومع ذلك من القواعد المقررة أن هذا المبلغ المحتجز الذي يعد أجرة أو على الأصح تعويضًا إذا ظهر أنه يفوق كل نسبة عادلة جاز للقاضي التخفيف منه، ونقول أيضًا أن إفلاس المشتري ينزع من البائع ولو لم يقبض كل الثمن حق استرداد العين التي سلمها واستبقى لنفسه حق ملكها عندما تدل عناصر الدعوى لاسيما أهمية المبالغ المدفوعة على أنها أقرب إلى البيع المؤجل فيه الثمن أو vente à crédit ou à tempérament بتخفيف الدفع منها إلى بيع معلق على استيفاء أجرة المبيع vente - location
وبعد هذا ذكر الأستاذ بالاتشى أحكامًا لمحكمة الاستئناف المختلطة نترك منها ما يكون تكرارًا لغيره.
1 - صحيح هو النص الذي به يحتفظ البائع بملكية العين المبيعة إلى حين استيفائه الثمن من المشتري (مجلة التشريع والقضاء سنة 29 ص (200)).
2 - صحيح هو النص الوارد في وعد صادر من الطرفين في عقد بيع على أن ملكية العقار المبيع لا تنتقل إلى المشتري إلا بمقتضى عقد رسمي يكتب بعد دفع الثمن كله ولو أن العقار حصل تسليمه فعلاً (المجلة المذكورة سنة 21 ص (356)).
3 - عقد بيع محركات وآلات يتضمن نصًا صريحًا على أن البائع يبقى وحده مالكًا لها ولو سلمت إلى المشتري إلي حين استيفاء باقي الثمن هو عقد مطابق للقانون (المجلة المذكورة سنة 28 ص(445)).
4 - عقد الإجارة المتبوع ببيع location - vente يمكن اعتباره بيعًا موقوفًا على شرط ومركبًا على نصوص عقد إيجار greffé sur les stipulations d'une location (المجلة المذكورة سنة 25 ص (350)).
5 - إذا رفعت دعوى من البائع على المشتري يطالبه فيها بقسط أو بباقي الثمن في عقد احتفظ فيه البائع بملكية العين المبيعة إلى أن يستوفي الثمن كله لم تكن هذه الدعوى عدولاً عن حقه في الملكية (المجلة المذكورة سنة 29 ص (482)).
6 - إذا رفع البائع دعوى يقصد منها غرضًا شكليًا وهو الحصول على باقي الثمن فهذه الدعوى لا تفقده ملكية الشيء التي كان احتفظ بها في العقد في حالة عدم دفع الثمن ولكن إذا كان هذا البائع بعد أن حصل على الحكم بباقي الثمن قد أخذ يباشر تنفيذ الحكم فإنه يكون بذلك قد اختار نهائيًا سبيل الوفاء ولا يمكنه من بعد ذلك أن يعود إدراجه ويطلب استرجاع الشيء بناءً على النص الذي به احتفظ لنفسه بحق الملكية (المجلة المذكورة سنة 32 ص (342)).
7 - العقود المسماة contrats vente - location لا يمكن إلا أن تكون عقود بيع مع الاحتفاظ بالملكية بجميع النتائج التي تنتج عن ذلك وبالأخص فيما يتعلق بعدم نفاذ النص الجزائي الذي يعطي البائع بصفة تعويض كل المبالغ التي دفعها المشتري في حالة إخلال هذا المشتري بأحد الأقساط المتفق عليها (المجلة المذكورة سنة 44 ص (122)).
8 - النص الوارد في عقد بيع مع الاحتفاظ بالملكية والذي يعطي البائع تعويضًا عند فسخ العقد جميع الدفعات التي دفعها المشتري، هذا النص لا يعمل به فإن التعويضات لا يجوز أن تعطى إلا وفقًا للقانون العام (المجلة المذكورة سنة 44 ص (252)).
وذكر الأستاذ بالاتشى أيضًا تحت الفقرة (108) الحكم الآتي ملخصه (في حالة البيع الذي يستبقي البائع لنفسه فيه حق الملكية لا يصير المشتري مالكًا نهائيًا للعين المبيعة إلا بتحقق الشرط الموقف لكسبه الملكية أي بدفع الثمن كاملاً(المجلة المذكورة سنة 44 ص (122) (وهو الحكم نفسه المشار إليه في هذه الأحكام سابقًا برقم (7)).

(7)

ويمكننا أن نضيف إلي الأحكام التي نقلناها عن الأستاذ بالاتشى تلك الأحكام الصادرة أيضًا من محكمة الاستئناف المختلطة والمبينة فيما تقدم من كلامنا عن حكم محكمة الاستئناف الأهلية وحكم محكمة الإسكندرية الأهلية، والحكم الصادر في 26 يونيه سنة 1928 والمنشور بالجازيت السنة العشرين ص (307) وخلاصته
أولاً: أنه مهما كانت الألفاظ المستعملة في عقد فإنه يجب تفسيره بمراعاة نية الطرفين فيه، فعلى الرغم من ذكر كلمة ( مشتري) في إيصال مؤقت يجب أن ينظر لهذا المستند مع نصوص العقد بأجمعه، فإذا تبين أنه عقد بيع وتأجير في الوقت نفسه، فلا يمكن المشتري أن يعتبر نفسه مالكًا إلا إذا أظهر رغبته في استعمال حقه في الخيار المعطى له بمقتضى العقد
ثانيًا: ليس للمؤجر البائع الذي يبقى مالكًا للسيارة المحرر عنها عقد البيع والتأجير الحق في استرداد السيارة في حالة ما إذا تصرف المشتري المستأجر لها بدون حق للغير الحائز لها بحسن نية وذلك طبقًا للمادة (6 من القانون المدني الخاصة بحالة الضياع أو السرقة فقط، فالتبديد لا ينطبق على إحدى هاتين الحالتين.
هذا وقد حكمت محكمة الاستئناف المختلطة أيضًا في 30 مايو سنة 1934 بأنه إذا كانت الآلة الزراعية بيعت بالتقسيط مع حفظ حق البائع في الملكية حتى يدفع المشتري كامل الثمن وكانت هذه الآلة قد خصصها المشتري لمنفعة أطيانه فمجرد قيام حق امتياز البائع وطالما أن الثمن لم يتم قبضه كله يمنع - وعلى الأقل بالنسبة للمشتري - إلحاق هذه الآلة بالعقار بالتبعية فيجوز للبائع الحجز عليها كمنقول تنفيذًا للحكم الصادر بدفع باقي الثمن (مجلة ت ق سنة 46 ص (305)).
وحكمت في 6 يونيه سنة 1934 بأن الشرط الوارد بعقد البيع بالاحتفاظ بملكية البائع ليس بحجة على مجموع ديانة تفليسة المشتري وأن البائع المحتفظ بحق ملكيته والذي له الخيار إما في فسخ العقد أو المطالبة بالثمن لا يضيع عليه حقه في التمسك بالضمان مع التضامن الصادر له من شخص ثالث لمجرد أنه قد اختار المطالبة بالثمن وليس للآخر أن يتخلص من ضمانه هذا بدعوى أن البائع لم يستعمل حقه ضد المشتري في استلام الشيء المبيع (السنة السادسة عشرة من المحاماة ص (234) نقلاً عن مجلة ت ق سنة 46 ص (315)).
وحكمت أيضًا في 23 سنة 1936
أولاً: بأنه إذا بيع آلة زراعية مع الاحتفاظ بالملكية فلا يمكن افتراض إلحاقها بالعقار طبقًا للمادة (1 مدني مختلط فمالك الأرض ليس في الوقت نفسه مالكًا للآلة المطلوب إلحاقها بها. وثانيًا: بأن الترك كما أنه لا يفترض يجب تفسيره أيضًا بكل دقة، فإذا تحرر عقد بيع يتضمن احتفاظ البائع بالملكية فلا يمكن افتراض النزول عن هذا الحق إما لأن البائع استصدر حكمًا على المشتري بباقي الثمن خصوصًا إذا كان احتفظ صراحة في الدعوى بحقه في الاسترداد - وإما لمجرد التنبيه عليه بدفع قيمة المحكوم به.
وثالثًا: بأن التنبيه بالدفع لا يعد من إجراءات التنفيذ بل هو من مقدمات الحجز فلا أثر له على الملكية أو الإدارة أو الانتفاع بالملك، فإذا قام البائع المحتفظ بحقه في الملكية بالحجز على الشيء المبيع فإنه يعترف بهذا ضمنًا ويقينًا بملكية مدينه وبذلك يتنازل عن هذا الحق الذي احتفظ به، ولما كان المدين محظورًا عليه بالحجز التصرف في الشيء المحجوز مع الاعتراف بملكيته له فلا يمكن أن يجعل له صفة العقار بالتبعية طبقًا للمادة (1 مدني مختلط (المحاماة السنة السابعة عشرة ص (1249) نقلاً عن مجلة ت.ق سنة 48 ص (240)).
ونلفت النظر إلي أن المبدأ الأول الوارد بهذا الحكم قضى بعكسه في 19 فبراير سنة 1925 (المجموعة ص (239) السنة 37) وأن المبدأ الثاني قضى بعكسه في 18 ديسمبر سنة 1917 (المجموعة ص (8 السنة الثلاثون).
وحكمت بأنه يجوز استرداد الشيء بأمر من قاضي الأمور المستعجلة إذا تأخر المستولي على الشيء عن دفع الأقساط في مواعيدها (المجموعة الرسمية للمحاكم المختلطة ص (350) من السنة الخامسة والعشرين).