18- حصانة الحكم
الحكم مثل أي جهة اخرى يقرر لها القانون استثناءات خاصة كالمحامي و الطبيب و المتقاضي حيث ان ممارسة هؤلاء لعملهم او لدورهم يقتضي الدخول في خصوصيات الاخرين او لمس ما لا يجوز لمسه او حيازة ما لا يجوز حيازته او قول ما لا يجوز قوله و ازاء كل ذلك يتمتعون (و كذلك الحكم )بالحصانة ضد الاجراءات و العقوبات الجنائية متى كان ذلك مما يقتضيه ممارسة عملهم و بدون تعسف و لولاه لما امكن السير بالعمل بنحو جيد.
19- تحليف الحكم
لا يكاد يخرج الحكم عن احد المقاربات الثلاث بتقريبه من وظيفة القاضي او وظيفة الخبير او الشاهد و جميع هؤلاء يحلفون بان يقولوا الصدق و يعملوا بالحق و الانصاف و من ثم فنحن نرى انه في اطار تنظيمي تحليف الحكم من اجل الإستيثاق و ان كان الحلف بحسب الاصل لا يجب لا على القاضي و لا الشاهد و لا الخبير ما عدا يمين القيم .
20- الاخلال بواجبات الحكم تحت طائلة القانون الجنائي/ تحت طائلة القانون المدني / تحت طائلة القانون الشرعي
يمارس الحكم عمله تحت طائلة العقاب الجنائي لو مارس غشا او تزويرا للحقائق و تحت طائلة الحكم عليه بالتعويض لو تصرف على خلاف ما تقتضيه وظيفته فتسبب بضرر غير مشروع لاحد الخصمين او لغيرها كما لو حرف الحقائق او افشى الاسرار او تسبب بتطليق الزوجة او بالحكم لها بنفقات و كان ذلك على خلاف الحقيقة و الواقع و في حال ممارسة عمله بنحو مخل بالعدالة او النزاهة بل و حتى المروة فان القضاء الشرعي قد يسحب منه الاهلية لممارسة العمل كحكم شرعي..بينما الترخيص وسحبه هو مسألة إدارية محضه و القرار تتخذه جهة الادارة مسترشدة براي القضاء الشرعي .
21- الاساس القانوني لمعاقبة الحكم
ليس هناك من قواعد خاصة لمعاقبة الحكم عند الاخلال بواجباته فيخضع في ذلك لقواعد القانون كل بحسبه فما كان جناية كالتزوير و الرشوة فيخضع لقانون العقوبات و ما كان عملا غير مشروع سبب ضررا لاحد الزوجين او لغيرهما فيخضع للقانون المدني و مالم يكنلا هذا و لا ذاك و لكن يفقد الحكم صفة العدالة و الاهلية الشرعية فيخضع للمحاكم الشرعية لإصدار حكم بعدم صلاحية للشهادة او للتحكيم او الامور ذات الصفة الشرعية المحضة و ما كان متعلقا بأصول وظيفته و القيام بمهنته فيتعين محاسبته ادريا او عن طريق مجلس تأديب متى كان الحكم مبتعث من المحكمة او الحكم منتسب لنظام خاص للمحكمين الشرعيين
22- هل للحكم سلطات وما هو مصدرها؟
ليس للحكم أي سلطة و انما له صلاحيات يستمدها من التعاقد مع الزوجين او من تكليف المحكمة و يمارس تلك الصلاحيات تحت اشرافها و لها سحب تلك الصلاحيات او الحد منها متى رأت منه تجاوزا لحدود المهمة الموكلة اليه و للزوجين مخاطبة المحكمة حول ذلك متى رأوا منه ما يؤاخذ عليه .
23- هل انتداب الحكمين شرط لإعمال ولاية القاضي للتطليق الخلعي او غيره
ما لم يكن وجه الضرر و سنده قويا واضحا جليا بحيث يكون من المؤكد عدم وجود مجال لاستمرار الزواج او كان سبب طلب التطليق هو ان احد الزوجية قد ارتكب افعالا شائنة من شانها المساس باعتبار و كرامة و سمعة الطرف الاخر او ابتلي بفضيحة مجلجلة نرى ان ابتعاث الحكمين هو شرط احترازي ينبغي القبول بوضعه كجزء من الية دعوى التطليق سواء اكان خلعيا او ولائيا كالتطليق للضرر.
24- هل يجوز ان يكون الحكم امراة؟
يبدوا للوهلة الاولى من ظاهر الآية الشريفة هو اشترط الذكورية في الحكم لكننا نميل الى انه ليس بشرط و ان اللفظة في الآية هي للصفة المجردة الحاكية عن الوظيفية التحكيمية سيما و ان راي الحكم بنحو عام غير ملزم للمحكمة و لا يتمتع بسلطة قضائية تنفيذية .
25- هل يصح الجمع بين صفة المحامي و الوكيل و الحكم
لا يجوز ذلك في دعوى واحد لذات الاطراف بل لا يستحسن ان يكون وكيلا او محاميا لاحدهما بعد الفراغ من التحكيم في قضية لها ادنى علاقة بالدعوى التي مارس التحكيم فيها بينهما .
26- القانون الواجب التطبيق بشان الحكمين
هو نفس القانون الذي يحكم نزاع الزوجين و ذلك فيما يتعلق بصفات و شروط الحكمين اما القانون الذي يحكم تجاوزات الحكمين فهو قانون دولة القاضي او قانون محل وقوع التجاوز لأنه يتبع القانون العام الذي يحكم سلطان الدولة التي تقع فيها المخالفة الجزائية و كذلك العمل غير المشروع الذي يستوجب التعويض .
اما لو اختلف الحكمان من حيث الجنسية او اختلفت الزوجان فالمعول عليه لدى بحث اختيار الحكمين هو القانون الذي اختير للفصل في نزاعها الاصلي و لا يعفي تنازل الزوجان عن حقوقهما في الدعوى الجزائية الحكم عن تجاوزاته الا اذا كانت مما يشترط فيه القانون الشكوى و يتيح للشاكي الحق في سحب شكواه و مع ذلك فلا اثر لتنازل الشاكي متى كنت المخالفة تتعلق بالحق العام كالرشوة او التزوير في المحرر الرسمي .
27 -كيف يتم ادارة جلسات التحكيم؟
ج - ان جلسات التحكيم لا تكون عشوائية بل يجب تنظيمها و تدوين ما يجري فيها و يجب على الحكم ان يكون نبيها لملاحظة أي نقطة تثار او حركة او ايماءة ذات دلالة فيجب تسجيلها و كذلك يجب ان يكون أمينا فلا يترك أي نقطة يطلب احد الطرفين تسجيلها بل يدونها حتى و ان رأى انها لا تستحق البحث و النقاش لكونها- برأيه – قليلة الاهمية او غير منتجة في الدعوى و لكن متى وجدها ذات اهمية فيتحتم عليه بحثها و مناقشتها مع الخصمين .
اولا- ما يجب مراعاته لدى عملية التحكيم و اعداد التقرير
1- نوعية الاسئلة و تدرجها و تضيقها لتتكرس اخيرا حول صلب المشكلة .
2- و قياس مجال الافتراق و الاتفاق بين الزوجين و مقدار اهمية نقاط الخلاف او الاتفاق و معرفة ما يمكن تجاوزه منها و مقدار حجم المشكلة الجوهرية و من يتحمل مسئوليتها .
2- و نسبة خطأ كل من الزوجين و أي الاخطاء يستغرق غيره و مدى ما يتحمله من المسئولية .
3- اذا لم يعترض احد الزوجان او كلاهما على تقرير الحكم بعد الاطلاع عليه و لا عند عرضه على المحكمة التي طلبته و انتدبت الحكمين لأجله فليس لهما الاعتراض عليه بعد الفصل في الدعوى بل و لا بعد ان يتم تجاوزه و البناء عليه و الانتقال الى مرحلة اخرى من مراحل الدعوى و ذلك من الطعون الاجرائية التي لا تقبل الطعن بعد الدخول في الموضوع .
4- ليس لأي من الزوجيين الاعتراض على التقرير بعد ان تقره المحكمة مع سبق علمهما بمضمونه و ليس لهما ذلك لدى الاحتجاج به في محاكمة اخرى لاحقة اما لو كانت مقارنة للمحكمة الأولى و لم يتم اعتماد التقرير من قبل المحكمة التي طلبته فيمكنهما الاحتجاج بعدم نهائيته و ليس بعدم صوابيته حيث ان الطعن في صوابيته يكون امام ذات المحكمة التي طلبته .
5- لا يجوز لأي من الحكمين التغيير في تقريره بناء على رأي او طلب الخصوم او غيرهما متى كانت هي النسخة الاخيرة المنقحة التي وضعها عن اقتناع و اما المسودة التي تضم مجرد الافكار حرصا لعدم ضياعها فلا تعتبر تقريرا و انما تجميع افكار فيجوز التصرف فيها .
6- لو بدا للحكم بعد الانتهاء من تقرير امور او افكار او ملاحظات جديدة يجوز له وضعها اسفل التقرير او في ورقة لاحقة تضم للتقرير مع بيان السبب و التاريخ و لكن لا يتصرف في ذات التقرير فيقوم بإتلافه ثم يعيده من جديد .
7- يجوز اللجوء للحكمين من غير طريق المحكمة و يكون الحكمان او الحكم الوحيد بمثابة قاضي صلح متى قبل الطرفان بحكمه و ان لم يقبلا و حددا رايه بالاستشارة و النصح لم يكن له الا ذاك و مع ذلك يصح تقديم ما انتهى اليه الحكم للمحكمة بوصفه دليلا مساندا في الدعوى و احد ادلتها التي تأخذ المحكمة بما شاءت منه و يجوز للمحكمة - في كافة الاحوال -استدعاء الحكم لمناقشته في التقرير او لاستيضاح جوانبه .
8- لا ينبغي للحكم اثناء و لا بعد الانتهاء من التحكيم ان يترافع لصالح احد الزوجين ضد الاخر في أي نزاع يكون بسبب او بمناسبة او مترتب على النزاع الذي صار حكما فيه لأنه كان محلا للائتمان وموضع سر و قد باح له الاطراف بما لديهم بوصفه محايدا و على سبيل الامانة فهو كمثل المحامي في هذه المسالة .
ثانيا - النقاط المهمة في التشخيص و العلاج و التي يتوجب على الحكم بحثها :
يجب على الحكم ان يجيب على عدة اسئلة مهمة و هي هل هناك مشاكل جدية ؟او مشاكل عابرة و مناوشات روتينية ؟و ماهي المشاكل الجدية بينهما ؟وهل هذه المشاكل الجدية هي سبب الشقاق؟ ام انها واجهة لمشاكل اخرى قد تكون اكبر و اعمق؟ و قد يتحرج الزوجان من ذكرها و يتجنبان الخوض فيها بل و الاشارة اليها و هل هناك فرصة حقيقة لإصلاح الحال بينهما ؟ ام ان وضعهما ميؤوس من اصلاحه ؟ و حتى على فرص إمكانية الاصلاح هل فرص الاستمرار بنحو جيد كبيرة ام انهما سيبقيان في حياة زوجية عاصفة ؟ و هل لديهما أولاد ام لا ؟و ما هو الاثر الذي سيصيب الاولاد بسبب الاستمرار او الانفصال على صعيد التربية و النفقة و الحالة النفسية و غيرها .
و يتساءل ثم يجيب على تساءله - في حال لم يكن لديهما اولاد -هل انفصالهما اضمن ام المجازفة باستمرار الحياة الزوجية رغم العواصف و القواصف بحيث احتمال تجدد الشقاق يبقى قائما بصورة كبيرة و سيكون – بالنظر لطباع الزوجين و سائر ظروفهما - اكبر و اعمق و اقسى آثارا و اضرارا؟ و لا سيما في رزقهما الله تعالى بأولاد اذ من المتنظر ان يكون الاولاد جزاء مهما من الصراع الدائر او المستمر و المتوقع ان يزداد استعارا و سيصبح الاولاد بعض اداوته .
المحادثات التمهيدية من الحكم
مثل السلام و الابتسامات و الحديث في امور عامة لكن ليست ذات شان مثل مدى حرارة الجو و قفز الاسعار و ازدحام السير و الحنين للماضي و مظاهر الطيبة و التعاون بين افراد الحي .
الاستماع التمهيدي من الحكم
وهنا يتم اعطاء المجال للزوج او الزوجة للفضفضة و اخراج ما في النفس و يؤدي ذلك لإفراغ الغضب و تفريغ الشحنات و يساعد على البوح بكل ما في النفس دون تحفظ او محاسبة و يقدم ذلك للحكم خلفية كبيرة و واضحة و غنية عن العلاقة بين الزوجين و مدى هدوءها او توترها و احاطة جيدة بكل او اغلب ما يتعلق بها.
الاسئلة التمهيدية من الحكم لكلا الزوجين على انفراد
مثل كم مضى على الزواج و هل كان بالطرق التقليدية ام عن معرفة و حب و كم مدة الخطوبة
الاسئلة العامة من الحكم لكلا الزوجين على انفراد
مثل رأيه في الزوج الاخر و مستوى التعليم و ماهي السلوكيات السلبية للطرف الاخر و هل هو بخيل او كريم عصبي او هادئ و هل تتعاونان في المصاريف او يتحملها الزوج فقط و هل كلاكما يعمل او لا و هكذا .
الاسئلة المكرسة لموضوع الشقاق
هنا يتم تضيق نقاط الاسئلة بحيث تتكرر و تتنوع عن سبب او اسباب الشقاق ليمكن حصر اسبابه و تقييمها و ارجاعها لمصدرها الزوج او الزوجة او ارجاعها لهما معا و تحديد نسبة كلٍ منهما من المسئولية .