بالنسبة لاستفسارتكم :-

هل أنكار المدعي لتحريره بيانات الشيك يعد من قبيل الاعترافبعدم تفويض المستفيد بتعبئة بيانات الشيك وهل يعتبر ذلك دليلا قويا بعدمتفويضالمستفيد بذلك وعدم توجه نية وإردة الساحبلطرح الشيك للتداول ؟

لو ثبت للجنة أنبيانات الشيك محرره بخطيد المدعي ماذا سوف يكون الرد القانوني في هذه الحالة؟
نعم ان انكار المدعى لتحريره بيانات الشيك يعد من قبيل الاعتراف ضمنيا بعدم تفويض المستفيد بتعبئة بيانات الشيك وعدم توجه نية وارادة الساحب لطرح الشيك للتداول ....

اذا ثبت أن بيانات الشيك محرره بخط يد المدعى سيثبت ذلك سوء نيته وأنه فعلا مختلس للشيك واستحصل عليه بنية الاضرار بالمدعى عليه ...

لكن يجب بالأخذ فى الاعتبار أنه من الواضح من نظام الأوراق التجارية السعودية أن قابلية الشيك للتداول ليست هي السبب الوحيد في تجريم فعل إصدار الشيك الذي لايقابله رصيد، لأنه من المتعين حماية المستفيد الذي صدر الشيك لمصلحته أولاً، ومنجهة ثانية، فإن نصوص الحماية الجنائية للشيك جاءت مطلقة التعبير عندما استخدمت كلمة(شيك) بحيث لم تفرق بين أنواع مختلفة له، ناهيك عن أن نظام الأوراق التجارية أجازللساحب بموجب المادة (96) من نظام الأوراق التجارية أن يسحب الشيك لأمره..
وأنه لا يكفي لتحقيق جريمة إصدار شيك بدون رصيد أن يقوم ساحب الشيك بإعداده، بتدوين البيانات التي يتطلبها إصدار الشيك أي طرحه للتداول، ذلك أن طرح الشيك في التداول هو الذي يحقق الضرر الذي تسعى نصوص الحماية الجنائية للشيك إلى تفاديه عندما يتمنع الوفاء بالشيك فيتحول إلى وسيلة للنصب والغش، ويؤدي هذا الوضع، بطبيعة الحال، إلى فقدان الثقة المفترضة فيه باعتباره أداة وفاء تقوم مقام النقود في المعاملات، فالسلوك الإجرامي إذا الذي تتحقق به هذه الجريمة يتمثل في سحب شيك لا يمكن للمستفيد منه تحصيل قيمته لسبب يرجع إلى الساحب.
ومفاد ذلك أن السلوك الإجرامي لجريمة إصدار شيك بدون رصيد يتكون من عنصرين: الأول هو سحب الشيك والثاني استحالة استيفاء قيمته لسبب يرجع إلى الساحب، وقد عبرت عن هذا المعنى بوضوح المادة (118) من نظام الأوراق التجارية بقولها: " يعاقب بالحبس مدة لا تزيد.......... كل من أقدم بسوء نية على ارتكاب أحد الأفعال الآتية:
(أ) " إذا سحب شيكا لا يكون له مقابل وفاء.......".
(ب) " إذا استرد بعد إعطاء الشيك مقابل الوفاء.....".
وسحب الشيك أو إصداره يعني تسليمه للغير بما يفيد طرحه للتداول، أو بمعنى آخر، تمكين الغير (المستفيد في العادة) من حيازة الشيك و التصرف به كورقة تداول، إما بتظهيره إلى آخره أو التقدم به إلى المسحوب عليه لاستيفاء قيمته أو تسليمه للغير إذا كان الشيك قد صدر لحامله، لكن ينبغي بطبيعة الحال حتى يصبح سحب الشيك صحيحا أن يكون خروجه من حيازة الساحب قد تم بفعل إرادي منه، حيث لا يمكن تصور تحقق السحب على الوجه المتقدم لو أن الشيك خرج من يد الساحب رغما عنه كنتيجة مثلاً لإكراه أو غش أو سرقة أو ضياع، ففي مثل هذه الحالات ينهار عنصر هام في الركن المادي للجريمة وهو عنصر السحب الذي لا يتصور قيام الجريمة مع تخلفه باعتباره أصبح مشوبا بعيب من عيوب الإرادة فلا يعتد به.
وفعل السحب هذا أو التخلي الإرادي عن الشيك للغير بصفته عنصرا جوهريا في الركن المادي لجريمة إصدار شيك بدون مقابل وفاء لا يتحقق فقط بموجب صورته الأصلية عن طريق قيام الساحب بنفسه بمناولة الشيك للغير، إذ من الممكن أن يتحقق إصدار الشيك إذا قام به وكيل الساحب أو من يفوضه بذلك، المهم أن يأتي الساحب من التصرفات ما يدل على توجه إرادته نحو التخلي النهائي عن الشيك سواء تم ذلك بطريقة فعلية أو حكمية.
فمن الأفعال التي تحقق هذا المعنى- أي توجه إرادة الساحب إلى التخلي عن الشيك بفعل إرادي منه- إذا سلم الساحب الشيك إلى وكيله طالبا منه تسليمه إلى المستفيد باعتبار أن سيطرة الساحب على الشيك تنتهي بهذا التسليم النهائي والإرادي من جانبه، كذلك يعتبر من قبيل إصدار الشيك تسليمه إلى المستفيد من قبل ممثل الشخص المعنوي أو من قبل أحد الأشخاص المخولين بالتوقيع عليه مجتمعين أو منفردين. ويتحقق معنى السحب أيضا إذا سلم الساحب الشيك أو وكيله إلى المستفيد أو وكيله، حيث يستوي أن يكون التسليم قد تم للمستفيد أو لوكيله طالما أن تسليمه لهذا الأخير يظهر إرادة الساحب التخلي النهائي عن الشيك. ويعتبر تخليا عن الشيك أيضا قيام الساحب بتحريره وتوقيعه، ثم إرساله عن طريق البريد، فبمجرد هذا الإرسال يتوافر عنصر السحب حتى ولو لم يكن المستفيد قد تسلم بعد الشيك المرسل لأن النظام يكتفي لتحقق معنى السحب بالخروج المادي للشيك من حيازة الساحب وليس بالخروج القانوني.
غير أنه إذا كان فعل السحب والتخلي الإرادي عن الشيك يتحقق بمثل تلك الأفعال، فإنه لا يكون كذلك إذا لم يمكن الاستدلال بوضوح على توافر نية الساحب في التخلي النهائي والإرادي عن الشيك حتى ولو فقد السيطرة المادية عليه. فلا يعد سحبا للشيك مثلا الاتفاق بين الساحب والمستفيد على تحريره فعلاً إذا لم يكن قد تم تسليمه بالفعل للمستفيد، فالشيك في مثل هذه الحالة يكون في حيازة الساحب الذي يستطيع إلغاءه أو إتلافه ولو كان قد قام بعد كتابته والتوقيع عليه بعرضه على المستفيد. فكافة الأفعال السابقة على التخلي الفعلي عن الشيك تعد من قبيل الأعمال التحضيرية التي لا يعاقب عليها القانون. ومن ناحية أخرى، لا يعتبر من قبيل إصدار الشيك تظهيره بمعرفة المستفيد أو أي موقع لاحق عليه، لأن التظهير لا يعطي معنى السحب الذي كانت تقصده المادة (118) من النظام قبل تعديلها، حيث لم تكن تعاقب إلا على فعل إصدار شيك بدون رصيد دون تظهيره وذلك لعدم جواز قياس فعل التظهير على السحب تطبيقا لقاعدة عدم جواز القياس على النصوص الجنائية أو التوسع في تفسيرها.
وعلي أية حال، فإن واقعة سحب الشيك بخروجه إراديا من حوزة الساحب يجب إثباتها في كل الأحوال- من قبل سلطة الادعاء التي يقع عليها ذلك- باعتبارها عنصرا من عناصر جريمة إصدار شيك بدون رصيد، ويتم ذلك بكافة طرق الإثبات المعروفة في المسائل الجنائية، لكن يبدو أن إثبات واقعة خروج الشيك من حيازة الساحب لا تثير صعوبات جمة في التطبيق، حيث جرى العمل قضاءً على أن وجود الشيك في حوزة المستفيد يعد قرينة على أن حيازته له قد تمت بناءً على إصدار صحيح وإرادي من قبل الساحب وغير مشوب بعيب من عيوب الإرادة، غير أن هذا القرينة قابلة لإثبات العكس حيث يمكن للساحب أن يثبت مثلا بأن فعلاً غير إرادي أدى إلى انتقال حيازة الشيك إلى المستفيد كالسرقة أو الضياع، أو كان سلمه لآخر على سبيل الوديعة أو الأمانة أو أنه أعطاه لوكيله طالبا منه عدم التصرف فيه فسلّمه للغير أو المستفيد دون إذن منه.