استخدام الرعب خصوصا لتحقيق أغراض سياسية”.
” الإرهاب والرهبة لغة توازي الخوف والذعر… يقال فلان أرهب فلانا أو جماعة : أي أخافهم و عمد إلى نشر الذعر بين صفوفهم في تملهم الفزع…” قال ابن منظور في كتابه لسان العرب” رهب بالكسر يرهب ورهبا بالضم ورهبا بالتحريك أي خاف، ورهب الشيء رهبا ورهبة : خافه .
وفي التعريف اللغوي يقول الأستاذ تامر ابراهيم الجهماني: ” إن كلمة ” رهبة” من الناحية اللغوية، ينحدر أصلها من اللغة اللاتينية فيما بعد إلى لغات أخرى لدرجة أصبحت مشتقاتها ” الإرهابي، الإرهاب، الأعمال الإرهابية، الإرهاب المضاد… إلخ واسعة الانتشار وطبقا لما يقوله ( بوغدان زلاتريك) فإن مصطلح ” الإرهابيين.. أصبح مصطلحا موضع استعمال متباين مقرونا بمضامين جنائية”.
ويبقى الإرهاب كمفهوم لغوي في ظل القواميس العربية مرادفا للعنف غير المشروع أو بالأحرى بديلا له وعلق الدكتور عبد الهادي على ذلك بأن الإرهاب وتحقيق أغراض سياسية، مرده ارتباط هذه التعريفات بالمراحل الأولى لظهور مفهوم الإرهاب، حيث كان الإرهاب متمثلا في ممارسة أعمال العنف المتبادل بين السلطة السياسية ومجموعة أو مجموعات أو منظمات الثوار المناهضين لها ورأى ان مفهوم الإرهاب لم يعد يقتصر على الصراع بين السلطة السياسية ومعارضها ولكنه قد يستخدم للابتزاز وتحقيق مآرب شخصية أو ذاتية .
ثانيا :الإرهاب اصطلاحا
سنتطرق للتعريف الاصطلاحي للإرهاب للبحث في مفهوم الظاهرة من خلال المجهودات التي بدلها الفقه وكذا التعريفات الواردة في العديد من التشريعات الوطنية .
*التعريف الفقهي:
دخلت فكرة الإرهاب عالم الفكر القانوني العقابي الذي انعقد في مدينة وارسو في بولاندا عام 1930م ومنذ ذلك التاريخ لم تتوقف المحاولات الفقهية لوضع تعريف جامع مانع للإرهاب.
*الفقه العربي:
عرف الدكتور حسنين عبيد الإرهاب بأنه ” الأفعال الإجرامية ضد الدولة والتي يتمثل غرضها أو طبيعتها في إشاعة الرعب لدى شخصيات معينة أو جماعات من الأشخاص أو من عامة الشعب وتتسم الأعمال الإرهابية بالتخويف المقترن بالعنف مثل أعمال التفجير وتدمير المنشآت العامة وتحطيم السكك الحديدية والقناطر وتسميم مياه الشرب ونشر الأمراض المعدية والقتل الجماعي .
ووضع الفقيه المصري الأصل الدكتور شريف بيسوني، رائد القانون في حقل الإرهاب تعريفا حديثا أخذت به فيما بعد لجنة الخبراء الإقليميين التي نظمت اجتماعاتها الأمم المتحدة في مركز فيينا ( 14-18 مارس 1988) الإرهاب هو استراتيجية عنف محرم دوليا، تحفزها بواعث عقائدية، وتتوخى أحداث عنف مرعب داخل شريحة خاصة من المجتمع من مجتمع معين، لتحقيق الوصول إلى السلطة، أو القيام بدعاية لمطلب أو لمظلمة، بغض النظر عما إذا كان مقترفوا العنف يعملون من أجل أنفسهم ونيابة عنها أو نيابة عن دولة من الدول” .
والتعريف الذي قدمه الدكتور بسيوني هو أقرب التعريفات إلى الواقع العملي.
الفقه الغربي:
اختلف هذا الفقه وتضاربت آراءه بهذا الصدد، باختلاف المعايير التي يعتمدها أصحابها لتحديد مفهوم العمل الإرهابي وهو ما يمكن أن نعزوه إلى كل باحث يحمل أولويات معينة، وأفكار مسبقة، تسيطر على ذهنه في تحديد مدلول فكرة الإرهاب.
• الاتجاه الأول :
إن ما يميز العمل الإرهابي في هذا الاتجاه هو طابعه الإديولوجي فقد عرف ايريك دافيد الإرهاب بأنه ” عنف إيديولوجي يرتبط بأهداف سياسية .
واعتمد صالدانا في تحديده لمفهوم الإرهاب على أعمال العنف السياسي حيث يعرف الجريمة الإرهابية بأنها “كل جناية أو جنحة سياسية يترتب عنها الخوف العام” وينحاز إلى هذا الاتجاه معظم الكتاب السياسيين في الغرب حيث عرف ليسرير وهو أحد كبار المسؤولين الأمريكيين المكلفين بدراسة موضوع الإرهاب، عرفه بأنه ” النشاط الإجرامي المتسم بالعنف الذي يهدف إلى التخويف من أجل تحقيق أهداف سياسية” وإذا كان يغلب على الجرائم الإرهابية أنها تتم لأهداف سياسية، فالهدف السياسي ليس بالضرورة أن يكون غالبا في الإرهاب كما يقول بيفابري إلا أن هذه الصفة ليست هي المميز الوحيد للعمل الإرهابي.
• الاتجاه الثاني :
يذهب هذا الاتجاه إلى أن ما يميز العمل الإرهابي عن الصفة العشوائية، فالعمل الإرهابي” هو عمل عنف عشوائي ”
un acte de violence aux effets indicernés ” وأهم خصائص الإرهاب وفقا لهذا الاتجاه أنه ذو أثار غير تمييزية ، فالإرهاب لا يهمه تحديد أشخاص ضحايا بقدر ما تهمه النتائج والآثار التي تحدثها أفعاله.
التشريع المغربي:
أسرع المشرع المغربي عقب الأحداث الإرهابية التي عرفتها مدينة البيضاء بتاريخ 16 ماي بإخراج قانون رقم 03-03 المتعلق بمكافحة الإرهاب حيز الوجود والذي عدلت أحكامه مقتضيات مجموعة القانون الجنائي بإضافة الباب الأول مكرر ” الإرهاب” والذي نص على ما يلي : الفصل 1-218 : تعتبر الأفعال الجرائم الآتية أفعال إرهابية إذا كانت لها علاقة بمشروع فردي أو جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف أو الترهيب أو العنف :
1-الاعتداء عمدا على حياة الأشخاص أو على سلامتهم أو على حرياتهم أو اختطافهم أو احتجازهم
2-تزييف أو تزوير النقود أو سندات القرض العام أو تزييف أختام الدولة والدمغات والطوابع والعلامات أو التزييف المنصوص عليه في الفصول 360-361-362 من هذا القانون.
3-التخريب أو التعييب أو الإتلاف.
4-تحويل الطائرات أو السفن أو أية وسيلة أخرى من وسائل النقل أو إتلاف منشآت الملاحة الجوية أو البحرية أو البرية أو تعييب أو تخريب أو إتلاف وسائل الاتصال.
5-السرقة وانتزاع الأموال .
6-صنع أو حيازة أو نقل أو ترويج أو استعمال الأسلحة أو المتفجرات أو الذخيرة خلافا لأحكام القانون .
7-الجرائم المتعلقة بنظم المعالجة الآلية للمعطيات.
8-تزوير أو تزييف الشيكات أو أية وسيلة اداء أخرى المشار إليها على التوالي في المادتين 316 و 331 من مدونة التجارة.
9-تكوين عصابة أو اتفاق لأجل اعداد أو ارتكاب فعل من أفعال الإرهاب.
10-إخفاء أشياء متحصل عليها من جريمة إرهابية مع علمه بذلك.
الفصل3-218 : يعتبر أيضا فعلا ارهابيا بالمفهوم الوارد في الفقرة الأولى من الفصل 1-218 اعلاه ادخال أو وضع مادة تعرض صحة الإنسان أو الحيوان أو المجال البيئي للخطر في الهواء أو في الأرض أو في الماء بما في ذلك المياه الإقليمية.
يعاقب على الأفعال المنصوص عليها في الفقرة الأولى أعلاه بالسجن من 10 إلى 20 سنة .
تكون العقوبة هي السجن المؤبد إذا ترتب عن الفعل فقدان عضو أو بتره أو الحمان من منفعته أو عمى أو عور أو أية عاهة دائمة أخرى لشخص أو لأكثر
تكون العقوبة هي الإعدام إذا ترتب عن الفعل موت شخص أو أكثر .
الفصل 4-218 تعتبر أفعالا إرهابية الجرائم التالية:
القيام بأية وسيلة كانت مباشرة أو غير مباشرة بتقديم أو جمع أو تدبير أموال أو قيم أو ممتلكات بنية استخدامها، أو مع العلم أنها ستستخدم كليا أو جزئيا لارتكاب عمل إرهابي سواء وقع العمل المذكور أو لم يقع.
تقديم مساعدة أو مشورة لهذا الغرض .
غير أن هذه التعاريف وما سار على نهجها تتضمن صعوبة بالغة في تحديد الماهية الحقيقية والشاملة للإرهاب لذا فإن كل تعريف يبقى قاصرا على تحديد الدلالة الشاملة لهذا المفهوم خاصة أن الخطاب الإعلامي المسيطر ما زال انتقائيا بامتياز في تحديد معنى الإرهاب .
نقد وجهة نظر المشرع المغربي في تعريف جريمة الإرهاب.
إن وجهة نظر المشرع المغربي في تعريفه لجريمة الإرهاب لن تسلم من النقد على غرار نظيره الفرنسي، الذي يعتبر من مرجعية له في العديد من القوانين ومنها قانون الإرهاب، وذلك باعتبار الصعوبات التي تواجه تحديد أو تعيين المقصود – في معنى قانوني ملزم- بعبارة المس الخطير بالنظام العام فضلا عن وسيلة الجاني إلى تحقيق هذه الغاية ( التخويف، الترهيب، والعنف)، يشوبها الغموض إذ أن التخويف أو الترهيب لسي إلا أثرا سيكولوجيا بصاحب الإرهاب ويتعلق بالضحية أكثر من تعلقه بالفاعل، وبعبارة أخرى ترى وجهة النظر هذه ترى أن المشرع المغربي أراد بالتخويف أو الترهيب أن تكون وسيلة الجاني إلى المس الخطير