خطورة هذا النوع من الجرائم الذي يستهدف الضرب العشوائي للمرافق الحساسة التي يؤمها عموم الأفراد ويكون القصد منها إتلاف لبنى التحتية وتدمير المرافق العمومية والممتلكات العامة بشكل يشيع الرعب والفزع بين صفوف العامة، أما على المستوى القانوني فقد عرفت المادة 3 من الاتفاقية المقررة من قبل عصبة الأمم المتحدة المؤرخة في 16 نونبر 1937 جرائم التخريب بالقول ” … كل الأفعال المقترفة عن قصد لغاية تدمير وإتلاف الممتلكات العامة أو المتعلقة بالمنفعة ووسائل المواصلات أو استعمال السم أو المكروب أو المواد المتفجرة أو المحرقة، وكذلك صناعة أو شراء أو حيازة أو توزيع أي من هذه المواد …. ”
الفقرة الثالثة: الجرائم الملاحية.
يقصد بالجرائم الملاحية جرائم تحويل الطائرات أو السفن أو أية وسيلة أخرى من وسائل النقل أو إتلافها أو إتلاف منشأة الملاحة الجوية أو البحرية أو البرية أو تعييب أو تخريب أو إتلاف وسائل الاتصال.
وما من شك أن وسائل النقل الدولية من طائرات وسفن وغيرها من وسائل النقل الأخرى، تعتبر من أهم الاختراعات الرائدة، وبفضلها أصبح العالم مجرد قرية كونية صغيرة الحجم، كما أضحى مفهوم الحدود بين الدول لا يتجاوز مستوى الفواصل الجيو-سياسية لا غير . اندثرت معالمها وخبئ دورها في ظل إفرازات العولمة والتقدم وتبدو أهمية هذه الوسائل في كونها تعتبر امتدادا لسيادة الدولة وتشكل جزء لا يتجزأ من توابع إقليمها وعليه فإن الاعتداء عليها يعتبر امتدادا لسيادة الدولة. وتشكل جزء لا يتجزأ من توابع إقليمها وعليه فإن الاعتداء عليها يعتبر اعتداءا صريحا على السيادة الرسمية للدولة المستهدفة.
وإذا كانت الوسائل الملاحية التي نحن بصدد الحديث عنها عرفت تطورا ملحوظا ومتميزا لأعلى مستوى تشكيلاتها فحسب، بل أيضا على مستوى زيادة فعاليتها وتطوير أساليب عملها فقد واكب هذا التطور الملموس زيادة حوادث التخريب والتعييب الذي تتعرض لها .بل يمكن الجزم أنها أضحت تشكل الوجهة المفضلة للإرهابيين والعمليات الإرهابية لخطورة استعمالها كأهداف إرهابية وقوة النتائج التدميرية التي تخلفها ولنستحضر جميعا أحداث 11 شتنبر بالولايات المتحدة الأمريكية التي أودت بحياة أكثر من ثلاثة آلاف مواطن بعد أن وظفت في هذه العملية طائرات ركاب استهدفت برجي التجارة العالمي ومقر البانتغون ووزارة الدفاع.
وبالنظر للخطورة الاستثنائية لمثل هذه الاعتداءات وتأثيرها السلبي على سلامة النقل الدولي والمواصلات العالمية عبر تعريض حياة المسافرين الآمنين للخطر المميت، فقد حظيت الجرائم الإرهابية المرتكبة في هذا المجال بأهمية متزايدة لدى السلطات الرسمية لمختلف دول المعمور وقد أسفرت جهودها في مكافحة هذا النوع من الجرائم عن توقيع ثلاث اتفاقيات أساسية بادر المغرب بالمصادقة عليها وهي على الشكل التالي :
-اتفاقية طوكيو بشأن الجرائم والأفعال التي ترتكب على متن الطائرات المحررة والموقعة بطوكيو بتاريخ 19 دجنبر 1997
-اتفاقية مونتريال الخاصة بقمع جرائم الاعتداء على سلامة الطيران المدني المحررة والموقعة في مونتريال بتاريخ 23 شتنبر 1971 .
بيد أن هذه الاتفاقيات لم تكن فعالة على مستوى ردع الجرائم الإرهابية الواقعة على الطائرات وغيرها من الوسائل الملاحية بسبب غموض مقتضياتها وافتقارها لآليات قانونية وواقعية تكون رادعة وأكثر عملية، فضلا عن كونها لم تقم آليات للتنسيق بين الدول المتعاقدة لمواجهة هذا النوع من الجرائم . مما حدا بأغلب الدول إلى استحداث مقتضيات تشريعية خاصة بها تكون أكثر صرامة وفاعلية في سبيل الحفاظ على أمن وسلامة وسائلها الملاحية، وفي ذلك يقول الأستاذ تآمر إبراهيم الجهماني .
“… وعلى الرغم من صراحة أحكام هذه الاتفاقيات ، ورغم اتخاذ الاحتياطات الأمنية، إلا أن ذلك لم يمنع من التزايد المستمر لعمليات اختطاف الطائرات ففي عام 1950 لم يقع في العالم إلا حالات نادرة وقليلة. إلا أنه خلال العقدين الآخيرين الواقعين ما بين 1950 و 1970 نجد أنه وقع في الولايات المتحدة وحدها 73 حدثا وفي أمريكا اللاتينية 51 حادثا . وفي أوروبا الغربية 9 حوادث وكذا الاتحاد السوفياتي 3 حوادث وفي أوروبا الشرقية 9 حوادث وفي الوطن العربي وقعت 3 حوادث…”.
وخلاصة القول فإن جرائم الاستيلاء على وسائل الملاحة جوية كانت أم برية أم بحرية وتحويلها إلى غير وجهاتها المخصصة لها، أو استهدافها بالتخريب والتعييب والتدمير، ويعتبر من أخطر صور الجرائم الإرهابية على الإطلاق . إذ يمس حياة ركاب أمنين وأبرياء . ويعتمد على عنصر الصدمة المفاجئة فضلا عن كون إزهاق حياة المسافرين من خلال هذا النوع من الجرائم يتضمن الكثير من الشناعة والمأساوية إذ تتقلص بشكل كبير فرص النجاة للركاب.
الفقرة الرابعة : جرائم السرقة
السرقة وانتزاع الأموال تفيد الاختلاس العمدي لأموال منقولة ومملوكة لفائدة الاغيار وتملكها او محاولة ذلك.
ويتباين الوصف القانوني لجريمة السرقة تبعا للمحل الذي تنصرف وتنصب عليه وكذا بالنظر للظروف الشخصية او العينية التي تقترن بارتكاب فهي تتقمص وصف الجنحة الضبطية عندما تكون سرقة زهيدة ( الفصل 506 من ق ج ) وتكتسب وصف الجنحة التأديبية متى كانت سرقة مجردة ( الفصل 505 من ق ج ) وقد يرتقي الوصف القانوني لجريمة السرقة ليصبح جناية متى اقترن بظرف واحد أو أكثر من ظروف التشديد طبقا للفصلين 509، و 510 من القانون الجنائي، كما هو الشأن لظرف الليل والتسلق أو التعدد او استعمال ناقلة ذات محرك.
فجميع هذه الجرائم وغيرها من جرائم انتزاع الأموال وبصرف النظر عن الوصف القانوني الذي تتخذه، تصبح جرائم إرهابية بمجرد ارتباطها عمدا بمشروع فردي او جماعي يستهدف المس بالأمن والاستقرار العام بنية التخويف والترهيب او العنف ( الفقرة 5 من الفصل 1 – 218 ).
الفقرة الخامسة : جرائم متعلقة بالأسلحة والمتفجرات والذخيرة .
قسمت محكمة النقض المصرية السلاح إلى نوعين :” أسلحة بطبيعتها وهي المعدة للقتل ويدل حملها لذاتها على أن هذا هو المقصود منها، كالبنادق والحراب والسيوف والملاكم الحديدية وغيرها مما هو معاقب عليها إحرازه … وأسلحة يمكن أن تحدث الوفاة ولكنها معدة لأغراض بريئة ولا يدل حملها بذاتها على أن المقصود منها الاعتداء على الأنفس كالسكاكين العادية والفؤوس … مما يستخدم في الشؤون المنزلية والصناعية وغيرها ” .
ولقد كان إدراك المشرع المغربي مبكرا بأهمية منع ومكافحة صنع الأسلحة والذخيرة والاتجار بها بطريقة غير شرعية ، لما لتلك الأنشطة من آثار خطيرة على كيان الدولة وأمنها لدا سعى إلى اتخاذ تدابير تشريعية لتحقيق هذه الغاية .
فسن مجموعة من القوانين لتنظيم مختلف العمليات التي ترد على الأسلحة والذخيرة والمتفجرات والمعاقبة عنها، ويتعلق الأمر بظهير 31 مارس 1937 المتعلق بتنظيم جلب الأسلحة والاتجار فيها وحملها وحيازتها واستيداعها .
وظهير 30 يناير 1954 بشأن إجراء المراقبة على المواد المتفجرة ثم ظهير 2 شتنبر 1958 بشأن الزجر عن المخالفات للتشريع الخاص بالأسلحة والعتاد والأدوات الفرقعة.
فظهير 31 مارس 1937 جعل صنع وجلب الأسلحة الحربية أو المخصصة للاستعمال الشخصي أو الاتجار فيها مشروط بالحصول على رخصة إدارية تنحها السلطات الأمنية والعسكرية المختصة كما بين الإجراءات الواجب اتباعها لمتعاطي هذه الأنشطة .
أما ظهير 30 يناير 1954 فقد منع على شخص غير حامل للبطاقة الخاصة بالمراقبة التي تصدر عن الإدارة العامة للأمن الوطني ، أن يمسك المواد المتفجرة والمفرقعات والشواهب الموقدة للمواد المتفجرة او يرافق عند حملها او يحميها او يقوم بحراستها ، في جرم وعاقب الفصل 1 من ظهير 1958 كل شخص يحتفظ بأسلحة وعتاد وآلات وأدوات قاتلة أو محرقة أو فمرقعة أو مدخرات أو يصنعها او يتاجر فيها أو استيراجها أو ترويجها . وقد اعطى المشرع لهذه الأفعال وصف جناية ، ومنح الاختصاص النوعي للمحكمة العسكرية.
وباعتبار أن هذه الأفعال تشكل جناية فإن المحاولة فيها يعاقب عنها بقوة القانون طبقا للفصل 114 من القانون الجنائي . أما أعمال المشاركة فالمرجع فيها إلى الفصل 129 من القانون الجنائي في حين أن المصادرة نص عليه المشرع في الفصول 42و43و89 من القانون الجنائي.
وإلى جانب ذلك جرم وعاقب الفصل 303 من ق ج كل من ضبط في ظروف تشكل تهديدا للأمن العام أو لسلامة الأشخاص أو الأموال وهو يحمل جهاز او أداة أو شيئا واخزا أو قاطعا أو خانقا ما لم يكن ذلك لسبب نشاطه المهني أو لسبب مشروع .
تعتبر جرائم صنع أو حيازة او نقل او ترويج أو استعمال الأسلحة أو المتفجرات او الذخيرة خلافا للأحكام القانونية المنظمة لها والواردة اعلاه جرائم إرهابية إذا كانت لها علاقة عمدا بمشروع فردي أو جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف او الترهيب او العنف وفق ما نصت عليه الفقرة 6 من الفصل 1-218 من ق ج .