القانون 0303 المتعلقة بالتمويل، وهكذا سنتناول في (أولا) الأموال التي يصح وصفها بكونها مخصصة لتمويل إرهابي، و الجهات المخول لها مراقبة تحركات هذه الأموال (ثانيا)، وأخيرا إجراءات الأمر بتنفيذ أحكام تمويل الإرهاب (ثالثا).
أولا : ما المقصود بالأموال التي يصح وصفها بكونها مخصصة لتمويل إرهابي:
المشرع المغربي في المواد المنظمة لتمويل الإرهاب، لم يعرف ولم يبين ما المقصود بالأموال التي يصح وصفها بذلك، لكن الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب والموقعة بنيويورك والمنضم إليها المغرب، عرفت الأموال في الفقرة الأولى من المادة الأولى منها : “يقصد بتعبير “الأموال” أي نوع من الأموال المادية أو غير المادية، المنقولة أو غير المنقولة التي يحصل عليها بأية وسيلة كانت، والوثائق والصكوك القانونية أيا كانت أشكالها، بما في ذلك الشكل الإلكتروني أو الرقمي، والتي تدل على ملكية تلك الأموال أو مصلحة فيها، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، الائتمانات المصرفية وشيكات السلف، والشيكات المصرفية والحوالات والأسهم والأوراق المالية والسندات والكمبيالات وخطابات الاعتماد.”
كما نجد قانون سنة1989 للمملكة المتحدة (إنجلترا) والذي يتضمن قواعد تكفل مواجهة التمويل المالي للإرهاب، قد عرفت الأموال الخاصة بالإرهاب بأنها:
*الأموال التي قد تخصص أو تستخدم في ارتكاب أو دعم أعمال إرهابية أو تكون مرتبطة بها بأية صورة، كشراء السلاح.
*العائد المحقق كليا أو جزئيا، بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن ارتكاب أعمال الإرهاب المشار إليها مثل: عمليات الاختطاف التي يقوم بها الإرهابيون للحصول على فدية.
*موارد أي منظمة غير مشروعة بما في ذلك الأموال أو الممتلكات الأخرى التي توضع في خدمة تلك المنظمات أو تستخدم لصالحها.
هذا بالإضافة إلى المادة الثانية من الاتفاقية، التي تحدد الحالات التي يعد ارتكابها جريمة والتي يرتكبها الفاعل، كفاعل أصلي أو كمساهم أو مشارك، وجميعها يكون الهدف منها توسيع النطاق والنشاط الإجرامي، مع علم مرتكبي هذه الجرائم باتجاه أموالهم وفيما ستستعمل، والقانون الصادر بإنجلترا توسع في تجريم صور المساعدة المالية، وتمويل الإرهاب أو المنظمات المحرمة، وبالتالي التوسع في تقرير المسؤولية الجنائية، حيث لم تطلب لتوافرها العلم أو الشك المبني على أسباب فعلية في وجود غرض أو هدف إجرامي وإنما اكتفى بوجود كاف للشك في الغرض أو الهدف من المعاملة المالية .
ثانيا: الجهات المخول لها الحق برصد تحرك الأموال المشتبه فيها:
لقد حدد المشرع المغري في المادة 1-595، الجهات المخول لها إجراء البحث القضائي المتعلق بالعمليات أو التحركات لأموال يشتبه في أن لها علاقة بتمويل الإرهاب، وهذه الجهات تتحدد في كل من الوكيل العام للملك (أولا) وقاضي التحقيق وهيئة الحكم (ثانيا) ثم أخيرا الحكومة (ثالثا).
1- اختصاصات الوكيل العام للملك:
تتوزع اختصاصات الوكيل العام في إطار التمويل الإرهابي بين مجموعة من المواد المحددة لذلك وهي:
*المادة 1-595 بمقتضى هذه المادة يمكن للوكيل العام للملك أن يطلب معلومات حول عمليات أو تحركات أموال يشتبه في أنها مخصصة لتمويل الإرهاب، وبطبيعة الحال فإن هذا الإجراء يخول له، البحث القضائي لأن هذه الإمكانية مقرونة بالنسبة للوكيل العام للملك بمناسبة إجراء بحث قضائي .
*المادة6-595، تنص هذه المادة على أنه للوكيل العام للملك اتخاذ الإجراءات التالية في حال تقديم الحكومة الطلب له، بناء على طلب مقدم لها مسبقا، من قبل دولة أجنبية في قضية تمويل وهذه الإجراءات هي:
1- البحث والتعريف في ما يتعلق بعائد إحدى جرائم تمويل الإرهاب والممتلكات التي استخدمت أكانت معدة لاستخدامها في ارتكاب هذه الجريمة أو كل ممتلك تطابق قيمته العائد منها .
2- تجميد الممتلكات أو حجزها.
3- اتخاذ الإجراءات التحفظية بشأن الممتلكات المذكورة.
وللوكيل العام رفض هذا الطلب المقدم في هذا الصدد إذا كان من شأن تنفيذه المساس بسيادة الدولة أو أمنها أو مصالحها الأساسية أو النظام العام، أو صدر في شأن الأفعال موضوع الطلب المقدم من طرف الدولة الأجنبية مقررا نهائيا في التراب الوطني، أو إذا تعلق الأمر بمقرر قضائي أجنبي صدر وفق شروط لا توفر الضمانات الكافية لحماية حقوق الدفاع أو إذا كانت الأفعال موضوع الطلب لا علاقة لها بتمويل الإرهاب.
*المادة7-595 تنص هذه المادة على أن كل تنفيذ لمقرر تجميد أو حجز أو مصادرة صادرة عن سلطة قضائية أجنبية في التراب الوطني، وقدم في شأنه طلب من لدن السلطة المذكورة ويتوقف على ترخيص من الوكيل العام للملك.
مما سبق يتبين أن اختصاص الوكيل العام للملك يختلف حسب القانون المطبق فإذا تعلق الأمر بتطبيق قانون الإرهاب باعتباره قانونا وطنيا فإنه للوكيل العام للملك اختصاصا أصليا، في إطار ممارسته للبحث القضائي بشكل مباشر.
أما إذا تعلق الأمر بتطبيق اتفاقية دولية فإنه يمارس اختصاصا غير مباشر، ذلك بناء على طلب من الحكومة والتي تتلقاه من دولة أجنبية.
2-اختصاصات قاضي التحقيق وهيئة الحكم:
يمكن لقاضي التحقيق ولهيئة الحكم بمناسبة إجراء بحث قضائي، القيام بمسطرة لها علاقة بجريمة إرهابية محالة عليها من قبل الوكيل العام للملك طلب معلومات حول عمليات أو تحركات أموال يشتبه أن لها علاقة بتمويل الإرهاب.
كما يلاحظ أن اختصاص الوكيل العام للملك أوسع من اختصاصات قاضي التحقيق وهيئة الحكم، لكون الأول ينعقد له الاختصاص بمناسبة إجراء البحث القضائي.
وإضافة لكونه مختص كذلك بجمع المعلومات حول حركات وتحركات أموال مشبوهة، وذلك في إطار تطبيق الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب المصادق عليها من قبل المغرب.
أما بالنسبة لقاضي التحقيق وهيئة الحكم فإن اختصاصاتها ينعقد فقط عند إحالة مسطرة لها علاقة بجريمة إرهابية عليهما للقيام بما يلزم من إجراءات البحث والتحري وتتم الإحالة من طرف الوكيل العام للملك.
3-اختصاصات الحكومة:
في إطار تطبيق الاتفاقية الدولية المتعلقة بالإرهاب ومكافحة تمويله، يجوز للحكومة إحالة الطلبات المقدمة في هذا المجال من طرف دولة أجنبية إلى الوكيل العام للملك ليتخذ في شأنها الإجراءات اللازمة.
والملاحظ هنا، أن الحكومة باعتبارها السلطة التنفيذية في الدولة، وهي التي تكون طرفا مباشرا في العلاقة مع السلطة الأجنبية. وخلاصة القول أنه رغم تنصيص المشرع في القانون رقم 03.03 عن اختصاص هذه الجهات برصد تحرك الأموال المشتبه في أن لها علاقة بتمويل الإرهاب، إلا أن الجهات التي تقوم بذلك عمليا هي الأبناك المحددة في هذا القانون {مؤسسات الائتمان المعتمدة لممارسة نشاطها بصفة أبنك، وكذا الأبناك الحرة إضافة لبنك المغرب}.
وتعتبر هذه الأخيرة وسيلة للوكيل العام للملك، قاضي التحقيق وهيئة الحكم لحصول على معلومات متعلقة برصد التحركات والعمليات المشبوهة.
هذا الرصد تحكمه مجموعة من الضوابط، حيث تصرح الأبناك لبنك المغرب بالمبالغ التي قد تتأتى من تحركات مرتبطة بتمويل الإرهاب والعمليات المرتبطة بها التصريح بالاشتباه، وكذا العلميات المنجزة سابقا.
وتطلع هذه الأبناك بنك المغرب أيضا على هوية الأشخاص المؤهلين لتقديم التصاريح بالاشتباه لربط الاتصال بهم. ومن جهة أخرى يقوم بنك المغرب عندما يتبين له من معلومات مجمعة أن هناك ما يثبت وجود تحركات مشبوهة للأموال أن يرجع الأمر للجهات المذكورة أعلاه لتتخذ بشأنها التدابير اللازمة.
ومما سبق يتبين أن الوكيل العام للملك وقاضي التحقيق وهيئة الحكم لا يقومون مباشرة برصد تحركات الأموال، بل يعتمدون في ذلك على المعلومات والتقارير المنجزة من قبل مؤسسات الائتمان وخاصة بنك المغرب.
ثالثا: إجراءات الأمر وتنفيذ أحكام تمويل الإرهاب
يمكن للوكيل العام ولقاضي التحقيق وكذا هيئة الحكم أن يأمروا بتجديد أو حجز الأموال المشتبه في أن لها علاقة بالإرهاب، واتخاذ هذه الإجراءات يكون بالنسبة للوكيل العام للملك داخل في إطار ممارسة البحث القضائي في جريمة تمويل داخل إقليم الدولة، ويكون داخلا في إطار التعاون في مكافحة التمويل، بناء على اتفاقية دولية سارية المفعول داخل المغرب، حيث يتخذ هذه الإجراءات بناء على طلب من الدولة الأجنبية محال إليه من قبل حكومة المغرب أما بالنسبة لقاضي التحقيق وهيئة الحكم فإن اتخاذ هذه الإجراءات يكون في حال إحالة مسطرة لها علاقة بجريمة إرهابية عليهما من طرف الوكيل العام للملك.
والتجميد عرفته المادة 3-595 بأنه المنع المؤقت لنقل الممتلكات أو تبديلها أو التصرف فيها، أو إخضاعها للحراسة. والسلطات القضائية وهي تبحث عن الأموال