الاختطاف، إضافة إلى تهديده لحركة الملاحة الجوية فضلا عن تأثيره على سلامة الطائرة ذاتها وقد تقوم الدول أيضا بعمليات مماثلة، ولكن لا تأخذ صورة الاختطاف ، بل تغيير مسار الطائرات وإجبارها على الهبوط في مكان معين وهذا ما حدث عندما اعترضت الطائرات الأمريكية الطائرة المصرية التي كانت تقل السفينة إكيلي لاورو “وأجبرتها على النزول في مطار صقلية وتسليم المختطفين وإذا كانت حوادث تحطم الطائرات العادية التي لا ترجع لأفعال إرهابية والتي قد تنتج عنها آلاف الضحايا تطالعنا بها الأنباء يوما بعد يوم ، فإن لحوادث اختطاف الطائرات دورا هائلا يجدب انتباه المجتمع الدولي بأسره.
1-أغراض اختطاف الطائرات : تتعدد أهداف الاختطاف من حالة إلى أخرى فقط هدفها طلب فدية يستعان بها في ممارسة الأعمال الإرهابية وتمويلها بشكل يضمن استمرار المنظمة الإرهابية فقد ظهرت هذه الطريقة في أواخر عام 1971 وأطلق على من يقوم بها قطاع طرق الجو ويطلق عليها البعض الإرهاب الجوي، وقد يكون الاختطاف بهدف جذب الانتباه لقضية معينة أو لتحقيق أهداف سياسية مثل الإفراج عن بعض أعضاء حركة ثورية أو تغيير نظام الحكم وقد يكون هدف العملية الإثنين معا ونسبة اختطاف الطائرات التي تتم لأهداف سياسية تقل كثيرا إذا ما قورنت بنسبة عمليات الخطف لطلب فدية، وتشكل جريمة خطف الطائرات 86 % من حوادث الإرهاب الدولي، وقد تكون دوافع الاختطاف تتعلق بشخص المختطف وظروفه (اضطرابات نفسية) وقد تكون بدافع تحقيق المصلحة الشخصية مثل الهروب من الدولة وقد تفشت ظاهرة اختطاف الطائرات وتحويل مساراتها منذ بداية الخمسينات وتصاعدت من حيث العدد والخطورة كما وكيفا وعمت دول العالم- بغض النظر عن طبيعة النظام السياسي الوطني الذي يسودها-في الستينات.
2-اختطاف واحتجاز الأشخاص: كانت البدايات لعمليات الاختطاف في القرن 12 الميلادي والتي أصبحت تكتيكا آخر من تكتيكات الإرهاب في العصر الحديث ويقصد به : أسر تهديد مجموعة من الأشخاص بهدف ممارسة الضغط على طرف ثالث وهي تتم إما لأهداف سياسية أو لطلب فدية.
وتتعرض الدول الكبرى عادة لهذا التكتيك الإرهابي ضد رعاياها في الخارج كما حدث في احتجاز الرهائن الأمريكيين في بيروت من جانب حزب الله الموالي لإيران بهدف التأثير على الخيارات الحكومية التي تكون محكومة بالتوقيعات المحتملة والتفصيلات.
وتتعدد آثار احتجاز الرهائن سواء بالنسبة للإرهابي من ناحية تحقيق أهدافه التي يسعى إليها، سياسية كانت أو شخصية أو عدم تحقيقها وانعكاس آثارها السيئة عليه، وكذلك بالنسبة للرأي العام حيث تصيبه عمليات الاحتجاز – كغيره من العمليات الإرهابية- بحالة من الفزع والخوف والترقب الشديد لما ستسفر عليه العملية، وبالنسبة للضحايا حيث يكون السير السيكولوجي للعملية عليهم ذا أبعاد متعددة و متناقضة في ذات الوقت فهم يشعرون بآلام والمحنة والصدمة ولكنهم قد يحاولون تفهم دوافع المختطفين بل والتعاطف معهم ومساعدتهم والمثال الشهير في ذلك هو ما يطلق عليه ظاهرة ستوكهولم التي حدثت سنة 1973.
الفقرة الثانية: عمليات الاغتيال السياسي.
ظهرت كلمة” اغتيال” في بواكير الصليبيين والحروب الدينية وإن كانت الممارسات التي تتم بها قد وجدت قبل ذلك فقد اغتيل ثلاثة من الخلفاء الراشدين وهم عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعثمان بن عفان فالاغتيال إذن من أقدم إرهاب التي عرفها الإنسان ومع هذا لم تتبلور هذه الكلمة إلا على يد جماعة الحشاشين التابعة للطائفة الإسماعيلية والتي اشتقت من اسمها معنى الكلمة في اللغة الإنجليزية “
Assassin ” وهي جماعة متطرفة قامت بمحاولات عديدة فاشلة لاغتيال صلاح الدين الأيوبي .
وإذا كانت عمليات الاغتيال السياسي الناجحة كثيرة فإن المحاولات الفاشلة لا تقع تحت حصر واغتيال الحكام يعد أشد صور العنف السياسي جسامة ليس فقط بالنظر إلى مكانة الضحية، ولكن لخطورة الظاهرة الإجرامية على حياة الذين يقدمون عليها ، ولقد كان للاغتيالات السياسية لأسباب دينية سبق الوجود في المجتمع الإنساني فقد ظهرت في أوروبا اغتيالات دينية جماعية يقدم عليها الحكام تجاه المحكومين وكان يشار إليها على أنها نوع من المجد في حق فاعليها ، بل إن القاتل السياسي أطلق عليه لقب النبيل أبان القرن 16،17 و 18 .وللاغتيالات بصفة عامة أسباب عديدة ومتنوعة تختلف تبعا للدوافع كما تختلف من حادث لآخر وهي عمليات ليست مقصورة على جنس أو شعب دون آخر ففي عام 1982 حدثت 46 عملية اغتيال في أماكن متفرقة من العالم شملت الأمريكيين وأوروبا الشرقية والغربية والشرق الأوسط وآسيا وتعتبر أوروبا الغربية من أكثر مناطق العالم في عدد حوادث العنف والاغتيال كما تعتبر ظاهرة الاغتيال من إحدى السمات الظاهرة في الولايات المتحدة الأمريكية كما شهدت مصر موجة من الاغتيالات السياسية
فالإرهاب السياسي قد يستخدم الاغتيال كأحد أساليبه ، وليكن يجب أن يستهدف من ورائه بث الرعب و الفزع في نفوس القياديين السياسيين ليفهموا انهم لن يكونوا في مأمن من عملياته، والاغتيال أسلوب إرهابي تستخدمه الدولة والأفراد والجماعات على حد سواء فتقوم به الدولة من خلال تصفية عناصر المعارضة لها في الداخل والخارج ويرى البعض أن الاغتيال بالرغم من كونه وسيلة إلا أنه يتضمن بعض الخصائص المميزة التي تحول دون اندماجه تلقائيا في ظاهرة الإرهاب السياسي. ولا يمكن التنبأ مقدما بآثار الاغتيال السياسي ما بين الانعدام أو اشتعال حرب عالمية كبرى .
الفقرة الثالثة: عمليات التفجيرات.
عمليات التفجيرات وسيلة مفضلة للإرهابيين تتم بواسطة متفجرات أصبحت تستخدم الآن على نطاق واسع ويرجع ذلك لعدة أسباب منها :
* سهولة الاستخدام التي فضلا عن سهولة الحصول عليها .
*كفاءة الاستخدام التي تتضح من حيث الآثار الناجمة عنها والمتمثلة في حجم الخسائر المادية فضلا عما تحدثه من ردود فعل وتأثير في نفوس العامة وكذلك من حيث تحقيق أهدافها بدرجة عالية من الدقة .
*درجة الأمان الذي تتمتع به حيث يمكن استخدامها عن بعد عن طريق التحكم فيها بجهاز” ريمون كونترول” ولأجل ذلك أصبحت أسلوبا مشتركا بين المنظمات الإرهابية نتج عنها قتل العديد من الأفراد في المطارات والمقاهي والنوادي.
ولقد دفعت هذه الخطورة الولايات المتحدة الأمريكية إلى اقتراح معاهدة دولية تنظم التعاون الدولي في سبيل مكافحة هجمات التفجيرات الإرهابية في الأماكن العامة حيث لا توجد حتى الآن معاهدة خاصة في هذا الموضوع يمكن من خلالها إلزام الدول الأطراف بأن تحاكم أو تسلم مرتكبي الهجمات الإرهابية بالقنابل والتي ينتج عنها خسائر فادحة يمكن تبرير هذا الاقتراح بأن معظم الحوادث الإرهابية في أمريكا كانت هجمات بالقنابل بالإضافة إلى الأجهزة المتفجرة والغازات والقنابل الحارقة .


ينحدر الإرهاب عن جذور سياسية قديمة تمثلت في استخدام العنف كأذاة لتحقيق بعض الأهداف السياسية وتهتم بعض المؤلفات بإبراز بعض صور العنف السياسي في التاريخ القديم والوسيط ومقارنة هذه الصورة بما يحدث اليوم للتأكيد على أن جذور الإرهاب ضاربة في القدم وإن ما يحدث اليوم غير منبت الصلة بإرهاب الأمس، فأخذ الرهائن كشكل من أشكال الإرهاب المعاصر كان معروفا لدى قبائل الأنكا في صورة الاستيلاء على أوثان idoles القبائل التي قاموا بالسيطرة عليها واحتجازها لضمان عدم تمرد هذه القبائل، وفي القرن الثاني عشر أخذ الملك ريتشارد قلب الأسد Richard the lion heart رهينة في إحدى [...]
قانون مكافحة الإرهاب دراسة نقدية
الفصل التمهيدي
المبحث الأول : مفهوم الإرهاب .
المطلب الثاني : الجذور التاريخية والاجتماعية للإرهاب :
الفقرة الأولى: الجذور التاريخية والاجتماعية للإرهاب
[...] قلاع الراين إلى أن دفع رعاياه الفدية لأسريه أرشدوق النمسا والإمبراطورية الرومانية المقدسة، واغتيال كشكل آخر للإرهاب المعاصر كان معروفا وعلى نطاق واسع في المدنيات القديمة والوسطى في صورة التآمر على الملك، ولقد استمر مسلسل قتل القادة السياسيين في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، ففي سنة 1881م اغتيل كازا الكسوندر الثاني وفي 1891 م اغتيلت امبراطورة النمسا إليزابيت وفي سنة 1914م اغتيل الأرشيدوق فرانز.
فالإرهاب إذن لا يعبر عن ظاهرة جديدة إلا أنه يختلف عن العنف الإرهابي المعاصر في الكم والكيف، فهذا الأخير نهج سمات وملامح خاصة تميزه فأهم تغيير يمكن ملاحظته بين إرهاب الأمس وإرهاب اليوم أن الأول وحتى مطلع القرن العشرين كان يمكن أن نسميه بالإرهاب الشخصي على اعتبار أن كل الأمثلة التي نستقيها من التاريخ لجرائم الإرهاب كالتدمير بالمتفجرات والمذابح الجماعية وإلقاء القنابل والاغتيالات كانت ترتكب ضد الطرف الآخر في الصراع كالمحتل ومعاونيه أما الإرهاب المعاصر فيسعى إلى تحقيق أهدافه على حساب المواطنين العاديين في البلد مثلما حدث سنة 1972 عندما قامت منظمة الأسود الفلسطينية باغتيال