وواجب التبليغ في قانون رقم (03.03) المتعلق بمكافحة الإرهاب له طابع التأكيد والإلحاح ، ويبدأ من حيث الزمن بشكل فوري أي بمجرد علم الشخص بمخطط أو أفعال تهدف إلى ارتكاب أعمال يعاقب عليها بوصفها جريمة إرهابية.
والجريمة الإرهابية الواجب التبليغ عن مخططاتها أو عن أفعالها هي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في قانون رقم :03-03 المتعلق بمكافحة الإرهاب سواء تعلق الأمر بجنحة إرهابية او بجناية إرهابية أما السلطات العمومية يجب أن يوجه إليها التبليغ فتحدد في إحدى السلطات التالية: السلطات القضائية او السلطات الأمنية، او السلطات الإدارية ، أو السلطات العسكرية.
الفقرة العاشرة : جرائم غسيل الأموال .
تعتبر جرائم غسيل الأموال أخطر جرائم عصر الاقتصاد الرقمي ، أنها التحدي الحقيقي أمام المؤسسات المال والأعمال، وهي أيضا امتحان لقدرة القواعد القانونية على تحقيق فعالية مواجهة الأنشطة الجرمية ومكافحة أنماطها المستجدة وغسيل الأموال جريمة ذوي الياقات البيضاء تماما كغيرها من الجرائم الاقتصادية التي ترتكب من محترفي الإجرام الذين لا تتواءم سماتهم مع السمات الجرمية التي حددتها نظريات علم الإجرام والعقاب التقليدية.
وغسيل الأموال أيضا جريمة لاحقة لأنشطة جرمية حققت عوائد مالية غير مشروعة فكان لزاما إشباع المشروعية على العائدات الجرمية او ما يعرف بالاموال القذرة ليتاح استخدامها بيسر وسهولة ولهذا تعد جريمة غسيل الأموال مخرجا لمأزق المجرمين المتمثل بصعوبة التعامل مع متحصلات جرائمهم خاصة تلك التي تدر أموالا باهظة، كتجارة المخدرات وتهريب الأسلحة والرقيق وأنشطة الفساد المالي ومتحصلات الاختلاس وغيرها .
وتجدر الإشارة هنا أن النهب العام بخصوص جرائم غسيل الأموال ارتبط بجرائم المخدرات بل إن جهود المكافحة الدولية لغسيل الأموال جاءت ضمن جهود مكافحة المخدرات ولهذا موضوع النص دوليا على قواعد وأحكام غسيل الاموال جاء ضمن اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بمكافحة المخدرات ومبرر ذلك أن أنشطة المخدرات هي التي أوجدت الوعاء الأكبر للأموال القذرة بفعل متحصلات عوائدها العالية، غير ان هذه الحقيقة أخذة في التغيير إذ تشير الدراسات التحليلية إلى أن أنشطة الفساد المالي والوظيفي خاصة في الدول النامية من قبل المتحكمين بمصائر الشعوب أدت إلى خلق ثروات باهظة غير مشروعة تحتاج لتكون محلا لغسيل الأموال كي يتمكن أصحابها من التنعم بها، وكذلك أظهر التطور الحديث لجرائم التقنية العالية ( جرائم الكمبيوتر والأنترنيت) إن عائدات هذه الجرائم من الضخامة بمكان تتطلب أنشطة غسيل الأموال خاصة أو مقترفيها في الغالب ليس لديهم منافذ الإنفاق الموجودة لدى عصابات المخدرات وذات القول يرد بخصوص أنشطة الإرهاب وتجارة الأسلحة وتجارة الرقيق والقمار وخاصة مع شيوع استخدام الأنترنيت اليت سهلت إدارة شبكات عالمية للانشطة الإباحية وأنشطة القمار غير الشرعية وغسيل الأموال نشاط إجرامي تعاوني تتلاقى فيه الجهود الشريرة لخبراء المال والمصارف وخبراء التقنية – في حالات- غسيل الأموال بالطرق الإلكترونية – وجهود اقتصاديي الاستثمار المالي إلى جانب جهود غير الخبراء من المجرمين ولهذا تطلبت مثل هذه الجرائم دراية ومعرفة لمرتكبيها ولهذا أيضا تطلبت عملا تعاونا يتجاوز الحدود الجغرافية مما جعلها جريمة منظمة تفترفها منظمات إجرامية متخصصة وجريمة عابرة للحدود ذات سمات عالية ومن هنا أيضا ليس بالسهل مكافحتها دون جهد دولي وتعاون شامل يحقق فعالية أنشطة المكافحة.
ومن خلال استعراض هذه الجرائم التي اعتبرها قانون ف03-03) جرائم إرهابية يظهر بانه بهذه الجرائم على سبيل الحظر وليس على سبيل المثال حيث نجد ان هناك جرائم تؤدي إلى الترويع وخلق فزع لدى الأشخاص لكنها لا تدخل في خانة الجرائم الإرهابية وبالتالي يمكن القول بأن هناك العديد من الجرائم التي يمكن اعتبارها جرائم إرهابية إلا أنها تخرج من هذه الدائرة.

قانون مكافحة الإرهاب دراسة نقدية
الفصل الثاني : الجزاء الجنائي في الجريمة الإرهابية
من البديهي ان كل فعل جرمي توازنه عقوبة محددة، تتلاءم وخطورة المرتكب ذاته فمتى طغت البساطة على الفعل المذكور اتسمت العقوبة المستحقة بالتخفيف أو الليونة وعلى النقيض من ذلك إذا كانت الخطورة السمة المقترنة بالفعل الجرمي اشتدت العقوبة الموازنة له واتصفت بالصرامة .
وما من شك أن كل متتبع لطبيعة العقوبات المنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب (03-03) سيرصد ملاحظة ميدانية شعارها الأول : الصرامة والتشدد وانسجاما مع الخصوصية والخطورة والاستثنائية التي تقترن بالجريمة الإرهابية غايته في ذلك زجر المجرم الإرهابي وردعه عن اقتراف تلك الجرائم المخلة بأمن الجماعة ومصالحها، وصيانة المجتمع من الفوضى الفساد، وطمأنة عموم المجتمع من كل ترويع أو رعب أو ذعر يمس بالأمن العام والنظام العمومي
وإذا كنا نشاطر المشرع المغربي في معرض تقنية للعقوبات الجزائية المقررة للجرائم الإرهابية فإن لنا مؤاخذة في هذا المضمار مضمونها ينصرف إلى إغفال تجريم مجموعة من الأعمال الموازية المرتبطة بالجرائم الإرهابية وتضييق الخناق عن حدود ومدى سريان البعض منها وعدم تعزيز هذه العقوبات بتدابير وقائية شخصية وعينية كافية… من شأنها تفادي الخطر المستقبلي الذي يحمله ويشكله المجرم الإرهابي وتفادي ارتكاب أعمال إرهابية جديدة في المستقبل أو على الأقل تسريب أفكاره المتطرفة او إشاعتها بين عموم المواطنين.
سنتطرق في هذا الفصل إلى المشاركة وارتكاب الفعل الأصلي في الجريمة الإرهابية في مبحث أول والعقوبات المقررة للأشخاص الطبيعية في قانون مكافحة الإرهاب في مبحث ثاني :

المبحث الأول : المشاركة وارتكاب الفعل الأصلي في الجريمة الإرهابية
إن الجريمة الإرهابية وعلى غرار الجريمة الكلاسيكية تحيلنا من حيث تصور إمكانية اقترافها على احتمالين أساسيين فإما أن ترتكب من طرف فاعل واحد، فاعل الأصلي وأن تعددوا يصبحوا مساهمين فتسمى جريمة فردية ، حيث ترتبط بمشروع فردي غايته المس بالنظام العام وزعزعة الاستقرار والأمن عبر إشاعة الترهيب والذعر بين أفراد المجتمع اما أن ترتكب لنفس الغاية- من طرف مجموعة من الأفراد الذين يوزعون الأدوار فيما بينهم في سياق عملية التنفيذ فنكون والحالة هذه أمام جريمة إرهابية جماعية … هذه الحالة التي تتوزع بدورها من حيث الأفراد المكونين لها ما بين مساهمين او مشاركين فما هي تجليات موضوع المشاركة والمساهمة في ظل الجريمة الإرهابية ؟

المطلب الأول : المشاركة في الجريمة الإرهابية .
ينص الفصل 6-218 ق ج على أنه :” بالإضافة إلى حالات المشاركة المنصوص عليها في الفصل 129 من هذا القانون، يعاقب بالسجن من عشر إلى عشرين سنة كل شخص يقدم عمدا لمن يرتكب فعلا إرهابيا أو يساهم أو يشارك فيه ، أسلحة او ذخائر .
فالجريمة كمشروع إجرامي إما أن يتم تنفيذها من طرف شخص لوحده فيسمى فاعلا أصليا، وإما أن يتم هذا التنفيذ مع الغير أي من طرف عدة أشخاص وفي هذه الأخيرة فإننا سنتواجد من الناحية القانونية في مواجهة إحدى الحالتين:
الحالة الأولى التي تعبر عنها المشرع الجنائي بالمساهمة
الحالة الثانية والتي عبر المشرع الجنائي بالمشاركة
الفقرة الأولى : الأساس القانوني في المشاركة
نظم المشرع الجنائي المشاركة في الفصل 129 ق ج، وفي هذه الحالة يقوم بالتفنيذ المادي للجريمة بعض الجناة (مساهمون) او أحدهم (فاعل أصلي) أما الباقون فيقتصر دورهم على المساعدة وذلك بقيامهم بأعمال ثانوية لا تصل إلى مرتبة القيام بكل أو بعض أفعال التنفيذ المادي للجريمة او للمحاولة فيها أي أنهم يقومون بأعمال ثانوية لا تعتبر مشكلة لوقائع الجريمة بحسب التعريف القانوني لها
ولصعوبة إلا لتمييز من الناحية العلمية بين المساهمة والمشاركة فقد أعلن المشرع على تذليل هذه الصعوبة حيث تعرض في الفصل 129 ق ج لتحديد الأعمال التي تسمح بخلع صفة شريك في الجناية أو الجنحة على فاعل ما – دون المخالفات التي لا عقاب على المشاركة فيها فنص على أنه :” يعتبر مشاركا في الجناية أو الجنحة من لم يساهم مباشرة في تنفيذها ولكنه أتى أحد الأفعال الأتية :
ا-أمر بارتكاب الفعل او حرض على ارتكابه وذلك بهية أو وعد او تهديد او إساءة أو استغلال سلطة أو ولاية او تحايل او تدبير إجرامي.
ب-قدم أسلحة او أدوات او أية وسيلة اخرى استعملت في ارتكاب الفعل مع علمه بأنها تستعمل لذلك.