إن الجواب على هذه الأسئلة يقتضي القول بأن المشرع المغربي يعتبر المعاهدات التي وقعها بمثابة قانون داخلي متى توفرت الشروط الآتية:
الشرط الأول :أن تتم المصادقة على هذه المعاهدات من قبل المشرع الذي يريد أن يرقى إلى مستوى القانون الداخلي .
الشرط الثاني : يجب على السلطة التي صادقت على المعاهدات أن تنشرها بصفة صحيحة في وسائل النشر الرسمية، والمتمثلة في الجريدة الرسمية بالنسبة للمغرب ويبدو أن القضاء المغربي سار في النهج عندما اعتبر بأن ” الجريدة الرسمية التي تصدرها الحكومة بصفة دورية، ومنظمة هي الضمانة الوحيدة لتبليغ النصوص القانونية إلى عليم الأفراد والجماعات، كما يستحيل على المحاكم تطبيق نصوص لم تطلع مسبقا على فحواها من خلال نشرها في الجريدة الرسمية .
وبتحقق هذين الشرطين يبدو لنا أنه في حالة تعارض أحكام المعاهدات التي تمت المصادقة عليها مع أحكام القانون الداخلي الخاص، فإنه يجب تقديم النوع الأول من هذه الأحكام على النوع الثاني وذلك بغض النظر إذا كانت سابقة أو لاحقة عليها في الزمان وهذا ما أشار إليه المشرع المغربي مثلا في الفصل الأول من ظهير الجنسية المغربية عندما أكد في الفقرة الثانية من هذا الفصل ” بأن مقتضيات المعاهدات أو الاتفاقيات الدولية التي تقع المصادقة عليها، والمرافق على نشرها ترجح على أحكام القانون الداخلي “.
فمحاربة الإرهاب أذن يقتضي مسارعة الدول إلى المصادقة على كل الاتفاقيات الدولية والإقليمية في هذا الشأن وتكييف قوانينها الداخلية وفق مقتضيات هذه الاتفاقيات الدولية.
وفعلا وفي سبيل خلق رؤية عالمية موحدة للإرهاب وإقرار مقتضيات قانونية مشتركة بين دول المعمور لمكافحة فقد انخرطت بعض الدول، وليس للأسف ليس جلها في مسلسل المصادق على مضمون هذه الاتفاقيات كما وضعت قوانين خاصة لمكافحة الإرهاب وتصنيفه كجريمة جنائية مستقلة مضمون هذه الاتفاقيات كما وضعت قوانين خاصة لمكافحة الإرهاب وتصنيفه كجريمة جنائية مستقلة عن غيرها من الجرائم الكلاسيكية وأقرت عقوبات في غاية الصرامة في حق مقترفيها فقد أصدرت المكسيك قانون مكافحة الإرهاب سنة 1968 ثم كوبا سنة 1969 وفرنسا بموجب قانون رقم 634 سنة 1970 وإيطاليا سنة 1976 إلى غير ذلك من الدول وإن كان الطابع الغالب في هذه القوانين كونها تنصرف أساسا لمعالجة الجرائم الإرهابية الموجهة ضد الطيران المدني.
أما المغرب فإنه وبحكم التزامه الدولي كعضو فاعل في المنظمات الدولية يتعهد بما تقتضيه مواثيقها من مبادئ وواجبات كما أكدت ذلك مختلف الديباجات الواردة في دساتيره، فقد صادق على مختلف الاتفاقيات المناهضة للإرهاب الدولي وأصبح ملزما بتطبيق مبادئها استنادا إلى المادة 26 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات المؤرخة في 26/09/1972 بشأن حجية المعاهدات ومدى إلزامية تطبيقها بالنسبة للدول المصادقة عليها كما بادر من جهة أخرى إلى إقرار قانون خاص بمكافحة الإرهاب(03-03)و الذي دخل حيز التنفيذ.
وبعد هذه النظرة على تعريف الإرهاب لغة واصطلاحا، سنحاول التقرب من هذه الظاهرة انطلاقا من التطرق إلى جذوره التاريخية (فقرة أولى) والاجتماعية (فقرة ثانية).

منقول