وإذا كان المشرع لم يرتب جزاء البطلان على خرق شكليات وقواعد الحراسة النظرية، فإن مقتضيات المادة751 من قانون المسطرة الجنائية تبقى قابلة للتطبيق على خرق تلك الإجراءات، وتنص هذه المادة على أن كل إجراء يأمر به قانون م.ج، ولم يثبت إنجازه على الوجه القانوني يعد كأنه لم ينجز. ويؤدي ذلك إلى اعتبار كل إجراء أنجز خرقا للقواعد المنظمة لمسطرة الحراسة النظرية عديم الأثر وكأن لم يكن. وبمثابة ذلك الاستماع إلى شخص بعد نهاية فترة الحراسة النظرية، أو مواجهته مع الغير وهو معتقل وبعد نهاية المدة القانونية للحراسة النظرية، فيعتبر محضر الاستماع أو المواجهة كأن لم ينجزا لأنهما أنجزا خرقا للقانون .
ولعل المجلس الأعلى يكون قد تأثر بالاجتهاد القضائي الفرنسي الذي اعتبر أن عدم احترام الإجراءات المتعلقة بالوضع تحت الحراسة لا يؤدي إلى بطلان المسطرة عندما لا يظهر أن هذا الإجراء قد تسبب في تعييب البحث عن الحقيقة، وإما بالتأويل للفصل751 من ق.م.ج الذي ينص على أن :” كل إجراء أمر به هذا القانون ولم يثبت إنجازه على الوجه القانوني يعد كأن لم ينجز”.
وبالعودة إلى وجهة نظر الفقه، يرى الأستاذ “العلمي عبد الواحد” أنه لا يمكن الاقتصار على بطلان المحضر الذي لم تحترم فيه المدة القانونية للوضع تحت الحراسة النظرية لكونه معيبا شكلا، بل أجاز تحريك الدعوى العمومية ضد ضباط الشرطة القضائية الذين يلجؤون إلى هذا الإجراء بصورة تحكمية ضد المشبوه فيه الموضوع تحت الحراسة.
وهو نفس الاتجاه الذي ذهب إليه الأستاذ “محمد عياط” حيث يرى بأن إغفال المشرع لتبيان الأثر المترتب على الإخلال بأحكام الوضع تحت الحراسة النظرية بنص صريح، فيه تقصير غير معقول خاصة إذا قارنا ذلك الموقف بموقفه من أحكام التفتيش، حيث كان عليه أن يساوي الإخلال بأحكام الوضع تحت الحراسة صراحة بأحكام التفتيش من حيث الآثار المترتبة عليها وهو البطلان.
___________________________________________
-الحسن البوعيسي: عمل الضابطة القضائية بالمغرب دراسة نظرية وتطبيقية ص223
-أحمد الخمليشي شرح قانون م.ج جزء
I. مطبعة المعارف الجديدة سنة1995 ص287
-أحمد أجويد شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد الجزء
I ص236
-الحسن هوداية: الحراسة النظرية بين التشريع والاجتهاد القضائي مطبعة دار السلام الرباط طبعة2002 ص9
-عبد الله العلوي السليماني منشور بمجلة الملحق القضائي عرض حول الاعتقال الاحتياطي عدد 18دجنبر1987 ص42
-تقديم محمد بوزبع شرح قانون المسطرة الجنائية ج
I ص145
-الحسن البوعيسي : عمل الضابطة القضائية بالمغرب.مرجع سابق ص223
-الحسن هوداية: الحراسة النظرية بين التشريع والاجتهاد القضائي ص10 مرجع سابق
-مؤلف الإرهاب وحقوق الإنسان. الجمعية المغربية لحقوق الإنسان مركز الإعلام والتوزيع ص87
-الحسن البوعيسي: عمل الضابطة القضائية ص314 “مرجع سابق”
-وزارة العدل: شرح قانون المسطرة الجنائية ج
I.العدد2.2004/ص147-148
-وزارة العدل: شرح قانون المسطرة الجنائية الجزء
I، مرجع سابق، ص130
-احمد أجويد: شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد، الجزء الأول ص262
-
Michel Laure rossot proposition de reforme du code de procedure penale 16ème éditionp:172-173-174.
-مقال للأستاذ عبد اللطيف الخاتمي، الوضع تحت الحراسة النظرية والمحاكمة العادلة منشور مؤلف الإرهاب وحقوق الإنسان ص85 وما بعدها.
-يلاحظ أن المادة66 لم توجب في حالة تمديد فترة الحراسة النظرية تقديم الموضوع تحت هذا الإجراء إلى النيابة العامة بينما نجد المادة80 وبصفة استثنائية تمكن منح الإذن بالتمديد بمقرر معلل بأسباب دون أن يقدم الشخص للنيابة العامة.
-مضاف بالقانون رقم86-1020 الصادر في شتنبر1986 بشأن مكافحة الإرهاب.
-مضاف بالقانون رقم105 سنة1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة بموجب المادة5 من القانون97 لسنة92
-عبد الطيف الخاتمي، مؤلف الإرهاب وحقوق الإنسان، مرجع سابق ص87
-أحمد الخمليشي: شرح قانون المسطرة الجنائية جزء
Iص276 مرجع سابق
-وزارة العدل: شرح قانون المسطرة الجنائية الجزء
I، مرجع سابق، ص130
-وزارة العدل: شرح قانون المسطرة الجنائية الجزء
I، مرجع سابق، ص132
-مقال د.عبد اللطيف الخاتمي، الوضع تحت الحراسة النظرية والمحاكمة العادلة مؤلف الإرهاب وحقوق الإنسان “مرجع سابق” ص88
-أحمد أجويد: شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد، مرجع سابق ص242
-عبد السلام بوهوش وعبد المجيد شفيق، الجريمة الإرهابية في التشريع المغربي، مرجع سابق، ص209
-احمد الخمليشي شرح قانون المسطرة الجنائية الجزء الأول طبعة1980 ص211
-قرار بتاريخ 14يوليو1972 قضية عدد39047. وقرار عدد157 بتاريخ 26/10/1973 قضية عدد44381
-قرارا عدد2461 بتاريخ 25/3/1986 مجلة القضاء والقانون عدد138 ص279
-وزارة العدل: شرح قانون المسطرة الجنائية الجزء
I، مرجع سابق، ص134
-مجلة المحاماة العدد15 ص:87 حكم عدد773 بتاريخ 13-4-79
-عبد الواحد العملي: شرح قانون المسطرة الجنائية مرجع سابق ص235-236-237-238
-محمد عياط حماية حقوق الإنسان في مرحلة ما قبل المحاكمة على ضوء ق.م.ج مرجع سابق ص:58-59


مكافحة الإرهاب و حماية حقوق الإنسان
الفصل الثاني : ضمانات حقوق الإنسان في الجريمة الإرهابية
المبحث الثاني: التحقيق الإعدادي في الجريمة الإرهابية
إن الرغبة الأكيدة في تقصي الحقائق دعت المشرع إلى استحداث نظام التحقيق الإعدادي من أجل توفير ضمانات هامة للحقوق الفردية والجماعية، والتحقيق الإعدادي يختلف عن البحث التمهيدي لا من حيث الجهة التي تقوم به ولا من حيث الضمانات المقررة له، فهو مرحلة قضائية لا بوليسية. ولذلك قيل أن التحقيق الإعدادي يتوسط البحث التمهيدي الذي تقوم به الشرطة القضائية والتحقيق النهائي الذي تختص به المحكمة في الجلسة .
ومن الناحية المسطرية يجري التحقيق إما بناء على ملتمس من النيابة العامة، وإما بناء على شكاية من المطالب بالحق المدني .
وتبعا لذلك تولى المشرع المغربي إقامة تنظيم خاص ومستقل لمسطرة التحقيق الإعدادي، وهذا ما سنعمل على توضيحه من خلال دراسة إجراءاته المسطرية (مطلب ثان) لكن قبل ذلك لن يفوتنا بيان المقصود بالتحقيق الإعدادي والجرائم الإرهابية الخاضعة له (مطلب أول).
المطلب الأول: التحقيق الإعدادي والجرائم الإرهابية الخاضعة له:
التحقيق الإعدادي موضوع متشعب وشائك، تكمن صعوبته في أن له مساسا مباشرا بحق من أهم حقوق الإنسان وهو الحق في الحرية الشخصية، لهذا تولى المشرع المغربي تنظيمه بشكل مفصل في القسم الثالث من مدونة قانون المسطرة الجنائية من الفصل83 إلى غاية الفصل250 منه.
ولرفع اللبس عنه وإدراك الفرق الذي يميزه عن البحث التمهيدي والبحث النهائي، لا بد من تقديم تعريف واف وشامل له، مع إبراز أهم خصائصه ومميزاته في فقرة أولى وتعداد الجرائم الإرهابية الخاضعة له في فقرة ثانية.
الفقرة الأولى: مفهوم التحقيق الإعدادي
على ضوء مقتضيات قانون المسطرة الجنائية المؤرخ في 3أكتوبر2002، سوف يتضح أن المشرع المغربي أغفل أو تفادى تحديد المقصود بالتحقيق الإعدادي، مكتفيا بتنظيمه من خلال بيان مجاله وكذا مجمل الإجراءات التي تندرج في إطاره.
أولا: تعريف التحقيق الإعدادي
يقصد بالتحقيق الإعدادي، مختلف الإجراءات القضائية التي تتولى ممارستها سلطات التحقيق وعلى الوجه المحدد بنصوص قانون المسطرة الجنائية، وذلك من أجل تحقيق الأهداف التي من أجلها تم إحداث مؤسسة قاضي التحقيق: القيام بالتحقيق الجنائي لجمع الأدلة، ودراسة الملابسات الخاصة بالجريمة، قصد إحالة المتهم على جلسات الحكم.
ويترتب عن هذا التعريف نتائج أهمها: