الفقرة السادسة : الجرائم المتعلقة بنظم المعالجة الألية للمعطيات :
كان لإدخال المعلوميات في العديد من القطاعات الاقتصادية والإدارية والاجتماعية، وتنوع أشكال القرصنة والاستعمال والاستغلال غير المشروعين لبرامج الحاسوب ومعطياته وقع في تعالي العديد من الأصوات المنادية بضرورة وضع إطار قانوني للمعلوميات للحد من مخاطر الاستعمال الغير القانوني للمعلوميات .
ذلك أن المعلوميات غيرت بشكل كبير العديد من المفاهيم القانونية خاصة في مجال القانوني نظرا لظهور قيم حديثة ذات طبيعة خاصة مجملها معلومات ومعطيات فقد أصبحت جريمة إنشاء معلومات برامج الحاسوب والاعتداء عليها بالقرصنة أو الاستغلال غير المشروع من أخطر أنواع الجرائم التي أوجدتها المعلوميات ، حيث ان التطور المهول لظاهرة الجريمة جعلها يبحث في إحداث التقنيات والاختراعات العلمية لتسخيرها لخدمة الجريمة ، ولاشك أن نظم المعالجة الآلية للمعطيات تأتي على رأس هذه التقنيات .
ونظرا للفراغ التشريعي في هذا الباب ولعدم توفر القضاء على الآليات القانونية للتصدي للجريمة التي تستهدف هذا المجال ، كان من الضروري تدخل المشرع لتتميم مجموعة القانون الجنائي فيما يتعلق بالجرائم المتعلقة بنظم المعالجة الآلية للمعطيات .
وإلى جانب ذلك عاقب المشرع الجنائي عن إدخال معطيات في نظام المعالجة الآلية للمعطيات أو إتلافها أو حذفها منه او تغيير المعطيات المدرجة فيه او تغيير طريقة معالجتها او طريقة إرسالها عن طريق الاحتيال.
كما تم فرض عقوبات على تزوير وتزييف وثائق المعلوميات، إذا كان من شأن التزوير او التزييف ألحق ضرر بالغير وكذلك الشأن بالنسبة لمن يستعمل وثائق معلوماتية وهو يعلم بأنها مزورة أو مزيفة ( الفصل 7-607 ق ج ).
كما اشتمل القانون على عقوبات صارمة في حق من يقوم بصنع تجهيزات أو أدوات أو يعد برامج للمعلوميات او للمعطيات أعدت او اعتمدت خصيصا لأجل ارتكاب الأفعال المجرمة في هذا الإطار أو يمتلك هذه الأجهزة او الأدوات او يحوزها ، او يتخلى عنها للغير او يعرضها او يضعها رهن إشارة الغير ( الفصل 10-67من القانون الجنائي) ومن جهة أخرى تم العقاب على محاولة ارتكاب الجرائم المذكورة ( الفصل 8-607 ق ج ) وعن الاشتراك في عصابة او اتفاق يتم لأجل الأعداد لواحدة أو أكثر من الجرائم المعلوماتية إذا تمثل الأعداد في فعل أو أكثر من الأفعال المادية ( الفصل 9-607 ق . ج).
الفقرة السابعة: جرائم إخفاء أشياء متحصلة من جريمة إرهابية .
هذه الجريمة الإرهابية نص عليها المشرع في الفقرة الأخيرة من الفصل 1-218 من القانون (03-03) المتعلق بالإرهاب ، وتكمن عناصرها في :
العنصر المادي :
يتلخص العنصر في وقوع جريمة من الجرائم الإرهابية من طرف شخص وبالتحديد الجرائم التي يمكن أن يتحصل منها أشياء كجريمة السرقة وانتزاع الأموال والجرائم المتعلقة بنظم المعالجة الآلية للمعطيات وجرائم صنع الأسلحة او المتفجرات أو الذخيرة ثم يقوم شخص آخر بإخفاء ما تم تحصيله من هذه الجرائم أي الأشياء المسروقة في جرائم السرقة والأموال المنتزعة في جرائم انتزاع الأموال والبرامج المعلوماتية المنجزة خلافا لأحكام القانون ، والأسلحة والمتفجرات والذخيرة المصنوعة خلافا لأحكام القانون.
ومما سبق يتبين ان هناك جريمتين الأولى أصل والثانية فرع وهذه الأخيرة في قيامها تابعة للأولى وجود أو عدما . والظرف المتمثل في أن الشيء الموجود تحت اليد تم الحصول عليه من جريمة إرهابية.
والفعل المادي هو وضع اليد لا يقتضي حتما أن يكون محاطا بالسرية كما انه لا يلزم أن يكون قد قضى تحت يد الفاعل مدة معينة فيكفي أن يكون قد تلقى الشيء ثم سلمت لغيره بعد ذلك .
ويجب أن يكون قد وقع الحصول على الشيء اما من جناية او من جنحة إرهابية ويمكن أن يكون الشيء قد اختفى لكنه عوض بقيمة من المال.
والملاحظ أن جريمة الإخفاء تكون مرتكبة حتى لو ان الشيء الذي ثم إخفاؤه لم يعد هو بالذات الشيء الذي وقعت سرقته وليس مهما أن يكون الفاعل قد حصل على نقود من بيع شيء مسروق أو اشترى بالنقود المسروقة أي شيء كان ويجب أن تبين محكمة الموضوع (محكمة الاستئناف بالرباط) أصل الشيء الموجود في حوزته لكي يتبين بذلك سوء نيته.
وفي جريمة إخفاء شيء متحصل من جريمة إرهابية لا أهمية للوقت علم فيه الفاعل بأصل الشيء أي بأن الحصول عليه كان من جراء جناية أو جنحة إرهابية سواء كان هذا الوقت في أول فترة الإخفاء أو أثناءه .
وأخيرا فإن مخفي الشيء يعاقب حتى ولو لم تقع متابعة مرتكب الجريمة الأصلية أو كان مجهولا أو كان مستفيدا مثلا من إحدى حالات الإعفاء من العقاب المنصوص عليها في الفصل 534 من القانون الجنائي.
العنصر المعنوي:
هو علم الفاعل بأن مصدر الشيء هو جريمة إرهابية وهو يندرج مع النية الإجرامية.
الفقرة الثامنة: جرائم تمويل الإرهاب.
إزاء تصاعد أعمال الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره في أنحاء العالم كافة، اكدت رسميا الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إدانتها القاطعة لجميع أعمال الإرهاب وأساليبه وممارساته على اعتبار أنها أعمال إجرامية لا يمكن تبريرها ، أينما ارتكبت وأيا كان مرتكبوها فأصدرت الجمعية العامة قرارا بالغ الأهمية تطلب فيه من جميع الدول اتخاذ خطوات بالوسائل الداخلية الملائمة لمنع تمويل الإرهابيين والمنظمات الإرهابية والحيلولة دون تحقيق هذا التمويل ، سواء كان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عن طريق منظمات ذات أهداف خيرية او اجتماعية او ثقافية او تدعي ذلك أو تعمل أيضا في أنشطة غير مشروعة مثل الاتجار غير المشروع بالأسلحة والمخدرات وابتزاز الأموال بما في ذلك استغلال الأشخاص لأغراض تمويل الأنشطة الإرهابية لذا اقتضت الضرورة اعتماد تدابير تنظيمية لمنع تحركات الأموال المشبه في أنها لأغراض إرهابية، والتصدي لهذه الحركات، دون وضع عقاب أمام الحق في حرية انتقال رؤوس الأموال المشروعة وفي توسيع نطاق تبادل المعلومات المتعلقة بالتحركات الدولية لهذه الاموال وللتصدي لظاهرة الإرهاب أصبح الاقتناع راسخا على بلورة كل هذه الأفكار في اتفاقية دولية وهو ما تحقق من خلال الاتفاقية لقمع تمويل إرهاب الموقعة في نيويورك في 1/01/2000 والتي نصت في المادة 3 على أن تتخذ كل دولة طرق التدابير اللازمة من أجل اعتبار الأفعال المتعلقة بتمويل الإرهاب والمنصوص عليها في المادة 2 من الاتفاقية جرائم جنائية بموجب قانونها الداخلي والمعاقبة عليها بعقوبات مناسبة تراعي خطورتها على النحو الواجب كما فرضت المادة 5 من الاتفاقية على كل دولة طرف اتخاذ التدابير اللازمة وفقا لمبادئها القانونية الداخلية للتمكين من أن يتحمل كل كيان اعتباري موجود في اقليمها أو منظم في إطار قوانينها المسؤولية إذا قام شخص مسؤول عن إدارة او تسيير هذا الكيان بصفته هذه بارتكاب جريمة منصوص عليها في المادة2 وقد تكون هذه المسؤولية أما مدنية او جنائية أو إدارية.
ومن هذا المنطلق بادر المشرع المغربي إلى تجريم تمويل الإرهاب والمعاقبة عليه في القانون رقم 03-03 المتعلق بقانون مكافحة الإرهاب حيث اعتبر الفصل 4-218 قانون جنائي الأفعال التالية أفعالا إرهابية.
-القيام بأية وسيلة كانت مباشرة أو غير مباشرة بتقديم او جمع تدبير أموال أو قيم أو ممتلكات بنية استخدامها أو مع العلم بأنه تستخدم كليا أو جزئيا لارتكاب عمل إرهابي سواء وقع العمل المذكور او لم يقع
-تقديم مساعدة أو مشورة لهذا الغرض
فمفهوم الأموال في قانون مكافحة الإرهاب والذي يوظف في تمويل العمليات الإرهابية قد يكون أموالا لا نقدية او قيما او ممتلكات ، في حين يقصد بتعبير الأموال في الاتفاقية أي نوع من الأموال المادية او غير المادية المنقولة او غير المنقولة التي يحصل عليها بأية وسيلة كانت والوثائق والصكوك القانونية أيا كان شكلها بما في ذلك الشكل الالكتروني أو الرقمي واليت تدل على ملكية الأموال أو مصلحة فيها بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر الائتمانيات المصرفية وشيكات السفر والشيكات المصرفية والحوالات والأسهم والأوراق المالية والسندات والكمبيالات وخطابات الاعتماد .
الفقرة التاسعة : جرائم عدم التبليغ عن الأعمال الإرهابية
جرم المشرع عدم التبيلغ عن جريمة إرهابية في الفصل 8-218 ق ج عاقب كل من كان على علم بمخطط أو أفعال تهدف إلى ارتكاب أعمال معاقب عليها بوصفها جريمة إرهابية ولم يبلغ عنها فورا بمجرد علمه بها الجهات القضائية أو الأمنية أو الإدارية او العسكرية .
فجريمة عدم التبليغ عن جريمة إرهابية تتحقق بالامتناع عن القيام بعمل أوجبه القانون الذي يفرض على المواطنين المساهمة إلى جانب السلطات العمومية في مجهوداتها الرامية إلى مكافحة الجريمة والوصول إلى الجناة لإفشال مخططاتهم الإجرامية وخاصة الجرائم الإرهابية التي تكتسي خطورتها أهمية بالغة على أمن واستقرار الفرد والمجتمع .