دور العامل السوسيونفسي في استنبات الخلاياالارهابية

بقي أن نتساءل عن التربة الاجتماعية التي تمكن مثل هذهالخلايا أو التنظيمات من الاستنبات داخلها. ولا محيد هنا عن الانفتاح على كتابالدكتور مصطفى حجازي : " سيكولوجية الإنسان المقهور "، فعلى مستوى الخصائص الذهنيةنجد أن غالبية أفراد المجتمعات المتخلفة يعانون من اضطراب في منهجية التفكير، إذيتعاملون مع واقعهم متجردين من أي خطة مسبقة تساعدهم على مقاربته منطقيا، بل تسودالفوضى والتخبط والعشوائية، فالحديث عادة ما يتشعب ويذهب في أي مذهب في حالة منالتداعي الحر للأفكار، والتي سرعان ما تبتعد عن الموضوع الأصلي مما يوقع في الغموضوالحيرة اللذان يجعلان الفرد يلجأ إلى التمنيات بخروج سحري. ولهذا يسود التعصبوالتشبث بالأحكام القطعية بعيدا عن أي محاولة للتحليل أو التوليف وبالأحرى امتلاكالقدرة على التفكير الجدلي والعلمي تبعا لمبدأ التناقض (الديالكتيك) بدل مبدأالسببية الميكانيكية الجامدة. وعموما تنظر الذهنية المتخلفة إلى الواقع نظرةتفتيتية تكديسية في غياب تام لأي ترابط أو اتساق يعيد سبك ظواهر الواقع ويعيد إليهالحمتها في بنيات وعلاقات عضوية تمكن من ضبط حركيتها. أما على المستوى الانفعاليفالغالبية العظمى تعاني من طغيان الانفعالات بسبب المأزق المعيشي المزمن حيث يغلبالتعاطي الانفعالي والوجداني مع المواقف بدل تحكبم العقل والمنطق قصد إرصانها. إذالانفعالات ينبغي ضبطها ضمن حدود لا تتعداها فالإفراط في الانسياق خلفها يفقد الفردالقدرة على امتلاك واقعه علميا وعقلانيا ويؤدي اضمحلالها تجاه الواقع إلى حالة منالبرود وعدم الاكتراث مما يوقع في التبلد الكلي. أما الإفراط في قمع الانفعالاتفينجم عنه الوقوع في هوس التحليل والدقة والتركيز على التفاصيل التي ترهق الذهنوتفقد المرء دفء الحياة وحرارتها. وإذا أضفنا إلى كل هذا فشل التعليم في التأصلوالتجدر في شخصية الفرد وتشكيله فقط لمجرد قشرة سطحية في النهاية وتغطي جميع أشكالالتفكير السقيمة والسائدة نستطيع وبالضبط فهم الأسباب الكامنة وراء تفشي التعاطيالخرافي والغيبي مع ظواهر هذا الواقع. غير أن الأدهى هو ما يكمن في الحياةاللاواعية للأفراد حيث تدفعهم علاقات التسلط والقهر (السادو- مازوشية) المفروضةعليهم من كل صوب وحدب إلى التمسك بالتقليد والنكوص إلى أمجاد الماضي والتماهيبالمتسلط نفسه من حيث قيمه وأحكامه وعدوانه مما يعيد إنتاج نفس الذهنيات ونفسالأوضاع. اذا نظرنا من جهة أخرى إلى الباراديغم الذي قياسا عليه يحدث الحراكالاجتماعي واقصد هنا "الحريك" أو ما اسماه حجازي مرة أخرى بالهدر(3)، سنتمكن لامحالة من الخروج بفهم اعمق لهذه الظاهرة.فما يصطلح عليه بالهجرة السرية هو مجردنتاج لبنية اوسع واشمل. ذلك ان " الحريك " لا يتمثل في الهجرة السرية فقط بل يمكنان نتحدث أيضا عن: - حريك مافيات تخريب الاقتصاد الوطني إلى البرلمان عن طريق شراءالأصوات. - حريك التلميذ إلى مستوى أعلى عن طربق الغش. - حريك صغار الموظفينومحدودي الدخل إلى مظاهر الفئات الميسورة عن طريق الغرق في