دكتور غنام
قناة دكتور أكرم على يوتيوب

آخـــر الــمــواضــيــع

النتائج 1 إلى 10 من 42

الموضوع: حكايات زورك نيميسيس ..وقصص عن الجن والعفاريت ...يمنع الدخول للأطفال

العرض المتطور

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    الدولة
    المنصورة
    المشاركات
    113

    افتراضي من حكايات زورك نيميسيس .. حكاية صرخة الرعب

    حكاية صرخة الرعب


    " هناك فرق .. بين الفتاة تصرخ لما ترى صرصارا .. وبين الفتاة تصرخ لما ترى شيطانا "


    كان يا مكان .. فيما انقضى من الزمان .. كان هناك حي حديث بالقاهرة .... حديث جدا .. و هاديء جدا .. اقتربت الكاميرا ببطء لتصور لك مشهد عمارة حديثة في هذا الحي ... متوسطة الطول.. عالية المستوى جدا .. ودارت الكاميرا يمينا ثم شمالا بحركات سينيمائية .. حي مصري حديث عادي جدا .. عواميد نور.. اسفلت من المستوى الأول .. شاب و فتاة يمشيانن و يتحدثان في أمور لا أهمية لها .. حارس العمارة يجلس على كرسي خشبي بجلبابه الرمادي و يدخن .. حي راق كما يصفه الناس .. تعود الكاميرا لتركز على العمارة .. و تقترب من شرفة مضيئة في الدور الأول . اقتربت أكثر .. هناك جلسة نسائية عائلية فيما يبدو .. آنسات يثرثرن في أمر ما .. و بدأت الكاميرا تركز على فتاة واحدة .. وعلى طريقة الأنمي الياباني .. ظهر اسمها بخط أبيض على الشاشة .. كان اسمها زهرة شرف الدين.. بفتح الزال .. لها ملامح الحور العين بالضبط لو كنت تعرف أوصافهن .. كانت تتحدث و تبتسم ثم تتحدث .. هذا طراز الجلسات العائلية دائما .. أطنان من الابتسامات و المجاملات .

    مرحبا .. أدعى زهرة .. في السابعة عشرة من عمري .. إن خالتي إكرام تملك عمارة كاملة في التجمع الخامس بالقاهرة .. تلك العمارة أكرهها رغم جمالها ... حكايتي معها لن تمحى من ذاكرتي ولو فقدتها ..
    حكاية شيطانية .. دعوني أبدأ مباشرة .. تبدأ حكايتي عندما كنت جالسة في الشرفة في بيت خالتي في الدور الأول من تلك العمارة ... كانت معي أختى الكبرى أسماء .. و ابنة خالتي مي .. نتحدث كلنا في أمر ما .. وللحظة خيل إلي أنني سمعت صوت ساحرة تحترق .. بل جنية تذبح .. بل طفلة تتمزق .. كانت صرخة .. صرخة سمعتها في قلبي وارتجفت .. صرخة أنثى .

    انتفضت أنا و أختي من مكانينا .. لكن مي بقيت كما هي و رسمت على وجهها تعبير( أوه - ليس - مرة - أخرى ) وبادرتنا قائلة بسرعة : هذه هي الفتاة التي أخبرتكما عنها من قبل .. كانت مي قد حكت لنا السنة الماضية عن وجود فتاة مريضة نفسيا في العمارة المجاورة لهم ... وهذه الفتاة المريضة تصرخ كل يوم صراخا مريعا حتى أصبح الأمر عاديا عند أهل الحي ..أذكر من حكايتها أن أهلها كانوا يحبسونها في قبو العمارة ويغلقون بابه بالمفتاح ... لكن هيهات .. الأمر يختلف تماما عندما تسمع عنه و عندما تعيشه بنفسك ... كيف أصف الأمر لمخيلتك ... إنها بدت لي وكأنها
    صرخة أنثى لدغها ألف ثعبان .

    استأذنتنا مي وذهبت لفعل شيء ما .. بقيت أنا و أسماء مرتعبتين جدا .. كنا نرتجف .. وجدنا نفسينا نقرأ المعوذتين و آية الكرسي معا بصوت عال حتى تطمئن قلوبنا ... وحتى أفيق من أثرتلك الصرخة أترك خالتي إكرام تحكي لك ما حكته لنا لما جلسنا معها في جلسة الشاي بالداخل... تفضلي يا خالتي ..

    لقد قررت أنا وزوجي بعد سنين من العناء أن نبني عمارة في حي من الأحياء الحديثة بالقاهرة تكون سكنا لنا و لأولادنا .. يتزوجون فيها و نكون فيها كلنا معا .. وبدأنا فعلا في أمر البناء الذي استغرق وقتا لا بأس به .. وكنا نتابعه كل سنة حتى اكتمل .. ثم بدأ العمل على تجهيز الحوائط و الأرضيات من الداخل .. ثم بدأ العمل في تجهيز الشقق نفسها ... ثم بدأنا في فرشها ... كان الأمر مكلفا جدا .. نقود و ديون و عناء نفسي حتى شارفنا على الانتهاء منها .

    وذات مرة ذهبت مع زوجي للعمارة لأضع بعض الأشياء في الشقة بالدور الأول و المفترض أنها ستكون شقتي أنا و هو .. وبينما أنا أرتب الأغراض هنا وهناك سألته عن الجيران .. قال أنهم كلهم طيبون ومسالمون ... لكن جارتنا في العمارة المجاورة لديها ابنة مريضة ... ظننت أنه يعني أنها معوقة مثلا أو شيء من هذ القبيل .. دعوت الله أن يشفيها ... ويصبر أهلها .

    ثم توضأت و بدأت أصلي الظهر .. وفجأة انتفضت .. سمعت
    صرخة عالية جدا و أليمة جدا تأتي من مكان قريب جدا ... خرجت من الصلاة مفزوعة و نظرت إلى الشارع .. لا شيء .. كل شيء هاديء .. حتى الناس يمشون ويضحكون بشكل طبيعي جدا .. وكأن الصرخة جاءت إلى أذني انا وحدي ... هرعت إلى زوجي الذي بدا طبيعيا هو الآخر ... قال لي : لا تقلقي .. إنها الفتاة المريضة التي أخبرتك عنها .. إنها مريضة بالتوحد .. كما أن لديها ضمور في المخ .. لكنني لم أسمع باقي الكلام .. قلت له بحزم ... اسمع يا عزيزي .. لا يمكنني أن أعيش هنا .

    بعد أيام أتت أختى و زوجها لزيارتي... كنت أبكي بحرقة .. للأسف لا يمكننا الانتقال من هنا ، لقد بذلنا كل ما لدينا في أمر هذه العمارة ... ولكن لا يمكنني العيش هنا وسماع هذه الصرخة الرهيبة كل يوم .. إن الصرخة تؤلم .. وكأنها تجرح روحك ذاتها بخنجر ملتهب .. كان رأي زوج أختي أن أهدأ تماما و أن أحمد الله أنه لم يكن في أحد أولادي ... وأن أدعو لها بالشفاء ... ثم قال لي أنه يجب أن أكلم والدة الفتاة و أتعرف عليها لأعرف منها الحكاية كلها .

    وجدت نفسي ذات يوم أطرق باب الدور الأرضي في العمارة التي تجاورنا .. فتحت لي الباب سيدة في الثلاثينات نظرت لي بتساؤل .. بعد مرور ساعة من هذا المشهد خرجت من ذلك البيت مندهشة و أضرب كفا في كف .. و أسأل نفسي بصوت عال عن العالم الذي فقد معنى الإحساس .

    لما جلست مع المرأة وفاتحتها في أمر تلك الصرخة الرهيبة ... قالت لي بدهشة :
    - ماهذا ؟ أيصلكم الصوت حقا ؟
    يبدو أن هذه السيدة تهذي ... إن كل من في الشارع يسمعه ... قالت السيدة :
    - لقد أتيت من مدينة نصر خصيصا إلى هنا بسبب هذه البنت ... صوتها كان يصم آذان الجيران ... قلت أنني سأنتقل لحي واسع في الصحراء حتى لا يؤذي الناس صوت ابنتي المريضة .
    قالت هذا ثم قامت لتحضر كوبين من الشاي ...

    بصراحة أصبح قلبي أقوى من ناحية الفتاة لما جالست هذه المرأة .... كانت تتحدث و تسخر و تضحك بين الكلمة و الكلمة و حتى أنها تسخر على ابنتها نفسها ... كنت مندهشة جدا لكنني سألتها :
    - لماذا لم تذهبي بها إلى مستشفى ؟
    ردت بسرعة :
    - تعرفين ما تفعله المستشفيات في المساكين أمثالنا .. تحاليل و استغلال .. والنهاية مخيبة للآمال و مضيعة للنقود
    قلت لها بإصرار:
    - ولماذا لم تحضروا لها طبيبا في البيت؟
    قالت بلهجة عتاب :
    - من قال أننا لم نحضر لها طبيبا ؟ لقد أحضرنا لها طبيبا و أعطاها علاجا منوما ... وقال لي أن الجلوس معها لا يفيدها ولا يضرها ... لأنه مثلها مثل هذا الكرسي لن يفرق معها .

    كرسي ؟ هذه المرأة تستخدم مصطلحات قاسية نوعا ما على ابنتها ... أكملت المرأة قائلة :
    - لكنني لا أعطيها الدواء
    سألتها باندهاش جزع :
    - لماذا ؟ لماذا لا تعطينها العلاج ؟
    قالت بهدوء :
    - لأنني أريد أن أتركها تلعب و تعيش حياتها طبيعية .. لا أريدها أن تقضي بقية حياتها في النوم
    قلت لها باستنكار :
    - أنت يجب عليك الالتزام بتعاليم الطبيب .. هذا يمكن أن يؤذيها .. كيف تتجاهلين تعليماته هكذا لآراء شخصية قد تكون خاطئة .
    قالت بلهجة غير محببة :
    -أنت تقولين هذا لأن صوتها يضايقك .. لكن لا تقلقي .. سأعطيها الدواء المنوم بانتظام .. أعدك .
    شعرت بالغضب و قلت :
    - لا تفهميني بالعكس من فضلك .. إني مشفقة عليها جدا .
    ثم قلت و كأنني تذكرت شيئا :
    - ثم إن هذا سيكون أفضل مثلا لو أتى عريس لأخواتها ... سيخاف ويقلق جدا لو سمع هذا الصراخ
    قالت المرأة باندفاع :
    - فليذهب في ستين داهية .. يأتي غيره ألف عريس... ولو أتى عريس أصلا سأجعلها هي أول من يسلم عليه .

    شعرت أنني ضايقتها ..ربما لمست وترا حساسا ... سألتها محاولة تغيير مجرى الحديث :
    - لماذا لا تشغلين عليها القرآن ؟ ربما تهدأ
    قالت المرأة باستنكار :
    - قرآن ؟ ولماذا ؟ تريدينني أن أؤذيها ؟ لماذا ؟ ماذا عملت لك هذه المسكينة ؟
    قلت باندهاش غاضب :
    - ماذا تقصدين ... كل الناس تحتاج لسماع القرآن ... كل الناس الصحيح منهم و السقيم
    شعرت أن المرأة ليست مرتاحة من وجودي في الكون .. قالت لي :
    - دعك من هذا الأمر ... أخبريني كيف كان شعورك لما سمعت الصرخة لأول مرة ؟
    إن هذه المرأة مختلة ... هذا مؤكد .. قلت لها :
    - ماذا تعني بهذا السؤال ؟ طبعا شعرت بالذعر الشديد لما سمعتها لأول مرة .. وكأن هناك فتاة تحترق ...تتعذب ... كنت أريد أن أطلب الشرطة لولا أن زوجي أخبرني بحقيقة الأمر .

    هكذا انتهت كلمات خالتي .. كانت
    حكاية عجيبة جدا ... وبات واضحا أن هناك شيئا ليس على ما يرام في الموضوع .. لا أدري أين .. لكن هناك شيء غريب .. قررت أنا و أسماء أن نذهب من هنا ... استأذنا خالتي و قمنا .. نزلنا إلى الشارع وفي ذهنينا مئات الأفكار ... وفجأة انطلقت الصرخة للمرة الثانية ... وياللألم الروحي الذي يصاحب سماعها .

    غبت أسبوعا انشغلت فيه بأمور حياتي ... ثم صدف أن زرنا خالتي مرة ثانية .. كنا جلوس لديها في غرفة المعيشة ... وبين أطراف الحديث سألتها عن الفتاة التي تصرخ .. قالت أنها سمعت أنها تأخذ دواءها بانتظام ثم إنها كـ .... جاءها التكذيب في صورة حية تذبح بخنجر قديم ...
    صرخة هزت أرجاء الوجود حتى جعلنا أصابعنا في آذاننا جميعا .. إن الصرخة ليس صاخبة لكنها تخترق روحك فتشعر أنك أنت الذي تصرخ .. مرت دقائق من الصمت حتى قالت مي :
    - هذه أول مرة أسمعها تصرخ منذ فترة طويلة .. هذا حظكما

    دقائق أخرى و سمعنا صوت ضربات يبدو من صوتها أنها تضرب على سطح معدني سميك ... سألت مي فقالت لي أن الفتاة اعتادت أن ترمي بالحجارة على باب القبو ... لم أجد وقتا للاستغراب حيث شقت الهواء فجأة
    صرخة مكتومة .. صرخة تصرخها و شفتاك مغلقتان ... وهذه ذات تأثير روحي جارح جدا لو سمعتها .. قلت لمي :
    - هي الفتاة أيضا ؟
    أومأت برأسها أن نعم .. ثم قالت:
    - أقترح أن نقوم كلنا الآن و ونذهب من هنا .. حتى يمكننا النوم على الأقل .

    إن التأثير المرعب لهذه الصرخة يمتد معك لساعات طويلة ... وقصة الفتاة ووالدتها غريبة الأطوار يجعلاني أفكرفي احتمالات شريرة كثيرة .. فكرت مثلا أن هذه ليست أمها ... أمها الحقيقية ماتت منذ زمن وما هذه إلا واحدة من عبدة الشيطان تحاول تقديم البنت قربانا له ... ولهذا ترفض القرآن و تقول أنه ربما يؤذيها .. فكرت أيضا في احتمالات أن تكون الأم ساحرة فودو .. لكن لا أظن .. إن هذا البيت تعيش فيه الأم و ابنتها و أخوات البنت .. عائلة عادية فيها عضو مريض نفسيا ... ضمور في المخ .. توحد ... هذه الأمور تحدث .. أنا أهول الأمور ليس إلا .

    مرت الأيام و الليالي وانشغل كل ذي شغل بشغله و كل ذي لهو بلهوه .. كنا في إجازة آخر العام ... سافرنا إلى الإسكندرية و عدنا .. و أخذت أيامي الأنثوية العادية تنقضي بين تسوق و تلفاز و ثرثرة و Facebook .... لا أدري من قال أن الدراسة مملة و الإجازة ليست كذلك ؟... كلاهما له روتين ممل خاص به ...وكانت هذه الإجازة رتيبة حتى أتت أسماء و قالت لي :
    - زهرة .. نحن مدعوون لعيد ميلاد نسرين .
    - وما نسرين ؟
    - هي تلك الفتاة التي تصرخ ليل نهار بجوار بيت خالتي .

    عمارة حديثة في التجمع الخامس .. الكاميرا تقترب منها في هدوء مقلق .. ثم تلتفت الكاميرا و تحيد عن تلك العمارة و تقترب مسرعة من عمارة مجاورة .. ليست أقل حداثة .. لكن يبدو أن فيها احتفال ما .. يمكنك أن ترى باب العمارة و أبواب الشقق مفتوحة و الأنوار مضاءة و كذلك النوافذ ... تتوقع أن تدخل بك الكاميرا إلى ذلك الحفل لكنها تحيد مرة أخرى فجأة و تتجه مسرعة إلى القبو .. كان بابه مفتوح على مصراعيه .. ثم تدخل بك لترى المشهد بالداخل .

    كأن إعصارا كان ينام في هذا المكان .. كل قطعة تدخل تحت بند الأثاث تراها مقلوبة .. أو محطمة .. وهناك كثير من العرائس مخلوعة الرأس أو اليدين ترتمي هنا و هناك ... ألعاب محطمة ... دماء .. مياه .. فرش مبعثرة على سرير حديدي .. الصورة التي تتكون في ذهنك فورا هي أن هذه زنزانة .. ليست أي زنزانة.. إنها زنزانة شيطان ... شيطان طفل .

    نعم وافقت على الذهاب إلى حفل عيد الميلاد ... قالت لي أختي أسماء أنهم أعطوها كمية لا بأس بها من العقاقير المهدئة .. حتى أنها ستبدو كالهرة الوليدة طوال الحفل .. وأنه لا خوف مطلقا .. وأن الحفل سيكون فيه حضور كثير منهم رجال .. فلا داعي للخوف ... فلسنا نحضرعيد ميلاد المينوطور هنا .. ما هي إلا ابنة ما يزيد قليلا عن العشر سنوات .

    ازدحام من ذوي الطبقة المتوسطة الأقرب للعلو .. أكواب كركديه .. الكثير من النساء .. يمكنك أن تعد خمسة أو ستة منهن مألوفات ... هناك رجلين أو ثلاثة ينظرون إلى ساعاتهم كل ثلاث دقائق .. تدور بك الكاميرا حول كل تلك الوجوه ثم تمر من بين الأجساد لتركز معك على فتاة واحدة صغيرة تعطيك ظهرها .. شعر أسود ناعم .. فستان أبيض و أحمر .. جسم هزيل .. تقرر الفتاة فجأة أن تستدير إليك .. نعم إنها هي .. نسرين ... صاحبة الصرخة .

    شقت الأجواء أسهم من نار استقرت في قلوب كل الحضور فأسقطتها عند أقدامهم .. بل هي
    صرخة واحدة اعتلت الأجواء فتهدمت لها كل الأفئدة .. والتفت الكل بأعين متسعة إلى المصدر ... وليتها اكتفت بصرخة واحدة .. بل ليتها اكتفت بالصراخ وحده .

    كانت ستبدو للخبراء وكأنها نوبة صرع عادية من طراز Grand mal Epilepsy و لغير الخبراء ستبدو وكأنها شيطان مجنون تهيأ على هيئة فتاة في العاشرة .. لم تكتف نسرين بالصراخ .. بل إنها تحركت ناحية المائدة و هي تصنع تلك الصرخة المكتومة .. ثم أخذت كوبين من الكركديه و ألقتهما بقوة رهيبة ناحية أحدى النساء .. اصطدم أحد الأكواب بكتف المرأة وسقط الكوبان و انكسرا على الأرض ... واستمر الصراخ المؤلم .

    ومثل ذئبة صغيرة تحركت إلى الباب الرئيسي و وأوصدته بسرعة ... ونظرت إلى الكل بغل واضح .. هذا ليس صرعا .. هذا عفريت من الجن يبدو كطفلة .. إن من أكثر المناظر رعبا لما ترى ملامح الطفل البريئة تتوحش كالشياطين .. إن حالنا لا يخفى عليك يا عزيزي .. بعضنا سقط مغشيا عليه و ارتاح .. و بعضنا الثاني احتضن بعضنا الآخر في جزع .. لم يكن هذا كل شيء ... فقد قررت تلك الذئبة أن تطفيء الأنوار .. و بضغطة من يدها الصغيرة أظلمت الأجواء ... و أظلمت قلوبنا من
    الرعب .

    وهنا أفاق رجلين من غيبوبتهما و تحركا بعنف .. كانا يمضيان في الظلام بغير هدى .. سمعت فحيحها الصارخ مرة أخرى .. ثم سمعت صوت رجل يطلق سبة بذيئة .. دقائق و ضغط أحد الرجلين زر النور فعادت الرؤية تتضح .. كانت الفتاة تتصارع مع الرجل الآخر .. نظرت إلى حجم المتصارعين و رأيت أن الطفلة قد أنشبت أسنانها في يده .. ثم إنها تلقت صفعتين رهيبتين من يد متورمة غاضبة فسقطت على الأرض وهي تزوم .

    أطلقت تلك الصرخة المكتومة التي تحمل الكثير من معاني الغيظ و البغض ثم قامت .. تبدو و كأنها ميدوسا بهذا الشعر الثائر .. كانت تضغط على أسنانها و تهمهم بكلمات ما .... أيما كان ما تقوله فقد كان مرعبا جدا .. إن حالنا لا يخفى عليك يا عزيزي .

    ثم تحركت بسرعة خارقة ناحية كعكة عيد الميلاد .. و أخذت السكين الذي كان يفترض أن نقطع به الكعكة .. لكن يبدو أنها قررت أن تقطع به أشياء أخرى .. أشياء بشرية .. صرخت
    صرخة أخرى .. يبدو أن حديثها الصراخ .. إنها لا تصرخ صرخات ألم .. بل صرخات حديث .. كل صرخة لها مغزى معين و طريقة معينة .. صرخة تهديد .. أو صرخة غيظ .. أو صرخة غضب .. أيا كان نوع صرختها هذه المرة فقد أمسكت بالسكين و ركضت بسرعة ناحية خالتي .

    يستحيل أن تجاري سرعتها .. ورغم أنها طفلة إلا أنه من الصعب أن تجد في نفسك الشجاعة للوقوف أمامها و هي بهذه الحالة .. تراجعت خالتي في رعب و كعادة الذين يتراجعون في رعب تعثرت في شيء ما ووقعت على ظهرها ... وبدا أنها النهاية في أبشع صورها .

    وفجأة نظرت الشيطانة للأعلى و اتسعت عيناها بشكل مرعب جدا و بدا على وجهها علامات ألم قاس .. ثم تحولت نظرة الألم إلى نظرة ذهول بذات العين المتسعة ... فتحول الذهول إلى دموع ... و الدموع إلى بكاء ... بكاء طفلة .. أخذت الفتاة تبكي و تبكي ثم سقطت على الأرض ... وذهل الحضور .. وهنا تحركت أمها .. و تحرك من وراءها عدة نسوة في حذر .. دفنت الأم الفتاة في صدرها و احتضنتها .. و أخذت تميل للأمام و تعود و تربت على رأس الفتاة .. ثم فجأة علا صوت الحضور و كأنك كنت ضاغطا زر الـ Mute .. احتجاج .. مواساة ... حوقلة .. بكاء .. كانت لوحة جديرة بدافينشي أشد تأثيرا من لوحة العشاء الأخير .

    لم أفهم شيئا .. ولم يفهم أحد شيئا .. ولم تفهم الأم شيئا .. لكني فهمت بعد حين .. و بعد استشارات عديدة ... طبعا وبلا شك كان ما يحدث لهذه الفتاة أمر شيطاني بحت ... لكن لغز ليلة عيد الميلاد يكمن حله في توقيت الاحتفال الذي وافق آخر يوم في شعبان .. حيث بدأ الحفل قبل المغرب بقليل .. واستمر ما يقرب من الساعة عانينا فيها أقسى مشاعر الخوف ثم غربت شمس ذلك اليوم ودخل الليل .. وفور حدوث هذا ..

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    الدولة
    المنصورة
    المشاركات
    113

    افتراضي حكايات زورك نيميسيس .. حكاية نداء الشيطان

    حكاية نداء الشيطان


    "عندما تحاول جنية أن تتقرب للزواج منك فهذا عادي .. أما أن يطلبك للزواج شيطان رجل فلتقل على الدنيا السلام "


    "سارعي .. للمجد والعلياء ........ ....... ....... ....... ........ عاش المليك .. للعلم .. و الوطن " .. نظرت إلى من كان يقف بجواري ... كائن مغمض العينين .. فاغر الفاه ... تأملته قليلا بتمعن ثم رفعت عيني إلى ساحة المدرسة .. كائنات مغمضة العينين .. فاغرة الأفواه .. تتململ بتثاقل كأفراس النهر في انتظار انتهاء النشيد الوطني .. إنهم هنا يشغلونه في الطابور عبر كاسيت أمامه مايكروفون .. اختراع صممه الأستاذ دعبس بعد اليأس التام من أن تنشد أفراس الـنهر ... رحم الله أيام اسطنبول حيث كان الكل يقف كالعواميد يصرخون بتحية العلم بجنون وكأنه فيلم القلب الشجاع .

    بعد انتهاء الطابور وفي الطريق المتململ إلى الفصول .. وكعادته الأزلية ، كان يجب أن يخرجني المدير ليلسعني لسعتين بالعصا لعدم ارتدائي الزي الرسمي السعودي .. هذا يحدث كل يوم لأنني لم أكن ألتزم به أبدا .. المشكلة أنهم هنا يصفون كل من لا يرتديه بأنه (منهم ) .. يعنون الكفار .. لأنه ببساطة من تشبه بقوم فهو منهم .. أذكر أنهم كانوا يعلقون ورقة بهذا على الجدران ... لا يبدو أنني سأحب حياتي في هذه المدرسة خاصة و أنه تبقى لي ثلاث سنوات لأنهيها .

    دخلت إلى الفصل متأخرا قليلا بعد اللسعتين .. لم يكن الأستاذ قد جاء بعد .. اتجهت إلى مقعدي في الصف الأول لا شعوريا .. و بالمناسبة فإن هناك شـ.......... دووووف .... دووووف .... دوووف ... ثم سكوت ... ثم دووووف ....ثم بشكل أسرع قليلا .... دووف دووف دوووف دوووف دووف ... الصوت يحدثه الطلاب كلهم في نفس واحد ... ألم تعرف بعد لم يفعلون هذا ؟ تنظر إلى ما ينظرون لتجد جسدا ضخما جدا جدا كبضعة أفيال موضوعين في ثوب سعودي واحد ... كان هذا هو الدمنهوري ... فتى مغربي غاية في البدانة.. وهو كلما يخطو خطوة داخل الفصل يجب أن يحدث الطلاب هذا الصوت .. و أخيرا لما يصل إلى مقعده ليجلس تسمع .. تِششششششششش .

    وفجأة سكن الكل .. وانتظموا في جلستهم .. رأيت الباب يفتح بقوة شديدة .. توقعت أن أراه ... هرقل .. ابن ملك الالهة و صاحب مدينة الأفاعي .. لكن من دخل لم يكن هو ...بل كان رجلا ممتلئا قليلا .. يرتدي ثوبا و طاقية بيضاء سعودية .. ذو لحية سوداء متوسطة الحجم تبدأ مباشرة من تحت عينيه.. تلك العينين التي اتسعت في تهديد واضح .. كان يمسك عصا متوسطة الطول في يده اليمنى . .. أعرفك .. هذا هو الأستاذ فوزي ... مدرس المواد الدينية وهي خمسة مواد هنا في السعودية .. وهذا يعني أنك سترى هذا الوحش كل يوم .. هذا الأستاذ مصري الجنسية ... لو أردت تخيله أكثر .. تخيل واحدا من عصابة القناع الأسود نمت له لحية سوداء متوسطة الطول .

    كانت حصة في آخر أيام العام الدراسي .. وقد فضل الأستاذ فوزي أن يجعلها حصة حفظ .. أي أن يستغلها الطلاب في حفظ ما تقرر عليهم من القرآن .. ويستغلها هو في إراحة كرشه على الكرسي على ألا يسمع همسا في الفصل ... دقائق و قام طالب يدعى حسن .. أبيض الوجه ، جميل الملامح ، أسود الشعر ناعمه ، ممتليء الجسم قليلا ... قام على استحياء و اتجه إلى الأستاذ فوزي الذي نظر له راسما على وجهه أعتى تعابير الصرامة .

    اقترب حسن من أذن الأستاذ فوزي و همس ببضع كلمات فرسم الأستاذ فوزي على وجهه تعبير المتفهم العالم ببواطن الأمور .. ثم أخذ حسن كرسيا من مكان ما ووضعه بجانب الأستاذ فوزي و جلس عليه معطيا ظهره للفصل .. و مال إلى الأستاذ فوزي وبدأ يتكلم بصوت منخفض حتى لا يسمعه أحد .. وفي كل دقيقة ينظر إلى الفصل في قلق ... تحولت نظرة المتفهم إلى نظرة المندهش ... ثم إلى نظرة أفراس النهر فاغرة الفاه ... ثم بدأ يجفف عرقا وهميا ... لم أستطع منع نفسي من الاشتياق لسماع ما يقولون .. يبدو أنه أمر جلل .. لا أحد يجروء على الجلوس إلى الأستاذ فوزي و التحدث معه هكذا .. ثم إن حسن هذا شخص ضعيف الشخصية جدا .. عدت أحاول سماع أي شيء لكن بلا فائدة.

    المشكلة أنه هذه الجلسة بين أستاذ فوزي و حسن أصبحت تتكرر في معظم الحصص الدينية التالية .. و أصبحا يتقابلان فيما بين الحصص و في وقت الفسحة ... فيما بعد عرفت الموضوع بأكمله من حسن الذي رواه لي بعد أن تخرجنا من المدرسة بعشر سنوات في جلسة رائقة ممتلئة بدخان الشيشة .. وظللت مندهشا من حكايته حتى لحظة كتابة هذه السطور بعد مرور عشر سنوات على سماعي لها .. لن أحك لك شيئا منها بالطبع .. سأمارس عادتي المحببة.. وأدعه يحكي بنفسه ما حدث له.

    مر.... مرحبا .. أدعى حسن خاشـ ... لا .. لا يمكنني الإفصاح عن اسم العائلة .. أنا سعودي في الصف الأول الثانوي .. في مدرسة المنارات في المدينة المنورة ... على قدر من الجمال .. أقـ .. أقصد .. احم .. أعني ... .. المهم .. بدأت قصتي على السرير .. في إحدى الليالي الحارة .. ومكيف غرفتي يضيف مشكلة الإزعاح إلى مشكلة الحر .. فضلت أن أخلع ملابسي لأكون عاري الصدر .. أحاول الحصول على النوم .. أتفلب على جميع الجهات ... أقكر في كل شيء ممل يدعو إلى النعاس ... بلا فائدة .. لازلت يقظا وكأني في مسبح بارد .. قررت أن أجرب أحد طرقي الشهيرة للحصول على النوم .. التفكير في الجنس .

    زاد هذا حالي سوءا لأنه أضاف مشكلة التعرق إلى المشكلتين السابقتين ... لم يبد أن النوم سيأتي اليوم ولا في أي يوم آخر ... وبينما أنا وسط حبات عرقي حدث ما جعلني أنتفض من رقادي و أجلس ملتصقا بالحائط كما يحدث في أفلام الكرتون ... طبعا غرفتي مظلمة .. ومن مكاني على السرير أرى باب غرفتي المفتوح .. وأرى السيب المظلم .. غرفتي في منتصف السيب .. فلما أقول أنني أرى السيب يعني أنني أرى فقط حائط السيب المواجه لباب الغرفة .. ما جمد الدم في عروقي هو أنني رأيت ما يبدو مثل النور يقترب في السيب .. وهذا النور ينعكس على حائط السيب بشكل يستفزك قائلا .. نعم إنني نور .. ونور جدا أيضا .. و أنت لا تهلوس ... ولم تهلوس قط في حياتك .

    المرعب أن النوركان يقترب بسرعة ... هذا نور لا يضيع وقته ... لا ينوي أن يدع لي فرصة لأخذ حقي الطبيعي في الارتعاب ... وفجأة اتضح لي ما كان يصنع النور ... رأيته لثانية ثم فقدت الوعي من الرعب في الثانية الأخرى .. استيقظت فجأة .. ما هذا الحر ؟ جبيني متعرق جدا .. نظرت إلى الساعة ذات العقارب الفسفورية .. إنها الثالثة بعد منتصف الليل .... نظرت لباب الغرفة ... رأيت نورا غريبا يقترب بسرعة .. ثم إنه كـ ... وهنا تذكرت كل شيء .. وصرخت بقوة ..

    أين من يعيش معي في هذا المنزل ؟ لايعيش معي أحد حاليا سوى أمي .. المشكلة أنها معتادة على عادة غبية جدا .. وهي تشغيل الراديو بجانبها على أعلى صوت أثناء نومها .. لا أدري إن كانت حالة نفسية ...يقولون أنها تفعل هذا حتى لا تسمع أي صوت من تلك الأصوات التي تجعلك تظنها أشباح.. طقطقة الأثاث .. تحريك الهواء للأبواب .. صفير النوافذ ... المهم أنها لم تسمعني .. صرخت و صرخت .. لكن النور استمر في الاقتراب بسرعة .. ثم ظهر لي للمرة الثانية .

    جسد أنثى .. ملفوف بطريقة لا تراها إلا في رسوم الكاريكاتير ... قميص نوم فوق الركبة .. بياض قمري غريب .... وجه فاتن لا تراه إلا في الميثولوجيا الإغريقية .. هالة خفيفة من الضوء تلف كل هذا برقة .. كل هذا كان عند باب غرفتي يتقدم على استحياء .. لازلت ملتصقا بالحائط .. لكن ليس بنفس قوة الالتصاق السابقة .. ثم إن تلك الإغريقية مدت يديها وفردت كفيها الرقيقين نحوي .. بالنسبة لي كان كل هذا أكثر مما يحتمله عقلي .. لذا سقطت فورا مغشيا علي .....ليست نقطة جيدة أن تخيب ظن الإغريقيات الذين يمددن إليك أيديهن في منتصف الليل .

    إن ما رأيته ولا شك جنية .. لطالما سمعت عن
    حكايات الجنيات اللاتي يتزوجن رجالا من البشر .. هذا مرعب .. سمعت عن جنيات مثل شيخة الفلسطينية ابنة الخمسمائة عام .. أو ميمونة التي تزوجت رجلا سعوديا له قصة مشهورة ... و أخرى تزوجت أحدهم ورفضت الطلاق و أخذت تطالب بحقوقها .. هذه الأمور كلها سمعتها و تكفلت المجلات و الصحف الصفراء و غير الصفراء بنشر التفاصيل كاملة .

    في ليلتي التالية .. لم أطفيء النور بل فتحت كل أنوار الغرفة و السيب .. و أغلقت باب الغرفة بالمفتاح .. ومرت الليلة بسلام .. مثلها مثل خمس أو ست ليالي تالية استخدمت فيها نفس الطريقة .. لكن كانت لدي مشكلة بسيطة خربت تلك الطريقة الرائعة .. وهي أنني شخص دائم التفكير بالجنس .. مصيبة .. يقولون أن هذا يرجع لسني لكن لا أظن .. فأنا أربط كل شيء في الدنيا بالجنس .. أن تكون جائعا منذ سنين ويأتي شخص يقدم لك مائدة طعام ملكية .. هل سترفضها وتلتصق بالحائط ؟

    في الليلة التالية أطفأت كل الأنوار الممكنة .. وفتحت باب الغرفة وانتظرت على السرير .. مهما كان نوع هذه الحسناء فأنا جائع .. لازل جمالها يحضرني ... ومشيتها تحضرني ... و نورها يحضرني .. كنت أعرف أنني وسيم جدا .. لهذا جاءتني أنا بالذات ... ظللت في مكاني أترقب .. حتى خفق قلبي .. خفقة خوف .. كأن تشعر أن قلبك سقط من فوق جبل بسرعة .. ظهر ذلك النور إياه وهو يقترب .. يالغبائي .. هذا أمر جلل الذي أريد أن أرمي نفسي فيه ... ظل قلبي يسقط من جبل إلى جبل ... وعيناي تتسعان حتى ظهرت مرة أخرى على الباب ... وهذه المرة ظلت واقفة ... واقفة مثل الدم الذي تجمد في عروقي .

    اقتربت مني .. وجهها كألف امرأة جميلة يزدحمون أمامك .. عينان كالسحر .. بل هما السحر ذاته .. شفتان حمراوتان ترى دقائقهما من بليغ دقتهما .. شعر لم تره في أجمل رسومات الأنمي .. أنثى يكفي وجهها لإشباع كل رغباتك .. فلا داعي للنظر للجسد كما اعتدت أن تفعل عند رؤية أي أنثى أخرى .. وها أنا أقوم من مرقدي .. الظلام دامس هنا .. ونورها لا يبدد الظلام و إنما يبدو كجزء منه .. لا أعرف كيف أقرب الأمر لتفكيرك .. لكن تلك الحسناء استدارت ببطء .. وتحدثت .. وليتها ما تحدثت .

    إن لاله ميرة يريدك أيها الإنسي الجميل .. ببركة استقراء المكنون .. لاله ميرة أحبك .. وبه ستملك أمر دنياك الفانية .. وله ستبذل روحك الغالية .. وعنده ستكون أيامك كلها .. ولياليك حتى بزوغ فجرها .. وفيه ستكون ببركة استقراء المكنون .. لاله ميرة هـ .... وسقطت مغشيا علي .

    بعد حوالي يومين ذهبت إلى المدرسة .. كنت في حالة مزرية .. .. طبعا لن يصدقني أحد لو ذكرت لأحد ما حدث ... وسيرسلونني لمستشفى الأمراض العقلية و أضطر لمواجهة طبيب نفسي مصري يلعن اليوم الذي أتى فيه إلى هذا المكان .. لكنني فعلت الحل المنطقي الوحيد ... قررت أن أستشير شيخا .. الشيخ الوحيد الذي أعرفه هو مدرس الدين الخاص بنا ... الأستاذ فوزي .. هو شديد جدا ولا أدري إن كان رجلا صالحا أم لا ... لكن قوة شخصيته أغرتني بأن ألجأ إليه .

    ذهبت في أحد الحصص الفارغة واستشرته .. اندهش في البداية ثم قال لي أنه خبير في هذه الأمور .. وأنه سيساعدني بنفسه... وأن له عدة قصص مع جنيات يظهرن على باب غرفته ... و أن إحداهن أخبرته أنها على استعداد بأن تحقق له أي أمنية لو تزوجها ... الأكثر من ذلك أنه أخذ يحكي قصة عن نفسه - وهذه حكاها للفصل كله ليس لي وحدي – قصة رأى فيها أحد الشياطين يدخل غرفته وهو نائم ... ولأنه كان متعبا و لا يريد القيام لضرب
    الشيطان فقد أشار لملكين رآهما في أحد زوايا الغرفة أن يضربا الشيطان ... فتحركا بعصبية ناحية الشيطان بأسلحتهما التي كانا يحملانها ... باختصار كان الأستاذ فوزي تعريف كلمة نصاب .


    " لاله ميرة أحبك "

    علمني الأستاذ فوزي الكثير من الطرق لطرد الجن و الكثير من الأذكار .. كتبتها كلها .. وكنت أنفذها كل ليلة .. قال لي أنه لو رضخت لما تريد مني الجنية فهي نهايتي .. فهي مثل المسيح الدجال جنته نار و ناره جنة .. وبالفعل ظللت حوالي شهرا كاملا أداوم على الأذكار .. وفعلا طوال الشهر لم يحدث شيء ... هذا يثبت أنني نجحت في طردها .. رائع .. يبدو أني تسرعت في الحكم عليك يا أستاذ فوزي .

    كل شيء كان يمضي بخير .. أمضي أيامي و لياليً في هدوء ... حتى أصابتني تلك الحالة الجنسية إياها ... أول شيء فعلته هو أنني مزقت تلك الكراسة التي كتبت فيها الأذكار .. و أخرجت كل المصاحف و الكتب الدينية من غرفتي .. ثم أنني تعمدت أن أترك الصلوات كلها بلا استثناء ... و أصبحت أقضي معظم الوقت في غرفتي ... وذات ليلة كنت أرقد على سريري مطفئا النور... بدأ النوم يداعبني .. يروح و يأتي ... حتى لمحتها عيناي .. لمحت حبيبتي .

    كان ظهورها هذه المرة مرعبا بحق ... في البداية لمحت نورها الأبيض من تحت الباب .. ثم بدا لي و كأن النور دخان أبيض ناعم أخذ يدخل من تحت الباب لداخل الغرفة و تهيأ على هيئتها .. هذه المرة كانت لا ترتدي أي شيء على جسدها .. اقتربت مني برقة مرعبة .. عيناي اتسعتا في لذة .. هل تعرف كيف يمكن أن تتسع عيناك في لذة ؟


    " إن لاله ميرة يريدك أيها الإنسي الجميل "

    احتضنتني بقوة بين ذراعيها الجميلتين...وبدأت هالة الضوء الخفيفة التي تحيط بها تتحول لشكل دخان مضيء أبيض .. مهما كانت هذه الحسناء فسأكون معها بخير .. قالت لي أنني بما أفعل الآن أفتح على أبواب سخاء لا ينقطع ... ونعيم أبدي .. و أنها الآن ستعطيني أكبر عطاء يمكن أن يحصل عليه إنسي ... وفجأة شعرت ببرودة شديدة في جلدي و كأنه أحيط بماء بارد جدا .. أخذت أنتقض و هي تحتضنني و أرى دخانها المضيء حولها إلى أن شعرت أنها تضمحل ... حجمها ينقص ... ولما فطنت للحقيقة كانت قد اختفت كليا .. الحقيقة أن هذه الإغريقية دخلت تحت جلدي .

    بعدها كنت أشعر دائما أنني لست على ما يرام ... تلك الجنية لم تأتني مجددا لكنني كنت أشعر أنها موجودة في مكان ما بداخلي .. ثم بدا لي و كأنها تأتي معي أينما ذهبت .. تعرفت على مجموعة من الشاب .. كانوا من المغرب و قائدهم طالب معي في الفصل يدعى الدمنهوري .. وهو ولد لن تصدق ضخامته مالم ترها بنفسك .. لكنه ظريف و طيب القلب جدا .. كما أنه يحبني جدا .

    ذات يوم جاءني صديقي الدمنهوري .. كنا في أول أيام الإجازة ... قال لي أنه جهز استراحة جميلة ومعه مجموعة من الشباب خفيفي الظل.. وأنهم ينوون قضاء الليل في لعب الورق و الشيشة و مشاهدة الأفلام و السباحة الرقص .. و أنه سيحب أن أكون معهم ... أعجبتني الفكرة جدا... وفعلا ذهبت معهم في تلك الليلة .. و ليتني ما ذهبت .

    استراحة جميلة .. مسبح نظيف .. شباب معظمهم من المغاربة خفيفي الدم فعلا جدا .. رأيت الدمنهوري يرتدي الشورت و التي شيرت ... كان يبدو ظريفا عليه جدا .. كنت قد اعتدت منظره بالثوب السعودي .... كان الشباب كلهم يجلسون في غرفة واسعة على طراز المجلس العربي .. و الدمنهوري يحاول ضبط الكاسيت و يوصله بسماعات كبيرة .

    سألني الدمنهوري إذا كنت أحب الأغاني المغربية .. قلت له أنني أحب الألحان لكن لا أفهم الكلمات عادة ... قال لي أن الكلمات لا يفهمها سوى المغاربة فقط ... ثم سأل صديقه أن يحضر له شريطا مغربيا له اسم غريب .. تحمس الفتى و أخذ يبحث وسط أغراضه حتى أخرج الشريط ... أخذه الدمنهوري ووضعه في الكاسيت ثم ضغط زر التشغيل .

    بدأ اللحن ... يبدو محببا و ظريفا جدا ... لكنني لازلت أشعر أنني لست على ما يرام ... شعرت بدوخة بسيطة ... بدأت الألحان تتخذ طابعا حماسيا .. و بدأت أنا أتفاعل معها ... ثم فجأة قمت من مكاني و أخذت أرقص بجنون ... شعرت أنني فقدت السيطرة على نفسي ...كل حركاتي المتحمسة لم يكن يوافقها أي حماس داخلي مني .. لكنني كنت أفعلها ... ثم أننني سقطت أتمرغ في الأرض طالبا بعض الحلوى رأيتها في أحد الصحون القريبة... حتى أتي أحد هؤلاء المغاربة وأعطاني تلك الحلوى الجميلة ... أخذت ألتهمها بشراهة ... لا أذكر شيئا بعدها غير أن هناك بعض الناس ذوي لحى اقتحموا علينا المكان و معهم قوة أمنية ...

    احم .. مرحبا أنا أحمد مجددا .. معذرة فلندع حسن في شأن نفسه .فحكايته انتهت من على لسانه تقريبا... إن قصة حسن هذه بحثت فيها مطولا و تأكدت أنها لم تكن مزحة .. قرأت تصنيف البوني الذي يدعى "منبع أصول الحكمة " ويحكي فيه عن ملوك الجن وتصنيفهم .. وفيه جاء " ويحصر ملوك الجان في ( المذهب ، مرة ، الاحمر، برقان ، شمهورش ، الابيض ، ميمون ) وفيما عدا اسمي شمهورش ومرة الغريبين عن النطق العربي والأمازيغي ، فإن الأسماء الخمسة الأخرى معروفة ومتداولة في المجتمع بكثرة كأسماء الأفراد . وقد عرف اسم ملك الجان (مرة) تحريفا متواليا طال . حتى جنسه الذي تحول حسب الأسطورة من الذكورة الى الأنوثة ... فإن اسمه كان الحارث بن مرة لكننا نجده تحول إلى (ميرة) . إن (لاله) لفظ تشريف يسبق عادة أسماء النسوة ذوات النسب المتحدر في أعلى الشجرة من الدوحة النبوية الشريفة. وحسب المعتقد فإن (لاله ميرة) تنال في توزيع الادوار بين ملوك الجان السبعة بركة استقراء مكنون النفس البشرية الغامضة وكل ما يرتبط بعالم الغيب. ولذلك تقام لتلك الملكة المهابة الذكر حفلات خاصة كي تحضر وتدخل في جسد وتسرع في كشف أسرار النسوة المحيطات بها "


    " وبه ستملك أمر دنياك الفانية .. وله ستبذل روحك الغالية "

    جاء أيضا في كتاب يتحدث عن السحر لكاتب مغربي شهير " والموسيقى التي تعزف ليلة الدربة ليست مجرد إيقاعات راقصة قوية، كما قد يبدو لغير العارف بخبايا كناوة، بل إن المقاطع الراقصة تتوزع وفق نسق يجعل الفرقة الكناوية تعزف تباعا الإيقاعات الخاصة بملوك الجان السبعة الذين يقدسهم أفراد الطائفة، بحيث يستطيع الممسوسون من الجان أن يجدوا ضالتهم في أحدها, فإذا كانت إحداهن ممسوسة بأذى «الملكة ميرة»، مثلا، فان الفرقة ما إن تعزف لحن تلك الملكة حتى تنهض الممسوسة، كما لو أنها مدفوعة من قوة خفية، فتشرع في إطلاق ضحكات هستيرية مخيفة، ثم تبدأ في الجذب المحموم مع الصراخ والتمرغ على الأرض, وتطلب من المحيطنين بها أن يعطوها «قاقة» التي تعني في لغة الأطفال الحلوى، فيسرعون إلى مناولتها شيئا حلوا، لأن الملكة هي التي طلبته في الحقيقة "

    دعني أخبرك بسرين صغيرين ربما تفهم منهما كل شيء بلا داعي لشروح مطولة .. السر الأول هو أن حسن دخل سجن المدينة المنورة بعد أن تم ضبطه في حالة شذوذ مع مجموعة من المغاربة في أحد الاستراحات .. وظل في السجن فترة حتى أخرجه والده بعد جهد رهيب ... هذا هو السر الأول .

    السر الثاني هو في مارد من الجن يدعى لاله ميرة ... رجل في الأصل .. أنثى في الهيئة و الرغبة ... جن شاذ .. يندمج في جسد من يختارهم من الرجال و يجعلهم يمارسون الجنس مع رجال أمثالهم وكأنهم مارسوها مع الجني .. وبهذا يحقق الجني شهوته .. وهو ملك من ملوك الجن ... اتصاله بالبشر يكون إما بالتلبس أو بالتجلي - كما حدث لحسن - وبعد تلبسه في الإنسان يمكن إيقاظه فور سماع بعض الألحان التي يعرفها المغاربة دون غيرهم .. وهي ألحان منتشرة في أغانيهم ويستمتع الناس بها لكن لا يعرف إلا القليل حقيقة تأثيرها .


    " وفيه ستكون ببركة استقراء المكنون "

    إن لاله ميرة له عدة أدوار أخرى غير الشذوذ الذي يتخذه هواية .. أدوار مهمة مثل الفضيحة .. و يفعلها عن طريق ميزة يتميز بها دون غيره من ملوك الجن و تدعى استقراء مكنون النفس البشرية الغامضة .. فيمكنه أن يجعل النفس أن تبوح بكل أسرارها لمن حولها مهما كانت النفس ترفض ذلك ... ومهما كان من حولها من أعدائها .. ولاله ميرة هو ملك الجن الوحيد القادر على استراق السمع هو و أتباعه.. و لذا فإن أتباعه يرجمون في السماء كل ليلة لما يسترقون السمع .


    " وعنده ستكون أيامك كلها .. ولياليك حتى بزوغ فجرها "

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    الدولة
    المنصورة
    المشاركات
    113

    افتراضي حكايات زورك نيميسيس .. حكاية صراخ الديناصورات

    حكاية صراخ الديناصورات


    " أما نحن فكنا نمتطي الميمينشيوصور و نصيد التريسيراتوبس ونستخدم التيروصور في المراسلة "



    رغم مرور مئة مليون سنة على تلك الأحداث إلا أني أذكرها بتفاصيلها و كأنها حدثت البارحة ... لازلت أذكر طفولتي أيضا .. عندما كنت أجري مع أصدقائي على صفحة مياه المحيط الهادي الذي كان بنصف حجمه الحالي ومن حين لآخر تحوم حولنا طيور الأونيثاكاروس العملاقة ذات العيون الزرقاء واضعة مناقيرها في الماء في محاولة لالتقاط أي كائن حي يقابل أسنانها الحادة المتشابكة ... مهلا مهلا .. معذرة لقد نسيت أنني أحدث بشريا هنا.. ربما وضعت في مخيلتك الآن أنني أقيم في مستشفى للأمراض العقلية .. لا عليك .. فهو خطأي ... سأحدثك بمفاهيمك حتى تتمكن من استيعاب كلماتي جيدا .

    لا أعرف لنفسي اسما .. ففي عالمي لا نستخدم الأسماء مطلقا للتعريف .. وبالمناسبة فجنس الإنسان فقط هو الذي يستخدم الأسماء ... أنا من جنس الجان .. الجان العلوي وليس السفلي ... معذرة ثانية لم أنتبه إلى أنك لا تفقه حرفا عن الجان ... سأبسط الأمر جدا .. الجان مثلهم مثل أي شعبة من الكائنات الحية ينقسمون إلى فصائل ثم إلى رتب ومن ثم إلى عائلات .. إن هناك حوالي ثلاثمئة نوع من أنواع الجن .. لكن الكل يندرجون تحت شعبتين رئيسيتين .. الجن العلوي الذين أنتمي إليهم والجن السفلي وهم الشياطين .

    الإنسان من المخلوقات التي تأتي في نهايات السلسلة الحيوية وبالتالي لا تندرج تحته أي تقسيمات.. وهو المسيطر على العالم الآن بلا أي منازع آخر .. يعجبني جنس الإنسان جدا لأنه مخلوق بدأ بأدوات بدائية جدا طورها الآن إلى حد بعيد فسهلت عليه حياته و تمكن بالعلم وحده من معرفة أمور من تاريخ الأرض لم يعاصرها بنفسه ولازال يتطور و يتطور حتى يأذن الله للدنيا أن تنحسر لتبدأ الحياة الأبدية الآخرة .

    لا تفزع عندما أقول لك إن عمري يتجاوز الـمئتي مليون سنة ولازال عمري مستمرا حتى تنتهي الأرض .. نحن جنس معين من أجناس الجن لا نهرم ولا نموت .. أعرف أن الأمر صعب الاستيعاب بالنسبة إليك لكنك لا تعرف أنك أيضا أيها الإنسان لا تهرم ولا تموت ... جسدك فقط هو الذي يفعل .. بينما روحك باقية أبد الدهر ... نحن أرواحنا قد وضعت في أطوار لا تهرم ولا تشيخ .. ليست مثل جسدك الضعيف الفاني .

    أنا من الشخصيات التي رأت كل شيء حدث على الأرض و تابعت تطور الإنسان العلمي باندهاش من سرعته ... لكنني اندهشت أكثر من شيء واحد ... الإنسان في تطوره في العلم يفصل تماما بين العلوم التطبيقية و العلم الديني السماوي .... مع أنه لو ربط بينهما لقفز قفزات علمية هائلة لم يكن يحلم بها .. سأحكي لك مثالا بسيطا جدا .

    دراسة الإنسان الرائعة لعلم الجيولوجيا مكنته من وصف و رسم معظم المخلوقات التي سادت الأرض في الزمن السحيق ومنها الديناصورات و العديد من المخلوقات البحرية الأخرى و الحشرات العملاقة التي وصفها ورسمها بدقة .. ليس هذا فقط و إنما وصف حياتها بالتفاصيل و توصل لكل أنواعها تقريبا .

    الشيء الذي يحيرني هو عدم اطلاع العلماء من الإنسان جيدا على العلوم السماوية والتي تخبرهم بوضوح أن الأرض قبل نزول آدم أبو البشر إليها كانت عامرة بالجن ... وأنهم – الجن - لما أكثروا من سفك الدماء في الأرض جعلهم الله مخلوقات ثانوية ... الشيء الذي لم ينتبه إليه الإنسان هو أن الجن كانوا يسكنون الأرض في نفس الفترة التي كانت تسكنها الديناصورات بالضبط .

    إن الله قد سخر لكم الحيوانات بكل فصائلها و أنواعها لخدمتكم يا جنس الإنسان ... أما نحن فالله قد سخر لنا مخلوقات أخرى عملاقة لخدمتنا ... منها الديناصورات .. ولما كانت طبيعة الإنسان لن تتكيف حتما مع هذه المخلوقات العملاقة فقد قضى الله عليها كلها قبل نزوله إلى الأرض و بدلها بمخلوقات تناسبه .

    أرى أنكم أطلقتم أسماء لاتينية على كل شيء اكتشفتموه .. هناك أسماء لاتينية للعصور التي مرت بها الأرض أو للمخلوقات التي عاشت عليها ... حتى الحيوانات و الكائنات البدائية سميتموها بأسماء لاتينية وهذا طبعا لأن لغاتكم كثيرة جدا فأردتم استخدام أسماء موحدة تتفق عليها كل اللغات .. خطوة عبقرية أهنئكم عليها .. وسأستخدم هذه الأسماء في حكايتي هذه .. بالطبع كانت لدينا أسماء أخرى تماما .. لكننا اتفقنا أن أحدثك بمفاهيمك .

    في منتصف العصر الجوراسي .. قبل حوالي مئة مليون سنة ، كانت هناك قارة وحيدة موجودة على الأرض سميتموها في كتبكم بقارة بانجايا .. في العصر الجوراسي كانت هذه القارة قد بدأت تتكسر و تتصدع سامحة للعديد من الأنهار أن تتكون و للعديد من غابات الصنوبر أن تظهر .. دخل على الأرض وقتها عصر من الارتواء و الخضرة بعد العصر الجاف الذي كنا نعيش فيه و استمر 50 مليون سنة قبل العصر الجوراسي و الذي سميتموه بالعصر الترياسي .

    كانت الديناصورات طاغية تماما على غيرها من الحيوانات في العصر الجوراسي. إن معاملتكم للحيوانات معاملة راقية جدا رغم وجود بعض التجاوزات ... لكن معاملتنا للديناصورات كانت بشعة جدا ... ربما أنتم تخافون الديناصورات وتهابونها و تصورونها على أنها مخلوقات مفترسة .. لكنها لم تكن مفترسة أبدا بالنسبة لنا .. الديناصورات المفترسة التي تتحدثون عنها كانت فقط آكلات لحوم .. و أنت تعلم أننا لسنا بلحوم .. فنحن لم نخلق من صلصال مثلكم .. بل قد خلقنا من مارج من نار .

    العصر الجوراسي كان عصرا ذهبيا لنا ... فنحن أيضا آكلي لحوم .. وربما سيدهشك أننا كنا نتغذى على لحوم الديناصورات .. الجميل في الأمر أنه كانت هناك ديناصورات بوزن 10 أطنان أو أكثر مما كان يوفر لنا غذاء دائما لا ينقطع ..

    طعامنا المفضل كان الستيجوصور .. ذلك الديناصور آكل العشب ذو الألواح الظهرية الذي كنا نستخدمه في الرعي كما تستخدمون أنتم الأبقار والجاموس الآن .. لكن الستيجوصور يكون عدوانيا جدا عندما يحين موعد ذبحه ... فألواحه الظهرية الغنية بالأوعية الدموية تتورد لتعطي لونا أحمرا ممزوجا بالبنفسجي بشكل مقلق ...إن الأبقار والجمال تبدو مسالمة جدا بالنسبة له عند ذبحها . أيضا من الديناصورات ذات اللحم الجميل هو التريسيراتوبس ذو القرنين و الآذان العريضة .. وكما كان غذاء مفضلا لنا فقد كان غذاء مفضلا لغيره من الديناصورات آكلة اللحوم .

    هناك ديناصور ذو عنق طويل يدعى الديبلوديكس .. هذا لم يكن لحمه يؤكل .. رغم أنه تطور فيما بعد ليصبح براكيوصور الذي كان أضخم ، ثم إلى ميمينشيوصور وهذا هو أضخم الكائنات التي مشت على ظهر الخليقة ... هؤلاء كنا نستخدمهم في التنزه .. نمتطي ظهورهم ونرافقهم في رحلاتهم النهرية للتغذي على قمم الأشجار ... كان علينا حماية الديبلوديكس و الستيجوصور و التريسيراتوبس دائما من هجوم الألوصورات المفترسة ... و الألوصور هو ذلك الديناصور المفترس صغير الحجم سريع الحركة .. وهو من أوائل الديناصورات التي وجدت على ظهر الأرض واستطاعت العيش في العصر الترياسي الجاف ... هو من آكلي اللحوم الشرهين جدا و الخبثاء جدا فمهما ننصب له من كمائن كان يجتازها ليهاجم الفرائس التي يريد .


    الأنكليوصور كنا نستخدمه في الحروب ... فهو مدرع .. و لديه سلاح فتاك عبارة عن شيء يشبه الهراوة المدرعة في نهاية ذيله يدافع بها عن نفسه و كان قادرا بواسطتها على كسر أقوى الحصون ..أما البتروصورات التي هي الديناصورات الطائرة كانت أنواعها عديدة لكننا كنا نستخدم أهمها وهو الأركيوبتركس في المراسلة .. فرحلات هذا الديناصور الطائر تكون عبر آلاف الأميال وهو مثل الحمام الزاجل لديه أماكن معروفة يهبط فيها .

    أما البتروصورات الأخرى مثل الأونيثاكاروس العملاق ذو العيون الزرقاء فلم تكن لنا علاقة مفيدة بهم .. لكنني أحب النظر إليهم دائما لأن أسلوب حياتهم طريف جدا ...خاصة في طريقة مشيتهم ... أنا أسمي الأونيثاكاروس بصاحب العباءة ... فهو يضع جناحيه المخلوقين من جلد رفيع بجانبه عندما يمشي فيظهران عليه وكأنه يرتدي عباءة ويمشي بها ... الأطرف هو ما نشاهده في في موسم تزاوجه حيث يتجمع ذكور الأنوثاكاروس على صخرة واحدة وينادون الإناث .. أقوى الذكور هم الذين يكونون في منتصف التجمع وهم الذين تنجذب لهم الإناث .. أما المساكين على الأطراف فربما يقضون حياتهم كلها أملا في التزاوج ولا يستطيعون .

    أعرف أن أشهر ديناصور بالنسبة للإنسان هو التيرانوصور ريكس ...كان هذا هو الديناصور الأكثر إزعاجا بالنسبة لنا ... فلا أدري لماذا يكون الأنثى و الذكر منه منفصلين تماما ... أشد اللحظات إزعاجا هي عندما تنادي الأنثى الذكر ... تظل تناديه أسابيع طويلة كل يوم بصوت مزعج جدا ... وفي الغالب نقتلها لنرتاح من صوتها إلى الأبد .

    يجب أن أخبرك أيضا أنني مسلم ... جني مسلم .. أنت تعرف أن الجن منهم المسلم ومنهم الكافر ... الجن السفلي ليس منهم مسلمون .. الإسلام ينتشر بين الجن العلوي فقط .. هل تتساءل عن الطريقة التي عرفنا بها الإسلام ؟ هل لنا أنبياء من الجن ؟ أم أن أنبياؤكم هم أنبياؤنا ؟ من الذي يعلمنا ويوجهنا لطريق الله ؟ كيف هي صلاتنا أو صيامنا ؟ هذه أسئلة لا يمكنني إجابتها مطلقا لأنه لا يسمح لبني الإنسان أن يطلعوا عليها حتى قيام الساعة ... لكن يكفيكم يا بني الإنسان أن سيد الخلق أجمعين محمد هو منكم .

    كانت حياتنا مع الديناصورات حافلة ... كنا نستخدمها أسوأ استخدام ممكن و نقتلها كثيرا لمجرد اللهو ... حتى أتى العصر الذي تسمونه بالعصر الطباشيري ... منذ حوالي 65 مليون سنة تقريبا ... تغير مناخ الأرض تغيرا ملحوظا .. الطقس أصبح أكثر حرارة وقشرة الأرض بدأت في التحرك بعصبية لتولد الكثير من البراكين و الكثير من الزلازل بشكل مخيف ....نحن لا تؤثر فينا الحرارة لكن البرودة تقتلنا ...بينما الحرارة كانت تقتل الديناصورات ... لكن ما كان يقتلهم أكثر هو الغازات السامة التي تخلفها البراكين ... انقرضت سلالات كاملة من الديناصورات الأضعف في تلك الحقبة .... ظلت هذه الحقبة السوداء على الأرض فترة من الزمن طويلة.... حتى رأينا شيئا في السماء ... رأينا نذر الهلاك فجأة .

    كل ليلة كانت سماء الليل تلمع بالعديد من الشهب المتتابعة ... الرعد و البرق أصبحا يحدثان تقريبا كل يوم ... هذا نذير كارثة ما آتية لا ريب .... لم نكن متطورين علميا مثل الإنسان حتى نعرف الحقيقة ... كانت هناك حقيقة مفزعة لم نكن نعرفها وقتها .... كان هناك نيزك هائل الحجم يقترب من الأرض بسرعة كبيرة منذ شهور .

    حدث كل شيء فجأة .... اصطدم النيزك الضخم بالأرض .. تحديدا عند خليج المكسيك ... اصطدم محدثا انفجارا رهيبا لا تصفه ملايين الكلمات ... لكنني لأقرب الصورة إلى ذهنك سأقول أن هذا الانفجار كانت قوته تعادل عشرة بلايين ضعف قوة قنبلة هيروشيما النووية ... بل أكثر من هذا... كان الانفجار يمتد من جنوب الكرة الأرضية إلى شمالها بسرعة متوسطة... ماسحا في طريقه كل آثار الحياة على وجه الكرة الأرضية .

    لقد أثبتم علميا بالآثار و الدراسات و الأرقام حدوث هذا الانفجار منذ 50 مليون سنة لكنكم لم تعلموا ماذا فعل الانفجار بنا نحن الجان .... بالطبع قتل هذا الانفجار بل أباد الكثير من الأجناس منا ... لكن معظم أجناس الجن العلوي و السفلي لم تتأثر ... الحقبة التي عشناها بعد الانفجار كانت أشد الفترات صعوبة في حياتنا ... وأشد الفترات صعوبة في تاريخ الأرض كلها .

    ربما تتحدث كتب الدين عن أن الجان عاثوا في الأرض فسادا و سفكوا الدماء قبل ظهور الإنسان ... هذا صحيح تماما لكن أكثر فترة من الفساد و سفك الدماء كانت هي تلك الفترة بعد الانفجار ... لاحظ أن مصدر الغذاء الأساسي بالنسبة لجنسنا قد اختفى تماما... تخيل أن تأتي كارثة ما تقتل كل الحيوانات على وجه الأرض .

    زادت الحروب بطريقة بشعة بسبب أنه كانت هناك أماكن محددة من الأرض تعيش عليها كائنات حية لم يقتلها الانفجار ... ليست كائنات حية عادية .. أنا أتحدث عن أضخم كائن حي خلقه الله على هذه الأرض ... كائن كان يقضي معظم أوقاته في أعماق المحيطات وقد كتبت له النجاة من الانفجار العظيم .... أتحدث عن اللايبلوريدون ... البرمائي المفترس الذي عاش على الأرض منذ خمسين مليون سنة .

    وزن هذا المخلوق كان مئة وخمسون طنا .... مئة وخمسون طنا من اللحم ... كنز ثمين جدا في تلك الحقبة من الزمن ... هذا المخلوق هو صاحب أكبر فك على مستوى جميع مخلوقات الكرة الأرضية وكان يتغذى على الديناصورات التي يلقيها حظها العاثر على الساحل بالقرب من منطقته . كان متركزا في بقاع معينة فقط من الأرض ..... هل تخيلت ما حدث أم لا ؟ حروب ضارية جدا بين ملوك الجن ... حروب استمرت ملايين السنين .... نعم كانت هناك ممالك من الجن ولكل مملكة ملك عظيم .... ووجود كتلة اللحم التي تدعى اللايبلوريدون في ممالك دون سواها خلق هجوما ضاريا من الممالك على بعضها بطريقة لم تحدث من قبل و لا حدثت من بعد .

    حروب الجن ليست كحروب البشر ... إننا أجناس و أنواع ... ولكل جنس منا أسلحته ... حروبنا مدمرة نادر فيها الصلح أو الهدنة ... إن منا أجناسا كاملة انقرضت في تلك الحروب .. مرت السنين تلو السنين و الحروب في ازدياد خاصة مع تناقص أعداد اللايبلوريدون بشكل رهيب .

    فيما أتى من الزمن لاحظنا نمو كائنات حية أخرى صغيرة الحجم ... بدأت بالأسماك ثم تطورت شيئا فشيئا لتصبح برمائيات تشبه الأسماك ... ثم برمائيات تشبه الحيوانات لكنها تمشي على أربع زعانف ... ثم إلى ثديات تمشي على أربع .. لاحظنا أن كل الأجيال التي خلقت من الحيوانات صغيرة الحجم جدا بالنسبة إلى أجدادها السابقون... حتى الحشرات التي كانت عملاقة فيما مضى في العصر الجوراسي أصبحت الآن صغيرة جدا ... لم نكن نفهم الأمر بشكل كامل وقتها .

    تناثرت قارة بانجايا إلى ثمان قطع أحدها غرقت في الأعماق تسمونها عادة في كتبكم بقارة أتلانتس .. اخضرت الأرض وأصبحت مليئة بالأنهار و الشلالات و الغابات و النخيل ... ظهرت أنواع جديدة كليا من النباتات و الثمرات .. بدا و كأن الأرض تتزين أحلى زينة لديها ... لم نكن نفهم ... لقد كانت الأرض تتزين من أجلك .

    منذ عشرين ألف سنة فقط سمعنا بنبأ قدومك .... ومنذ عشرين ألف سنة فقط نزل إلى الأرض أبو البشر آدم .. كان يتصرف عن علم تام بكل شيء و كأنه كان يعيش فيها طيلة حياته ... منذ عشرين ألف سنة فقط حكم علينا بالاختفاء ... أصبحنا نراكم ولا ترونا .. نعيش بينكم ولا تشعرون بنا ... يأكل بعضنا معكم و يأكل بعضنا من بقايا طعامكم ولا تلاحظون .

    أتيت أيها الإنسان منذ عشرين ألف سنة ... الحق أقول لك أنك أجمل المخلوقات التي خلقها ربي ... إن أجمل جنس لدينا يبدو أبشع ألف مرة من إنسان مشوه .. أنت ترى جمالك و تشعر به عندما تقارن نفسك ببقية المخلوقات التي تراها عينك ... أنا أخبرك أنك أيضا أجمل من المخلوقات التي لم ترها عينك ... وقد صدق ربك عندما قال لك أنه خلقك في أحسن تقويم .

    هذا قبس من حكاية جنسنا الطويلة ... هناك تفاصيل بالطبع لا يسمح لنا بإخراجها ولا يسمح لك بمعرفتها بحكم الحاجز الطبيعي بين جنسينا .... لكن أود أن أخبرك أن هناك طوائف من الجن تحبك .. ربما يكون لك فرصة اللقاء بها في الحياة الآخرة ... فقط أردتك أن تعرف أنه ليس كل الجن أشقياء ... الحقيقة أن معظمهم فقط كتبوا على أنفسهم أن يكونوا أشقياء لكن ليس الكل يا صديقي ... ليس الكل

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    الدولة
    المنصورة
    المشاركات
    113

    افتراضي حكاية كلاب جهنم


    حكاية كلاب جهنم

    " كل المخلوقات تهاجمك إذا شعرت منك بخطر ما ، أما هذه فتهاجمك إذا شعرت أنك تريد الهرب "

    جريدة الأهرام المصرية 23 – 7 – 1994

    الفيلم الذي قتل سبعة بالغين


    قررت هيئة الرقابة على الأعمال السينمائية سحب الفيلم الأجنبي " كلاب جهنم " من جميع دور العرض .. و هذا عندما أرسلت تقارير تفيد وفاة سبعة أشخاص عقب مشاهدتهم لهذا الفيلم مباشرة .. ثلاثة منهم كانوا يعانون ارتفاع ضغط الدم مما أدى لمضاعفات خطيرة جدا حدثت عند رؤيتهم لبعض المشاهد ، الأمر الذي تسبب في قتلهم على الفور .. أيضا هناك مريض قلب توفي في الليلة التالية مباشرة لمشاهدته هذا الفيلم الخطر .. صرح السيد ........ بأنه يجب على الرقابة أن تمنع منعا باتا دخول مثل هؤلاء المرضى إلى أفلام الرعب بطريقة ما ويهيب سيادته بـ ................ "


    جريدة المساء المصرية .. باب صحتك بالدنيا .. 1 – 8 – 1994

    السعار – داء الكلب


    " ....... أما عن أعراض هذا المرض فإن المريض يدخل في حالة من الأعراض شبيهة بالإنفلونزا لمدة شهر .. ثم تبدأ الأعراض في التطور لتتحول إلى القلق و الأرق و عدم التركيز و التردد و الحركات الغريبة طيلة الوقت .. ثم يتطور الأمر إلى الهلاوس ..وفي المراحل المتقدمة من المرض يبدأ المريض في إخراج كميات كثيرة جدا من اللعاب و الدموع ويصل إلى حالة تعرف بـ ( كاره الماء ) .. لأنه يبدي ذعرا غير مفهوم لو قربت منه كوب ماء بريء المظهر .. أغلب المرضى يموتون عند إصابتهم بهذا المرض لو لم يتم علاجهم .. والقليل فقط هم من ينجون منه .. لكنهم ييبقون مع أعراض غير طبيعية في جهازهم العصبي تجعلهم يتصرفون بغرابة طيلة الوقت وقد سألنا دكتور .......... "


    هل جربت إحساس أن تجري وهناك كلب يجري وراءك ؟ إنه شعور بأن الشيطان نفسه يريد أن يعضك .. وشعور بالخجل من منظرك الذي كنت تدعي وقاره وأنت تجري في الشارع بينما هذا المخلوق الرهيب يجري وراءك في إصرار ..

    أنا جربت هذا مرارا .. و سأنزل بكم الآن إلى وسط الحدث مباشرة على طريقة بعض أفلام الحديثة ..إنه الظلام الرمادي .. ودعني أحدثك عن الظلام عندما يكون رماديا .. الأرض مليئة بأوراق الشجر الذابلة مما يصنع صوتا رهيبا عند الجري فوقها .. شواهد مقابر في كل مكان تشعرك أنك ستكون التالي .. كنت في مقبرة .. وعدة كلاب يجرون ورائي كأنهم خرجوا من حفر جهنم الموجودة بداخل بعض قبور المعذبين في هذه المقبرة .

    لا فائدة من المحاولة .. كلما أجري قليلا أجدني وصلت إلى سور المقبرة الذي لا مخرج منه إلى الشارع .. أغير اتجاهي بذعر وأجري ثانية .. لكن يبدو أنهم يعيشون هنا ويعرفون كل شبر من هذه الأرض .. ربما سمعتم عن وفاء الكلاب .. لكن هل سمعتم عن شيء يدعى ذكاء الكلاب؟ ... هذا ما اكتشفته في تلك اللحظة .. لقد كفوا عن الجري ورائي في مجموعة واحدة كالمغفلين .. انفصلت منهم مجموعة ... ويبدو أنها دارت من مكان ما لأجدها أمامي مباشرة.. كنت مذعورا .. من الناس من يموت قبل وقوع الحادث بسبب الخوف .. من يقع من عل مثلا أسمع أنه يموت وهو في طريقه إلى الأرض من شدة الخوف ... هذا ما شعرت أنني سأصل له بعد قليل ...

    - كم سيحتاج من هذه الحقنة يا دكتور ؟
    - أظن أنه سيحتاج إلى 90 كيلو متر كبداية
    - هممم ... ألا تظن انها جرعة صغيرة نوعا ؟

    وقفت مكاني أخيرا أنظر لكل هذه المخلوقات .. إن هناك لعابا أو كما يسمونه ( زبدا ) يسيل من أشداقهم جميعا ... فجأة شعرت بشيء ما تحت قدمي .. نظرت بذعر لأرى يدا بشرية يبدو أنها كانت تبيت تحت التربة ... أمسكت اليد بقدمي في إصرار عقابا لي على إزعاجها في هذا الوقت من الليل ... إذن الزومي الذين كنت أراهم في Resident Evil حقيقيون .. نعم .. لطالما كنت أؤمن بهذا

    - كم حقنة باقية لدينا ؟
    - بقي ثمان حقن بالضبط
    - يبدو أن أمامنا وقتا طويلا جدا

    نظرت إلى السور في يأس لأكتشف كالمغفل أن الباب كان أمامي طيلة الوقت وأنا لا أراه .. بل ومفتوح على مصراعيه أيضا ... لا يوجد أسهل من الإفلات من يد زومبي خرجت لك من تحت الأرض .. يجب على الزومي أن يطوروا من أنفسهم فيما بعد ... هنا جريت ناحية الباب بأقصى سرعة ... واللكلاب الغاضبة لازالت تجري محمومة ورائي .

    - أنتم سفاحون أيها الأطباء ، ما هذا الذي فعلتموه
    - اهدأي يا سيدتي .. هذا ما تعلمناه
    - أنتم جهلة ... أنتم سفاحون .. ستقتلونه .. منكم لله ..

    أمامي شارع واسع مليء بالناس والحركة و أبواق السيارات المزعجة ونهيق الحمير ... لابد أننا في مصر إذن .... قطعت الكثير من الشوارع وسمعت الكثير من السباب البذيء من الناس ومن الكلاب ورائي ... وهذه الأخيرة تعبر عن سبابها بالنباح كما يبدو ... وجدت أمامي مبنى قذر تحتشد حوله العديد من السيدات المرتديات ثياب الفلاحات يلطمن ويصرخن ويبكين .. و معظمهن يحملن طفلا أو اثنين على سواعدهن ...نعم .. إنها مستشفى مصرية حكومية ما على ما يبدو ...

    - هل سيموت أم سيعيش ؟
    - سيعيش أيها الأحمق بالطبع ... لقد نفذنا ماتعلمناه بالحرف الواحد
    - أتمنى ألا يقفز ليعضنا واحدا واحدا عندما ننتهي

    إن هذه المستشفى هي المفر الوحيد ... لا يمكن أن تكون الكلاب تكرهني لدرجة أن تدخل ورائي لهذه المستشفى ... دخلت بسرعة من الباب الضيق جدا الذي صمم للخروج والدخول على مايبدو ... إن التصميم فن لا تجده إلا هنا في مصر ... اصطدمت بأجساد عديدة في طريقي ... وسمعت صرخات نساء كثيرات ... يبدو أن الكلاب تحاول الدخول أيضا .. هذا مستحيل .... لم أنظر ورائي ... وإنما مضيت أجري بين الممرات ذات الرائحة التي تجدها في أي مستشفى ... إنهم ورائي ... لازلت أسمع نباحهم ...هنا وجدت أمامي العديد من الأطباء في أحد الممرات يمشون معا .. أصابهم الجنون عندما رأوني ... أخذوا يشيرون لي و يصيحون :

    - إنه هو ... لا تدعوه يفلت منكم .. أمسكوا به

    يا إلهي ... أنا مطارد من الملائكة والشياطين إذن ... لكنني ... كنت قد تعبت جدا .... لن أحتمل أكثر ... سقطت على الأرض في يأس ... فليفعلوا بي أي شيء .. لكنني لن أجري خطوة أخرى .... وجدتني فجأة نائما على محفة و نورا قويا مسلطا على عيني و بعض الوجوه الملثمة تفحصني في اهتمام .....

    - أخيرا أمسكنا به ... إنه عنيد ...
    - حان الوقت إذن ... دعونا لانضيع المزيد من الوقت ...

    إنهم أطباء على ما يبدو ... وأنا على سرير فحص طبي ما ... لكن لماذا تبدو آذانهم طويلة بهذا الشكل ؟ ... أحدهم يمسك بمحقن ضخم جدا ... لكن يده غريبة المنظر جدا ...رأيت هذه اليد من قبل في فيلم مئة مرقش و مرقش من ديزني ... يا إلهي ... هذا ليس إنسانا ... هنا فك اللثام على وجهه وقرب وجهه المرعب مني ... إنه ليس طبيبا ... إنه كلب .... وهناك سائل مقززيسيل من شدقيه على ملابسي ووجهي .....

    - ماذا تفعل يا دكتور ؟
    - أحاول أن أجعله يفيق ببعض الماء على وجهه
    - ما هذا إنه يتحرك أخيرا ...

    فتحت عيني لأجد طبيبا باسما يحمل كوب ماء .. وبجانبه تقف أمي المذعورة التي تنظر لي في شغف .... أشعر بألم رهيب جدا في بطني ... أين كنت ؟ .... أين الكلاب ؟ ..... كان هناك زومبي أيضا ... يا إلهي ... هل كان كابوسا إذن ؟ لكنني أحب الكوابيس .... إنها فيلم رعب تعيشه بالكامل ... و مثلي يعشق أفلام الرعب .....

    من قرأ منكم حكاياتي سابقة سيعرف كيف تعرضت ذات يوم لعضة كلب في مقبرة .... وكيف أنني الآن قد أخذت 21 حقنة في بطني حتى شعرت أنني مصفاة مطبخ .... أفكر في حالي لو لم يخترعوا البنج ... كم هم عباقرة هؤلاء الأطباء ..

    طوال حياتي لاأفهم في الكلاب و أنواعها و الأسماء التي يسمونها بها .. هذا بوكسر .. وهذا بيتبول مفترس .. بينما هذا الصغير الأبيض المزعج هو كلب لولو .. بينما هذا رود ريفر راقي .. هم عندي كلهم كلاب ... نعم .. كلاب ... ولا فرق بينهم إطلاقا ..

    اسم هذه المستشفى هو مستشفى الكلب في مصر ، ياله من اسم .... إن بطني تتقطع من الألم .. لابد عندما تكون في مستشفى أن تأتي لحظة ما تكون فيها وحيدا .. لا أحد معك ... أمك قررت أخيرا أن تغادر المستشفى لتنام في البيت لتعود إليك في الصباح .. لقد ظلوا يقنعونها لساعات بأنه لا خطر هنالك .. وأن وجودها معك لن يسرع من شفائك .. ليتها لم تقتنع .. ليتها بقيت ... أنت الآن وحدك يا صديقي .. أجهزة باردة حولك في كل مكان .. رائحة شيء ما تشعرك أنك ستموت قريبا جدا .. كل شيء أبيض .. الأرض والجدران وملاءة السرير و ذلك الشيء الواسع الذي ألبسوك إياه أبيض أيضا... صدقني لو كانت كل هذه الأشياء سوداء كنت ستشعر بدفء أكبر .. ألم حاد جدا يجعلك تتلوى وتعض بأسنانك على تلك الوسادة البيضاء .

    والآن فتح أحدهم الباب ، لم يدخل .. وإنما امتدت يده على عجالة وأطفأت النور الذي كان بجوار الباب .. ثم أغلقت تلك اليد الباب ثانية بهدوء .. الآن أنت ترتعش .. من قال أن ترك المرضى وحدهم يساعدهم على الشفاء ؟ بالعكس .. إن وجود من يخفف عنك طوال الوقت بجانبك لهو أمر جميل .. تبا لكل النظريات الطبية .. كم تتوق الآن ياصديقي لشخص ما يثرثر معك في أي شيء ... حتى لو كان سيحكي لك حكاية قبل النوم ..

    أنت تخاف من الظلام .. اعترف بهذا أمامنا جميعا ياعزيزي .. سنك في ذلك الوقت 15 عاما وتخاف من الظلام .. ربما لأنك مدمن أفلام رعب عتيق الطراز .. الآن بالذات تذكر كيف هو منظر مصاص الدماء عندما يسمع صوتا ما من خلفه فيلتفت ببطء بعينين مفتوحتين عن آخرهما و أنياب تتساقط منها دماء تلك المسكينة التي كان يمتص دمها منذ لحظات .. تذكر الآن بالذات كيف كان منظر تلك الفتاة التي نبشوا مقبرتها وفتحوا تابوتها .. ليجدوها راقدة مفتوحة العينين عن آخرهما و تنظر للكاميرا نظرة الموتى ... هل تعرف نظرة الموتى ؟

    تلتفت حولك من آن لآخر لتتأكد أن كل شيء على ما يرام .. الآن تذكر كل ما قرأته عن الجن و أنهم يرونك ولا تراهم .. وأن منهم أشرارا يحبون العبث بأعصاب الحمقى مثلك طيلة الوقت .. لابد أنهم لن يجدوا فريسة أسهل منك وأنت في هذا الوضع .. أسمع أن الجن في شكلهم الحقيقي أقزام بشعوا الخلقة... البعض يقول أن الجن يحضرون لمن يذكرهم أو يفكر فيهم .. قد تنظر لآخر هذه الغرفة الآن لتجد أحدهم قد ظهر فجأة و مشى متجها لك بتؤدة ...

    تتقلب على جانبك الآخر وتغمض عينيك محاولا أن تنام فعلا ... الآن ترى خيالات أخرى بعد أن أغمضت عينيك ... خيالات أنت لا تتخيلها .. بل هي فقط تأتي إليك من حيث لا تريدها ... ترى الآن شكل تلك الفتاة التي لبسها الجن .. واقتربت منها الكاميرا لتسمعها تتكلم بصوت الجني الذي مسها ... تتذكر كابوسك .. منظر ذلك الكلب الأسود الغاضب ذو الزبد المتساقط من شدقيه ... تحاول الآن أن تنفض عن نفسك كل هذه الأفكار ... تحاول تذكر شكل دونالد داك .. أو شكل سيمبا من فيلم ليون كينج ... تحاول أن تعد أفلام ديزني لتبعد عن نفسك تلك الخيالات السوداء ....يالك من تعيس يا صديقي عندما يتركونك وحيدا ويرحلون .

    ما هذه الأصوات بالخارج ؟ كلاب ؟ .. إنه صوت نباح كلاب تشتم بعضها البعض بغضب. ... تخيل لو كنت بينهم الآن ... تبا لهذه الأفكار ... تفكر في أن تقوم لتقتح النور حتى تطمئن قليلا ..تحاول لكنك لا تستطيع .. بطنك كأن هناك 21 مخلب اخترقها بعنف .... ماذا ستفعل ؟ .. ها أنت تجذب إليك هذا الغطاء الأبيض البارد وتغطي وجهك .. إنك تبكي ... يالكبريائك .. أنت الذي كنت تضحك طيلة الوقت وتمزح مع هذا وذاك تبكي الآن وحيدا ولا يراك أحد ليخفف عنك أو ليسألك عما يبكيك ..

    إنه الصباح .. لا تدري كيف نمت ولا متى استيقظت .... تسمع حركة الناس بالخارج .. إنه الصباح ... الذي وصفه القرآن بأنه يتنفس ... لو اجتمع كل أدباء العالم لما خرجوا بكلمة لها عشر جمال ودقة هه الكلمة .. وبعد قليل ستدخل عليك أمك لتمسح على شعرك بحنان وتقول لك أنك ستخرج من هنا قريبا ...

    - إنه لم يعد أحمد الذي نعرفه
    - أنا أراه عاديا
    - أنت لم تر ما رأيته .. لقد أصبح مفترسا .. أنت لم تره عندما كان يعض ذلك الفتى في تلك المشاجرة

    - دكتور .. مرحبا بك .. أنا دكتورة نيفين والدة أحمد .
    - مرحبا دكتورة ..... ما أخباره الآن ؟
    - لا أدري يادكتور .. لقد أصبح غريبا بعد خروجه من المستشفى .. لا يأكل الخضروات كما كان يحب .. فقط اللحوم .. و لايشرب الماء بحجة أن ( ملهوش نفس )
    - هل أنت متأكدة يا دكتورة ؟ هذا كلام خطير

    إن مذاق هذا الشيبسي جميل جدا .. كيف لم أفطن لهذا من قبل .. إنه شارع بيتنا .. لقد كان هناك 4 كلاب تمرح في هذا الشارع لكن هيئة اصطياد الكلاب قتلتها كلها بالبنادق .. ياللقسوة .. الآن يبدو الشارع نظيفا حقا ... لكن مهلا ؟ هناك شيء ما .. لقد مررت بجوار سور ذلك البيت الذي تحرسه تلك الكلبة الشرسة المربوطة التي تدعى ساندي .. الغريب أنها لم تقم من مكانها عندما رأتني .. لقد اعتدت عندما أمر بجوار هذا البيت أن تقوم ساندي وتنبح وتملأ الدنيا صياحا وكأنها رأت لوسيفر نفسه .. عندها أخرج لها لساني وأرمي عليها أي شيء في يدي ثم أجري مستمتعا بصوت نباحها الغاضب .. لكن كل هذا لم يحدث الآن .. إنها نظرت لي بلا مبالاة ثم حولت نظرها بعيدا ..

    - ماذا يفعل هذا المجنون ؟ ... سيفضحنا أمام الناس
    - يا إلهي إنه يمتص العظم بشراهة .. أتمنى ألا يلاحظه أحد
    - هل أنت غبي ؟ كل الناس في المطعم رأوه ... انظر

    - أنا خائف يا أحمد .. هذا ليس فيلما صدقني ... هذا حقيقة .. لا يمكنهم أن يجعلوا الكلاب تمثل بهذه الدقة .
    - اخرس ... لقد فعلت المستحيل ليسمح لنا الرجل بالخارخ أن ندخل هنا .. لقد دفعت له كثيرا ..
    - لا يهمني .. سأرد لك مالك .. فقط أخرجني من هنا ..
    - ستضيع نقود السينما كلها أيها الجبان ... اخرس وشاهد كالرجال .


    " مذكرتي العزيزة .. باختصار .. أنا أتحول تدريجيا إلى كلب .. يبدو أن حقن المستشفى لم تجد نفعا مع عضة كلاب المقبرة .. عما قريب ستتحول أصابعي إلى مخالب ولن يكون بإمكاني الإمساك بالقلم .. أصبحت أحب مذاق العظم و النخاع الشهي الذي بداخله .. أصبحت أكره شرب الماء البارد الذي أنفر منه ومن برودته على معدتي .. أحيانا أنظر لبعض إخوتي فتراودني أفكار في الانقضاض عليهم وعضهم .. أرى أن هناك شعرا نبت لي في أماكن غريبة جدا .. أرى أن صوتي قد أصبح أخشن بكثير فجأة ... أرى أن وجهي بدأ يصير غريبا ولم يعد صافيا كالسابق .. باختصار يا مذكرتي العزيزة .. أنا أتحول إلى كلب شرير ... "

    - من كتب هذا السخف من الأولاد ؟
    - ابنك أحمد
    - إنه أحمق .. ناده فورا ليأتي إلى هنا
    - الغريب أنه لم يكتب مذكراته من قبل أبدا ... لقد اشترى هذه النوتة الصغيرة وهذه الكلمات هي أول شيء كتبه فيها ..


    - ألن تكف عن إرعاب إخوتك طوال الوقت ؟ أنت محروم من المصروف لمدة أسبوعين حتى تكف عن هذه العادة
    - ولكن ...
    - إخوتك لا زالوا صغارا و سيصدقون هذا الكلام السخيف الذي تكتبه
    - ولكن يا أبي
    - اذهب من أمامي أيها السخيف .... هيا

    تمت

المواضيع المتشابهه

  1. الاتجار في البشر والاستغلال الجنسي للأطفال
    بواسطة ياسمين في المنتدى بحوث ومقالات في القانون الجنائي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 10-18-2010, 07:36 PM
  2. الاتجار في البشر والاستغلال ****** للأطفال "الظاهرة ودور الانترنت فيها"
    بواسطة هيثم الفقى في المنتدى مكتب أستاذ هيثم الفقي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 09-25-2010, 12:57 AM
  3. الانفصال يمنع الزوجة من السفرِ
    بواسطة فهد في المنتدى أحكام الأسرة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-04-2010, 03:00 PM
  4. ما الحكم في زوج يمنع زوجته من حضور المؤتمرات العلمية
    بواسطة فهد في المنتدى أحكام الأسرة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-22-2009, 07:30 PM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •