بحث فى القواعد العامة لنظام قاضي التحقيق

مقــدمـة :

يقصد بالتحقيق لغة بذل الجهد للكشف عن حقيقة أمر مجهولويقصد بقضاء التحقيق الجهة المختصة للقيام بهذا التحقيق فهو نشاط إجرائي تقوم بههيئة قضائية مختصة تتمثل في غرفة الإتهام وقاضي التحقيق .

وإذا كنا قدتعرفنا في البحث السابق المتعلق بالمراحل التي تمر بها التهمة على التحقيقالابتدائي الذي يكون وجوبيا في الجنايات لخطورتها، واختياريا في الجنح، أما فيالمخالفات فهو جوازي إذا طلبه وكيل الجمهورية .

وفي ظل المبدأ الذي يأخذ بهالمشرع الجزائري في الفصل بين سلطي الاتهام التي يسندها للنيابة العامة والتحقيقالتي هي من اختصاص قاضي التحقيق في ظروف خاصة وبشروط قانونية معينة .

إذنوفي إطار هذه المعطيات نصوغ الإشكالية التالية :
كيف نعرف قاضي التحقيق ؟ ما هيخصائصه واختصاصاته ؟
وهل له اختصاصات بعد انتهاء التحقيق ؟

المبحث الأول :

القـواعد العامة التي تحكم نظام قضاة التحقـيق

إذا كان قانونالإجراءات الجزائية يبين حدود اختصاص كل جهاز من شرطة قضائية ونيابة عامة وقضاةتحقيق، ويضع قيودا على الحريات الفردية في سبيل تسهيل تلك الأجهزة، والفصل في مدىتوافر حق الدولة في العقاب في الدعوى المعروضة .

هذه القيود على الحرياتالفردية تعتبر أيضا ضمانات من تعسف السلطة القائمة على التطبيق بصفة عامة فيممارستها للإجراءات المقررة قانونا، بالإضافة إلى هذا فإن تولي قاضي التحقيق مهمةالتحقيق يعتبر ذاته ضمانا قويا للحرية الفردية لما يتمتع به قاضي من استقلالية وعدمخضوعه لأية جهة مباشرة وظيفته القضائية وحمايته من الضغوطات مهما كان نوعها.المادة 139 1
المطلب الأول: تعريف قاضي التحقيق وقواعد تعيينه

الفرع الأول : تعريف قاضي التحقيق

قاضي التحقيق هو أحد أعضاء الهيئة القضائية، أي هو أحدقضاة الحكم أصلا وهو بذلك يجمع بين صفتين متلازمتين :

فهو من جهة يقومبأعمال موظفي الشرطة القضائية، من تحقيق وتحري بحثا عن الحقيقة.

ومن جهةثانية، فهو قاضي يصدر خلال التحقيق قرارات وأوامر متنوعة لها صفة قضائية في القضاياالتي يحقق فيها 2 .

وقد تطرق قانون الإجراءات الجزائية الجزائري لنظام قضاةالتحقيق، في الكتاب الأول، الباب الأول، الفصل الثاني، وهو ما نصت عليه المادة 38من ق.ع.ج/1 " نشاط قاضي التحقيق، إجراءات البحث والتحقيق ".

الفرع الثاني : قواعد تعيين قاضي تحقيق

الأصل أن قاضي التحقيق هو أحد قضاة الحكم، غير انالضرورة الملحة للتحقيق في الجرائم استدعت خلق مثل هذا المنصب، ومن هذا المنطلق كانتعيين قاضي التحقيق من بين قضاة المحكمة بمقتضى قرار من وزير العدل حامل الأختاملمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد المادة 39 من ق.إ.ج /الفقرة 1 : " يعين قاضي التحقيقالمختار من بين قضاة المحكمة بمقتضى قرار من وزير العدل لمدة ثلاث سنوات قابلةللتجديد ".

وبانتهاء ثلاث سنوات من عمل قاضي التحقيق دون إعادة التجديدللمدة دلالة على إنتهاء مهام قاضي التحقيق وعودته كقاضي الحكم، وقد تستدعي الضرورةأحيانا ان ينتدب أكثر من قاضي واحد في نفس المحكمة .
المطلب الثاني : خصائص قاضيالتحقيق

الفرع الأول : استقلال قاضي التحقيق

قاضي التحقيق رغم أنه لايباشر التحقيق إلا بناءا على طلب من وكيل الجمهورية فإن ذلك لا يعني بأي حال منالأحوال أنه خاضع للنيابة العامة بمجرد إتصاله قانونيا بملف القضية المطروحة أمامه،بل هو إنه يتمتع بالحرية الكاملة بخصوص الدعوى المطروحة أمامه. إذ لا يستطيع وكيلالجمهورية أن يفرض رأيا معينا، وطلبه بمباشرة التحقيق ما هو إلا طلب قانوني ووسيلةقضائية، ولا يمكن أبدا إعتبارها علاقة رئاسية.

فالنيابة العامة هي خصم منخصوم الدعوى مثل المتهم الذي هو كذلك طرفا في الدعوى، وبناء على ذلك أمكن لقاضيالتحقيق رفض طلب النيابة العامة بقرار مسبب يصدره خلال خمسة أيام فقط من طلبالنيابة مباشرة التحقيق . المادة 69 ق.إ.ج 4 ولعل استقلال قاضي التحقيق قد يظهركذلك في مباشرة مهامه 5 بالاستعانة مباشرة بالقوة العمومية دون المرور بالنيابةالعامة .

المادة 38 الفقرة/2.