وحيث إن البين من المادة الأولى من قانون إصدار تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون رقم 69 لسنة 1974 أنها تنص على أن تسوى طبقاً لأحكام هذا القانون الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين استناداً إلى القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ . كما تنص المادة الثانية من قانون تسوية هذه الأوضاع فى فقرتها الثانية على أن يرد عيناً ما قيمته ثلاثون ألف جنيه لكل خاضع بالتبعية وفى حدود مائة ألف جنيه للأسرة ، إذا كانت هذه الأموال والممتلكات قد آلت إليه عن طريق الخاضع الأصلى . وطبقاً للمادة الثالثة منه يتم التخلى عن عناصر الذمم المالية – أصولاً وخصوماً – للأشخاص الطبيعيين الذين شملتهم الحراسة بصفة أصلية أو تبعية وطبقت عليهم أحكام القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 المشار إليه إذا كان صافى الذمة المالية لا يزيد على ثلاثين ألف جنيه للفرد ومائة ألف جنيه للأسرة . وتنص مادته الرابعة على أنه أذا كانت الأموال والممتلكات التى فرضت عليها الحراسة مملوكة جميعها للخاضع الأصلى وكان صافى ذمته المالية يزيد على ثلاثين ألف جنيه رد إليه القدر الزائد عيناً بما لا يجاوز ثلاثين ألف جنيه لكل فرد من أفراد أسرته وفى حدود مائة ألف جنيه للأسرة ما لم تكن هذه الأموال قد بيعت ولو بعقود ابتدائية قبل العمل بأحكام هذا القانون ، أما المادة العاشرة منه فقد نصت فى البند "ب" منها – المطعون فيه – على إلغاء عقود البيع الابتدائية المبرمة مع الجهات الحكومية وما فى حكمها إذا كانت العقارات المبنية محلها لا يزيد ثمنها على ثلاثين ألف جنيه وردها عيناً على مستحقيها ، ما لم تكن قد تغيرت معالمها أو خصصت لمشروع سياحى أو لغرض قومى أو ذى نفع عام .

وحيث إنه على ضوء ما تقدم ، فإن ما قرره القانون رقم 69 لسنة 1974 المشار إليه من أحكام توخى بها تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين ، لا يكون قد تضمن تعديلاً جوهرياً فى الأساس الذى قام عليه القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 ، باعتبار أن الأصل الذى التزمه القانون رقم 69 لسنة 1974 هو ايلولة أموالهم وممتلكاتهم إلى ملكية الدولة مع تعويضهم عنها فى الحدود المنصوص عليها فيه ، يؤيد هذا النظر ما تضمنته المذكرة الإيضاحية المرافقة لمشروع القانون رقم 69 لسنة 1974 وكذلك تقرير اللجان المختصة بمجلس الشعب عنه ، فقد كشف كلاهما عن الأسس التى التزمها هذا المشروع ومن بينها التقيد بوجه عام بالحد الأقصى المقرر فى القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 – وهو ثلاثون ألف جنيه – وذلك لتحديد قيمة ما يرد عيناً أو نقداً باعتبار أن هذا الحد يمثل " خطاً اشتراكياً قصد به تذويب الفوارق بين الطبقات " ، ولأنه بالنظر إلى أن شركات التأمين قد استثمرت جانباً عاماً من احتياطياتها فى شراء العقارات المبنية التى خضعت للقرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 فقد استلزم الحفاظ على المركز المالى لهذه الشركات واستقرار مراكزها القانونية وضع ضوابط لردها عيناً ، مما جرى به نص المادة العاشرة – سالفة البيان – من استبعاد العقارات والمنشآت المبيعة للحكومة أو القطاع العام التى تم تسجيل عقودها وتلك التى يزيد ثمنها فى العقد على ثلاثين ألف جنيه من الرد العينى ما لم يترتب على إلغاء عقود بيعها إنهاء حالة الشيوع مع الجهة المشترية .

وحيث إنه متى كان ذلك ، وكان المشرع قد اقر النص التشريعى المطعون فيه مستلهماً الاعتبارات التى كشفت عنها أعماله التحضيرية ، وعلى ضوء مفهوم التعويض الإجمالى الذى قررته المادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 ، مستبعداً بمقتضاه من الإلغاء عقود البيع الابتدائية المبرمة مع الجهات الحكومية وما فى حكمها فى شأن العقارات المبنية التى تزيد قيمتها على ثلاثين ألف جنيه ، بما مؤداه بقاء العقارات محلها على ملكية الجهات المذكورة دون ردها عيناً إلى أصحابها وبغير تعويضهم تعويضاً كاملاً عن قيمتها الحقيقية .
وحيث إن هذه المحكمة سبق لها أن قضت بتاريخ 16 مايو سنة 1981 فى الدعوى رقم 5 لسنة 1 ق " دستورية " بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 – سالفة البيان – فيما نصت عليه من أيلولة أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم الحراسة طبقاً لأحكام قانون الطوارئ إلى ملكية الدولة ، مستندة فى ذلك إلى دعامتين : أولاهما : أن هذه الأيلولة تشكل اعتداء على الملكية الخاصة ومصادرة لها بالمخالفة للمادة 34 من الدستور التى تنص على أن الملكية الخاصة مصونة ، ولخروجها على حكم المادة 36 منه التى تحظر المصادرة العامة ولا تجيز المصادرة الخاصة إلا بحكم . ثانيتهما : أنه لا يحاج بأن القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 والقانون رقم 69 لسنة 1974 المشار إليهما قد تضمنا تعويض الخاضعين للحراسة عن أموالهم وممتلكاتهم وأن تقدير هذا التعويض يعد من الملاءمات السياسية التى يستقل بها المشرع ، ذلك أن كلاً من هذين التشريعين قد تعرض للملكية الخاصة التى صانها الدستور ووضع لحمايتها ضوابط وقواعد محددة ، الأمر الذى يحتم إخضاعمها لما تتولاه هذه المحكمة من رقابة دستورية ، وإذ كان القانون رقم 69 لسنة 1974 قد استعاض عن التعويض الجزافى الذى كانت تقضى به أحكام القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 بحد اقصى مقداره ثلاثون ألف جنيه وقرر رد بعض أموال الخاضعين عيناً أو نقداً فى حدود هذا المبلغ للفرد ومائة ألف جنيه للأسرة ، فإنه يكون بما نص عليه فى المادة الرابعة منه من تعيين حد اقصى لما يرد من كافة الأموال والممتلكات التى فرضت عليها الحراسة قد انطوى على مخالفة لأحكام الدستور القائم الذى لا يجيز تحديد حد أقصى إلا بالنسبة للملكية الزراعية طبقاً للمادة 37 منه الأمر الذى يتضمن بدوره مساساً بالملكية الخاصة بالمخالفة لحكم الماد 34 من الدستور سالفة البيان .