وحيث إنه متى كان ذلك ، وكان من المقرر قانوناً أن للدولة بناء على ضرورة تفرضها أوضاعها الاقتصادية أو تتطلبها إدارة علاقاتها الخارجية أو توجبها روابطها القومية أو غير ذلك من مصالحها الحيوية ، أن تفرض قيوداً فى شأن الأموال التى يجوز لغير مواطنيها تملكها أو أن تخرج فئة منها من دائرة الأموال التى يجوز لهم التعامل فيها سواء أكانت أموالاً منقولة أم عقارية ، فإن من الصحيح كذلك أن تداخل مصالح الدول ونماء اتصالاتها الدولية وحتمية التعاون فيما بينها يلزمها بأن تعمل كل منها فى نطاق إقليمها على أن توفر الوسائل الإجرائية والقواعد الموضوعية التى يتمكن الأجنبى من خلالها من رد العدوان على حقوقه الثابتة وفقاً لنظمها القائمة وهو ما قررته المادة الثامنة والستون من الدستور التى لا يجوز للدولة بموجبها أن تجحد على غير مواطنيها الحق فى اللجوء إلى قضائها للدفاع عن حقوقهم التى تكفلها القوانين الوطنية ، وإلا اعتبر إعراضها عن توفير الحماية أو إغفالها لها إنكار للعدالة تقوم به مسئوليتها الدولية ويوقعها فى حومة المخالفة الدستورية . ومتى كان ذلك ، وكان المدعيان – وهما من غير المواطنين – يستهدفان بدعواهما الموضوعية رد الأموال – التى يقولان باغتصابها بالمخالفة لأحكام الدستور – عيناً إليهما ، وكان اكتسابهما ملكيتها وفقاً للقوانين المعمول بها وبمراعاة الأوضاع المقررة فيها أمراً لا نزاع فيه فإن الحماية التى كفلتها المادة الرابعة والثلاثون من الدستور للحق فى الملكية تنسحب إليهما ، ذلك أن حجبها عنهما أو تقييدها بما يخرجها عن الأغراض المقصودة منها يكرس انتزاع أموالهما ، ويعتبر إهداراً لسند ملكيتها وإسقاطاً للحقوق المتفرعة عنها وإفراغاً للمادة الثامنة والستين من الدستور من محتواها .

وحيث إنه على ضوء ما تقدم ، وكانت هذه المحكمة هى الجهة القضائية العليا التى اختصها الدستور والمشرع كلاهما بولاية الفصل فى المسائل الدستورية ، وليس ثمة جهة أخرى يمكن أن تنازعها هذا الاختصاص ، أو أن تنتحله لنفسها ، فإن الفصل فى المخالفة الدستورية المدعى بها إنما يعود إلى هذه المحكمة دون غيرها ، ويغدو الدفع بعدم اختصاصها بنظر الدعوى الماثلة على غير أساس متعين الرفض .

وحيث إن المدعيين ينعيان على الفقرة الثانية من الأولى والمادة الخامسة من القرار بقانون رقم 49 لسنة 1971 انطواءهما على عدوان على الملكية الخاصة ومصادرة لها بالمخالفة لأحكام المادتين 34 ، 36 من الدستور بمقولة أنهما يتضمنان ذات الأحكام المنصوص عليها فى المادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 سواء ما تعلق منها بأيلولة أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الخاضعين للحراسة إلى الدولة أو بتعويضهم عنها تعويضاً إجمالياً بحد أقصى قدره ثلاثون ألف جنيه بموجب سندات عليها ، وإذ قضى بعدم دستورية هذه المادة فيما تضمنته من نص على الأيلولة وكذلك بعدم دستورية المادة الرابعة من قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون رقم 69 لسنة 1974 فيما نصت عليه من تعيين حد أقصى لما يرد من أموال الخاضعين للحراسة وممتلكاتهم فإن النصين المطعون فيهما يكونان باطلين ولا يزول هذا البطلان تبعاً لزوال صفة المواطنة عن المدعيين إذ ليس من شأن زوال جنسيتهما الإخلال بالضمانات التى كفلها الدستور للملكية الخاصة فى المواد 34 ، 35 ، 36 منه ، ويذهب المدعيان كذلك إلى أن ما قررته الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 من تعويض الأشخاص المشار إليهم فيها عن تدابير الحراسة طبقاً لأحكام القرار بقانون رقم 49 لسنة 1971 وفى الحدود المنصوص عليها فيه ، مؤداه التقيد بالحد الأقصى للتعويض المنصوص عليه فى المادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 بالمخالفة لأحكام المواد 34 ، 35 ، 36 من الدستور .

وحيث إن الأصل فى النصوص التشريعية هو افتراض تطابقها مع أحكام الدستور ، ويتعين بالتالى إعمالاً لهذا الافتراض وكشرط مبدئى لإنفاذ محتواه أن تكون المطاعن الموجهة إلى هذه النصوص جلية فى معناها واضحة فى الدلالة على المقصود منها لا يحيطها التجهيل أو يكتنفها الغموض ، وبوجه خاص كلما كان النص التشريعى المطعون فيه مكوناً من عدة أجزاء يقوم كل منهما مستقلاً عن الآخر فى مضمونه ، إذ يتعين على الطاعن أن يبين على وجه التحديد أيها وقع – فى تقديره منافياً لأحكام الدستور وإلا كان الطعن غير مقبول ، ومتى كان ذلك وكان ما ينعاه المدعيان على الفقرة الثانية من المادة الأولى من القرار بقانون رقم 49 لسنة 1971 لا يتضمن تحديداً قاطعاً لما قصده المدعيان من مخالفة حكمها للدستور ، إذ لم يعرفا بما وقع من أجزاء مضمونها مناقضاً لقواعده ، مما يعجز هذه المحكمة عن مباشرة رقابتها القضائية على دستوريتها ، الأمر الذى يغدو معه الطعن بالنسبة إليها غير مقبول ، وهو ما يتعين الحكم به .

وحيث إن المادة الأولى من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1974 تنص على أن ترفع الحراسة على أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم بمقتضى أوامر جمهورية طبقاً لأحكام قانون الطوارئ وتنص المادة الثانية منه على أن تؤول إلى الدولة ملكية الأموال المشار إليها فى المادة السابقة ويعوض عنها صاحبها بتعويض إجمالى قدره ثلاثون ألف جنيه ما لم تكن قيمتها اقل من ذلك فيعوض عنها بمقدار هذه القيمة ، على انه إذا كانت الحراسة قد فرضت على الشخص وعلى عائلته بالتبعية له فيعوض جميعهم عن جميع أموالهم وممتلكاتهم المفروضة عليها الحراسة ، بما لا يجاوز قدر التعويض الإجمالى السابق بيانه .... ويؤدى التعويض بسندات أسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة بفائدة 4% سنوياً ......