المحاماة والقضاء

إن ذمة المحامي لن تؤدي ما عليها إلا في جو صالح من الإخلاص والإنصاف والزمالة .
المحامي متكافل مع القاضي في أداء "الحقيقة القضائية" ، ومن أجل ذلك فالمحامي "أول قاض ٍفي القضية" ، في حين أن القاضي هو "آخر محام ٍفي القضية" ، لأنه هو الذي يتولى الدفاع عن حكم هو نفسه "عنوان الحقيقة" لا "الحقيقة" .
من كتاب نجوم المحاماة في مصر وأوربا

الفصل الثالث
صـــــور إخـلاء السـبيل
لإخلاء
السبيل صورتان :
الأولى :
إخلاء السبيل بحق (( بقوة القانون )) .
الثانية :
إخلاء السبيل بكفالة أو بدونها (( الجوازي )) .
أولاً :
إخلاء السبيل بحق (( بقوة القانون )) :
وهو ما يطلق عليه
إخلاء السبيل الو جوبي ، أي بقوة القانون ، إذ أنه على القاضي أو المحكمة ، أن تأمر به بحكم القانون متى توافرت حالاته ، وليس للقاضي الخيار في الامتناع عن إعمال ذلك ، وإبقاء المدعى عليه موقوفاً .
حالات
إخلاء السبيل بحق :
الحالة الأولى :
نصت الفقرة الثانية من المادة / 117 / أصول محاكمات جزائية سوري على أنه :
(( 2- أما إذا كانت الجريمة من نوع الجنحة ، وكان الحد الأقصى للعقوبة التي تستوجبها الحبس سنة ، وكان للمدعى عليه موطن في سورية ، وجب
إخلاء سبيله بعد استجوابه بخمسة أيام ، على أن أحكام هذه الفقرة لا تشمل من كان قد حكم عليه قبلاً بجناية ، أو بالحبس أكثر من ثلاثة أشهر بدون وقف التنفيذ )).
إذاً شروط
إخلاء السبيل بحق في هذه الحالة كما يبدو من نص الفقرة الثانية هي :
أ- أن تكون الجريمة جنحة ، والحد الأقصى للعقوبة التي تستوجبها سنة على الأكثر ، والملاحظ أن المشرع السوري قد ضيق من نطاق هذه الحالة ، إذ قصرها على الجرائم التي لا تتجاوز عقوبتها السنة الواحدة ، وهي قليلة سيما وأنها جرائم تافهة ، فحبذا لو وسع المشرع نطاق استخدام هذه الحالة ، حتى تطال جميع الجنح ، التي لا يخشى فيها هرب المدعى عليه.
ب- أن يكون للمدعى عليه موطن في سورية ، وهذا الشرط مفاده سهولة تبليغ الأوراق القضائية فيما بعد التي تصدر آنذاك.
ج- أن لا يكون المدعى عليه قد حكم سابقاً بجناية ، أو بعقوبة الحبس أكثر من ثلاثة أشهر ، بدون وقف التنفيذ ، فالمدعى عليه لا يمكن التساهل معه من ناحية
إخلاء سبيله ، إذ أنه يمكن أن تؤدي سوابقه لرفع الحد الأعلى للعقوبة مما يشكل لديه دافعاً قوياً للهرب.
الحالة الثانية :
1- (( إذا تبين لقاضي
التحقيق أن الفعل لا يؤلف جرماً ، أو أنه لم يقم دليل على ارتكاب المدعى عليه إياه ، قرر منع محاكمته وأمر بإطلاق سراحه إن لم يكن موقوفاً لداعٍ آخر )).[15]
2- (( إذا تبين لقاضي
التحقيق أن الفعل مخالفة ، أحال المدعى عليه على المحكمة الصلحية وأمر بإطلاق سراحه إن كان موقوفاً )).[16]
3- (( يطلق سراح الظنين إذا كانت الجنحة لا تستوجب الحبس وإنما يلزمه أن يتخذ موطناً في مركز المحكمة إذا كان مقيماً خارجاً عنه )).[17]
الحالة الثالثة :
(( إذا تبين لقاضي الإحالة أن فعل الظنين لا يؤلف جرماً ، وأن الأدلة غير كافية لاتهامه ، قرر منع محاكمته وإطلاق سراحه حالاً ، ما لم يكن موقوفاً لداعٍ آخر )).[18]
(( 2- إذا تبين لقاضي الإحالة أن الفعل مخالفة أو جنحة ، قرر إحالة الظنين على المحكمة الصلحية أو البدائية المختصة ، وأطلق سراحه إن كان الفعل مخالفة أو كان جنحة لا تستوجب عقوبة الحبس )).[19]
الحالة الرابعة :
(( 2- أما إذا كان المدعى عليه موقوفاً ، وقضت محكمة الدرجة الأولى بالبراءة أو بعقوبة الحبس مع وقف التنفيذ ، أو بالغرامة ، أطلق سراحه فور صدور الحكم ، وبالرغم من استئنافه ، وإذا قضت بعقوبة الحبس ، أطلق سراحه فور إنفاذ العقوبة )).[20]
(( إذا قضت المحكمة بالبراءة ، أو بعقوبة الحبس مع وقف التنفيذ أو بالغرامة ، أطلق سراح المدعى عليه في الحال ، ولو استؤنف الحكم )).[21]
(( إذا قضت المحكمة ببراءة المتهم ، أطلق سراحه في الحال ، ما لم يكن موقوفاً لداعٍ آخر )).[22]

ثانياً :
إخلاء السبيل بكفالة أو بدونها (( الجوازي )) :
وهي ما يعرف بإخلاء
السبيل الجوازي ومعناه أن الجهة القضائية المختصة بنظر إخلاء السبيل ، غير ملزمة بإخلاء سبيل الموقوف.
(( 1- في الأحوال التي لا يجب فيها تخلية
السبيل بحق ، يجوز إطلاق سراح المدعى عليه بكفالة ، أو بدونها ... )).[23]
وهذه الفقرة يمكن اعتبارها قاعدة عامة في تحديد حالات
إخلاء السبيل الجوازي فإخلاء السبيل الجوازي – بخلاف إخلاء السبيل الوجوبي – ليس حقاً للمدعى عليه الموقوف.[24]
شروط
إخلاء السبيل بكفالة أو بدونها :
1- تقديم استدعاء ينظر فيه في غرفة المذاكرة ، ولا يخضع لأية قيود شكلية سوى رسم الطابع ، بشرط أن لا يكون الموقوف متهماً فاراً أو محروماً من حق
إخلاء السبيل.
2- استطلاع رأي النيابة العامة ، إلا أن رأي النيابة العامة غير ملزم.
3- تعهد بالحضور ، وبتنفيذ الحكم عند صدوره.
4- اتخاذ موطن مختار ، وهو مكان يختاره المدعى عليه ، كالمسكن الذي يقيم فيه ، أو مكان العمل أو مكتب محاميه.
5- صدور القرار ، ومشاهدة النيابة له.
6- تأدية الكفالة وفقاً لمنطوق القرار بقسميها.
7- تبليغ القرار.
إن الجهة القضائية المختصة بتقرير
إخلاء السبيل أو رده ، هي الجهة الواضعة يدها على الدعوى ، سواء أكان قاضي التحقيق أو الإحالة أو محكمة الصلح أو البداية أو الجنايات أو النقض ، إلا أن مجرد أن تقرر أي من هؤلاء مصير الدعوى ، سيحرمه فيما بعد من النظر باستدعاء إخلاء السبيل.




القانون
القانون لا يوجد إلا في تنظيم العلاقات فيما بين اثنين متكافئين في القوة أو في الضعف ،
أما حيث يتفاوتان قوةً وضعفا ً " فالقانون هو القوة " .
السنهوري


الفصل الرابع
الكفالة
أولاً : تعريف الكفالة :
هي تعهد بتنفيذ التزام ما من قبل الغير ، دون أن يكون التنفيذ معلقاً على شرط ؟[25]
والحقيقة الغالبة أن تكون الكفالة صكاً رسمياً يجري توثيقه لدى الجهات المختصة ، حسب الأصول المرعية.
ثانياً : غاية الكفالة :
هي ضمان حضور المدعى عليهم ، أو المتهمين ،
التحقيق عندما يطلب إليهم ذلك ، حتى الانتهاء منه ، وحضور جلسات المحاكمة عند الإحالة إلى المحكمة ، حتى صدور الحكم ، وتنفيذ الحكم فيما بعد ، عند اكتسابه الدرجة القطعية ، هذا من جهة – ومن جهة أخرى – ضماناً للرسوم والنفقات والغرامات.
ثالثاً : أقسام الكفالة :
تقسم الكفالة إلى قسمين ، وقد حددت ذلك الفقرة الأولى من نص المادة / 118 / أصول محاكمات جزائية :
(( 1- ...... وتضمن الكفالة :
أ- حضور المدعى عليه معاملات
التحقيق ، ومثوله لإنفاذ الحكم عند صدوره.
ب- تأدية المبالغ الآتية ذكرها بالترتيب التالي:
أولاً: الرسوم والنفقات التي عجلها المدعي الشخصي.
ثانياً: الرسوم والنفقات المتوجبة للدولة.
ثالثاً: الغرامات )).
ويكون لذوي الاستحقاق ، الأولوية بالمبالغ المبينة أعلاه كما أنه يعين في القرار القاضي بإخلاء
السبيل ، مقدار الكفالة والمبلغ المخصص منه بكل من قسميها ، ولقد جرت العادة أن يتخذ القاضي قراراً بمصادرة نصف الكفالة في حال تخلف المدعى عليه عن الحضور.
رابعاً : أنواع الكفالة :
قيد قانون الأصول الجزائية السوري ، إطلاق سراح الموقوف – فيما لو تقرر ذلك – بلزوم تأدية الكفالة ، سواء من الموقوف أو من غيره إذ أن (( إذا كان
إخلاء سبيل المدعى عليه مقيد بشرط الكفالة فتؤدى هذه الكفالة منه ، أو من غيره ، إما نقداً ، وإما إسناداً على الدولة ، أو مضمونة من الدولة ، وإما ضمانة مصرفية ، أو عقارية أو تجارية بمقدار قيمة الكفالة )) المادة /123/ أصول محاكمات جزائية سوري .

فالكفالة إما أن تكون :
1- نقدية : أي مبلغ نقدي.
2- عقارية : وهي ذات إجراءات طويلة ، تنصب على عين عقار يمكن التنفيذ عليه ، فيما لو تعذر تنفيذ ذلك من المخلى سبيله.
3- تجارية.
4- كفالة هيئات عامة : وذلك ما نصت عليه المادة / 35 / من المرسوم رقم / 2981 / تاريخ 19/12/1961م والمتضمن نظام العاملين في المؤسسة العامة للكهرباء والتي جاء فيها (( المؤسسة تكفل عمالها أمام الدوائر القضائية لإخلاء سبيلهم في حال توقيفهم بسبب الحوادث الناشئة عن عملهم )).
وقد أصدرت وزارة العدل التعميم تاريخ 16/5/1981م والذي تضمن طلب قبول كفالة المؤسسة العامة للكهرباء عمالها.
خامساً : مقدار الكفالة :
إن المشرع لم يضع حداً معيناً للكفالة ، فقد ترك للقاضي الحرية التامة لتحديد مقدارها حسب ما يتراءى له من واقع القضية المطروحة أمامه ، وهذا التقدير للكفالة يخضع للاستئناف ، فلقاضي الإحالة ، الحق في تعديل مقدار الكفالة فيما لو كان القرار قد صدر عن قاضي
التحقيق ، أما إذا كان القرار صادراً عن محاكم الصلح أو البداية فمقدار الكفالة يخضع لمراقبة محكمة استئناف الجزاء.
إلا أنه وبطبيعة الحال يجب مراعاة الأمور التالية عند تحديد مقدار الكفالة :[26]
1- نوع الجريمة المسندة إلى المدعى عليه ، إذ يختلف مقدار الكفالة، باختلاف الجريمة بين جناية وجناية وبين جنحة وجنحة ، وبين جناية وجنحة.
2- مدى وضوح الجريمة ، أو غموضها وبالتالي مدى استغناء القاضي عن توقيف المدعى عليه.
3- وضع المدعى عليه ، ومدى احتمال فراره ، وتواريه عن الأنظار من خلال مركزه وعمره ومستوى تفكيره وثقافته.
4- وضع المدعى عليه (( أو المتهم الموقوف )) المادي ، حيث يجب ملاحظة وضع المدعى عليه ، ويسره وعسره ، وثروته ، وذلك لأن المساواة بين الفقير والغني في تحديد بدل الكفالة ، هي أمر غير وارد في هذا الخصوص ، فيتعين أن تكثر قيمة الكفالة بالنسبة للمدعى عليه الغني ، وتنقص بالنسبة للمدعى عليه الفقير ، والداعي لذلك واضح فالكفالة عند الغني اسم بلا مسمى لضآلة قيمتها مهما بلغت ، وجسيمة عند الفقير، الذي يمتنع عليه الاستفادة منها مهما قلت بالإضافة إلى التعويضات التي يطالب بها المدعي الشخصي ، ونفقات المدعي الشخصي (( مصاريف العلاج – التداوي – مدة تعطله عن العمل )).


وهذا ما عنته المادة / 124 / من قانون أصول المحاكمات الجزائية السوري ، والتي جاء فيها :
(( 1- إذا كانت الكفالة مالاً نقدياً ، أو إسنادا على الدولة ، أو مضمونة منها ، فتودع صندوق الخزينة ويؤخذ بها إيصال.
2- يبرز سند الإيصال ، أو كتاب الضمانة المصرفية ، أو سند الكفالة العقارية المذيل بوضع إشارة الحجز من قبل أمانة السجل العقاري ، أو سند الكفالة التجارية المصدق من الكاتب بالعدل ، إلى المرجع الذي قرر تخلية
السبيل ، فيسطر إشعار إلى النائب العام لإطلاق سراح المدعى عليه )).