(الإنابة القضائية)

لقاضيالتحقيق إنابة أي قاض من قضاة المحكمة أو أحد قضاة الضبط القضائي المختص بالعمل منتلك الدائرة أو أي قاض من قضاة التحقيق للقيام بما يراه لازما من إجراءات التحقيقفي الأماكن الخاضعة للجهة القضائية التي يتبعها، ويذكر في الإنابة نوع الجريمةالمتابعة، ويتم تأريخ الإنابة القضائية وتوقع من طرف القاضي الذي أصدر الأمر
.

المادة 138 من ق.إ.ج




المبحث الثالث:

إجراءاتوأوامرقاضي التحقـيق في مواجهة المتهم وبعد إنتهاء التحقيق

المطلب الأول: إجراءات التحقيق في مواجهة المتهم

لقد نصت المادة السابعة من الإعلانالفرنسي لحقوق الإنسان الصادر خلال 1788 م على أنه

"
لا يجوز إتهام أي شخصأو القبض عليه أو حبسه إلا في الأحوال المبينة في القانون".

ونص إعلان حقوقالإنسان الصادر عن هيئة الأمم المتحدة في : 10/12/1948 م على أنه لا يجوز القبض علىإنسان أو يحتجز تعسفا. فالقضاء يضمن للجميع ولكل فرد المحافظة المشروعة على حرياتهمالأساسية، غير أن هناك حالات محددة في القانون والتي من شأنها ان تسمح بالأعتداءعلى الحريات الفردية وكرامة المواطن في الظروف الاستثنائية الخاصة
.

وهذهالحالات ورد النص عليها في المواد : 51-58-59-109 من ق.إ.ج والتي تمنح لقاضيالتحقيق سلطة إصدار أوامر قضائية بالقبض وإيداع الأشخاص في المؤسسات العقابية لمدةمحددة
.

وكل هذه الإجراءات الخاصة علينا التطرق إليها بشيء من التفصيلوالتوضيع فيما سيأتي
.

الفرع الأول : أوامر الإحضار والقبض


أ-الأمربالإحضار: وهو إجراء يأمر بمقتضاه قاضي التحقيق الشخص المتهم بالحضور أمامه فيالمواعيد المحددة له في ذات الأمر، وهو جائز في جميع الجرائم، وقد عرفته المادة 110/1 ق.إ.ج :

(
الأمر بالإحضار هو ذلك الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق إلىالقوة العمومية لإقتياد المتهم، ومثوله أمامه على الفور
).

والمشرع الجزائريعندما أعطى صلاحيات قاضي التحقيق في أمر الإحضار إنما قيده بشروط إذا لا يجوز لقاضيالتحقيق إصدار هذا الأمر إلا بشروط
:

1-
إلا إذا كان هناك شخص قد قدم إليه منالنيابة بتهمة
.

2-
إرتكاب جريمة معينة جنائية أو جنحة
.

3-
وجود دلائلقوية على إحتمال أن المتهم قد إرتكب الجريمة
.

4-
أنه وجه إليه استدعاء رسميللحضور أمام قاضي التحقيق فرفض الحضور من تلقاء نفسه دون أي عذر قانوني أو مبررقضائي
.

وأمر الإحضار ذو طبيعة إدارية بحتة غير قضائية، لذلك لا يستطيعالمتهم الصادر في شأنه الأمر أن يستأنفه أمام غرفة الإتهام. والمادة 172 ق.إ.ج قدذكرت جميع حالات الطعن في أوامر قاضي التحقيق ولم تذكر الطعن في أمر الإحضار
.

لكن الإشكال الذي يطرح حول جواز النيابة العامة في استئناف أمر الإحضارالذي يصدره قاضي التحقيق. إن استقراء المادة 109/4 ق.إ.ج نجد أن مشتملات الأمربالإحضار يجب أن يؤشر عليه وكيل الجمهورية ، وأن يرسل بمعرفته. فكيف يكن أن نتصوراستئناف النيابة العامة لهذا الأمر وهي التي أشرّت عليه
.
ويبقى الإشكال قائما فيالمادة 170 ق.إ.ج التي تجيز لوكيل الجمهورية بإستئناف جميع أوامر قاضي التحقيق، ولاتوجد إجتهادات قضائية في هذه الحالة 15

أما بالنسبة لطبيعة محضر أمر الإحضار 16فعليه ذكر أوصاف المتهم وعنوانه .

ب-الأمر بالقبض:الأمر بالقبض على المتهمهوأمر قضائي يصدره قاضي التحقيق إلى رجال القوة العمومية بقصد البحث عن المتهموتوقيفه وإيداعه مؤقتا من أجل استجوابه خلال48 ساعة من توقيفه
.



15 -
مولاي ملياني بغدادي: الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري ص 258


16 - أنظر الملحق

09



فنص المادة 119 ق.إ.ج : (الأمر بالقبض هو ذلكالأمر الذي يصدره قاضي التحقيق إلى القوة العمومية بالبحث عن المتهم وسوقه إلىالمؤسسة العقابية المنوه عنها في الأمر حيث يجري تسليمه وحبسه ).

·
شروطإصدار أمر القبض :

حددت المادة 119 ق.إ.ج الحالات التي يجوز فيها إصدار أمرالقبض وهي :

1-
أن يكون المتهم هاربا، أو مختف عن العدالة، أو من الأشخاصالمقيمين في الخارج .

2-
أن تكون الجريمة المنسوبة لأحدهما جناية أو جنحةمعاقب عليها بالحبس .

المادة 5-27 ق.إ.ج وهذا يعني استبعاد الجنح المعاقبعليها بالغرامة فقط والمخالفات إطلاقا .

3-
يجب على قاضي التحقيق قبل إصدارالقبض ان يستطلع رأي وكيل الجمهورية وقد خول ق.إ.ج لرئيس غرفة الإتهام إصدار هذاالأمر. ويحرر قاضي التحقيق الأمر بالقبض في محضر. 17

الفرع الثاني : أمرالإيداع في الحبس الإحتياطي

أ- أمر الإيداع : أمر الإيداع هو أمر بإيداعالمتهم في الحبس أو المؤسسة العقابية، أي إعتقاله بالمؤسسة المنوه في الأمر 18فتعرفه المادة 117 ق.إ.ج (أمر الإيداع بمؤسسة إعادة التربية هو ذلك الأمر الذييصدره القاضي إلى المشرف رئيس مؤسسة إعادة التربية بإستلام وحبس المتهم ).

ويبلغ للمتهم الصادر في حقه، وينوه هذا التبليغ في محضراستجوابه.

ولكن أمر الإيداع يستلزم شروطا :

1-
أن يكون الأمر بالإيداعصادرا عن قاضي التحقيق بناءا على طلب من وكيل الجمهورية أو من تلقاء نفسه متى رأىضرورة لذلك .

2-
أن يكون المراد إيداعه الحبس متهما بجناية أو جنحة معاقباعليها بالحبس .

3-
أن يصدر الأمر عقب استجواب المتهم، بصريح نص المادة 118ق.إ.ج .

ب- أمر الإيداع في الحبس الاحتياطي : لقد إهتم بموضوع الحبسالاحتياطي في المؤتمر الدولي السادس لقانون العقوبات المنعقد بروما من 26 سبتمبرإلى 04 أكتوبر 1953 الذي أكد على أن المتهم يكون بريئا حتى تثبت إدانته.

وأنالحبس الإحتياطي ضروري ولكنه إجراء استثنائي يجب أن يصدر من قاضي التحقيق، وبأمرمسبب وقانوني، ذلك أن هذا الإجراء من أخطر الإجراءات التحقيق وأكثرها مساسا بحريةالمتهم، إذ تسلب حريته طوال مدة حبسه.

وقد يتبادر للبعض أن الحبس الإحتياطيعقوبة تضعها سلطة التحقيق، غير أن حقيقة هذا الإجراء عمل إستثنائي طبقا للمادة 123ق.إ.ج . لكن هناك إختلاف بالنسبة لنوع الجريمة :

1-
الحبس الاحتياطي في موادالجنح التي لا تزيد عقوبتها عن سنتين :

المادة 124 ق.إ.ج تنص أنه لا يجوزحبس المتهم المستوطن في الجزائر حبسا احتياطيا أكثر من 20 يوما منذ مثوله أول مرةأمام قاضي التحقيق، مع مراعاة الشروط التالية :

1.
أن يكون الحد الأقصىللعقوبة المقدرة في القانون هو الحبس لأقل من سنتين أو يساوها .

2.
أن يكونالمتهم مستوطنا بالجزائر .

3.
أن يكون المتهم قد حكم عليه من أجل جناية أوعقوبة الحبس لمدة أكثر من ثلاثة أشهر نافذة لإرتكابه جنحة من جنح القانون العام .

4.
أن تكون الجريمة المتابع من أجلها جنحة .



17 -
أنظرالملحق – محضر أمر القبض -

18 –
مولاي ملياني بغدادي – ص 237

10

وإذا توفرت هذه الشروط وحبس المتهم أكثر من عشرين يوم كانحبسه تعسفا.

أما إذا لم تتوفر الشروط المذكورة أعلاه، جاز لقاضي التحقيقإصدار أمر بالحبس الإحتياطي أربعة أشهر في غير الأحوال المنصوص عليها في المادة 124ق.إ.ج .

2-
الحبس الاحتياطي في مواد الجنح التي تزيد عقوبتها عن ثلاث سنوات :

لقد نصت المادة 125 ق.إ.ج على أنه: (لا يجوز أن تتجاوز مدة الحبسالاحتياطي 4 أشهر غي غير الأحوال المنصوص عليها في المادة 124 ق.إ.ج، فإنه إذا تبينأنه من الضروري تمديد هذه المدة، أمكن لقاضي التحقيق تمديدها بأمر مسبب يصدره بعدإطلاع رأي وكيل الجمهورية)، آخذين بعين الاعتبار الشروط التالية :

1-
أنتكون أو توجد ضرورة قصوى لتمديد مدة الحبس الاحتياطي .

2-
إصدار قاضيالتحقيق أمرا مسببا لذلك بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية.

3-
أن تكونالعقوبة المنصوص عليها في القانون تزيد مدتها عن ثلاث سنوات.

4-
أن يمددالحبس الاحتياطي مرة واحدة فقط .

5-
وتكون أقصى مدة للحبس الاحتياطي في موادالجنح التي تزيد عقوبتها عن ثلاث سنوات هي ثمانية أشهر، وهي مدة طويلة. 19

ج-الحبس الاحتياطي في مواد الجنايات: يجوز لقاضي التحقيق في الجناياتتمديد الحبس الاحتياطي مرتين، على أن يصدر كل مرة أمرا مسببا، وبذلك تكون مدة الحبسالاحتياطي في مادة الجنايات 12 شهرا وذلك بنص المادة 125 ق.إ.ج في الأحوال العادية .

غير أنه في ظروف استثنائية، وفي حالة عدم إنهاء التحقيق في الآجال المحددةبالحبس الاحتياطي المنصوص عليها في المادة 125 ق.إ.ج . يمكن أن يطلب قاضي التحقيقمن غرفة الاتهام تمديد مدة الحبس الاحتياطي قبل شهر من انتهاء مدة الحبس، على أن لاتتجاوز مدة أربعة أشهر غير قابلة للتجديد، بناءا على المادة 125 مكرر من ق.إ.جوتصبح المدة الأقصى ستة عشر شهرا يقضيها المتهم في ذمة التحقيق .

ملاحظة :بعد محاكمة المتهم وصدور حكم قضائي، فإن مدة الحبس الاحتياطي تخصم من مدة السجن أوالحبس

الفرع الثالث : أوامر الإفراج المؤقت

الإفراج المؤقت من أهمالأوامر التي يصدرها قاضي التحقيق لصالح المتهم، ويترتب عليه إطلاق سراحه بصفةمؤقتة ويصدر قاضي التحقيق هذا الأمر إما من تلقاء نفسه أو بناءا على طلب المتهم أومحاميه، المادة 127 من ق.إ.ج أو بطلب من وكيل الجمهورية –المادة 126/2 ق.إ.ج أو فيالحالات التي يكون فيها حالة المتهم لا تحتمل الحبس لظروف صحية أو اجتماعية، أوبطلب من المحكمة التي أحيلت إليها القضية –المادة 128 ق.إ.ج –أو غرفة الاتهامالمادة 128/4 ق.إ.ج.

غير أن هذا الأمر وإن كان لصالح المتهم فهو مقيد بقيود :

1-
أن يكون وكيل الجمهورية على علم بأمر الإفراج المؤقت الصادر عن قاضيالتحقيق.

2-
إلتزام المحبوس بحضور جميع إجراءات التحقيق بعد الإفراج المؤقت .

3-
تقديم المتهم عنوانه الكامل وأي عنوان يمكن أن يستقر فيه بعد ذلك .

لكن هل يجوز الإفراج عن الأجنبي ؟

نقول انه يجوز الإفراج المؤقت عنالأجنبي بشرط دفع كفالة المصاريف التي دفعها المدعي المدني والمصاريف التي أنفقهاالقائم بالدعوى العمومية، ودفع الغرامات والمبالغ المحكوم بردها، وتعويضات مدنية .

19 -
مولاي ملياني بغدادي – الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري – ص 260

11

ويجوز في حالة رفض قاضي التحقيق طلب المتهم أو محاميهبالإفراج المؤقت أن يطعن المتهم في هذا الرفض أمام غرفة الاتهام، ويقدم إلى كاتبالضبط شفهيا أو كتابيا خلال ثلاثة أيام فقط من تبليغ الرفض إلى المتهم أو محاميه،كما يجوز للنيابة العامة في حالة قبول قاضي التحقيق طلب الإفراج المؤقت من طرفالمتهم أن تطعن فيه، ولكن من تاريخ صدور الأمر المطعون فيه.

المطلب الثاني : أوامر التصرف بعد إنتهاء التحقيق

تنص المادة 162/1 إ.ج على أن (يقوم قاضيالتحقيق بمجرد اعتبار التحقيق منتهيا بإرسال الملف لوكيل الجمهورية بعد أن يقومالكاتب بترقيمه، وعلى وكيل الجمهورية تقديم طلباته إليه خلال عشرة أيام على الأكثر ).

ومقتضى هذا النص أن كل تحقيق يفرع منه المحقق، يقفل التحقيق ويرسل الملفإلى النيابة العامة ممثلة في وكيل الجمهورية لتمكينه من تقديم طلباته الختاميةبخصوص الواقعة ووصفها القانوني واقتراح التصرف أو الإجراء الذي يراه لازما لذلك. ثمبعد ذلك يقوم قاضي التحقيق بتمحيص الأدلة وتقييم المعلومات التي أمكن الحصول عليها،وما إذا كان يوجد ضد المتهم دلائل تثبت التهمة في حقه أم لا، وبناء على كل هذايتصرف قاضي التحقيق في تحقيقه بأحد الأمرين :