وقد أقرّ هذا القانون أن توجد شُرَط للأحداث في كل محافظة تتولى النظر في كل ما من شأنه حماية الأحداث، وأن يكلف أحد ممثلي النيابة العامة، في المراكز التي يوجد فيها أكثر من ممثل واحد لها، العمل بقضايا الأحداث إضافة إلى أعماله الأخرى وألاّ تخضع الأحداث للأصول المتعلقة بالجرائم المشهودة أو المتعلقة بإقامة الدعوى مباشرة أمام المحكمة وذلك باستثناء الجنح المعاقب عليها بالغرامة أو بعقوبة الحبس مدة لا تتجاوز السنة أو بالعقوبتين.

وفي حال التحقيق الابتدائي يكلف أحد قضاة التحقيق، في المراكز التي يوجد فيها أكثر من قاض واحد، النظر في القضايا المتعلقة بالأحداث إضافة إلى أعماله الأخرى. وأوجب القانون التحقيق في الجنح المعاقب عليها قانوناً بالحبس أكثر من سنة إضافة إلى وجوبه في الجنايات إطلاقاً. وأوجب كذلك تعيين محام للحدث الجانح في الجنايات والجنح. وقضى بعدم توقيف الحدث إلا في مراكز الملاحظة التي أنشأتها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أو اعترفت بها، أو في محل توقيف خاص عند عدم وجود مثل هذه المراكز، وبعدم لزوم مرور القضية، بعد التحقيق، على قاضي الإحالة وإن كانت الجريمة المنسوبة إلى الحدث من نوع الجناية.

أما فيما يتعلق بمحاكمة الحدث فإن مهمة محكمة
الأحداث لا تنحصر، كسائر المحاكم الجزائية، في إدانة المجرمين وتبرئة الأبرياء، بل تتركز في كونها مؤسسة اجتماعية غايتها الرئيسة حماية الأحداث الجانحين وتقويم اعوجاجهم ودعم ائتلافهم مع المجتمع وفي سبيل تحقيق هذه الغاية خص المشرع إجراءات المحاكمة أمام قضاء الأحداث بقواعد خاصة تختلف اختلافاً جوهرياً عن الإجراءات التي تتبع في محاكمة المتهمين من غير الأحداث، وهي تتجلى فيما يلي:

سرية المحاكمة: القاعدة عند محاكمة الراشدين هي وجوب إجراء المحاكمة بصورة علنية وإلا تعد باطلة ما لم تقرر المحكمة إجراءها سراً بداعي المحافظة على النظام العام أو الأخلاق العامة، والعلة في تقرير العلانية عدها المشرع من الضمانات المقررة لحسن سير العدالة الجزائية ولحرية المتهم في الدفاع عن نفسه، ولكن ضمانة علانية المحاكمة هذه قد تنقلب وبالاً على الحدث وعلى ذويه، فقد تسيء إلى الحدث وتعرض مستقبله للخطر لأن القانون يوجب اللجوء إلى فحص شخصيته جسدياً ونفسياً، والوقوف على جميع المعلومات المتعلقة بأحوال ذويه المادية والاجتماعية وبأخلاقه، وبدرجة ذكائه، وبالبيئة والمدرسة اللتين نشأ فيهما، وبحالته الصحية، وبأفعاله السابقة. لكل هذا قرر قانون
الأحداث الجانحين وجوب إجراء محاكمة الأحداث سراً بحضور الحدث ووليه أو وكيله أو الشخص المسلم إليه والمدعي الشخصي ووكيله ومندوب مكتب الخدمة الاجتماعية أو مركز الملاحظة، ومراقب السلوك، فضلاً عن ممثل النيابة وكاتب المحكمة. وقد ذهب القانون إلى أكثر من ذلك حين أعطى المحكمة سلطة إخراج الحدث من الجلسة بعد استجوابه إذا وجدت ضرورة لذلك.