[و] المشجر الضابط فيه أن يكون بـ : " ابن " متصلة بالنون كيف تقلبت بها الحال في جهاتها الست؛ وربما امتدت الخطة الواحدة في مجلدات كثيرة فما سلم اتصالها بالنون فليس بضائر اختلاف أحوالها، ولا يجوز تراكب الخطط … ". أهـ (33).

وقال في صفات المشجر : " ومن صفاته المستحسنة، أن يكون جيّد الخط، فإنّ التشجير لا يليق به إلاّ الخطّ الحسن " (34).

وهناك فرق بين الاعتناء بالنسب وبين العلم بالنسب، فليس كل من اعتنى بالنسب، ولو لخاصة أهله، يقبل كلامه فيهم، بل لا بد أن يكون ذلك الاعتناء مما يوجب العلم بالنسب بالوسائل الشرعية . وقديمًا قيل في بعضهم : إنه كان جمّاعًا للنسب، ولكنه : " لا يحسن التشجير " (35). وقال / جمال الدين بن عنبة لما تعرّض لذكر الشريف / أبي المظفر محمد الشاعر النسابة الحسيني : " … وقفت له على مشجرة ألّفها لنقيب النقباء قطب الدين / محمد الشيرازي الرسي المعروف بـ " أبي زرعة "، فوجدت فيها أغلاطًا فاحشة، وخطًّا منكرًا، لا يغلط بمثله عالم . وذلك مثل أنه نقل عن كتاب المجدي لأبي الحسن علي بن محمد العمري : أنّ عيسى الأزرق الرومي العريضي أولد اثني عشر ولدًا ذكورًا لم يعقبوا . ثم جزم على أنّ النقيب عيسى الأزرق بن محمد العريضي منقرض لا عقب له . ولا شك أنّ الذي نقله عن المجدي صحيح، ولكن العمري ذكر هناك في عقب هذا الكلام بعد أن ذكر الاثني عشر غير المعقبين وعدّدهم، [ عدَّ ] بعدهم الجماعة الذين أعقبوا من بني عيسى النقيب، وليت شعري كيف لم يطالع الكلام إلى آخره، ويسلم من الطعن في قبيلة كثيرة من العلويين بمجرد الخطأ !! والعجب أنه يزعم قرأ المجدي على النقيب الطاهر رضي الدين علي بن علي بن الطاوس الحسني، وكيف يشذّ عنه ما هو مسطور في كتاب قرأه ؟ بل كيف يتجرأ مسلم على مثل هذا، وينفي قبيلة عظيمة من آل أبي طالب ؟ " أهـ (36).

إذا علمت ذلك، فكن على خبر أننا في زمن سوء، تروج فيه ثقافة الاستهلاك، ومنها استهلاك الأنساب، حتى ترى شجرات الأنساب تباع وتشترى، وترى التحوّل عن الأنساب والتجوّل في أعمدتها من علامات العصر، فقد فتح الباب على مصراعيه، وأصبحت صناعة شجرات النسب تجارة رابحة .

آداب وأحكام في صنع الشجرات :-

ينبغي أن يكون من آداب كتابة " الشجرات " :-

1- إخلاص النية لله  في هذا العمل، فإنما الأعمال بالنيات . وقديمًا قال السلف : " كل ما لا يراد به وجه الله يضمحل ". ومَن كان حظه ومقصوده مِن كتابة الأنساب غير وجه الله تعالى لم ينتفع بعلمه وبما كتب .

2- تسمية الشجرة بوضع عنوان يدلّ عليها .

3- ما في الشجرة خبر وليس رواية، فيجب فيه الصدق والصحة، وإلاّ كان كذبًا .

4- عدم التفريع لنسب غيره في نسب قبيلته؛ لأنّ هذا مدعاة للاختلاف، وليس هو راوٍ ههنا بل هو مخبر .

5- كتابة اسم جامعها كاملاً بيّنًا واضحًا، فإن كان أكثر من واحد، نص على عمل كل واحد منهم فيها، ولا يساق ذِكْرهم على جهة الإجمال .

6- كتابة بدء سنة الجمع والتحرير .

7- التشجير لا يليق به إلاّ الخط الحسن والمداد الواضح .

8- وصل الأسماء فيها بـ : " ابن "؛ لأنّ هذا مِن سنّة العرب، وهو مما يدلّ عليه الشرع، وتركها من عادة الأعاجم . وقد درجت كثير من الشجرات الحديثة على إهمال هذا المعنى .

9- ذكر اسم كاتب الشجرة إن لم يكن هو جامعها .

10- ضرورة نظر الجامع لها في كتابة الكاتب وتصحيح ما يشكل عليه أو يغلط فيه . وقد وقع بسبب إهمال هذا الأمر تحريف في الأسماء أو زيادة أو نقصان في الأعمدة، ومن أقوالهم المشهورة : " أسماء الناس لا يدخلها القياس ".

11- نص النسابة على عدم جواز تراكب خطوط التشجير؛ لأنه مدعاة للالتباس .

12- ذِكر تاريخ طبع الشجرة، وبيان رقم الطبعة .

13- بيان المصادر التي اعتمد عليها في جمعها، فإن كانت مخطوطة نص عليها وعيّنها، وإن كانت مطبوعة دلّ القارئ عليها، وإن كانت شهادات استفاضة أو روايات وأخبار، أو وثائق أو مصادر تاريخية وجغرافية أو كتابة على حجج وقف أو عقود بيوع وشراء أو صكوك وعقود نكاح، أو كتابة ونقش على حجارة، يبين ذلك كله، بالإحالة عليه في هامش الشجرة .

14- لا يجوز تغيير ما في الشجرات الصحيحة القديمة في الشجرات الحديثة .

15- الزيادة في الشجرة القديمة الصحيحة إن كانت بغير خط الأصل، فلا قيمة لها إلاّ عند واضعها .

16- لا يزاد على الشجرة الصحيحة إلاّ بدليل .

17- لا يقبل ادعاء الزيادة في الشجرات الصحيحة إلاّ بدليل .

18- ليست مصادر جمع النسب على درجة سواء، فمنها ما هو شرعي رباني، ومنها ما هو نفساني شيطاني، ومنها ما هو بين ذلك .