اكدت على هذه المبادئ قرارات الامم المتحدة ومؤتمرات الصليب الاحمر الدولي، وكذلك العدديد من الاعلانات والمعاهدات الدولية، خصوصا تلك المتعلقة بالقانون الدولي الانساني.‏‏

فالامم المتحدة لعبت دورا اساسيا في تثبيت مبادئ القانون الدولي الانساني، وان كان لا مجال لنا هنا للتوسع بهذا الموضوع، الا اننا نذكر المؤتمر الدولي لحقوق الانسان، المنعقد في طهران عام 1968، وكذلك القرارات المتعددة للجمعية العامة التي ادت الى صدور اتفاقية جنيف (1980) واتفاقية اوتاوا (1997)، واللتين سنأتي على ذكرهما لاحقا.‏‏

اما الصليب الاحمر الدولي، فقد اكد على هذه المبادئ في الكثير من مؤتمراته، ونذكر هنا المؤتمر العشرين المنعقد في فيينا عام 1965، والذي جاء فيه: ان الحرب دون تمييز تشكل خطرا على المدنيين، وان الفرقاء في النزاع العسكري لا يملكون الحق الكامل في اختيار الوسيلة المستعملة للنيل من العدو. وكذلك المؤتمر الحادي والعشرين المنعقد في استنبول عام 1969، والذي اكد ان على المتحاربين الامتناع عن استعمال الاسلحة التي:‏‏

ـ تسبب الاما مفرطة.‏‏

ـ بسبب عدم دقة استعمالها، لا تميز بين المدنيين والعسكريين.‏‏

وكان قد اتى اعلان بطرسبرغ، عام 1868، ليؤسس لهذه المبادئ، حيث اعتبر ان التقدم الحضاري يجب ان يخفف، قدر الامكان، من نكبات الحرب، وان الهدف الوحيد الذي يجب ان تسعى اليه الدول اثناء الحرب هو اضعاف القوى العسكرية للعدو، وان استخدام الاسلحة التي تزيد من الام الاشخاص الذين اصبحوا عاجزين عن القتال او تجعل موتهم محتوما مخالفا للقوانين الانسانية.‏‏

وقد جاءت اتفاقية لاهاي عام 1907، الخاصة باحترام قوانين واعراف الحرب البرية، لتؤكد في مادتها الثانية والعشرين ان فرقاء القتال ليسوا احرارا في اختيار وسائل وطرق القتال.‏‏

ولتحدد في مادتها الثالثة والعشرين تلك الوسائل الممنوع استعمالها، وخاصة في الفقرة "هـ" منها، استخدام الاسلحة والقذائف والمواد التي من شانها احداث اصابات وآلام لا مبرر لها.‏‏

ان الخطوة الكبيرة في تاكيد هذه المبادئ حصلت عندما تبنى البروتوكول الاول الاضافي لاتفاقيات جنيف 1949، والصادر عام 1977، في مادته الخامسة والثلاثين النص الحرفي للمادة 22 من اتفاقية لاهاي 1970. وحين حظر في مادته الحادية والخمسين الهجمات العشوائية.‏‏

ان استعمال الالغام من قبل العدو الصهيوني كوسيلة حرب، وبالطريقة التي لجأ اليها، هو دون شك يتعارض والمبادئ التي ذكرناها اعلاه، وذلك بالرغم من ان هذه المبادئ لم تمنع استعمال الالغام حصرا.‏‏

فالالغام تعتبر من وسائل القتال التي لا تميز، بطبيعتها، بين المدنيين والعسكريين، كما انها تستمر في جعل المقاتلين الذين اصبحوا خارج المعركة هدفا لها، وكذلك المدنيين الذين لا يشاركون بالاعمال العسكرية بشكل مباشر. فضلا عن انها سلاح عشوائي بطبيعته، الا انها يمكن استعمالها ايضا بطريقة عشوائية كما استعملها العدو الصهيوني.‏‏

وتعتبر الالغام ايضا من وسائل القتال التي لا يؤدي استعمالها فائدة عسكرية محددة، كونها تهدد المدنيين والعسكريين، ليس فقط اثناء المعركة وانما ايضا بعد انتهائها. كما ان الخسائر الناتجة عن استعمالها لا تتناسب والفائدة العسكرية المتوخاة، وقد اكدت الدراسات على ان الالغام لا تمنع فريقا من احتلال ارض فريق آخر او الانتصار عليه، ولا تستطيع منع تقدم الجيوش التي تكسح بوسائلها المتقدمة حقول الالغام.‏‏