( رابعا - التدابير الرامية إلى ضمان احترام حقوق الإنسان للجميع وسيادة القانون بوصفه الركيزة ‏الأساسية لمكافحة الإرهاب

إننا، إذ نعيد تأكيد أن تعزيز حقوق الإنسان للجميع وحمايتها وسيادة القانون أمر أساسي بالنسبة لجميع عناصر الاستراتيجية، وإذ ‏نقر بأن اتخاذ تدابير فعالة لمكافحة الإرهاب وحماية حقوق الإنسان هدفان لا يتعارضان، بل متكاملان ويعزز كل منهما الآخر، ‏وإذ نؤكد ضرورة تعزيز وحماية حقوق ضحايا الإرهاب وحمايتها، نقرر اتخاذ التدابير التالية:‏

1. التأكيد من جديد على أن قرار الجمعية العامة 158/60 المؤرخ 16 كانون الأول/ديسمبر 2005 يوفر الإطار ‏الأساسي لـ ’’حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب‘‘؛‏
2. التأكيد من جديد على أنه يتعين على الدول أن تكفل في أية تدابير تتخذها لمكافحة الإرهاب الوفاء بالالتزامات المنوطة بها بموجب القانون الدولي، ولا سيما قانون حقوق الإنسان وقانون اللاجئين والقانون الإنساني الدولي؛
3. النظر في الانضمام، دون إبطاء، إلى الصكوك الدولية الأساسية المتعلقة بقانون حقوق الإنسان وقانون اللاجئين والقانون ‏الإنساني الدولي وتنفيذها، فضلا عن النظر في قبول اختصاص هيئات رصد حقوق الإنسان الدولية والإقليمية المعنية؛

4. عدم ادخار أي جهد لإنشاء وتعهد نظام وطني للعدالة الجنائية يتسم بالفعالية ويقوم على سيادة القانون يكون بوسعه أن يكفل، وفقا للالتزامات المنوطة بنا بموجب القانون الدولي، تقديم أي شخص يشارك في تمويل الأعمال الإرهابية أو التخطيط لها أو تدبيرها أو ارتكابها أو دعمها إلى العدالة، بناء على مبدأ تسليم الأشخاص المطلوبين، أو محاكمتهم، وفي ظل الاحترام الواجب لحقوق الإنسان والحريات ‏الأساسية، والنص في القوانين واللوائح المحلية على أن هذه الأعمال الإرهابية تشكل جرائم خطيرة. ونسلم بأن الدول قد ‏تحتاج إلى المساعدة في إنشاء وتعهد نظام العدالة الجنائية هذا المتسم بالفعالية والقائم على سيادة ‏القانون، ونشجعها على اللجوء إلى المساعدة التقنية التي تقدمها جهات من بينها مكتب الأمم المتحدة ‏المعني بالمخدرات والجريمة؛
5. التأكيد من جديد على الدور الهام الذي تضطلع به منظومة الأمم المتحدة في تعزيز البنيان القانوني الدولي بتشجيع ‏سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان وإنشاء نظم عدالة جنائية تتسم بالفعالية، تشكل من التزامات الركيزة الأساسية لمعركتنا المشتركة ضد الإرهاب؛
6. دعم مجلس حقوق الإنسان والإسهام، وهو في طور التشكيل، في عمله المتعلق بمسألة تعزيز وحماية حقوق الإنسان ‏للجميع في سياق مكافحة الإرهاب؛
7. دعم عملية تعزيز القدرة التشغيلية لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، مع التركيز بشكل خاص على العمليات الميدانية ‏.‏وينبغي للمفوضية أن تستمر في الاضطلاع بدور طليعي في دراسة مسألة حماية ‏حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب، بتقديم توصيات عامة بشأن الدول المتصلة ‏بحقوق الإنسان وتقديم المساعدة والمشورة للدول، ولا سيما في مجال التوعية بالقانون الدولي لحقوق ‏الإنسان في أوساط وكالات إنفاذ القانون الوطنية، وذلك بناء على طلب الدول؛
8. دعم الدور الذي يضطلع به المقرر الخاص المعني بتشجيع وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب.‏‎‎وينبغي للمقرر الخاص مواصلة دعم جهود الدول وإسداء المشورة العملية عن طريق المراسلة مع ‏الحكومات، والقيام بزيارات قطرية، وإقامة اتصال مع الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية، وتقديم ‏تقارير عن هذه المسائل )[29].

وضعت أحداث 11 سبتمبر معادلة غريبة على موازين حقوق الإنسان في الإعلان العالمي 1948 وما تبعه من عشرات الإعلانات والاتفاقيات والعهود والعديد من المؤتمرات المتعلقة بمختلف جوانب حقوق الإنسان حيث ظهر التعارض واضح بين حماية الأمن الوطني من ناحية وحماية حقوق الإنسان من ناحية أخرى في إضفاء المشروعية على عدد من التراجعات القانونية عن المبادئ الدولية لحقوق الإنسان , حيث ظهر المساس بحقوق الإنسان جليا في التشريعات الصادرة من عدد من دول أوربا وأمريكا بحجة مكافحة الإرهاب ولكن هل هناك تعارض بين متطلبات الحماية ضد الإرهاب وبين تأمين احترام حقوق الإنسان وفق المبادئ الدولية الثابتة وهنا لابد من طرح تساؤلات أخرى مهمة قد تؤدي بنا إلى حلقة مفرغة!!
* هل توصلت الأمم المتحدة لتعريف جامع مانع لمعنى الإرهاب الدولي؟فحينما يصبح تعريف الجريمة أمر محاط بالغموض تكون وسائل مكافحتها غير محددة.
* ما هو مصير المادة الرابعة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي أجازت للدول في حالة الطوارئ الاستثنائية أن تتخذ في أضيق الحدود تدابير تتحرر بموجبها من التزاماتها الدولية باحترام بعض حقوق الإنسان غير انه لإعمال هذه المادة لابد من توفر مجموعة من الشروط في أن تكون الدولة أمام حالة طوارئ استثنائية تهدد حياتها وان تكون هذه الحالة معلنة رسميا وان تكون التدابير المتخذة في أضيق الحدود كذلك أن لا تتضمن هذه التدابير تمييزا بسبب العراق أو اللون أو ***** أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي أيضا أن تكون تلك التدابير مقبولة في إطار مفهوم المجتمع الديمقراطي الحر وان تكون إجراءات وتدابير مؤقتة وتصدر بقانون ,.
وعموما وحتى ضمن أحكام المادة الرابعة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية فلا يجوز المساس ببعض الحقوق ولو دخلت الدولة في حرب معلنة مع دولة أخرى وهذه الحقوق تتمثل في حق الحياة وحق سلامة الجسد ضد التعذيب ومنع الرق والاتجار به ومبدأ الشرعية في مجال القانون الجنائي (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص) وضمان حرية الفكر والضمير والدين والحق في محاكمة محايدة تقبل قراراتها الطعن أمام المحاكم العليا .
وعموما فأن الإرهاب وجرائمه يمثلان اعتداء مباشر على مجموعة من حقوق الإنسان التقليدية ويأتي في مقدمتها الحق في الحياة لما ينطوي عليه الإرهاب من قتل عشوائي , والحق في سلامة الجسد وما ينطوي عليه الإرهاب من إلحاق الضرر ببدن الإنسان , وأيضا حرية الرأي والتعبير معا بما ينطوي عليه الإرهاب من إشاعة الخوف والرعب في مواجهة الجهر بالرأي إضافة لمجمل الحقوق والحريات الأخرى التي يكتسحها الإرهاب كالحق في التملك والتنقل والسكن والثقافة والتعليم وغيرها من الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وبالتالي فقد كان من المتوقع في مواجهة الدول التي وقعت ضحية الإرهاب أن تكون مواجهة مقيدة بالقانون والمبادئ الداخلية والدولية لحقوق الإنسان فلا يعني أن الإرهاب كونه عمل متحرر من القيود القانونية والأخلاقية أن تكون مواجهته مثله وإلا فنحن نعطي طابع المشروعية للظاهرة الإجرامية , فخرق القانون لا يبرر بخرق مماثل وأثار الجريمة مهما كانت لا تبرر جريمة مماثلة وإلا فقدت الدولة معنى وجودها وتعرضت حياة وسلامة المواطنين لتهديد الأخطار المختلفة .
إن وفاء الدولة بالتزاماتها الدولية إنما هو تعبير عن تمسكها بالإطار الشرعي الذي يحكم سلوكها على المستوى الداخلي والدولي ومن هنا ظهرت بوادر الحديث بأن التزام الدولة باحترام حقوق مواطنيها في داخلها هو شأن دولي كما هو شان داخلي.
عموما فيمكن القول بأن الخلاصة في موضوع العلاقة بين الإرهاب وحقوق الإنسان تكمن في:-
1-إن إيراد تعريف موحد ومتفق عليه ومنضبط بخصوص الإرهاب الدولي أو الداخلي ممارسا من قبل الدولة أو مدعوما منها أو ممارسا من قبل الجماعات أو الأفراد هو أمر ضروري وفي الوقت نفسه قد يبدو مثل هذا التعريف أمر غير مرغوب فيه من قبل العديد من الدول لتضمن بقاء يدها مطلقة في ممارسة إرهاب الدولة وقمع الشعوب وانتهاك حقوق الإنسان بذريعة مكافحة الإرهاب
2- كون إن النشاط الإرهابي يمثل خطرا على حقوق الإنسان باعتباره محل إدانة إنسانية شاملة فان مكافحة الإرهاب قد تمثل نفس الخطر لما قد تعانيه هذه الحقوق من انتهاكات تحت ذريعة القضاء على الإرهاب.
3- حماية حقوق الإنسان والحفاظ عليها من الانتهاكات لابد أن لا يعد ذريعة لتقييد الدول في مواجهة الإرهاب فلابد أن يكون للدولة إجراءاتها الاستثنائية لمواجهته إلا إنها يجب أن تكون إجراءات مؤقتة ومفروضة بقانون وان تطبق بإشراف القضاء المستقل وان لا تمس هذه الإجراءات حقوق الإنسان غير القابلة للمساس .
4-رغم أن اتخاذ كل الإجراءات الأمنية والعسكرية ضرورية لمقاومة الإرهاب أيا كان (في حدود القانون) فن القضاء على مصادر الإرهاب داخليا ودوليا قد يقطع دابر الإرهاب ويقضي باحترام حقوق وحريات الأفراد والشعوب [30]
الخاتمة
تبين لنا ان التعاون الدولي ضدو الارهاب قد جاء اثر احداث 9 ايلول 2001 منفعلا غاضبا جنونياً ، لذلك فان النتائج التي ترتبت عليه كانت نتائج ماساوية ضارة . فقد جاء على اثره احتلال دولتين مستقلتين ، وقد نجم عن ذلك الاحتلال عشرات الالوف من الضحايا من المدنيين ، كما اثبتت الحقائق انه ادى الى تفاقم الارهاب واتساع ميادين نشاطه . كما ان كثير من مبادئ حقوق الانسان قد تم التضحية بها تحت شعار محاربة الانسان .