المطلب الأول
تعريف جريمة غسيل الاموال



اكثر الاوصاف التي يمكن من خلالها وصف جريمة غسيل الاموال انها جريمة لاحقة لانشطة جرمية حققت عوائد مالية غير مشروعة ، فكان لزاما اسباغ المشروعية على العائدات الجرمية او ما يعرف بالاموال القذرة ، ليتاح استخدامها بيسر وسهولة ، ولهذا تعد جريمة غسيل الاموال مخرجًا لمآزق المجرمين المتمثل بصعوبة التعامل مع متحصلات جرائمهم خاصة تلك التي تدر اموالاً باهظة ، كتجارة المخدرات وتهريب الاسلحة والإتجار بالبشر وانشطة الفساد المالي . وتجدر الاشارة هنا ان الذهن العام بخصوص جرائم غسيل الاموال ارتبط بجرائم المخدرات ، بل ان جهود المكافحة الدولية لغسيل الاموال جاءت ضمن جهود مكافحة المخدرات ولهذا نجد ان موضع النص دولياً على قواعد واحكام غسيل الاموال جاء ضمن اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بمكافحة المخدرات ، ومبرر ذلك ان انشطة المخدرات هي التي اوجدت الوعاء الاكبر للاموال القذرة بفعل متحصلات عوائدها العالية ، غير ان هذه الحقيقة آخذة في التغيير ، اذ تشير الدراسات التحليلية الى ان انشطة الفساد المالي والوظيفي خاصة في الدول النامية من قبل المتنفذين والمتحكمين بمصائر الشعوب ادت الى خلق ثروات باهظة غير مشروعة تحتاج لتكون محلا لغسيل الاموال كي يتمكن اصحابها من التنعم بها ،واذا ما علمنا ان منظمة الشفافية الدولية اصدرت تقريرها في عام 2007 أشارت فيه الى أن العراق يقع في المرتبة الثانية من حيث شيوع حالات الفساد بين دول العالم. وهذه حقيقة غير مبالغ فيها والحالات الكثيرة التي ضبطت والمبالغ التي أرتفعت الى مليارات الدولارات تؤيد ذلك. وللاسف لم يكن ابطال الفساد عراقيين فقط بل شاركهم في ذلك مسؤولون دوليون كبار وأجانب من مختلف الدول .

ولعل من المفيد ان نتطرق الى لمحة تاريخية في اصول هذه الجريمة فان مصطلح غسيل الاموال وان لم يكن يعرف بهذه التسمية كان السبيل الذي اتبعته عصابات المافيا لاضفاء المشروعية على الاموال القذرة المتحصلة من نشاطات هذه العصابات وفي بدايات القرن الماضي ظهرت إحدى وسائل غسيل الاموال في بداية الثلاثينيات بصورة غير مباشرة وبقضية تهرب من الضريبة حيث كان يتوفر بيد هذه العصابات اموال نقدية طائلة ( غالبا بفئات صغيرة ) ناجمة عن الانشطة غير المشروعة وفي مقدمتها المخدرات والقمار والانشطة الاباحية والابتزاز وتجارة المشروبات المهربة وغيرها ، وقد احتاجت هذه العصابات ان تضفي المشروعية على مصادر اموالها عوضا عن الحاجة الى حل مشكلة توفر النقد بين يديها ومشكلة عدم القدرة على حفظها داخل البنوك ، وكان احد ابرز الطرق لتحقيق هذا الهدف شراء الموجودات وانشاء المشاريع ، وهو ما قام به احد اشهر قادة المافيا ( آل كابون ) ، وقد احيل ( آل كابون ) عام 1931 الى المحاكمة ، لكن ليس بتهمة غسيل الاموال غير المعروفة في ذلك الوقت ،وانما بتهمة التهرب الضريبي ، وقد اخذ الحديث مداه عن المصادر غير المشروعة لهذه الاموال في تلك المحاكمة خاصة عند ادانة ( مير لانسكي ) لقيامه بالبحث عن وسائل لاخفاء الاموال باعتباره المحاسب والمصرفي العامل مع آل كابون ، ولعل ما قام به ( ميرلانسكي ) في ذلك الوقت وفي بدايات تطور الصناعة المصرفية يمثل احد ابرز وسائل غسيل الاموال فيما بعد ، وهي الاعتماد على تحويل نقود الى مصاريف اجنبية واعادة الحصول عليها عن طريق القروض . [4]كما ان الشريعة الاسلامية قد حرمت عمليات غسيل الاموال ونهت عنها طبقا للقاعدة الشرعية "اذا اجتمع المال الحرام بالمال الحلال غلب المال الحرام وبالتالي فهي حرام"وان الاسلام سد منابع الحصول على المال الملوث بتحريمه للطرق التي يتاتى منه هذا المال الخبيث واوجب مصادرته وصرفه في المنافع العامة وتحريم اخفاء الحقيقة بشكل عام ومنها اخفاء حقيقية المال فالكافر حين كفر كان سبيله الى ذلك اخفاء الحقيقة وكل اخفاء للحقيقة حرام .اما عن معنى جريمة غسيل الاموال فعلى الرغم من عدم اتفاق المشرعين في مختلف البلدان على تحديد معنى واحد لهذه الجريمة ويعد تعريف دليل اللجنة الاوروبية لغسيل الاموال الصادر عام 1990 الاكثر شمولا وتحديدا لعناصر غسيل الاموال من بين التعريفات الاخرى التي تضمنتها عدد من الوثائق الدولية والتشريعات الوطنية ، ووفقا للدليل المذكور فان غسيل الاموال ((عملية تحويل الاموال المتحصلة من انشطة جرمية بهدف اخفاء او انكار المصدر غير الشرعي والمحظور لهذه الاموال او مساعدة أي شخص ارتكب جرما ليتجنب المسؤولية القانونية عن الاحتفاظ بمتحصلات هذا الجرم))[5]

اما إعلان بازل عام 1988م حيث عرفه بأنه (جميع العمليات المصرفية التي يقوم بها الفاعلون وشركاؤهم بقصد إخفاء المصدر الجرمي للأموال وأصحابه)

بينما جمعية البنوك السويسرية، قدمت في تقريرها العام 2002 تعريفاً أكثر شمولية جاء فيه، إن غسيل الأموال هو عملية تساعد على إخفاء المصدر الإجرامي لرؤوس الأموال الناتجة من تهريب المخدرات، تهريب السلاح، الفساد المالي والإداري،وإن هدف هذه العملية التي تجري عموماً عبر مراحل متعددة ترتكز على الإيحاء بأن الأموال والثروات الكبيرة المحصلة بطرق غير شرعية قد أصبحت في وضعية شرعية تسمح لها بالدخول في الدورة الاقتصادية والمالية العالمية، ويمكن القول إجمالاً بأن غسيل الأموال هو اصطناع صفة شرعية لأموال متأتية من مصادر غير شرعية، وذلك من خلال إدخالها في الدورة المالية العالمية، عبر القنوات المصرفية غالباً لأن كل المعاملات البنكية أو المصرفية يمكن إعادة تدويرها وهو ما يتيح لأصحاب الجريمة المنظمة فرصة غسيل أموالهم عبرها[6].

ويلاحظ في هذا المجال ان التعريفات وان اختلفت في جهة نظرها لهذه الجريمة فانها تجمع على عناصر رئيسية للجريمة واهمها وجود مال ملوث ناجم عن اعمال غير مشروعة الا انه يعوز هذه التعريفات تحديد الجهة التي تفصل في كون هذه الاموال مشروعة من عدمها كون الغالب من عمليات غسيل الاموال تتم مراحل الجريمة فيها في بلد غير البلد الذي نشا فيه المال الملوث وبالتالي كان لزاما ان تتعرض الدراسات القانونية في هذا المجال الى موضوع تنازع الاختصاص وتحديد القانون الذي يحكم كون هذه الاموال ملوثة من عدمه والباحث يجد في هذا المجال ان القانون العراقي وان كان قد فصل في هذا الموضوع طبقا لنص المادة (27) من القانون المدني العراقي النافذ المرقم 40 لسنة 1951 حيث نصت على ان يكون القانون العراقي هو الفيصل في اعتبار النشاط مجرماً من عدمه واعمال القواعد التي جاء بها النظام الجزائي العراقي اما اذا تمت جريمة غسيل المال الملوث في نفس البلد الذي نشا فيه هذا المال فالامر مفروغ من حيث لاتجد قواعد تنازع القوانين تطبيقا في هذا المجال ويتضح مما سبق أن جريمة غسل الأموال لا تزال ، في تحديد إطارها العام ، محل جدل فقهي وتباين في التشريعات بين دول العالم بل أن هناك من الدول من لم توقع على اتفاقية فيينا 1988م حتى اليوم .وبرغم الشهرة الواسعة التي اكتسبها مصطلح غسل الأموال إلا أن اتفاقية فيينا 1988م لم تستخدم هذا المصطلح في أي من موادها بل استخدمت الوصف اللفظي للفعل المادي لهذه الجريمة مثل تحويل الأموال ونقلها وإخفاء أو تمويه حقيقتها أو مصدرها أو مكانها أو طريقة التصرف فيها أو حركتها أو الحقوق المتعلقة بها أو ملكيتها أو الاشتراك أو المشاركة فيها.[7].

وعلى صعيد التشريع الوطني فقد اهتم الكثير من المشرعين الوطنيين بتعريف غسيل الموال وهم بصدد تجريم غسيل الاموال والعقاب عليه فقانون غسيل الاموال الفرنسي رقم 392 لسنة 1996 والذي اضاف باباً مستقلا في القسم الخاص المتعلق بجرائم الاعتداء على الاموال في القانون الجنائي الفرنسي لعام 1994 عرف غسيل الاموال (المادة 324 ف1 من القانون الجنائي الفرنسي) بانه"تسهيل بكل الوسائل للتبرير الكاذب لمصدر الاموال والدخول لمرتكب جناية او جنحة الذي امده بفائدة مباشرة او غير مباشرة ويعتبر ايضا من قبيل غسيل الاموال المساهمة في عملية توظيف او اخفاء او تحويل العائد المباشر او غير المباشر لجناية او جنحة ))[8]

فيما عرف القانون المصرى رقم 80 لسنة 2002 غسل الأموال بأنه (( كل سلوك ينطوي على اكتساب أموال او حيازتها او التصرف فيها أو إدارتها او حفظها او استبدالها او إيداعها او ضمانها او استثمارها او نقلها او تحويلها او التلاعب فى قيمتها إذا كانت متحصل من جريمة من الجرائم المنصوص عليها فى المادة 2من هذا القانون مع العلم بذلك متى كان القصد من هذا السلوك إخفاء المال او تمويه طبيعته او مصدره او مكانه او صاحب الحق فيه او تغير حقيقته او الحيلولة دون اكتشاف ذلك او عرقلة التوصل الى شخص من ارتكب الجريمة المتحصل منها المال)) .

أما القانون العراقي فقد عمد إلى بيان الغرض من قانون مكافحة غسيل الأموال لسنة2004 بقوله ((يحكم قانون مكافحة غسيل الأموال ومكافحة التمويل الإجرامي لسنة 2004 “ القانون” هذا المؤسسات المالية فيما يتعلق بغسيل الأموال . تمويل الجريمة , تمويل الإرهاب والحيطة المطلوبة في المؤسسات المالية فيما يتعلق بالتعاملات المالية . يعتبر القانون أيضاً غسيل الأموال , تمويل الجريمة , تمويل الإرهاب والتعاملات المركبة جريمة .وعلى الرغم من الصياغة اللغوية غير الدقيقة للقانون الناجمة عن ترجمة النص من اللغة الإنكليزية إلا أن القانون بحد ذاته وبمفهومه العام يعد قفزة نوعية جيدة ضمن النظام القانوني في العراق وقد جاء في نص المادة الثالثة منه ((كل من يدير او يحاول ان يدير تعامل مالي يوظف عائدات بطريقة ما لنشاط غير قانوني عرافا بان المال المستخدم هو عائدات بطريقة ما لنشاط غير قانوني او كل من ينقل او يرسل او يحيل وسيلة نقدية او مبالغ تمثل عائدات بطريقة ما لنشاط غير قانوني عارفا بان هذه الوسيلة النقدية او المال يمثل عائدات بطريقة ما لنشاط غير قانوني))





لذا فان المشرع العراقي ركز عند بيان تحديد مفهوم غسيل الاموال على الافعال غير المشروعة التي يراد غسل المال الملوث الناجم عنها وحسناً فعل المشرع بذكره لعبارة النشاط غير القانوني للتعبير عن الافعال غير المشروعة التي قد ينجم عنها المال الملوث وان كان المشرع قد ذكر في صدر المادة الاولى من القانون الجريمة الارهابية وهذا يعد خلطاً مع جريمة تمويل الجريمة الارهابية المعاقب عليها بموجب قانون مكافحة الارهاب رقم 13 لسنة 2005 الا ان المشرع في ذلك قد سار مع ما اتجهت اليه اغلب التشريعات الحديثة التي اخذت بمبدا تكريس مكافحة الارهاب الا ان ذلك قد يؤدي الى ارباك الجهة القضائية عند وضع القانون موضع التطبيق.

وعلى هذا الاساس نرى نجد ان غسيل الاموال ما هو الا عملية تتيح لجماعات الاجرام المنظم وغيرهم من مرتكبي الجرائم التي تدر عائدا ماليا التسلل داخل المؤسسات المالية والتجارية والصناعية المشروعة سواء في داخل الدولة او خارجها لتوظيف واستثمار اموالها المستمدة من انشطتها الاجرامية فبوجود مثل هذه المشاريع المشروعة يتاح لهم ستر اعمالهم غير المشروعة وتمويه مصدر الاموال الموظفة فيها.








المطلب الثاني

الطبيعة القانونية للجريمة



الواقع أن تقسيم الجرائم بحسب الطريقة أو الكيفية الإجرامية التي وقعت بها يتطلب المقارنة بين الجرائم غير المنظمة والجرائم المنظمة فالجرائم غير المنظمة هي التي تقع كيفما اتفق دون سابق إعداد وتدبر أي الكيفية المتاحة حينما يحين الداعي إليها وتدخل تلك الطائفة سائر الجرائم العاطفية كالقتل العاطفي.أما الجرائم المنظمة أي ذات الترتيب والإعداد السابق فهذه تختلف بحسب ما إذا كانت تلك الجرائم واقعة في محيط العصابات الإجرامية أم واقعة خارج هذا المحيط ويقصد بالجرائم الواقعة في محيط المجرمين تلك التي تقع من محترفي الإجرام أي من أولئك الذين صار الإجرام بالنسبة لهم مهنة وفنا وهؤلاء كما يرتكبون جرائمهم بطرق العنف فانهم على العكس قد يتوسلون لارتكابها طريق المكر كتسور المنازل ليلا، السرقة بطريق النشل ، اصطناع مفاتيح مزورة، . أما الجرائم المنظمة الواقعة خارج محيط المجرمين فيقصد بها تلك التي تقع من أفراد يزاولون وظائف مشروعة و ربما كبيرة وهامة لكنهم يوظفون اختصاصاتهم والتنظيم القانوني الذي يحكم تلك الاختصاصات للوصول إلى مغانم شخصية وهؤلاء يأخذ معدل جرائمهم في التصاعد في الوقت الحاضر لفساد الأخلاق من جهة وشيوع روح الفوضى في بعض المجتمعات من جهة أخرى ولعيوب في النظام القانوني من جهة أخرى[9].ومن هذه الجرائم جريمة غسيل الاموال فهي جريمة تتعلق بالاموال التي يتم تداولها في الدولة فالاصل ان تكون هذه الاموال ناتجة من مصدر مشروع لما لذلك من اهمية بالغة في قيام الدولة بتنظيم المعاملات المالية ووضع السياسة النقدية لها وتهيئة المناخ الاستثماري الجيد.

وعلى الرغم من ان جريمة غسل الاموال قديمة قدم التاريخ الا ان مفهومها اكتسب طابعاً مراوغاً وخصائص وصفات غامضة ساعد على ذلك ان هذا النوع من الاجرام يمارسه بعض من اصحاب السلطة والنفوذ من الطبقة العليا في المحتمع.

ومع تطور عمليات غسل الاموال نشأت فئة من المجرمين تخصصوا في عمليات الغسل واحترفوا أنشطة غسيل الاموال وتبييض أموال المجرمين .

وكما أشرنا في بداية بحثنا عن جرائم غسيل الأموال بان هذا النوع من الجرائم ما هو ألا ضرب من ضروب الجرائم الاقتصادية التي تهدد اقتصاديات الدولة وتضر بسمعتها ومصالحها المادية فهي بالتالي جرائم تخالف السياسة الاقتصادية للدولة وهي على درجة جرمية عالية الخطورة وعلى مستوى متقدم من التنظيم[10]. وجريمة غسل الأموال تقوم إضافة إلى أركانها العامة على ركن خاص وهو الركن المفترض (الجريمة السابقة والتي نشأ عنها المال الملوث) وتقوم على فكرة غسل الاموال القذرة الناشئة عن مصادر غير مشروعة وبالتالي فهناك مصدر غير مشروع سبق عملية الغسل .مما يدلل على أن جريمة غسيل الأموال هي جريمة تبعية من ناحية أولية .وقد اتجه بعض الفقه إلى تحديد عناصر جريمة غسيل الأموال بغية تمييز النظام القانوني الذي تحديد الطبيعة القانونية لهذه الجريمة بعد أن اتسع حجم غسيل الأموال في العالم باتساع وتنوع النشاط الإجرامي، فهي من أخطر الجرائم والجريمة النهائية في سلسلة الإجرام المنظم وبالتالي فإن مفهوم جريمة غسيل الأموال يتكون من عدة عناصر وهي:
أ- عنصر الشرعية الذي يضفي على أموال الجريمة غير المشروعة، ويعتمد عنصر الشرعية على:
1- التغطية الكاملة على أي أثر من شأنه أن يوصل المحققون وأجهزة الأمن إلى أصل الأموال.
2- استخدام عمليات نقل الأموال خارج الحدود وإعادة إدخالها واستثمارها في شكل صفقات تجارية أو غيرها.

3- القيام بتكوين واجهة شرعية للتخفي ورائها وتعبر عن النشاط الذي يرغب المجرم في التخفي وراءه.
ب- عنصر اعتياد المجرم ممارسة جريمة غسيل الأموال واتخاذها سلوكا مستديما ومهنة دائمة ويرتكز هذا العنصر على ما يلي:

1- اصطناع مركز مرموق للمجرم يجعله في حماية النظام العام.
2- وضع الأموال تحت تصرفه والإعلان عن حيازتها وتصنيفه ضمن كبار الأثرياء.
3- تكوين مؤسسات خيرية وأخرى لغرض اجتماعي تحمل اسمه.
ج- عنصر اندماج المجرم في المجتمع الشرعي بمكاسبه التي حققها من إجرامه وهو محمل بأحقاد وضغائن ضد العديد ممن قاموا بردعه عن الانحراف.
د- عنصر الجريمة الذي يخرجه من مجتمع الإجرام المنظم إلى مجتمع أرستقراطي حيث ينعم المجرم بالرفاهية ويتزوج من هذا الوسط كي يتخفى ورائهم ولا يدري أحد عن ماضيه شيء.[11]

وقد تعددت الآراء ووجهات النظر حولها إحداها ترى باستقلال جريمة غسل الاموال عن الجريمة التي نشأ عنها المال القذر وانصار هذا الراي يذهبون الى القول ان لجريمة غسيل الأموال ركنان[12]: مادي ومعنوي، وفيما يلي بيان ذلك:

1.الركن المادي : ويتألف من ثلاثة عناصر، هي:

ا.السلوك الذي يكون ركنا ماديا للجريمة ويتضمن ثلاثة أشكال هي:.حيازة أو إكتساب أو إستخدام الأموال القذرة وتودع في حساب مصرفي أو توضع كأمانة في خزانة مستأجرة في البنك.

ب .إخفاء الأموال القذرة من حيث المصدر، أو المكان أو التصرف أو الحركة أو الحقوق المتعلقة بها أو الملكية.

ج.المحل الذي يرد عليه السلوك وهي الأموال المتحصلة من الإتجار بالمخدرات أو بالدعارة أو الإختلاس أو الرشاوي أو الإتجار بالرقيق أو بالأطفال.

د.الجريمة التي تحصلت الأموال بموجبها كالاتجار غير المشروع بالسلاح أو المخدرات... الخ.

2.الركن المعنوي

يفترض علم الجاني أو الجناة بالمصدر غير المشروع للأموال القذرة فهي جريمة عمدية تنصرف إرادة الفاعل إلى إرتكابها دون خلل بإرادته الحرة، فالجاني يعلم علم اليقين بأنه يمارس نشاطا إجراميا وهذه الجريمة في حقيقتها إنما هي جريمة مستمرة ويقترح أحد الباحثين إعادة النظر بالتقسيم التقليدي للجرائم في ضوء واقع جرائم غسيل الأموال بحيث يمكن تقسيمها إلى جرائم ارتكاب وجرائم امتناع وجرائم وقتية وجرائم مستمرة وجرائم مسبقة وجرائم مرتبة وجرائم إعتيادية، ويذهب أحد الباحثين إلى تصنيف جرائم غسيل الأموال الى جرائم لا تحقق أية عواقب مالية مثل القتل والإيذاء، وجرائم تحقق دخلا ماليا محدودا لمقدار ما يفقده المجني عليه في السرقة والإحتيال. وهناك جرائم تحقق دخلا ماليا كبيرا جدا مثل تجارة السلاح غير المشروع والتزوير والجرائم الإقتصادية. وجريمة غسيل الأموال عبارة عن جريمة تحويل أو نقل الأموال، وجريمة إخفاء أو تمويه حقيقة الأموال بالإضافة الى جريمة حيازة أو اكتساب أو إستخدام هذه الأموال.

اما الاتجاه الاخر فيرى ان جريمة غسيل الاموال تعتبر من الافعال المكونة لجرائم اخفاء الاموال المتحصلة من جريمة . ويصف انصار هذا الراي عملية غسيل الاموال بانها التصرفات المالية المشروعة لاموال اكتسبت بطرق واساليب غير مشروعة عن طريق استخدامه ولمرات عديدة وفى اوجه مختلفة وباساليب عديدة فى وقت قصير فى الاستثمارمثل الايداع فى البنوك المحلية والخارجية عن طريق ادخال الاموال او اخراجها او تحويلها عبر عدة عمليات مصرفية او تدوير ذلك المال فى انشطة مشروعة كثيرة مثل شراء الاراضى والعقارات والمشروعات السياحية والصناعية او تاسيس الشركات وبعضها وهمية او المضاربة بالمال فى البورصات او التجارة وغير ذلك من الاساليب لاخفاء المصدر غير المشروع للمال وتضليل الاجهزة الرقابية والامنية للافلات من العقوبات القانونية المقررة على تلك الجرائم الاقتصادية المسماة بجريمة غسيل الأموال.[13]ومن ذلك يذهب بعض انصار هذا الراي الى القول ان المادة 3 من قانون غسيل الاموال العراقي((جاءت هذه المادة لمعاقبة استعمال المال المتحصل من ارتكاب جريمة و بالتالي تعتبرتعديلا لاحكام المادة 460 و المادة 461 من قانون العقوبات النافذ رقم 111 لسنة 1969 .
و نصت هذه المادة على معاقبة مخالف احكامها بالسجن مدة لا تزيد على 4 سنوات و هذا يتعارض مع احكام المادتين 25 و 26 من قانون العقوبات النافذ و الذي حدد عقوبة السجن من خمس سنوات فاكثر للجنايات و عقوبة الحبس من ثلاث اشهر لغاية خمس سنوات للجنح اما نص قانون مكافحة غسيل الاموال بالحبس مدة لا تزيد على اربع سنوات فهو خطأ في الترجمة و كان الاولى تصحيح هذا الخطأ باعتباره خطأ مطبعيا بدلا من هذا التناقض الواضح بين السجن و الحبس) [14] .واذا كان هذا الراي يحمل الصواب حول عدم دقة النص فيما يخص تكييف الجريمة كونها جنحة او جناية فانه يجانب الصواب في كون العقوبة الواردة في النص اعلاه تعتبر من قبيل تعديل لنص المادة 460 عقوبات وسنتولى شرح هذا الموضوع في موضع مستقل.

اما الراي الذي يراه الباحث ان جريمة غسيل الاموال تقوم على ثلاث اركان وهي:-

1_الركن المفترض وهي الجريمة التي نشا عنها المال الملوث .

2_الركن المادي وهو النشاط الانساني المتمثل بالافعال المادية التي يقوم بها الجاني لغسل المال القذر كايداع المال في حساب مصرفي او توظيفه في وجه من اوجه الاستثمار .

3_الركن المعنوي وهو اتجاه الارادة الى احداث النتيجة الجرمية على نحو يعتد به القانون