الفرع الاول
العقوبة البسيطة
(جنح التزوير)
وهي العقوبات المقررة أصلاً للجريمة ان تكون مقترنة بظرف من الظروف المشددة الخاصة بجريمة التزوير او تلك الظروف العامة التي يمكن تطبيقها على كافة الجرائم.
وهذه العقوبات على عدة انواع اما ان تكون اصلية واما ان تكون تبعية واما ان تكون تكميلية، فالاصلية هي الجزاء الاساس المقرر للجريمة والذي يحكم به القاضي بثبوت ادانة المتهم وهي على عدة انواع ام ان تكون بدنية أو جسدية كالأعدام واما ان تكون مالية كالغرامة واما ان تكون سالبة للحرية كالسجن او الحبس بنوعيه الأعدام يراد به سلب حياة الشخص الذي ارتكب جريمة ما وثبتت ادانته عند تلك الجريمة وهي اشد انواع العقوبات الأصلية وبالتالي فهي تقرر للجرائم الكبرى.
بعبارة اخرى هي عقوبة الموت وتحقق هذه العقوبة بازهاق روح المحكوم عليه بها بوسيلة يحددها القانون سواء كانت شنقاً كما هو الحال في القانون العراقي او قانون المملكة المتحدة (28) أو رمياً بالرصاص حسب ماهو منصوص عليه في قانون العقوبات العراقي الخاص بالعسكريين(29) او بالمواد السامة او باستخدام الكرسي الكهربائي كما هو الحال في الولايات المتحدة الامريكية او فصل الراس عن الجسم بالمقصلة كما هو الحال في فرنسا(30) ويلاحظ بأنها عقوبة قديمة يقدم بها المجتمعات ولكن بمقتضى التشريعات الحديثة لاتفرض الإ في بعض الجرائم كذلك الماسة بحق الانسان في الحياة(31) أو الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي او الخارجي(32) وقتل رئيس الجمهورية عمداً وشهادة الزور(32) إذا حكم بالأعدام بناء عليها(33) والتعريض للخطر عمداً سلامته وسائل النقل اذا أنشأ عنه موت انسان او تخريب او اتلاف من طريق عام او مطار او سكه حديد او نهر او قناة صالحة للملاحة إذا ادى الى كارثة او موت انسان(34).
كما يقرر المشرع عقوبة الاعدام لجريمة الخطف بالاكراه إذا نجم عنها موت المخطوف واخيراً وليس اخراً مواقعه احدى المحارم الى الدرجة الثالثة بالأكراه(35) بعبارة أدق انها مقررة لبعض الجنايات التي تشكل خطر على الفرد والمجتمع على حد سواء ونظر للضرر الذي تنزله هذه العقوبة بمن يحكم عليه بها لاسبيل لأصلاحه إذا ماحكم القاضي بها خطا ولتفادي هذا الخطأ ولضمان صحة الاحكام الصادرة بعقوبة الاعدام فرض قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل اجراءات معقدة لتنفيذها وذلك باشتراط حضور هيئة التنفيذ المكونة من قاضي جنائي أو ممثل الادعاء العام ومندوب وزارة الداخلية ومدير المنشآت العقابية وطبيب السجن او أي طبيب اخر تندبه وزارة الصحة كما امكانية حضور محامي المحكوم عليه بعقوبة الأعدام ورجل الديانة التي يدين بها المحكوم عليه بالأعدام ومن ثم يقوم مدير السجن يتلو قرار المحكمة من مكان التنفيذ بصوت يسمعه كل اعضاء الهيئة التنفيذية كما يسمح للمحكوم عليه ان يبدي ما لديه من اقوال وعلى مدير دائرة الاصلاح ان يدون كل اقواله في محضر خاص يوقع عليه اعضاء هيئة التنفيذ الحاضرين وبعد ان تتم عملية التنفيذ يثبت ساعة تنفيذها ولكن يلاحظ بأن هذه العقوبة لا يتم تنفيذها في الايام والعطلة الرسمية والدينية لما لهذه الأيام من حرمة خاصة كما لا تنفذ على المراة الحامل الا بعد وضعها وبلوغ الجنين عمر الـ 4 أشهر لانه لا يكون في هذه المرحلة العمرية بامس الحاجة الى والدته(36).
وما تقدم وبعد هذا العرض الموجز لعقوبة الأعدام يتبين بأنها لا تصح في طبيعتها أن تفرض على مرتكبي التزوير المعلوماتي لانها لا تعد من الجنايات الخطرة كما انها لا تتناسب مع جسامة الجرم المرتكب وبالتالي فانها لا تتناسب مع جسامة الجريمة ونضيف الى ذلك ان معظم التشريعات العقابية التي عالجت جرائم التزوير المعلوماتي لم تتطرق لأصراحة ولأحتمياً الى فرض هذه العقوبة لذلك فكاد يحزم بأنها لا تنضوي في قائمة العقوبات المقررة لجريمة التزوير المعلوماتي وانما هناك عقوبات اخرى يمكن ان تتلائم مع طبيعتها وجسامتها وهي بعض العقوبات السالية للحرية وهي جزاء يترتب عليها حرمان المحكوم عليه بها من حريته فترة من الزمن قد تطول او تقصر بحسب الاحوال وعلى بتنوع ثيقاً للمدة فالسجن مدى الحياة ويراد بها حرمان المحكوم عليه بها من حريته طوال فترة حياته بمعنى لا تنقضي إلا بموت المحكوم عليه(37) والسجن المؤبد وهو ايداع المحكوم عليه في احدى المنشآت العقابية المخصصة قانوناً لهذا الغرض لمدة عشرين سنة والسجن المؤقت هو ايداع المحكوم عليه في احدى المنشآت العقابية المخصصة قانوناً لهذا الغرض من خمس سنوات الى خمسة عشرة سنة مالم ينص القانون على خلاف ذلك(38) والحبس اما ان يكون بسيط وهو ايداع المحكوم عليه في احدى المنشأت العقابية المخصصة قانوناً لهذا الغرض المدة المقررة قانوناً في الحكم ولا تقل مدته عن اربع وعشرين ساعة ولاتزيد عن سنة واحدة مالم ينص القانون على خلاف ذلك(39) واما ان يكون حبساً شديداً وهو الذي لا تقل مدته عن ثلاثة شهور ولاتزيد على خمسة سنوات(40) .
وبعد بيان مضامين العقوبات السالية للحرية يتبين وبعد الاطلاع على التشريعات العقابية التي عالجت جرائم الأنترنت وتضمنت جرائم التزوير المعلوماتي بانها تقرر عقوبات سالبة للحرية ونذكر من ذلك نص المادة 462/5 من القانون رقم 19 لسنة 1988 الفرنسي بقولها كل شخص قام بتزوير مستندات آلية اياً كان شكلها يؤدي الى حدوث ضرر للغير للغير سيعاقب بالحبس مدة تتراوح بين سنة وخمس سنوات وايضاً المشرع الالماني قرر في التشريع الذي اصدره في 15/5/1986 في المادة 269 منه عقوبة الحبس لمدة لاتزيد عن خمس سنوات كل من يقوم بالتزوير المعلوماتي كذا الحال وقرر تحت عنوان المشرع الفرنسي قرر في القانون الجديد ايضاً عقوبة سالبة للحرية للتزوير المعلوماتي في المادة 323 "عنوان الاعتداءات على نظام المعالجة الآلية للمعطيات" حيث جاء في الفقرة الثالثة بأن من هذه المادة ادخال البيانات بطريقة الغش في نظام المعالجة الآلية أو محوها أو التعديل بطريق الغش للمعطيات التي يحتويها يعاقب عليها بالحبس لمدة ثلاث سنوات(41).
وتفرض عقوبة السجن على مرتكب التزوير المعلوماتي كعقوبة سالبة للحرية وذلك ما جاء به قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات لدولة الامارات العربية المتحدة رقم 2 لسنة 2006 في المادة الرابعة منه بقولها يعاقب السجن المؤقتة كل من زور مستنداً من مستندات الحكومة الاتحادية او المحلية او الهيئات او المؤسسات العامة الاتحادية و المحلية معترفاً به قانوناً نظام معلوماتي وكذلك قرر عقوبة الحبس في ذات المادة حينما قضت بأن العقوبة تكون الحبس إذا وقع التزوير فيما عدا ذلك من المستندات إذا كان من شان ذلك احداث ضرر(42).
وعليه فان العقوبات السالبة للحرية لاسيما السجن المؤقت والحبس الشديد هي من العقوبات المناسبة والملائمة لطبيعة وجسامة الجريمة محل البحث فضلاً عن ان هذه العقوبات هي من العقوبات المقررة للجرائم المخلة بالثقة العامة ولما كان التزوير للمحررات سواء كان تقليدياً ام معلوماتياً من طائفة هذه الجرائم لذلك فأننا نرى او نطمح بأمكانية فرضة هذه العقوبات على التزوير المعلوماتي إذا ما اخذ المشرع بنظر الاعتبار هذا البحث وعمد الى اصدار تشريع او نظام جزائي لمكافحة جرائم الانترنت ومن ضمنها جرائم التزوير المعلوماتي.
اما فيما يتعلق بالعقوبات المالية فقد سبق البيان بأن الغرامة هي من العقوبات المالية الجزائية المنصوص عليها في التشريع الجنائي فالغرامة هي الزام المحكوم عليه بأن يدفع الى الخزينة العامة المبلغ المعين في الحكم والغرامة اما ان تكون عقوبة اصلية كما هو الحال عندما تفرض في مخالفات او جرائم الجنح اذا كانت العقوبة الوحيدة لتلك الجرائم واما ان تكون عقوبة اختيارية بمعنى يقرر القانون لجريمة وقعت عقوبتان احدهما تكون الغرامة فاما ان يحكم بها مع تلك العقوبة واما لا يحكم بها، وتتميز الغرامة بأنها لا تمثل اعتداء على جسم الانسان كعقوبة الأعدام ولا على حريته كالعقوبات السالبة للحرية ولا تمس شرفه او سمعته او مكانه الأجتماعية كما انها لاتحرم المحكوم عليه بها من عائلته وقد تكون عقوبة الغرامة استبدالية أي تفضل على عقوبة اخرى كما هو الحال بأستبدال عقوبة الجسد لاسيما العقوبات السالبة للحرية القصيرة المدة بالغرامة وذلك لتجنب ما قد يترتب عليه من اخطار اختلاط المحكومين الخطرين بالمحكومين بالحبس لمدة قصيرة كما يفترض في الغرامة ان تدفع وقت صدور الحكم بها ولو لم يكتسب الدرجة القطعية(43).
ومما تقدم وبعد الاطلاع على التشريعات التي عالجت موضوع التزوير المعلوماتي نلاحظ بان الغرامة كعقوبة مالية تفرض على مرتكب فعل التزوير قد تكون غرامة اختيارية وذلك لوجود عقوبة اخرى معها يقررها المشرع وبالتالي فأن القضاء اما ان يحكم بها مع العقوبة الاصلية او لايحكم بها ونذكر من ذلك:نص
المادة 269 التشريع الالماني الصادر في 15/5/1986 بقولها قرر عقوبة الحبس او الغرامة على كل من يقوم بقصد الخداع في تعامل قانوني بتخزين او تغيير البيانات إذا ما استنسخت بهذا الشكل مستند غير اصلي او مزور(44).
وايضاً ما نصت عليه المادة الرابعة من القانون الاتحادي لدولة الامارات العربية المتحدة بقولها يعاقب بالحبس كل من زور مستنداً من مستندات الحكومة الاتحادية او المحلية او الهيئات او المؤسسات العامة الاتحادية والمحلية معترفاً بها قانوناً في نظام معلوماتي وتكون العقوبة الحبس او الغرامة اذا وقع التزوير فيما عدا ذلك من المستندات اذا كان من شان ذلك احداث ضرر(45).
وقد تكون الغرامة المقررة في جريمة التزوير المعلوماتي عقوبة تكميلية حيث يحكم بها فضلاً عن العقوبة الأصلية كما هو الحال فيما ورد ذكره في نص المادة 462 الفقرة الخامسة منها من القانون الفرنسي الجديد رقم 19 لسنة 1988 بقولها كل شخص قام بتزوير مستندات آلية اياً كان شكلها ويؤدي الى حدوث ضرر للغير سيعاقب بالحبس وغرامة مقدارها 130000 لي و 300000000 فرنك وكذلك نصت على عقوبة الغرامة التكميلية 323 / 3 من ذات القانون بقولها وادخال البيانات بطريقة الغش يعاقب بغرامة بالإضافة الى الغرامة كعقوبة مالية يمكن ان تشير الى النصوص ونضيفه الى قائمة العقوبات المالية (46) التي يمكن قرصها على مرتكب التزوير المعلوماتي من ذلك لأن التزوير المعلوماتي هو من الجرائم التي تصيب الغير بالضرر مما يقتضي تعويض ذلك الضرر بعبارة اخرى ان التعويض يفرض لازالة الضرر وغالباً ما يكون مادياً لذلك نضيفه الى العقوبات ولكنه يختلف عن الغرامة من حيث انه يهدف الى اصلاح الضرر الذي حدث بين الغرامة آلم مقصود يهدف الى التأصير على ارادة المحكوم عليه ومجازاته عن ارتكابه فعلاً غير مشروع(47) ومما تجدر الاشارة اليه بأن التعويض هو جزاء مدني تختص المحاكم المدنية بفرضه إلا انه استثناء اعطى المشرع للحاكم الجزائي جواز فرض التعويض كعقوبة على مرتكب السلوك المجرم على ان يكون اساس فرضه وقوع خطأ جزائي يترتب عليه ضرر للغير اما اذا انتفى حصول الضرر فلايمكن فرضه وبالاضافة الى ذلك ان يكون محققاً وشخصياً ومباشراً(48).
اما فيما يتعلق بالعقوبات التبعية فهي عقوبات تلحق المحكوم عليه بحكم القانون دون الحاجة الى النص عليها في الحكم(49) بعبارة اخرى هي جزاء جنائي يلحق المحكوم عليه بعقوبة اصلية تلقائياً وهذا يعني بان تطبيقها يستلزم تحقق عقوبة اصلية قد تم الحكم بها على متهم قد ثبتت ادانته عن الجريمة المرتكبة ومنها الحرمان من الوظائف والخدمات التي كان يتولاها المحكوم عليه بعقوبة اصلية او حرمانه من ان يكون نافياً او منتفياً في المجالس التمثيلية او حرمانه من ان يكون عضواً في المجالس الادارية او البلدية او احدى الشركات او مديرها او رئيسا لتحرير احدى الصحف او حرمانه من ادارة امواله او التصرف بها بغير الأيصاء او الوقف إلا باذن من محكمة الاحوال الشخصية أو محكمة المواد الشخصية بحسب الاحوال(50) وايضاً مراقبة الشرطة التي تستلزم لتطبيقها ان يكون المتهم قد ثبتت ادانته لجناية معاقبة عليها بالسجن(51).
مما تقدم يتبين امكانية تطبيق العقوبات التبعية على مرتكب التزوير المعلوماتي لأنها تلحق المحكوم عليه بعقوبة اصلية تلقائياً دون الحاجة الى النص عليها في الحكم القضائي.
اما بالنسبة للعقوبات التكميلية وهي جزاء يفرض على المتهم المحكوم عليه بعقوبة اصلية بعد النص عليها في قرار الحكم الصادر(52) وهي بذلك تختلف عن العقوبات التبعية من حيث ان الاولى لاتفرض على المتهم الذي ثبتت ادانته إلا بعد النص عليها في قرار الحكم القضائي كما انها تطبق بعد اخلاء سبيل المتهم كما يجوز تقديم طلب الغائها بعد الخروج من السجن لأي سبب كان في حين الثانية تلحق المحكوم عليه بعقوبة اصلية تلقائياً دون الحاجة الى النص عليها في قرار الحكم كما ان تنفيذها يتم خلال مدة المحكومية وبالتالي لايمكن المطالبة بألقائها وهي بذلك ترقى الى مرتبة العقوبات الاصلية والعقوبات التكميلية تنصب على الحرمان من تولى او الخدمات اضافة والحرمان من حمل الاوسمة الوطنية او الاجنبية وايضاً الحرمان من حمل السلاح كلها او بعضها(53) تذهب على نشر الحكم بالنسبة لبعض الجرائم الماسة بالأعتبار والشرف والسمعة والكرامة(54) وعليه وبما ان هذا النوع من العقوبات لا يفرض الا بقرار من القاضي ولكن بعضها يمكن ان يفرض على مرتكب التزوير المعلوماتي لأنها تتناسب مع طبيعة وجسامة تلك الجريمة كالحرمان من تولي بعض الوظائف او الخدمات العامة اما بالنسبة لعقوبة نشر الحكم فلا مجال لفرضها على مرتكب التزوير لان الجريمة المذكورة ليست من الجرائم الماسة بالأعتبار او السمعة وا الشرف ونذكر عقوبة المصادرة ايضاً التي تنصب على اموال المحكوم عليه وتحقق بالاستيلاء وهذا الاستيلاء عليها اما ان يكون كلياً ويترتب عليه تجريد المحكوم عليه بها من جميع ما يملكه او نسبة معينة من مالة وهي نادرة في التشريعات وذلك لانها بذلك تختلف عن مبدأ العدالة الذي يقوم عليها القانون الجنائي وان يكون الاستيلاء منصب على مال او شيء معين بذاته متعلق بالجريمة المرتكبة التي صدر قرار المصادرة بشانها وعليه يمكننا القول بامكانية فرض عقوبة المصادرة على مرتكب التزوير المعلوماتي ولكن ليس مصادرة كل اموال المحكوم عليه بها وانما مصادرة الأشياء التي أستغلت في ارتكاب التزوير او كانت معدة لاستعمالها فيه وبما ان التشريعات التي عالجت جريمة التزوير المعلوماتي تشترط ان ترتكب بواسطة الحاسب الالي إذا المصادرة تنصب على الأستيلاء على ذلك الجهاز الذي يكون قد استغل لأرتكابها او كان معد لأستعمالها مع عدم الاخلال بحقوق الغير حسب النية.
المطلب الثاني
العقوبات المقترنة بظرف أو ظروف مشدودة
جنايات التزوير المعلوماتي
نص المشرع العراقي على جملة من الظروف المشدمه التي تطبق على كافة الجرائم العمدية دون استثناء ويطلق عليها بالظروف المشددة العامة وتنص عليها المادة / 135 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 وبما اننا ننطلق من النصوص التقليدية لأيجاد احكام عامة للتزوير المعلوماتي فسنحاول بيان هذه الظروف ومدى ملائمتها للجريمة محل البحث.
فأرتكاب الجريمة بباعث دنيء هو من اول هذه الظروف فالقاعدة العامة تقتضي بان الباحث لا يعتد به في ارتكاب الجريمة مالم ينض القانون على خلاف ذلك فالباحث يمثل رغبته الجاني في ارتكاب الجرم غير المشروع وغايته هي الوسيلة المتبعة(56) لاشباع هذه الرغبة(57) مما يعني ان الغاية هي وجود فعلي اما الباحث فهو صورة هذا الوجود منعكسة في ذهن الجاني بعبارة ادق ان الباحث يمكن ان يتعدد الباحث وعله فأن الباحث يتعدد هو التصوير للمقارنة(58) ايه ذلك ان يتحقق هذا الاعتداء يتحقق ظهر القرص الذي تسعى اليه الادارة وبذلك يتمثل الباحث في حالة تتبنى صور الغاية الجناة وتعدد الجرائم مما تجدر ملاحظته بان الباحث يتعدد في صورة عواطف غزيرة كالحقد والكراهية والشفقة والغيرة ...........الخ من صور العواطف الاخرى.
والذي يهمنا هو اثر الباحث على العقوبة فيما انه يشدد العقوبة إذا ما اقترن فعل الجاني به إذن يمكن القول بامكانية تشديد العقوبة المقررة للتزوير المعلوماتي إذا ما ارتكب الجاني فعل الظتزوير بباعث دنيء ونذكر من ذلك بأن العقوبة المقررة اصلاً لجريمة التزوير المعلوماتي هي الحبس او الغرامة او الاثنين معاً ولكن إذا أرتكب بباعث دنيء يصح ان تتغير العقوبة من الحبس الى السجن ومن الغرامة الى الحبس(59).
وقد ترتكب الجريمة بانتهاز ضعف ادراك المجني عليه او عجزه عن المقاومة او في ظروف لا تمكن غيره من الدفاع عنه ان ضعف الادراك اما ان يكون طبيعياً بسبب صغر السن وهي مرحلة عمرية يمر بها أي انسان اعتيادي واما ان يكون غير طبيعي او عرضي كان يكون ضعف الأدراك غير طبيعي راجع الى مرضه العقلي او نفسي معين اوتناول مواد مكبرة او مخدرة من شانها التأثير على ملكته العقلية والنفسية والذي يلاحظ هنا بأن فعل التزوير المعلوماتي لايمكن ان يرتكب من شخص يعاني من مرض عقلي او نفسي لأنه شخص غير مدرك لماهية فعله وبالتالي فانه لايقصد من تغيير الحقيقة في المستندات المعالجة آلياً احداث الضرر بالغير اما بالنسبة لصغر السن فيمكن تصوره في فعل التزوير المعلوماتي لاسيما بأن استخدام الحاسوب لم يعد مقتصراً على ذوي الخبرة العالية والكفاءة والمهارة فيمكن ان يقوم بالتزوير بقصد الاضرار بالغير ولكن من ينتهز ضعف ادراك المريض عقلياً او نفسياً أو صغير السن هو الذي يعاقب وذلك لان هؤلاء الاشخاص ما هم إلا أدوات استخدمهم الجاني لأرتكاب جريمته وكذلك الحال بالنسبة لمن يكون عاجزاً عن المقاومة او كان في ظروف لا تمكنه من الدفاع عن نفسه.
اما بالنسبة للموظف الذي يشغل الصفة التي يتمتع بها ويستعملها في ارتكاب جريمته فيمكن ان تعد من الظروف المشددة لعقوبة التزوير المعلوماتي كان هذه الجريمة اغلبها ترتكب بواسطة الموظفين او المكلفين بخدمة عامة لانهم اسأوا استخدام صفاتهم كموظفين او كعاملين سفي الدوائر الرسمية وشبه الرسمية مما يفقد الثقة في التعامل مع هذه القطاعات.
اما بالنسبة لظروف تعدد الجناة فقد ترتكب جريمة التزوير المعلوماتي من قبل عدة اشخاص قد يكونوا اثنين أو اكثر كأن يكون مبرمج الحاسب الالي وشخص اخر اتفقا على ارتكابها إذن يشترط لتطبيق هذا الظرف ان يتم الاتفاق وليس بمحض الصدفة وذلك لان هذا الاتفاق من شانه ان يشير الى توفر النية الاجرامية لديهم كما ان تعدد الجناة يزيد من بأسهم ويقوي عزيمتهم لأنتهاك حقوق الغير والأضرار بها وهو ما يشكل خطر كبير وعليه يتم تشديد العقوبة المقررة لها إذا كانت السجن المؤقت تتحول الى سجن مؤبد واذا كانت حبس بسيط فتتحول الى حبس شديد واذا كانت غرامة فتتحول الى حبس بسيط او شديد بحسب الاحوال.
اما بالنسبة لظرف العود فأن الجاني يعد عائداً إذا احكم عليه نهائياً لجناية وثبت ارتكابه بعد ذلك وقبل مضي المدة المقررة لرد اعتباره قانوناً جناية اوجنحة او حكم عليه نهائياً لجنحة وثبت ارتكابه بعد ذلك وقبل مضي المدة المقررة قانوناً لرد اعتباره اية جناية او جنحة مماثلة للجنحة الاولى(60).
وعليه اذا ارتكب من حكم عليه نهائياً لجريمة بالتزوير المعلوماتي وثبت ارتكابه بعد ذلك وقبل مضي المدة المقررة لرد اعتباره قانوناً جناية التزوير او جنحة التزوير المعلوماتي أو إذا ارتكب جنحة ممثلة من جنح التزوير المعلوماتي التي حكم عليه نهاياً من اجلها وثبت بعد ذلك وقبل مضي مدة السجن المقررة لرد اعتباره قانونا يستحق الجاني تشديد العقاب من السجن المؤقت الى الحبس(61) المؤبد او من الغرامة الى الحبس وذلك لأن الجاني بعودته لأرتكاب سلوك غير مشروع دليلاً على ان الحكم القضائي السابق الصادر بحقه لأرتكابه سلوك غير مشروع لم يكن كافياً لردعه واصلاحه فهو اخطر من الجاني الذي يجرم لأول مرة.
هذا فيما يتعلق بالظروف العامة التي تم ذكرها في التشريع الجنائي التقليدي العراقي ولكن هنالك ظرف مشدد خاص بجريمة التزوير المعلوماتي يؤدي الى تشديد العقاب إذا ما اقترن فعل التزوير به وهو ما تم ذكره في نص المادة الرابعة من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الإماراتي رقم 2 لسنة 2006 حينما قضت بان التزوير اذا وقع على مستند من مستندات الحكومة الاتحادية او المحلية او الهيئات او المؤسسات العامة الاتحادية أوالمحلية المعترف بها قانوناً في نظام معلوماتي اتي وذلك لما لهذه المستندات من اهمية بالغة في استقرار التعاملات ومنح الثقة العامة للافراد بهذه الهيئات حيث شدد العقوبة من الحبس الى السجن المؤقت، وان العقوبة السالبة للحرية الاصلية المقررة لجريمة التزوير المعلوماتي هي الحبس وبغض النظر عما اذا كان بسيط ام شديد لأن اللفظة وردت مطلقة والمطلق يجري على اطلاقه ولكنه ضيق بنطاق العقوبة المشددة بأن حصرها في مجال السجن المؤقت الذي يكون اكثر من خمس سنوات الى خمسة عشر سنة مالم ينص القانون على خلاف ذلك وبذلك تتغير طبيعة جريمة التزوير المعلوماتي إذا اقترنت بظرف من الظروف المشددة الملائمة لها والمطابقة لجسامتها من جنحة الى جناية (62).
المفضلات