إن قاعدة وجوب مناقشة الدليل الجزائي سواء كان دليلاً تقليدياً أم كان ناتجاً عن الحاسب الآلي تعتبر ضمانات هامة وأكيدة للعدالة حتي لا يحكم القاضي الجزائيفي الجرائم المعلوماتية بمعلوماته الشخصية أو بناء على رأي الغير.ففكرة عدم جواز أن يقضي القاضي في الجرائم المعلوماتية بناء على معلوماته الشخصيةهي من أهم النتائج المترتبة على قاعدة وجوب مناقشة أو طرح الدليل الجزائيسواء كان دليلاً تقليدياً أو ناتجاً عن الحاسب الآلي في الجلسة لأنه لا يسوغ للقاضي أن يحكم بمقتضي معلوماته الشخصية في الدعوى ، أو على ما رآه بنفسه أو حققه في غير مجلس القضاء وبدون حضور الخصوم ،ذلك أن هذه المعلومات لم تعرض في الجلسة ولم تتح مناقشتها وتقييمها ، ومن ثم يكون الإعتماد عليها مناقضاً لقاعدتي الشفوية والمواجهة التي تسود مرحلة المحاكمة كذلك فإن هناك تناقضاَ بين صفتي القاضي والشاهد إذا أن الشهادة تتطلب إدراك الوقائع ثم نقلها إلي حيز الدعوى وفي هذه العملية تتدخل إعتبارات عدة منها عنصر التقدير لدى الشاهد وإدراكه وذاكرته إلي غير ذلك من العوالم والمؤثرات التي لها دخل كبير في تقدير الشهادة ولهذا يحتاج الأمر من جهة القاضي إلي تقدير وتمحيص لأقوال الشاهد حتي يمكن التحقق من مدى صدق أقواله وهو جدير بذلك لما له من ملكتي النقد والتفسير أما إذا كان مصدر هذه الشهادة القاضي نفسه فيتعذر عليه إجراء الرقابة المطلوبة إذ يقع حينئذ في صراع مع نفسه لأن الأمر يقتضي أن تكون المعلومات التي يدلي بها بعيدة عن التحيز والتأثيرات الشخصية 19 وهذا ما اكدت عليه المحكمه العليا في سلطنة عمان في حكمها الصادر بجلسة 29/10/2002م- الطعن رقم 72/2002م حيث جاء في حكمها" أن تقدير الدليل بالصورة التي تكشف قناعة المحكمة من إطلاقات محكمة الموضوع لا تجوز إثارته أمام المحكمة العليا".

اما فكرة عدم جواز أن يقضي القاضي في الجرائم المعلوماتية بناء على رأي الغير فهي مما يتقيد به القاضي الجزائي أيضاً في تكوين إقتناعه عدم التعويل على رأي للغير بل يجب أن يستمد هذا الإقتناع من مصادر يستقيها بنفسه من التحقيق في الدعوى وهذا نتيجة هامة من النتائج المترتبة على قاعدة وجوب مناقشة الدليل في المواد الجنائية يستوي في ذلك أن يكون دليلاً تقليدياً أو متولداً عن الحاسبات الآلية ،وتطبيقاً لذلك لا يجوز أن يحيل الحكم في شأن وقائع الدعوى ومستنداتها إلى دعوى أخرى غير مطروحة ،أو ان تعتمد المحكمة على أدلة ووقائع استقتها من أوراق قضية أخرى لم تكن مضمومة للدعوى التي تنظرها للفصل فيها ولا مطروحة على بساط البحث بالجلسة تحت نظر الخصوم20 لكن يلاحظ أنه وإن كان يجب أن يصدر الحكم عن عقيدة للقاضي يستقيها هو مما يجريه من التحقيقات مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره إلا إن ذلك لا يعني حرمان القاضي بصفة مطلقة من الأخذ برأي الخبير متى إقتنع به هو حيث يتعين عليه في هذه الحالة أن يبين أسباب أقتناعه بهذا الرأي بإعتباره من الأدلة المقدمة إليه في الدعوي المطلوب منه أن يفصل فيها21