ثالثاً: الأدلة في الجريمة المعلوماتية:

وإذا كان هذا هو حال تعريف الجريمة المعلوماتية كما سبق الاشاره اليه في اولا، فإن هذه الجريمة كغيرها من الجرائم لها أركانها وعناصرها وتمر بذات المراحل التي تمر بها الجريمه كما في شأن الجرائم العادية كالسرقة والقتل وهذه المراحل هى التفكير في الجريمة والتحضير لها ثم تنفيذ الجريمة ومحاولة التخلص من آثارها.

ولذلك تثور هنا مسالة استخلاص الدليل الذي تثبت به الجريمة المعلوماتية،وإذا كان الاعتراف هو سيد الأدلة يليه شهادة الشهود فضلاً عن القرائن والآثار الناجمة عن النشاط الإجرامي بما لها من دور في إثبات الجريمة وكشف الحقائق فيها بالنسبة لجرائم قانون الجزاء التقليديه فإن قواعد هذا القانون تبدو قاصرة إزاء ملاحقة مرتكب الجريمة المعلوماتية مما حدا البعض على القول بأن قواعد قانون الجزاء التقليدية تواجه تحديات إزاء مواجهة الجريمة المعلوماتية وتبدو قاصرة عن مواجهة العديد من الأفعال التي تهدد مصالح إجتماعية واقتصادية ارتبطت بظهور وانتشار جهاز الحاسب الآلى وشبكة المعلومات الدولية(انترنت), مما أدى الى ظهور طائفة جديدة من الادله خاصه بالجريمه المعلوماتيه اطلق عليها الاداه التقنيه كالدليل الرقمي (digital evidence).

ولقد كان ظهور الجريمة المعلوماتية عاملاً حاسماً في قيام كثير من الدول بسن تشريعات جديدة أو تعديل تشريعاتها القائمة لمواجهة الجريمة المعلوماتية ومن بينها المشرع العماني الذي تدخل جدياً لمواجهة هذا النوع وذلك بموجب التعديل في قانون الجزاء الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 72/2001 حيث أدرج هذ الأفعال في الباب السادس الخاص بالجرائم الواقعه على الأفراد وذلك في الفصل الثاني مكرر المادة 276 مكرر من قانون الجزاء العماني و الذي سوف نسلط الضوء على بعض نصوصه عند استعراض التجارب القضائية في هذا المجال لاحقاً.
هذا وحيث ان موضوع إثبات الجريمة المعلوماتية من الموضوعات التي تتميز بندرة التطبيق القضائي فانه تبرز للوجود مسألة صعوبة جمع الاستدلالات والأدلة في الجريمة المعلوماتية إذ أن هذه النوعية من الجرائم توجد في بيئة لا تعتمد التعاملات فيها- أصلا- على الوثائق والمستندات المكتوبة بل على نبضات إليكترونية غير مرئية لا يمكن قراءتها بواسطة الحاسب والبيانات التي يمكن استخدامها كأدلة ضد الفاعل ويمكن في أقل من الثانية العبث بها أو محوها بالكامل لذلك فإن المصادفه وسوء الحظ لهما دور كبير في اكتشافها وذلك أكثر من الدور الذى تلعبه أساليب التدقيق والرقابة.
و لعل من أهم المواضيع حساسية وأصليه موضوع الدليل الذي تثبت به الجريمة المعلوماتية أو الجريمة المتعلقة بالحاسب الآلى، حيث تعتبر قواعد قانون العقوبات التنفيذية تواجه تحديات إزاء مواجهة الجريمة المعلوماتية وتبدو قاصرة عن مواجهة العديد من الأفعال التي تهدد مصالح اجتماعية واقتصادية ارتبطت بظهور وانتشار جهاز الحاسب الآلى وشبكة المعلومات العنكبوتية(الانترنت)11