تهريب المهاجرين
والاتجار بالبشر كلاهما جرم يشتمل على نقل أفراد كسبا لربح. غير انه بالنسبة إلى
الاتجار بالبشر لا بد من وجود عنصرين إضافيين يتجاوزان نطاق التهريب:[/b]





§
فيجب أن ينطوي الاتجار على شكل ما غير سليم من أشكال
التجنيد (التطويع ) كالقسر أو الخداع أو الاستغلال لسلطة ما ويجب أن يكون الفعل قد
تم القيام به لأجل غرض استغلالي ما مع أن ذلك الغرض لا يلزم فيه بالضرورة أن يكون
قد تحقق فعلا.






§
في الاتجار بالبشر يعتبر مصدر الريع الرئيسي الذي يعود
على مرتكبي الجريمة والقوة الدافعة الاقتصادية الكامنة خلف ارتكاب هذا الجرم
كلاهما ضمن إطار العوائد التي تتأتى من استغلال الضحايا في البغاء أو السخرة (
العمل القسرى ) أو بأي طرق أخرى و أما في تهريب المهاجرين فإن أجرة التهريب التي
يدفعها المهاجر غير القانوني هي مصدر الريع الرئيسي ولا يوجد عادة أي علاقة مستمرة
بين مرتكب الجرم والمهاجر ، بعد أن يكون ذلك المهاجر قد وصل إلى وجهته المقصودة




§
كما أن الاختلاف الرئيسي الآخر بين تهريب المهاجرين
والاتجار بالبشر هو أن هذا التهريب ينطوي دائما على طابع عابر للحدود الوطنية
و أما الاتجار بالبشر لا يشترط أن يكون عابراً للحدود وإنما قد يحدث داخل حدود
الدولة






ولكن مع أن تهريب
المهاجرين والاتجار بالأشخاص هما جريمتان متمايزتان فإنهما يمثلان أيضا مشاكل
إجرامية متداخلة فيما بينها. ذلك أن التعريف القانوني لكل جريمة يحتوي على عناصر
مشتركة . كما أن الحالات الفعلية من كل منهما قد تنطوي على عناصر من هذين الجرمين
معا ، أو قد تنتقل من جريمة إلى أخرى. فالعديد من ضحايا الاتجار بالبشر يبدأون
رحلتهم بموافقتهم على تهريبهم من دولة إلى أخرى ثم أن المهاجرين المهربين قد
يتورطون بالخداع أو القسر في حالات استغلالية فيما بعد وبذلك يصبحون في عداد ضحايا
الاتجار بالبشر

[/b]





ونخلص من ذلك
إلى أن أهم أوجه التفرقة بين تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر تتمثل في الاتى:




الموافقة







على الرغم من أن
الضلوع بتهريب المهاجرين يجرى في كثير من الأحيان في ظروف خطرة أو مهينة فإنه ينطوي
على موافقة المهاجرين على التهريب و أما ضحايا الاتجار بالبشر فإنهم لم يوافقوا قط
على ذلك وحتى إن كانوا قد وافقوا في البدء فإن تلك الموافقة تصبح لا معنى لها من
جراء الوسائل القسرية أو الاحتيالية أو المسيئة التي يتبعها مرتكبي جريمة الاتجار
قبل ضحاياهم.






الاستغلال







تهريب المهاجرين ينتهي
بوصولهم إلى وجهتهم المقصودة في حين أن الاتجار بالبشر ينطوي على استمرار استغلال
الضحايا ومن الناحية الفعلية يلاحظ أن ضحايا الاتجار غالبا ما يقع عليهم ضرر أكثر
قسوة ومن ثم يكونون في حاجة اشد إلى الحماية من معاودة إيذائهم كضحايا ومن تعرضهم
لأشكال أخرى من الإساءة في معاملتهم اشد من حاجة المهاجرين المهربين .





الطابع عبر الوطني







التهريب يتسم
دائما بطابع عابر للحدود الوطنية و أما الاتجار فقد لا يكون كذلك إذ يمكن أن يقع
الاتجار بصرف النظر عما إذا كان الضحايا قد اخذوا إلى دولة أخرى أو نقلوا من مكان
إلى آخر فحسب داخل الدولة المعنية ذاتها.










* كاتب هذا البحث هو السيد / هاني
فتحي جورجي رئيس النيابة بالمكتب الفني والتعاون الدولي - مكتب النائب العام ومحاضر بكليتي الحقوق والتجارة جامعة عين شمس ومركز
الدراسات القضائية والمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية فضلاً عن عضويته في
العديد من اللجان الوطنية والقومية ومنها اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع
الاتجار في الأفراد وحالياً باحث دكتوراه بجامعة القاهرة وحاصل على ماجستير
القانون الدولي لحقوق الإنسان جامعة اسيكس بالمملكة المتحدة 2001/2002، دبلوم القانون الدولي للتنمية
- مركز الدراسات الاجتماعية
ISS لاهاي
بهولندا يناير/سبتمبر 2000، ماجستير القانون الدولي للأعمال
IDAI جامعتي القاهرة/باريس دوفين 1992/1994 وقد عمل
بالمحاماة فور تخرجه عام 1992 ثم تشرف بالالتحاق بالنيابة العامة منذ عام 1994
وتدرج بالمناصب القضائية إلى أن تم تعينه بمكتب النائب العام منذ 1999 وحتى الآن
.






* إدراكاً
من المجتمع الدولي لخطورة الرق و تجارة الرقيق والاتجار في الأشخاص و استغلال
دعارة الغير فقد سعى منذ مطلع القرن العشرين إلي عقد المؤتمرات الدولية، وصياغة
الاتفاقيات الدولية في شأن مواجهة تلك الظاهرة ويعتبر بروتوكول منع و قمع و معاقبة
الاتجار بالأشخاص و بخاصة النساء و الأطفال المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة
الجريمة المنظمة عبر الوطنية تتويجا لمجهود متواصل قامت به الأمم المتحدة منذ
نشأتها.







* انظر
كتاب الدكتورة/ هدى حامد قشقوش، الجريمة المنظمة، الطبعة الثانية منشأة المعارف،
عام 2006، ص18







* انظر
لـ
Background
Paper
المقدمة للندوة الإقليمية حول الجريمة المنظمة عبر الوطنية،
القاهرة، 28/29 مارس 2007، ص 4
.






* انظر
في ذلك الدكتور شريف بسيونى، الجريمة المنظمة عبر الوطنية: ماهيتها ووسائل
مكافحتها دولياً وعربياً، دار الشروق، الطبعة الأولى، 2004، ص 21 – 65.







*المرجع
السابق






* علي الرغم من عدم استقرار الفقه الدولي علي تعريف جامع
وموحد للجريمة المنظمة عبر الوطنية, إلا أن هناك اتفاقا على العناصر الأساسية أو
الصفات المهمة لهذا الشكل من أشكال الأنشطة الإجرامية الجماعية مماثلة لتلك الخاصة
بالجريمة المنظمة المحلية, ولكن مع التركيز علي :




أولا: الأنشطة
عبر الوطنية والروابط مع الجماعات المتشابهة في دول أخرى.




ثانيا: الحجم الأكبر
للمنظمة نفسها.




ثالثا : الحجم
الضخم للنشاط الإجرامي.




رابعا: المستوى العالي
من الربح.




خامسا : ضخامة رأس
المال المتاح




سادسا : القوة والنفوذ
في أسلوب ممارسة النشاط.












*ويعرف بروتوكول المهاجرين جريمة " تهريب المهاجرين " : بأنه
تدبير الدخول غير المشروع لشخص ما إلى دولة طرف ليس ذلك الشخص من رعاياها أو
المقيمين الدائمين فيها وذلك من اجل الحصول بصورة مباشرة أو غير مباشرة على منفعة
مالية أو مادية أخرى (الفقرة الفرعية أ من المادة 3) وهو يحتوى إذن على العناصر
التالية :



§
تدبير
الدخول غير المشروع لشخص ما



§
إلى دولة
طرف ليس ذلك الشخص من رعاياها أو المقيمين الدائمين فيها



§
من اجل
الحصول على منفعة مالية مباشرة أو اى منفعة مادية أخرى










وفى الواقع كثيرا ما قد
يكون من الصعب على المسئولين عن إنفاذ القانون وعلى الجهات المعنية بتقديم خدمات
الرعاية للضحايا أن يبتوا فيما إذا كانت حالة معينة تندرج في نطاق تهريب المهاجرين
أو في نطاق الاتجار بالأشخاص . أما في الواقع العملي فيلاحظ أن المسئولين عن إنفاذ
القانون يعمدون أحيانا إلى استعمال أدلة الإثبات " القرائن " التي تم
جمعها على نحو أولى لمباشرة تحقيق بشأن قضية تهريب ثم يتحول التحقيق لاحقا إلى
التركيز على قضية اتجار البشر بعد أن يسلط الضوء على أدلة إثبات إضافية تظهر في حينها
وفى مثل هذا الحالات كثيرا ما يضطر المسئولين عن إنفاذ القانون إلى التعويل على
التدابير المتخذة في الوقت الراهن بشأن تهريب المهاجرين حتى يتسنى إثبات العناصر
الإضافية التي تدل على وقوع جرم اتجار بالبشر.