وجوب حضور محام عن المتهم أمام محكمة
الجنايات ،وقد نصت عليه
المادة 67 فقرة 2من الدستور ، والمادة 88 فقرة 1 من قانون الإجراءات الجنائية .


ـ
وللمحامي سواء أكان منتدباً أم كان موكلاً
من قبل المتهم ،أن يدافع عن المتهم في الجلسة أو يعين من يقوم مقامة .



ـ
والمحامون المقبولون للمرافعة أمام محاكم
الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون
مختصين دون غيرهم بالمرافعة أمام محاكم الجنايات
.( م 377 إجراءات ).



ـ
وليس هناك مانع من أن يتولي محام واحد
الدفاع عن جميع المتهمين مادامت ظروف الواقعية ومركزها لا يؤدي إلي أي تعارض بين مصالحهم ،وينبغي أن يكون
المدافع قد حضر كل إجراءات محاكمة المتهم من أولها حتى نهايتها
،أما إذا ندب محامي للدفاع عن متهم بجناية
بعد سماع الشهود ،فتبطل إجراءات المحاكمة (م 40إجراءات ).



ــ
ولا يجوز لأحد أن يحضر أمام المحكمة ليدافع
أو ينوب عن المتهم الغائب ومع
ذلك يجوز أن
يحضر وكيلة أو أحد
أقاربه أو أصهاره ، ويبدي عذره في عدم الحضور ، فإذا رأت المحكمة
أن العذر مقبول تعين ميعادا لحضور
المتهم أمامها . (
م 388 إجراءات )

ـ وتختص محاكم الجنايات بالحكم في كل فعل يعد
بمقتضي القانون جناية ،وفي الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر عدا الجنح المضرة بأفراد
للناس .( م 214 إجراءات ).


شروط المترافع
أمام محكمة الجنايات



يجب
أن يتوافر للمحامي الناجح أمام محكمة الجنايات
شروط موضوعية كما يلي :ـ




يجب أن يكون المحامي المترافع أمام محكمة
الجنايات قوي الكلمة أو ضليع الفم




يجب أن يكون قوي الشخصية .




يجب أن يداوم المحامي علي القراءة والبحث
.




يجب أن يتوافر في المحامي قوة الكلمة أمام
محكمة الجنايات .



إن
أولي الصفات في المحامي الناجح أمام محكمة
الجنايات هي :ـ



أن يكون قوي الكلمة ، إذا
تكلم سمعه الناس جميعاً ،وإذا
ترافع فهمه كل من في القاعة
، وقوة الكلمة ، لا أعني بها الصوت العالي ، ولكن أقصد بها أنه
إذا ترافع المحامي أمام المحكمة
يجب أن تكون كلماته واضحة
قوية دون صراخ ، مرتبة
الكلمات ، متسقة في معناها ، بحيث إذا دفع المحامي دفعاً مثل :



بطلان القبض والتفتيش لبطلان صدور إذن النيابة العامة لعدم
جدية التحريات
، فيجب
أن يخرج الدفع قوياً واضحا
، مرتبا في كلماته ، حتى تصل كل
كلمات الدفع إلي القاضي .



2ـ ضرورة
امتلاك المحامي أمام محكمة الجنايات
قدر من قوة الشخصية
.



إن قوة الكلمة لا تكفي وحدها لنجاح المحامي في المرافعة
أمام محكمة الجنايات
،إذا لابد وأن يتصف
المحامي بجانب قوة الكلمة بقدر معقول من قوة الشخصية
، لأنه قد يقرأ
المحامي قضيته ،ويعد دفاعه فيها ،ولكن لابد وأن
يصل كل ذلك إلي
يقين هيئة المحكمة ، وأن
يتأتي ذلك إلا بثبات المحامي ،ووقوفه علي ارض صلبة
أمام المحكمة اذا لابد وأن ينجح
المحامي في أن يجعل المعلومة تصل الي فهم وعقل هيئة المحكمة ، ولن يتحقق ذلك
إلا إذا كان يمتلك قدراً معقولاً
من قوة الشخصية ، التي تجعله
يقف بثقة أمام
هيئة المحكمة ، وأمام
كل المتواجدين بقاعة المحكمة
من السادة المحامين
والجمهور والمتهمين ،وغيرهم .



3ـ الاهتمام بالقراءة
والبحث .



إن
القراءة تصقل الموهبة ،وترسخ
المعلومات ،وتوسع المدارك والتصور والإبداع فالقراءة
قبل أن تكون
غذاء للعقل ،هي غذاء للروح ،
والقراءة لا تقتصر علي قراءة العلوم
القانونية فقط ، وإنما
هي القراءة في كل
فروع العلوم ، الأدبية والدينية
وغيرها ، القراءة ترفع من قدرة
العلم والمعرفة أثناء المرافعة أمام
محكمة الجنايات فالقراءة تعطيه إمكانية تصوير الحادث موضوع الدعوي ، ووصف مكانة ، وأشخاصه ، ووقت حدوثه ، وتعطيه إمكانية تصوير الحادث موضوع
الدعوي ووصف مكانة ،وأشخاصه ، ووقت حدوثه
، وتعطيه أيضاً الثروة اللغوية
وذلك بالتعبير عن المعني ، أي معني
بأكثر من مرادف
للكلمة فالقراءة تعمل علي إمداده برصيد ضخم من الكلمات والمرادفات
ومعانيها ، أما الأستاذ المحامي غير القارئ ،فنجد أمثالة كثيرا
أمام محاكم الجنايات ، إذا تعرض للدفاع في قضية جناية
قتل مثلاً وأبدي دفعاً مثل
الدفع بانعدام القصد الجنائي من حق المتهم ، فلا يجد بعد إبداء الدفع المجرد الجامد ،دون شرح أو تفسير ،ولذلك فان المحامي أمام محكمة
الجنايات ، الذي يسعي دائما
وجاهداً للقراءة والبحث ، ويظل دائما
واثقاً من نفسه واقفا هلي ارض صلبة ، لا يهتز أبدا ولا
يتردد أمام المحكمة
أبدا ، ولا يخطئ عند
مرافعته في كلماته ،أو قراءاته
، أو في تشكيل كلمات مرافعته
، فيترافع وكأنه يقرأ من كتاب ..
ونصيحتي دائما لزملائي الشباب ، بأن
يهتموا بالقراءة والبحث ، فهي
النجاح ، وهي الشهرة
، والمجد والرفعة .



ونسوق قولة
الأستاذ الجليل رحمة
الله الدكتور / وديع فرج ،
فيما كان
ينادي ويجهر به دائما
:



" رسوخك في القانون بمدي
اطلاعك خارج القانون
"


** وأن أول ما يتطلبه المترافع
هو التمكن من اللغة وآدابها ولن يتأتي له
ذلك إلا بسعة
الاطلاع في الكتب الدينية مثل القرآن والأحاديث النبوية
والكتب والأدبية والسياسية والاجتماعية
وغيرها حتى يجتمع له حصيلة لفظية
، تمكنه من ملكة
انتقاء اللفظ المناسب لكل
مقام ، أي ينتقي
اللفظ الذي يؤدي المعني
المقصود في ذاته بلا زيادة ولا نقصان .



**
إن لغة المرافعة أو لغة الخطابة ، هي لغة
لها مميزات وسمات
كثيرة منها ، أن أنتقي
اللفظ ذا الجرس الذي يمس الوجدان ،ويؤثر فيه من قبل أن
يستقر في العقل .



**
ويقول الأستاذ / زكي
عريبي في مقالة
: " لغة الأحكام
والمرافعات
"


( الذين يضطرون إلي تحبير
مرافعاتهم ثم إلقائها
يجب أن يكتبوا
بغير اللغة المعدة للقراءة
إن عليهم أن
يتصنعوا لغة الارتجال
فينأوا بكلامهم عن كل ما يشعر بجهد
التحضير .



عن ذلك المترافع بقلمه في القضية متمثلاً أنه أمام المحكمة ، وقد
رسمت هذه المرافعة في رأسه ،وأصبحت ذات معالم واضحة ، توجه
فكرة إذا ما وقف للدفاع ، وتقية شر
جموح الخاطر ، دون أن تمنع
تدفق بيانه المطابق
لمقتضي الحال )



وله
قولة أخري ارسخ
بها الفرق بين
المسموع والمقروء يقول :



(
لغة المرافعة لغة
حديث لا لغة كتابة ، وإذا كان للحديث
علي الكتابة مزايا
فأن له متاعبه
وصعابه فمن مزايا الحديث
، أن المحدث بيلقي السامع وجهاً لوجه
، وفي استطاعته إذا
يلقاه علي هذه الصورة
،أن يستعين علي إقناعه
بلسانه وعينة ، بصوته وإشارته ، بحركته
وسكوته ، ببديهيته ودقة ملاحظته ، بل
بما فيه من
قوة مغناطيسية كامنة ) .



ـ
وفي كتاب المرافعة للأستاذ / حسن
الجداوي ـ طبعة 1933 ـ صـ 171
وما بعدها جاء بها حديث
لمحمد باشا علي علوية يقول : المرافعة معان
مركبة فهي ثوب من
ألفاظ وتراكيب سهلة سائغة ، وهي
علي مرحلتين :



المرحلة
الأولي :
عرض الوقائع
وفيها يكون المترافع راويا .



والمرحلة الثانية : هي استنتاج الحق من هذه
الوقائع ،والاستنتاج المؤيد للمسائل القانونية المطروحة وفيها يكون المترافع محاضرا الراوي
محتاج إلي لغة العاطفة ولغة المحسنات
ومخاطبة الوجدان ، والمحاضر محتاج
الي مخاطبة العقل مباشرة ، ويضيف هنا :



((وللقضايا الجنائية
مرحلة خاصة من هاتين المرحلتين ، قد تندمج
في إحداهما ،وتسير معها ،وفيها يكون
المترافع خطيباً يتناول بفصاحته ،
ودقة بيانه ،بواعث الاتهام أو بواعث
الإجراء ، ويبحث في نفسية المتهمين أو المجني عليهم ومراكزهم الاجتماعية ،وغير ذلك ،ويؤثر بقوة حجته وبقوة خيالة
في نفس السامع بما يهز منطقة
أو عواطف ، ويبعثه علي تغيير عقيدته ،



واشمئزاز
نفسه من الجريمة ، ومرتكبيها
،أو العطف علي التهمة والمتهمين فيه
ا
)).



ـ
ويجب علي المترافع أن يكون هادئا ، ظاهر
المعني ،مرتب الوقائع ، يدفع السامع
إلي أن يسير معه وأن
يتتبعه بلا عناء ، وأن يعرف أن من
حق القاضي إلا يسمع إلا ما يفيد الدعوي لذا وجب علي المترافع أن يكون مرتباً
لوقائعه ،ظاهراً في بيانه ، وأن يكف عن
الاسترسال في بيان الواقعة متى ظهر له أن
القاضي قد فهمها ، وأن يكون
ذا فراسة ترشده إلي مبلغ فهم
القاضي للواقعة .



ـ
فإن أحس انه قد أدي رسالته
كان من العبث أن يسترسل ،وأن
رأي أن الواقعة لم تظهر
بعد كان عليه
أن يعيدها في قالب
أخر يستسيغه القاضي .



وأساس
النجاح أن يكون
للمترافع شخصية محترمة ومحبوبة فيتتبعه سامعه ، ولا يمل من
الإصغاء إليه فالقاضي يحس بما يحس به كل
نحو الأخر من احترام أو
امتهان أو عطف أو اشمئزاز ، ولا يكون هذا
العطف وذلك الاحترام
إلا بفضائل الصدق
والجد والتواضع .



الأمانة
في عرض الواقعة :ـ



ثمة
محام يكاد يكون مطرباً
،وكل مواصفات المرافعة تتمثل
فيه ،وفيما يقول ،ومع أهذا تجد
هيئة المحكمة تلتفت وتنصرف
عنه ، ولا تعيره اهتمامها
،وذلك يكون مع
المحامى المغالط ، المحامي الذي يغالط
في الوقائع ، وهو لا يعلم أن المحكمة
قد أطلعت علي الأوراق
من قبل أن تدخل ،وتعلم موقع المغالطة فيما يقول ، لو أتي
هذا انصرفت عنه
والقلوب مهما حاول ، كثيراً ما
تلجأ هيئة المحكمة إلي الصمت
، ويتركونه يسترسل ، إياكم
والمغالطة ، ففيها حكم
بالإعدام علي المترافع
،الأمانة في عرض
الواقعة لا غني عنها
وحتما أن تكون
هي الرائد والهدف .



ـ
ونلاحظ أن هذا هو
واقع العمل ، نجد هيئة المحكمة
تسأل المحامي المترافع
/ من أين أتيت
بهذا الكلام يا أستاذ ؟



هل قرأت
صفحة كذا ؟
وهنا تكون القاضية
، وإذا لم يقلها
له هكذا ،في أثناء المرافعة يقول
له :



"
هذه النقطة
قد وضحت ، انقل
علي التي بعدها
"


وهكذا بحيث
لا يتبدد الجهد فقط ، بل يتبدد الكيان ..



من
هذا نخلص إلي المرافعة ليست
بطولها ،ولذلك قيل وبحق :



" ليس الزمن الطويل هو
التطويل ، الدقائق قد تكون تطويلاً
إذا هان شأن ما يقال ، وقد لا تكون
كذلك إذا ما يقال في أيام طوال
جدير بالمقال
"


ـ
لايلام القضاء علي السماع قدر ما يلام المترافعون ، لان أساس
النجاح هو أن
ترتب نفسك ،وتسرع بتشكيل
مقالك علي مقتضي الحال
الذي أمامك ،ولذلك قيل أن
في الحذف ، فن الاختصار يساوي تماما فن الكلام ، فالتطويل يفعم الأنفس بالسآمة ،ويدفع
الأعين إلي الغمض ، ويدفع
الأفئدة إلي الاستنامة وتلك آفة المرافعة
" .


خير
للمترافع الا يعرض كل ما في الملف ، بل
الفن كل الفن ليس في عرض ما في الملف
، بقدر ماهو في إهمال ما يجب إهماله
من الملف من الملف .



ـ
وهذا ما نقول :
" إن الحذف فن
"
ماذا نحذف
وماذا نهمل دون
أن يؤثر ؟ وماذا يجب أن
نقوله ؟



هذا
هو الفن .