الفصل الأول - بيان المهمة

1- منهاج العمل هو جدول أعمال لتمكين المرأة. وهو يهدف إلى التعجيل بتنفيذ استراتيجيات نيروبي التطلعية للنهوض بالمرأة[2] وإزالة جميع العوائق التي تحول دون مشاركة المرأة مشاركة فعالة في جميع مجالات الحياة العامة والخاصة من خلال حصولها على نصيبها الكامل والمنصف في صنع القرارات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية. وهذا يعني أيضاً إقرار مبدأ تقاسم السلطة والمسئولية بين المرأة والرجل في البيت وفي مواقع العمل وفي المجتمعات الوطنية والدولية بصورتها الأعم. والمساواة بين المرأة والرجل هي مسألة تتعلق بحقوق الإنسان وشرط لتحقيق المساواة والتنمية والسلم. وتحقيق تحول في الشراكة بين المرأة والرجل بحيث يجعلها قائمة على المساواة بينهما هو شرط لتحقيق تنمية مستدامة يكون محورها الإنسان. ووجود التزام ثابت وطويل الأجل أمر ضروري لتمكين المرأة والرجل من أن يعملا معاً لصالحهما وصالح أطفالهما والمجتمع من أجل مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين.
2- ويؤكد منهاج العمل مجدداً على المبدأ الأساسي، الوارد في إعلان وبرنامج عمل فيينا[3] اللذين اعتمدهما المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان، وهو أن حقوق الإنسان للمرأة والطفلة هي حقوق غير قابلة للتصرف كما أنها جزء متمم لحقوق الإنسان العامة لا ينفصل عنها. ويسعى المنهاج، بوصفه برنامج عمل، إلى تعزيز وحماية التمتع الكامل لجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية لجميع النساء طيلة دورة الحياة.
3- ويؤكد منهاج العمل أن النساء لهم شواغل مشتركة لا يمكن معالجتها إلا بالعمل معاً وبالمشاركة مع الرجال من أجل بلوغ الهدف المشترك المتمثل في تحقيق المساواة بين الجنسين[4] في جميع أنحاء العالم. وهو يحترم ويقدر التنوع التام لحالات النساء وظروفهن ويدرك أن بعض النساء يواجهن عقبات معينة تحول دون تمكينهن.
4- ويتطلب منهاج العمل اتخاذ إجراءات فورية ومتضافرة من جانب الجميع من أجل إيجاد عالم يسدوه السلم والمساواة والعدل والإنسانية ويستند إلى حقوق الإنسان والحريات الأساسية، بما في ذلك مبدأ المساواة بين جميع البشر من جميع الأعمار ومن جميع مشارب الحياة، ولهذه الغاية، الاعتراف بأن النمو الاقتصادي ذي القاعدة العريضة والمستمر في سياق التنمية المستدامة ضروري لاستمرار التنمية الاجتماعية والعدالة الاجتماعية.
5- ونجاح منهاج العمل سوف يتطلب التزاماً قوياً من جانب الحكومات والمنظمات والمؤسسات الدولية على جميع المستويات. وسيتطلب أيضاً تعبئة للموارد على الصعيدين الوطني والدولي وكذلك موارد جديدة وإضافية للبلدان النامية من جميع آليات التمويل المتاحة، بما في ذلك المصادر المتعددة الأطراف والثنائية والخاصة من أجل النهوض بالمرأة؛ وموارد مالية من أجل تعزيز قدرة المؤسسات الوطنية ودون الإقليمية والإقليمية والدولية. والتزاماً بالمساواة بين المرأة والرجل في المشاركة في جميع هيئات وعمليات صنع القرار على الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية؛ وإنشاء آليات على جميع المستويات تكون مسئولة أمام نساء العالم، أو تعزيز ما هم قائم من هذه الآليات.

الفصل الثاني - الإطار العالمي

6- يُعقد المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة والعالم يقف في حالة تأهب على أعتاب حقبة ألفية جديدة.
7- ومنهاج العمل يدعم اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة[5] ويضيف إلى استراتيجيات نيروبي التطلعية للنهوض بالمرأة، فضلاً عن القرارات ذات الصلة التي اتخذها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والجمعية العامة. وترمي صياغة المنهاج إلى تحديد مجموعة أساسية من الأعمال ذات الأولوية، التي ينبغي الاضطلاع بها خلال السنوات الخمس القادمة.
8- ويُقر منهاج العمل بأهمية الاتفاقات التي تم التوصل إليها في مؤتمر القمة العالمي من أجل الطفل، ومؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية، والمؤتمر العالمي لحقوق الإنسان، والمؤتمر الدولي للسكان والتنمية، ومؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية، التي وضعت نُهجاً والتزامات محددة من أجل إعطاء دفعة للتنمية المستدامة والتعاون الدولي، وتعزيز الدور الذي تؤديه الأمم المتحدة في تحقيق ذلك الهدف. وعلى نحو مماثل، تناول المؤتمر العالمي المعني بالتنمية المستدامة للدول الجزرية الصغيرة النامية، والمؤتمر الدولي المعني بالتغذية، والمؤتمر الدولي للرعاية الصحية الأولية، والمؤتمر العالمي بشأن توفير التعليم للجميع، مختلف جوانب التنمية وحقوق الإنسان، كل من زاويته الخاصة، مع إيلاء قدر كبير من الاهتمام لدور المرأة والفتاة. وبالإضافة إلى ذلك، جرى التأكيد أيضاً على القضايا المتعلقة بتمكين المرأة ومساواتها في إطار السنة الدولية للسكان الأصليين في العالم،[6] والسنة الدولية للأسرة،[7] السنة الدولية للتسامح،[8] وإعلان جنيف بشأن المرأة الريفية،[9] والإعلان المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة.[10]
9- والهدف من منهاج العمل، الذي يتفق تماماً مع مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، هو تمكين جميع النساء. فالإعمال الكامل لحقوق الإنسان والحريات الأساسية كافة لجميع النساء أمر جوهري لتمكين المرأة. وبينما يتوجب ألا تغيب عن البال أهمية الخصائص القومية والاقتصادية والإقليمية وشتى الخلفيات التاريخية والثقافية والدينية، على الدول، بغض النظر عن نظمها السياسية والاقتصادية والثقافية، أن تعزز وتحمي جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية،[11] وتنفيذ منهاج العمل هذا، بما في ذلك من خلال القوانين الوطنية وصياغة الاستراتيجيات والسياسات والبرامج وتحديد الأولويات الإنمائية، هو المسئولية السيادية لكل دولة، بما يتفق مع حقوق الإنسان والحريات الأساسية كافة، وينبغي أن تسهم أهمية مختلف القيم الدينية والأخلاقية والخلفيات الثقافية والمعتقدات الفلسفية للأفراد ومجتمعاتهم المحلية، والاحترام الكامل لها، في تمتع المرأة تمتعاً كاملاً بما لها من حقوق الإنسان تحقيقاً للمساواة والتنمية والسلم.
10- ومنذ المؤتمر العالمي لاستعراض وتقييم منجزات عقد الأمم المتحدة للمرأة: المساواة والتنمية والسلم، الذي عقد في نيروبي في عام 1985، واعتماد استراتيجيات نيروبي التطلعية للنهوض بالمرأة، شهد العالم تغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية كانت لها آثار إيجابية وأخرى سلبية على المرأة. وقد أقر المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان أن حقوق الإنسان للمرأة والطفلة غير قابلة للتصرف، وهي جزء ﻻ يتجزأ من حقوق الإنسان العامة. وتشكل مشاركة المرأة مشاركة كاملة ومتساوية في الحياة السياسية، والمدنية، والاقتصادية، والاجتماعية والثقافية على الصعيد الوطني وعلى الصعيدين الإقليمي والدولي، إلى جانب القضاء على جميع أشكال التمييز على أساس الجنس، أهدافا ذات أولوية بالنسبة للمجتمع الدولي. وقد أكد المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان من جديد التزام جميع الدول التزاما جديا بالوفاء بالتزاماتها من أجل تعزيز الاحترام العالمي لجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس كافة وفقا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والصكوك الأخرى المتصلة بحقوق الإنسان، وكذلك تعزيز التقيد بهذه الحقوق وحمايتها. والطابع العام لهذه الحقوق والحريات أمر ﻻ يرقى إليه الشك.
‎11‏- وقد أدى انتهاء الحرب الباردة إلى حدوث تغيرات دولية، وتضاؤل التنافس بين القوتين العظميين. فقد تقلص خطر نشوب نزاع عالمي مسلح، بينما تحسنت العلاقات الدولية واتسعت آفاق السلم فيما بين البلدان. وبالرغم من تقلص خطر نشـوب نزاع عالمـي، ﻻ تزال حروب العدوان والنزاعات المسلحة والسيطرة الاستعمارية أو غيرها من أشكال الهيمنة والاحتلال اﻷجنبي والحروب الأهلية والإرهاب تعصف بأجزاء كثيرة من العالم. وﻻ تزال تحدث انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان للمرأة، وﻻ سيما إبان النزاعات المسلحة، ومنها الاغتيال، والتعذيب، والاغتصاب المنظم، والحمل القسري والإجهاض القسري وذلك بصورة خاصة في إطار سياسات "التطهير العرقي".
‎‏12- وصـون السلم والأمن على الصعيد العالمي، وعلى الصعيدين الإقليمي والمحلي، إلى جانب منع سياسات الاعتداء والتطهير العرقي وتسوية النزاعات المسلحة، إنما هي أمور ذات أهمية حاسمة بالنسبة لحماية حقوق الإنسان للمرأة والطفلة، فضلاً عن القضاء على جميع أشكال العنف الموجه ضدهما والحيلولة دون استخدامهما كسلاح حرب.
‎13‏- ولقد نشأ عن النفقات العسكرية المفرطة، بما في ذلك النفقات العسكرية العالمية وتجارة الأسلحة وتهريبها، والاستثمارات لأغراض إنتاج الأسلحة وحيازتها تقلص في حجم الموارد المتاحة للتنمية الاجتماعية. ونتيجة لعبء الدين والصعوبات الاقتصادية الأخرى، اتبعت بلدان عديدة سياسات للتكيف الهيكلي. وفضلاً عن ذلك هناك برامج للتكيف الهيكلي أسيء تصميمها وتنفيذها فرتبت آثارا ضارة على التنمية الاجتماعية. وخلال العقد الماضي ازداد عدد السكان الذين يعيشون تحت وطأة الفقر زيادة غير متكافئة في معظم البلدان النامية، ﻻ سيما البلدان المثقلة بالديون.
‎14‏- وفي هذا السياق، ينبغي التشديد على البُعد الاجتماعي للتنمية. فالنمو الاقتصادي المتسارع، بالرغم من كونه ضرورياً لتحقيق التنمية الاجتماعية، ﻻ يكفي وحده لتحسين نوعية حياة السكان: وفي بعض الحالات يمكن أن تنشأ ظروف تزيد من حدة التفاوت والتهميش الاجتماعيين. وبالتالي، ﻻ بد من البحث عن بدائل جديدة تكفل تمتع جميع أفراد المجتمع بفوائد النمو الاقتصادي وتقوم على إتباع نهج شامل فيما يتعلق بجميع جوانب التنمية وهي: النمو والمساواة بين النساء والرجال والعدالة الاجتماعية وصون البيئة وحمايتها، والتنمية المستدامة، والتضامن، والمشاركة، والسلم، واحترام حقوق الإنسان.
‎15‏- وقد حدث تحرك عالمي نحو إقامة الديمقراطية فتح الباب أمام التحول السياسي في العديد من الدول. لكن المشاركة الشعبية للمرأة في صنع القرارات الرئيسية، بوصفها شريكاً كاملاًً ونداً للرجل، وﻻ سيما في الميادين السياسية، لم تتحقق بعد. وقد زالت سياسة العنصرية المؤسسية، أي الفصل العنصري، في جنوب إفريقيا وانتقلت السلطة انتقالاً سلمياً وديمقراطياً. وفي وسط أوروبا وشرقيها كان الانتقال إلى الديمقراطية البرلمانية سريعاً وأدى إلى بروز تجارب متنوعة حسب الظروف الخاصة لكل بلد. وفي حين كانت عملية الانتقال سلمية في معظمها، فقد أعاقها في بعض البلدان النزاع المسلح الذي ترتبت عليه انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.
‎16‏- وفي بعض المناطق، تسبب انتشار الانكماش الاقتصادي، إلى جانب عدم الاستقرار السياسي، في إعاقة أهداف التنمية في كثير من البلدان، مما أدى إلى انتشار الفقر المدقع. وتمثل النساء الأغلبية الساحقة من السكان الذين يعيشون تحت وطأة الفقر المدقع، وعددهم يزيد عن البليون. كما أدت عملية التغيير والتكيف السريعة في جميع القطاعات إلى زيادة البطالة والعمالة غير الكافية، بما لها من أثر على المرأة على وجه الخصوص. وفي حالات كثيرة، لم تصمم برامج التكيف الهيكلي بشكل يحد من آثارها السلبية على الفئات الضعيفة والمحرومة أو على المرأة، كما أنها لم تصمم لتكفل آثاراً إيجابية على تلك الفئات عن طريق الحيلولة دون تهميشها في اﻷنشطة الاقتصادية والاجتماعية. وقد أكدت الوثيقة الختامية لجولة أوروغواي للمفاوضات التجارية المتعددة الأطراف[12] على ترابط الاقتصادات الوطنية المتزايد، إلى جانب أهمية تحرير التجارة والنفاذ إلى أسواق نشطة مفتوحة. وحدث أيضا إنفاق عسكري ضخم في بعض المناطق. وسجلت المساعدة الإنمائية الرسمية في جملتها انخفاضاً في الفترة اﻷخيرة، بالرغم من الزيادات في تلك المساعدة التي قدمتها بعض البلدان.
‎17‏- والفقر المدقع، وتأنيث الفقر، والبطالة، وتزايد هشاشة البيئة، واستمرار العنف ضد المرأة، والاستبعاد الواسع النطاق لنصف البشرية من مؤسسات السلطة والحكم، إنما هي أمور تؤكد الحاجة إلى مواصلة السعي إلى تحقيق التنمية والسلم والأمن، وإلى إيجاد طرائق لضمان أن يكون الناس محور التنمية المستدامة. ومشاركة نصف البشرية الأنثوي واضطلاعه بدور قيادي أمر ضروري لنجاح ذلك المسعـى. وبالتالي فإن العالم لن يتمكن من مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين إﻻ من خلال عهد جديد من التعاون الدولي بين الحكومات والشعوب مبني على روح الشراكة وبيئة دولية اقتصادية واجتماعية منصفة وتحول جذري في العلاقة بين المرأة والرجل لتصبح شراكة كاملة وعلى قدم المساواة.
‏‎18‏- وقد كان للتطورات الاقتصادية الدولية اﻷخيرة في كثير من الحالات أثر غير متكافئ على النساء والأطفال، الذين تعيش أغلبيتهم في بلدان نامية. ففي الدول التي ترزح تحت عبء دين خارجي ثقيل، أدت برامج وتدابير التكيف الهيكلي، بالرغم من كونها مفيدة في اﻷجل الطويل، إلى تقليص النفقات الاجتماعية، وكانت لها بالتالي آثار سيئة على المرأة، وﻻ سيما في أفريقيا وأقل البلدان نمواً. وهذا اﻷمر يزداد حدة عندما تتحول مسؤوليات توفير الخدمات الاجتماعية الأساسية من الحكومات إلى المرأة.
‎19- وقد نجمت عن الانكماش الاقتصادي الذي ألم بكثير من البلدان المتقدمة النمو والبلدان النامية، وعمليات إعادة الهيكلة الجارية في البلدان التي تجتاز اقتصاداتها مرحلة انتقالية، آثار سلبية غير متناسبة على المرأة. وغالباً ما تجد المرأة أنه ليس أمامها من سبيل إﻻ قبول عمل يفتقر إلى اﻷمن الوظيفي الطويل اﻷجل أو تحيط به ظروف تنطوي على مخاطر، أو دخولها في نشاط إنتاجي منزلي يفتقر إلى الحماية، أو بقاؤها عاطلة عن العمل. وتدخل نساء كثيرات سوق العمل حيث يلتحقن بوظائف يدفع لقاءها أجر أقل من أعبائها الحقيقية أو يبخس قدرها وذلك سعياً منهن إلى تحسين دخل أسرهن المعيشية؛ بينما يقرر بعضهن الهجرة سعياً وراء هذا الهدف. ونظراً إلى أن عمل المرأة ﻻ يقابله خفض في المسؤوليات الأخرى المنوطة بها، فإن محصلته تكون زيادة جملة العبء الواقع على عاتقها.
‎20‏- وعند وضع سياسات وبرامج الاقتصاد الكلي والاقتصاد الجزئي، بما فيها سياسات وبرامج التكيف الهيكلي، ﻻ يراعى دائما ما يترتب عليها من آثار على المرأة والطفلة، وبخاصة المرأة والطفلة اللتان تعيشان في فقر. ولقد زادت معدﻻت الفقر من حيث أرقامها المطلقة والنسبية، وزاد عدد النساء اللائي يعشن في حالة فقر في معظم المناطق. وثمة نساء فقيرات كثيرات يعشن في الحضر، إﻻ أن محنة المرأة الفقيرة القاطنة في الريف وفي المناطق النائية تستحق اهتماماً خاصاً، أخذاً بعين الاعتبار الركود الحاصل في عملية التنمية في هذه المناطق. وفي البلدان النامية، بما فيها البلدان التي تنبئ مؤشراتها الوطنية عن حدوث تحسن، ما فتئت أغلبية الريفيات يعشن في ظروف التخلف الاقتصادي والتهميش الاجتماعي.
‎21‏- والمرأة شريك رئيسي في الاقتصاد وفي مكافحة الفقر سواء بعملها المأجور أو غير المأجور الذي تضطلع به في البيت وفي المجتمع المحلي وفي مكان العمل. وقد استطاع عدد متزايد من النساء تحقيق استقلاله الاقتصادي عن طريق العمل المدر لعائد.
‎22‏- كما أن ربع اﻷسر المعيشية في أنحاء العالم ترأسه نساء، ويعتمد كثير من اﻷسر المعيشية على الدخل الذي تتكسبه المرأة حتى مع وجود الرجل. وتلك اﻷسر المعيشية التي تتحمل مسؤوليتها النساء هي في اﻷغلب اﻷعم من أشد اﻷسر فقراً بسبب التمييز في اﻷجر، وأنماط التمييز الوظيفي في سوق العمل، وغير ذلك من الحواجز القائمة على أساس التمييز بين الجنسين. وثمة أيضاً عناصر أخرى تسهم في زيادة عدد اﻷسر المعيشية التي تتحمل مسؤوليتها النساء ومنها التفكك الأسري، وتحركات السكان بين المناطق الريفية والحضرية داخل البلدان، والهجرة الدولية، والحروب، وعمليات التشريد الداخلي.
‏‎23- وإقراراً بأن إحلال السلم والأمن وصيانتهما شرطان أساسيان لتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي، تتجه النساء بشكل متزايد إلى إثبات أنفسهن باعتبارهن صاحبات دور رئيسي، بصفات مختلفة، في حركة الإنسانية الساعية إلى تحقيق السلم. وتعتبر مشاركتهن الكاملة في عمليات صنع القرار واتقاء النزاعات وحلها، وسواها من مبادرات السلم كافة، شرطاً ﻻ غنى عنه لتحقيق السلم الدائم.
‎24‏- وللدين والقيم الروحية والعقيدة دور رئيسي في حياة الملايين من النساء والرجال وفي طريقة عيشهم وفي طموحاتهم في المستقبل. والحق في حرية الفكر والعقيدة والدين حق غير قابل للتصرف ويجب أن يتمتع به الجميع. ويشمل هذا الحق حرية الفرد في أن يكون له دين وحريته في اعتناق الدين أو المعتقد الذي يختاره بمفرده أو بالاشتراك مع آخرين، وبصفة علنية أو في السر، وإظهار دينه أو معتقده بالتعبّد وإقامة الشعائر والممارسة والتلقين. ولتحقيق المساواة والتنمية والسلم فإنه من الضروري احترام هذه الحقوق والحريات احتراماً كاملاً. ويمكن أن يساهم الدين والعقيدة والمعتقد في الوفاء بالاحتياجات المعنوية والأخلاقية والروحية للمرأة والرجل وتحقيق كامل إمكانياتهما في المجتمع. بيد أن من المسلّم به أن أي شكل من أشكال التطرف يمكن أن يؤثر سلباً على المرأة ويمكن أن يؤدي إلى العنف والتمييز.
‎25‏- وﻻ بد أن يعمل المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة على زيادة سرعة العملية التي بدأت رسميا في سنة ‎1975‏، التي أعلنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة دولية للمرأة. ولقد كانت هذه السنة نقطة تحول من حيث أنها وضعت قضايا المرأة على جدول الأعمال. ثم جاء عقد الأمم المتحدة للمرأة (‎1976-‏‎‏‎1985‏) في هيئة جهد عالمي النطاق يرمي إلى دراسة مركز المرأة وحقوقها وإشراكها في عملية صنع القرار على جميع المستويات. وفي عام ‎1979‏، اعتمدت الجمعية العامة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، التي بدأ سريانها في عام ‎1981‏، والتي وضعت المعايير الدولية للمساواة المقصودة بين الرجل والمرأة. وفي عام ‎1985، اعتمد المؤتمر العالمي لاستعراض وتقييم منجزات عقد الأمم المتحدة للمرأة: المساواة والتنمية والسلم استراتيجيات نيروبي التطلعية للنهوض بالمرأة، على أن يتم تنفيذها بحلول عام ‎2000‏. وقد أمكن بالفعل تحقيق إنجازات مهمة في سبيل تحقيق المساواة بين المرأة والرجل. واتجه كثير من الحكومات إلى سن تشريعات تبتغي تعزيز المساواة بين المرأة والرجل، وأنشأ آليات وطنية تكفل استيعاب المنظورات المتعلقة بالمساواة بين الجنسين في شتى قطاعات المجتمع. وركزت الوكالات الدولية أيضاً قدراً أكبر من الاهتمام على مركز المرأة والأدوار التي تضطلع بها.
‎26‏- وكانت القوة المتنامية لقطاع المنظمات غير الحكومية، ﻻسيما منظمات المرأة والجماعات المنادية بالمساواة بين الجنسين واحدة من القوى الدافعة للتغيير. فقد لعبت المنظمات غير الحكومية دوراً بالغ الأهمية في مجال الدعوة لتنفيذ التشريعات أو إنشاء الآليات التي تكفل تقدم المرأة. وأصبحت هذه المنظمات أيضاً جهات حفازة ﻻتباع نهج جديدة للتنمية. وفي الآونة اﻷخيرة أقر عدد متزايد من الحكومات بأهمية الدور الذي تضطلع به المنظمات غير الحكومية وأهمية التعامل معها من أجل إحراز التقدم. ومع ذلك ﻻ تزال الحكومات في بعض البلدان تفرض قيوداً على المنظمات غير الحكومية بما يحد من قدرتها على العمل بحرية. وقد تسنى للمرأة، من خلال المنظمات غير الحكومية، تقديم مساهمات مهمة وممارسة تأثير قوي في المحافل الأهلية والوطنية والإقليمية والعالمية، وفي المناقشات الدولية.
‏‎27‏- ومنذ عام ‎1975‏، تزايدت المعارف المتصلة بمركز كل من المرأة والرجل، وما زالت تسهم في زيادة الأعمال التي تهدف إلى تحسين المساواة بينهما. وأمكن في عدة بلدان تحقيق تغيرات مهمة في العلاقة بين الرجل والمرأة، خاصة حيثما تحقق تقدم كبير في تعليم المرأة وحدثت زيادة مهمة في مشاركتها في قوة العمل المأجور. ويجري بصورة تدريجية تجاوز حدود تقسيم العمل بين الجنسين إلى أدوار إنتاجية وأدوار إنجابية، وبدأت النساء يدخلن تدريجيا في مجاﻻت العمل التي كانت حكراً في السابق على الرجال، كما بدأ الرجال يقبلون تدريجياً القيام بمسؤولية أكبر تدخل في نطاق المهام المنزلية، بما في ذلك رعاية الطفل. ومع ذلك فإن التغيرات التي طرأت على اﻷدوار التي تضطلع بها المرأة جاءت أكبر وأسرع بكثير من التغيرات التي طرأت على اﻷدوار التي يقوم بها الرجل. وفي كثير مـن البلدان، ﻻ تزال بعيدة عن القبول فكرة أن الفروق بين منجزات وأنشطة الرجال والنساء هي نتيجة ﻷدوار للجنسين مبنية على اعتبارات اجتماعية وليس على فروق بيولوجية ثابتة.
‎28‏- وعلاوة على ذلك، نجد أنه بعد ‎‏عشر سنوات من انعقاد مؤتمر نيروبي، ﻻ تزال المساواة بين الرجل والمرأة بعيدة عن التحقيق. فالمرأة تمثل، في المتوسط، نسبة ﻻ تزيد عن ‎10‏ في المائة من جميع المشرعين المنتخبين في كافة أنحاء العالم، كما أنها ﻻ تزال ممثلة تمثيلاًً منقوصاً في معظم الهيئات الإدارية الوطنية والدولية، عامة وخاصة. وﻻ تمثل الأمم المتحدة استثناء من ذلك. فبعد خمسين سنة على إنشائها، ﻻ تزال الأمم المتحدة تحرم نفسها من فوائد اضطلاع المرأة بمهام قيادتها وذلك بتمثيلها المنقوص على مستويات صنع القرار داخل الأمانة العامة وفي الوكالات المتخصصة.
‏‎29‏- وللمرأة دور حاسم في الأسرة. والأسرة هي الوحدة الأساسية في المجتمع، ولذلك ينبغي تعزيزها، ومن حقها أن تلقى الحماية والدعم الكاملين. وتوجد أشكال مختلفة للأسر في النظم الثقافية والسياسية والاجتماعية المختلفة. ويجب احترام حقوق أفراد الأسرة وقدراتهم ومسؤولياتهم. وتساهم المرأة مساهمة كبيرة في تحقيق الرفاه للأسرة وفي تنمية المجتمع غير أن هذه المساهمـة ﻻ تزال غير معترف بها وﻻ تؤخذ في الاعتبار أهميتها الكاملة. وينبغي الاعتراف بالأهمية الاجتماعية للولادة وللأمومة ولدور الوالدين في الأسرة وفي تنشئة الأطفال. وتستلزم تنشئة الأطفال المشاركة في تحمّل الوالدين للمسؤولية وكذلك المرأة والرجل والمجتمع ككل. ويجب أﻻ تشكل الولادة والأمومة والأبوة ودور المرأة في اﻹنجاب أساساً للتمييز وﻻ تعوق مشاركة المرأة مشاركة كاملة في المجتمع. وينبغي كذلك الاعتراف بالدور الهام الذي غالباً ما تضطلع به المرأة في مجتمعات كثيرة في رعاية بقية أفراد أسرتها.
‎30‏- وفي الوقت الذي يتجه فيه معدل نمو سكان العالم إلى الانخفاض، يتجه عدد سكان العالم إلى التزايد بالأعداد المطلقة بدرجة لم تحدث من قبل، بحيث تقترب الزيادات الراهنة في سكان العالم من ‎86‏ مليون شخص سنويا. وثمة اتجاهان ديمغرافيان آخران يتركان آثارا عميقة على معدﻻت الإعالة داخل الأسرة. ففي كثير من البلدان النامية يبلغ عدد السكان ممن تقل أعمارهم عن ‎15‏ عاماً نسبة تتراوح بين ‎45‏ و50 ‏ في المائة، بينما يتجه عدد كبار السن من السكان، ونسبتهم، إلى التزايد في البلدان الصناعية. ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة فإنه بحلول عام ‎2025‏ سيمثل عدد السكان الذين تزيد أعمارهم عن ‎60 عاما ممن يعيشون في البلدان النامية نسبة ‎72 في المائة من مجموع السكان، وسيكون أكثر من نصفهم من النساء. والمرأة هي الطرف الرئيسي الذي يقع على كاهله بشكل غير متناسب رعاية الأطفال والمرضى وكبار السن بسبب عدم المساواة والتوزيع غير المتوازن للعمل المأجور وغير المأجور بين المرأة والرجل.
‏‎31‏- ويواجه كثير من النساء عوائق خاصة تنجم عن وجود عوامل معاكسة مختلفة بالإضافة إلى العوائق المتصلة بمسألة الجنسين. وفي أغلب اﻷحيان تؤدي هذه العوامل المعاكسة إلى عزل هؤلاء النساء أو تهميشهن فينكر ما لهن من حقوق الإنسان، ويفتقرن إلى الحصول على التعليم والتدريب المهني والعمل والإسكان وتحقيق الاكتفاء الاقتصادي الذاتي، أو يحرمن من ذلك، ويستبعدن من عمليات صنع القرار. وتحرم هؤلاء النساء من فرصة مشاركتهن في مجتمعاتهن كجزء من تياره الرئيسي.
‎32‏- كذلك، شهد العقد الماضي اعترافاً متزايداً بالمصالح والشواغل المميزة للمرأة المنتمية إلى السكان الأصليين، التي تؤدي هويتها وتقاليدها الثقافية وأشكال التنظيم الاجتماعي الخاصة بها إلى تعزيز دورها في المجتمعات المحلية التي تعيش بين ظهرانيها. وتواجه هذه المرأة في معظم اﻷحيان عوائق ترجع إلى كونها امرأة من ناحية، ومنتمية إلى مجتمعات السكان الأصليين من ناحية أخرى.
‏‎33- وفي السنوات العشرين الماضية، شهد العالم ثورة في ميدان الاتصالات. ومع التطورات الحاصلة في تكنولوجيا الحاسوب والسواتل (اﻷقمار الصناعية) واستخدام الكابل في الإرسال التلفزيوني، تتزايد الإمكانيات العالمية للحصول على المعلومات ويتسع نطاقها، بما يهيئ فرصاً جديدة لمشاركة المرأة في ميداني الاتصالات ووسائط الإعلام في مجال نشر المعلومات المتعلقة بالمرأة. بيد أن شبكات الاتصالات العالمية استخدمت في نشر اﻷفكار النمطية والصور المهينة للمرأة لأغراض تجارية واستهلاكية ضيقة. وإلى أن تتاح للمرأة إمكانية المشاركة على قدم المساواة في المستويات التقنية والمتعلقة بصنع القرار في مجالي الاتصال ووسائط اﻻعلام، بما في ذلك الفنون، سيستمر تقديمها بصورة مسيئة وسيظل هناك دائماً نقص في فهم حقيقة الحياة التي تعيشها المرأة. ولوسائط اﻹعلام إمكانات كبيرة لتعزيز النهوض بالمرأة والمساواة بين المرأة والرجل عن طريق تصوير المرأة والرجل بطريقة غير نمطية ومتنوعة ومتوازنة، واحترام كرامة الإنسان وقيمته.
‎34‏- وكثيراً ما يكون لتدهور البيئة المستمر الذي يؤثر في حياة جميع البشر وقع مباشر بدرجة أكبر على المرأة. فصحة المرأة ومعيشتها يهددهما التلوث والنفايات السمية وانحسار الغابات الواسع النطاق والتصحر والجفاف ونضوب التربة والموارد الساحلية والبحرية، مع حدوث ارتفاع متزايد في المشاكل الصحية المتصلة بالبيئة، التي تصل إلى حد الموت، التي يبلغ عن حدوثها بين النساء والبنات. وأكثر هؤلاء تأثراً هن النساء الريفيات من السكان المحليين، اللائي تتوقف حياتهن ومعيشتهن اليومية على النظم الإيكولوجية المستدامة، مباشرة.
‏‎35- وثمة علاقة متبادلة بشكل وثيق بين الفقر وتردي البيئة. وبينما يتسبب الفقر في أنواع معينة من اﻹجهاد البيئي فإن السبب الرئيسي في استمرار تدهور البيئة في العالم هو أنماط الإنتاج والاستهلاك غير المستدامة، وﻻ سيما في البلدان الصناعية، وهي مسألة تثير قلقاً كبيراً، وتزيد من حدة الفقر واختلال التوازن.
‏‎36‏- وقد أدت الاتجاهات في العالم إلى إحداث تغييرات عميقة في استراتيجيات وهيكل بقاء الأسرة. وازدادت الهجرة من الريف إلى المدينة زيادة كبيرة في جميع المناطق. ويتوقع أن عدد سكان الحضر في العالم سيصل إلى ‎47‏ في المائة من مجموع السكان بحلول عام ‎2000. كما قدر أن عدد المهاجرين واللاجئين والمشردين يبلغ ‎125 مليون نسمة، يعيش نصفهم في البلدان النامية. ولهذه التحركات السكانية الكبيرة عواقب عميقة بالنسبة لهيكل الأسرة ورفاهها، كما أن لها عواقب متفاوتة بالنسبة للنساء وللرجال، بما في ذلك استغلال النساء جنسياً في كثير من الحالات.
‎37‏- واستنادا إلى تقديرات منظمة الصحة العالمية، بلغ العدد التراكمي لحالات متلازمة نقص المناعة المكتسب (الإيدز) 4,5 مليون حالة حتى مطلع عام ‎1995‏. كما قُدر عدد الرجال والنساء والأطفال الذين أصيبوا بفيروس نقص المناعة البشرية منذ أن شخص ﻷول مرة ‎19,5 مليون نسمة، وقد حسب بالإسقاط أن ‎20 مليوناً آخرين سيصابون بالعدوى حتى نهاية هذا العقد. واحتمال تعرض المرأة للإصابة، بين الحالات الجديدة، هو ضعف احتمال تعرض الرجل لها. ففي المرحلة اﻷولى من وباء الإيدز، لم تصب النساء بهذا المرض بأعداد كبيرة؛ بيد أنه أصبح يوجد اﻵن ‎8‏ ملايين امرأة مصابة. والنساء الشابات والمراهقات هن أكثر تعرضاً بوجه خاص. ويقدر أن عدد النساء اللواتي سيصبن بهذا المرض حتى عام ‎2000 سيبلغ 13 مليون امرأة، كما سيبلغ عدد المتوفيات نتيجة لحالات متصلة بمرض الإيدز ‎4‏ ملايين امرأة. وبالإضافة إلى هذا، يقدر أن حوالي ‎250 مليون حالة جديدة من حالات الإصابة بالأمراض التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي تحدث كل سنة. ومعدل انتقال تلك اﻷمراض، ومن بينها فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، هو في ازدياد بين النساء والفتيات بنسبة تدعو إلى القلق، وبخاصة في البلدان النامية.
‎38‏- ومنذ عام ‎1975‏، تولدت معرفة ومعلومات هامة عن مركز المرأة والظروف التي تعيش فيها. فخلال دورتها الحياتية بكاملها، تحد من وجود المرأة اليومي ومطامحها الطويلة اﻷجل مواقف تمييزية وهياكل اقتصادية واجتماعية ظالمة ونقص في الموارد في معظم البلدان، مما يحول دون مشاركتها الكاملة وعلى قدم المساواة. وفي عدد من البلدان، توحي ممارسة انتقاء جنس الوليد قبل ولادته، وارتفاع معدل الوفيات بين الفتيات الصغيرات السن للغاية، وانخفاض معدﻻت القيد في المدارس بالنسبة للبنات بالمقارنة بالبنين، بأن "تفضيل الابن" يحد من حصول الطفلة على الغذاء والتعليم والرعاية الصحية، بل وعلى الحياة ذاتها. ويبدأ التمييز ضد المرأة منذ أولى مراحل حياتها ولذلك يجب معالجته منذ ذلك الوقت فصاعداً.
‏‎39‏- وطفلة اليوم هي امرأة الغد. ومهارات الطفلة وأفكارها وطاقتها حيوية لبلوغ أهداف المساواة والتنمية والسلم بالكامل. ولكي تنمي الطفلة إمكاناتها الكاملة فإنها تحتاج إلى الترعرع في بيئة تمكينية تُلبي حاجاتها الروحية والذهنية والمادية من أجل البقاء والحماية والتنمية وتصون المساواة لها في الحقوق. وإذا كان للنساء أن يصبحن شريكات على قدم المساواة مع الرجال في كل درب من دروب الحياة والتنمية فقد حان اﻵن وقت الاعتراف بما للطفلة من كرامة إنسانية ومن قيمة، وكفالة تمتعها الكامل بحقوق الإنسان والحريات الأساسية ومن بينها الحقوق المكفولة بموجب اتفاقية حقوق الطفل[13] التي يوجد إلحاح شديد للتصديق العالمي عليها. ومع هذا فثمة دليل على نطاق العالم على وجود تمييز وعنف ضد البنات يبدآن منذ أولى مراحل حياتهن ويستمران بلا كابح طيلة حياتهن. فكثيراً ما تكون فرص حصولهن على التغذية والصحة البدنية والصحة العقلية والتعليم أقل من الفرص المتاحة للبنين، والحقوق والفرص والمزايا التي يحصلن عليها في طفولتهن ومراهقتهن أقل كذلك. وكثيراً ما يتعرضن لأشكال مختلفة من الاستغلال الجنسي والاقتصادي، والانجذاب الجنسي نحو الأطفال، والبغاء الإجباري، والاتجار بأعضائهن وأنسجتهن، والعنف والممارسات الضارة ومن قبيلها وأد الإناث، واختيار جنس الوليد قبل الولادة، ومسافحة المحارم، وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث، والزواج المبكر الإجباري، بما في ذلك زواج الأطفال.
‎40‏- وتقل أعمار نصف سكان العالم عن ‎25‏ سنة، ويعيش معظـم شباب العالم أكثر من ‎85 في المائة في البلدان النامية، ويجب أن يقر واضعو السياسات بالآثار المترتبة على هذه العوامل الديمغرافية. وﻻ بد من اتخاذ تدابير خاصة تكفل حصول الفتيات على المهارات المعيشية اللازمة للمشاركة النشطة والفعالة في جميع مستويات القيادة الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية. ومن الأمور ذات الأهمية الحاسمة أن يظهر المجتمع الدولي التزاماً جديداً من أجل المستقبل - التزاما باستحثاث الجيل الجديد من الرجال والنساء على العمل جنباً إلى جنب ﻹقامة صرح مجتمع أكثر عدﻻً. ويجب على هذا الجيل الجديد من القادة أن يقبل ويروج عالماً ﻻ يتعرض فيه الأطفال للظلم والقمع والإجحاف، عالماً، ينمو فيه الطفل/الطفلة بكل حرية، حسب إمكاناته/إمكاناتها. ولذا يجب أن يكون مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة جزءاً ﻻ يتجزأ من عملية التنشئة الاجتماعية.