عبدالله بن مسعود
رضي الله عنه
صاحب السَّواد
" ما أعرف أحدا أقرب سمتا ولا هديا ودلا بالنبي صلى الله عليه وسلممن ابن أم عبد "
حذيفة بن اليمان
مـن هــو ؟
هو عبدالله بن مسعود بن غافل الهذلي ، وكناه النبي صلى الله عليه وسلم أبا عبدالرحمـن مات أبوه في الجاهلية ، وأسلمت أمه وصحبت النبي صلى الله عليه وسلم لذلك كان ينسب
الى أمه أحيانا فيقال ( ابن أم عبد ) وأم عبد كنية أمه -رضي الله عنهما-
أول لقاء مع الرسول
يقول -رضي الله عنه- عن أول لقاء له مع الرسول
صلى الله عليه وسلم ( كنت غلاما يافعا أرعى غنما لعقبة بن أبي مُعَيْط ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلموأبو بكـر فقالا ( يا غلام ، هل عندك من لبن تسقينـا ؟) فقلت ( إني مؤتمـن ولست ساقيكما ) فقال النبـي صلى الله عليه وسلم( هل عندك من شاة حائل ، لم يَنْزُ عليها الفحل ؟) قلت ( نعم ) فأتيتهما بها ، فاعتقلها النبي ومسح الضرع ودعا ربه فحفل الضرع ، ثم أتاه أبو بكر بصخرة متقعّرة ، فاحتلب فيها فشرب أبوبكر ، ثم شربت ثم قال للضرع ( اقْلِص ) فقلص ، فأتيت النبي بعد ذلك فقلت ( علمني من هذا القول ) فقال ( إنك غلام مُعَلّم )
اسلامه
لقد كان عبدالله بن مسعود من السابقين في الاسلام ، فهو سادس ستة دخلوا في الاسلام ، وقد هاجر هجرة الحبشة وهجرة المدينة ، وشهد بدرا والمشاهد مع الرسول
صلى الله عليه وسلم وهو الذي أجهز على أبي جهل ، ونَفَلَه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفَ أبي جهل حين أتاه برأسه

وكان نحيل الجسم دقيق الساق ولكنه الايمان القوي بالله الذي يدفع صاحبه الى مكارم الأخلاق ، وقد شهد له النبـي
صلى الله عليه وسلم بأن ساقه الدقيقة أثقل في ميزان الله من جبل أحد ، وقد بشره الرسـول صلى الله عليه وسلم بالجنة

فقد أمر النبي
صلى الله عليه وسلم ابن مسعود فصعد شجرةً وأمَرَه أن يأتيه منها بشيء ، فنظر أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ساقه حين صعد فضحكوا من حُموشَةِ ساقه ، فقال النبيصلى الله عليه وسلم( مَمّ تضحكون ؟ لَرِجْلُ عبد الله أثقلُ في الميزان يوم القيامة من أحُدٍ )
جهره بالقرآن
وعبد الله بن مسعود -رضي اللـه عنه- أول من جهر بالقرآن الكريم عند الكعبة بعد رسول اللـه
صلى الله عليه وسلم اجتمع يوماً أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا ( والله ما سمعت قريشُ هذا القرآن يُجهرُ لها به قط ، فمَنْ رجلٌ يُسمعهم ؟) فقال عبد الله بن مسعود ( أنا ) فقالوا ( إنّا نخشاهم عليك ، إنّما نريدُ رجلاً له عشيرة تمنعه من القوم إن أرادوه ) فقال ( دعوني فإنّ الله سيمنعني ) فغدا عبد الله حتى أتى المقام في الضحى وقريش في أنديتها ، حتى قام عبد الله عند المقام فقال رافعاً صوته

بسم الله الرحمن الرحيم
( الرّحْمن ، عَلّمَ القُرْآن ، خَلَقَ الإنْسَان ، عَلّمَهُ البَيَان )
فاستقبلها فقرأ بها ، فتأمّلوا فجعلوا يقولون ما يقول ابن أم عبد ، ثم قالوا ( إنّه ليتلوا بعض ما جاء به محمد ) فقاموا فجعلوا يضربونه في وجهه ، وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ ، ثم انصرف إلى أصحابه وقد أثروا بوجهه ، فقالوا ( هذا الذي خشينا عليك ) فقال ( ما كان أعداء الله قط أهون عليّ منهم الآن ، ولئن شئتم غاديتهم بمثلها غداً ؟!) قالوا ( حسبُكَ قد أسمعتهم ما يكرهون )
حفظ القرآن
أمر النبي
صلى الله عليه وسلمعبد الله بن مسعود أن يقرأ عليه فقال (اقرأ علي) قال (يا رسول الله أقرأعليك وعليك أنزل ؟) فقال صلى الله عليه وسلم (إني أحب أن أسمعه من غيري) قال ابن مسعود فقرأت عليه من سورة النسـاء حتى وصلت الى

قوله تعالى
( فكَيْفَ إذَا جِئْنَـا مِنْ كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيـد وجِئْنَـا بِكَ عَلى هَـؤلاءِ شَهِيـداً ) (النساء/41)
فقال له النبي
صلى الله عليه وسلم ( حسبـك) قال ابن مسعود ( فالتفت اليه فاذا عيناه تذرفان )

كان ابن مسعود من علماء الصحابة -رضي الله عنهم- وحفظة القرآن الكريم البارعين ، فيه انتشر علمه وفضله في الآفاق بكثرة أصحابه والآخذين عنه الذين تتلمذوا على يديه وتربوا ، وقد كان يقول ( أخذت من فم رسـول اللـه
صلى الله عليه وسلم سبعين سورة لا ينازعني فيها أحد ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم(استقرئـوا القرآن من أربعة من عبـدالله بن مسعود وسـالم مولى أبى حذيفة وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل ) كمـا كان يقول ( من أحب أن يسمع القرآن غضاً كما أُنزل فليسمعه من ابن أم عبد )

قيل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( استخلفتَ ) فقال ( إنّي إنْ استخْلِفُ عليكم فعصيتم خليفتي عُذّبتُم ، ولكم ما حدّثكم به حُذيفة فصدِّقوه ، وما أقرأكم عبد الله بن مسعود فاقْرَؤُوه )

وحين أخذ عثمان بن عفان من عبد الله مصحفه ، وحمله على الأخذ بالمصحف الإمام الذي أمر بكتابته ، فزع المسلمون لعبد الله وقالوا ( إنّا لم نأتِكَ زائرين ، ولكن جئنا حين راعنا هذا الخبر ) فقال ( إنّ القرآن أُنزِلَ على نبيّكم
صلى الله عليه وسلم من سبعة أبواب على سبعة أحرف ، وإنّ الكتاب قبلكم كان ينزل -أو نزل- من باب واحد على حرف واحد ، معناهما واحد )

يتبع