[align=justify]
أنا امامكم ايها السادة أمثل مبدأ. وقضية. وهزيمة. المبدأ هو سيادة الشعب. القضية هي الامبراطورية. الهزيمة هي واترلو. المبدأ اعترفتم به. القضية كنتم في خدمتها. الهزيمة تريدون الانتقام لها.... لا أنتظر منكم عدالة. ولن استجديها من سامحتكم\". ( تصريح لويس نابليون امام المحكمة). \" بين كل قاض ومتهم يقوم حَكَم دائم لا يمكن تجنبه\" ( بيريه محامي لويس نابليون). اذا كنتم لا تستطيعون ان تكونوا نزهاء تحت سيطرة وضغط قانون سياسي كيف يمكن اذن ان تكونوا قضاة\" ( بيريه) \" اكثر الرجال حيوية, أكثرهم شعورا بما تفرضه عليهم الواجبات, وايمانا ووفاء لما التزموا به من افكار, هم من ُينظر اليهم على انهم متمردون ومواطنون سيئون, وهم الاكثر عرضة للاتهام والملاحقة\" (بيريه). العودة منا لدعاوى قديمة لماذا؟ لأن ثائق مداولات واحكام وقرارات القضاء تسجل وقائع تاريخية مهمة , وتعطي مصداقية كبرى لرواية احداث التاريخ. كما تعكس حضارة وثقافة الشعوب وطرق تفكيرها, والقوانين والاعراف السائدة فيها في مراحل معينة. ومنها يتبين تطور القوانين والعقوبات, وطرق تنظيم العلاقات داخل الدولة وعلاقاتها مع الخارج. فتاريخ القضاء في فرنسا خلال 5 قرون يسجل دعاوى وقضايا كبرى , منها ما اشتهر بنزاهته, ومنها ما كان مجال جدل, ومنها ما كان مشوبا بأخطاء قضائية اشرنا لبعضها في مقالات سابقة ومنها مقالنا \" في ادبيات القضاة\". واعادة ذكرها في ايامنا هذه ليس بقصد اعادة الحقوق لمن فقدها, ولا الحياة لمن فارقها, ولا للعن من كان السبب, فهذه امور لا تخطر بطبيعة الحال بعقل عاقل. وانما لأخذ الدروس والعبر من التاريخ, والتمعن في تجارب السابقين من بني البشر. لا يُفهم القضاء جيدا: تنظيمه, مهامه, تطوره, وحتى مشاريع اصلاحه, الا بالعودة لتاريخه, ولوثائق محاكمه, وللتاريخ بشكل عام. فمثلا لفهم الإجراءات الجزائية inquisitoire في القانون الجزائي الفرنسي, والتطورات اللاحقة, لابد من العودة للتاريخ القضائي في فرنسا في القرون الثلاثة الاخيرة من العصور الوسطى ( الاجراءات inquisitoire هي الاجراءات السرية غير المكتوبة وغير الوجاهية. في حين ان الاجراءات accusatoire هي اجراءت مكتوبة وعلنية , ووجاهية. والقاضي فيها لا يملك اية سلطة تحقيق, ويحكم فقط بمقتضى العناصر المقدمة امامه من قبل اطراف الدعوى). وصولا الى ما يجري العمل علÙ �ه حاليا : إجراءات inquisitoire في مرحلة التحقيق و accusatoire في مرحلة الحكم. و للاستيعاب الجيد لمفهوم العقوبات وانواعها, لابد من الاطلاع على التطور الكبير من نظام المحاكمة بالتعذيب ordalie والدليل الالهي , وحكم الله, الذي تخلت عنه الكنيسة عام 1215. والمبارزة القضائية المنتهي في القرن 14 , مرورا بنظام العقوبات الجسدية التي كان يتفنن بدرجات وحشيتها, وصولا الى مفهوم العقوبات و تطبيقها في ايامنا هذه. لابد اذن من التاريخ, أو شيء من التاريخ. ساهم المحامون, المبرزون, ورجال القانون مساهمة كبيرة في كتابة هذا التاريخ, في مرافعاتهم التي كان لها الاثر الكبير في اصدار الاحكام والقرارات التي تصدرها المحاكم بأنواعها ودرجاتها على النحو الذي تصدر به. كما كان لهذا اثره العميق في توجهات المشرعين وصياغة القوانين . ليس هدفنا هنا الحديث, أو بعضه, عن العوامل العديدة التي قادت وتقود لتطور المجتمعات والشعوب والدول وانظمتها, وانما اردنا فقط الاشارة الى ان تاريخ القضاء, كما بينا, يعكس بصدق القيم السائدة في مجتمع معين في مرحلة معينة. ومن هنا يبدو لنا من المفيد الاشارة لمرافعات في دعاوى وقضايا كبرى امام المحاكم الفرنسية ليس فقط لأهمية ومكانة الاشخاص الذين مثلوا امامها, ولخطورة الاتهام وجرأة الدفاع, وانما كذلك للإشارة لطبيعة المرافعات التي يختلط فيها , أحيانا كثيرة, القضائي بالسياسي. والنزوع الدائم للسياسي لإرضاخ القضائي. لقد سبق ان عرضنا مرافعة فيكتور هيØ �و في الغاء عقوبة الاعدام. ومرافعات في قضية لويس السادس عشر. ونرى ان نضيف هنا مرافعات في دعوى لويس نابليون. مرافعات في دعوى شارل لويس نابليون بونابرت نبذة موجزة عن المتهم في الدعوى المذكورة شارل لويس نابليون بونابرت ( 1808/04/20 ــ 1873/12/09 ) أمير فرنسي وامير هولندي بالولادة: الابن الثالث للويس بونابرت ملك هولندا. والدته Beauharnais Hortense ابنة الامبراطورة Joséphine . ابن اخ الامبراطور نابليون الاول الذي كتب لأخيه مهنئا \" اهنئك بولادة ابنك الثالث وارغب ان يُسمى هذا الامير : شارل نابليون\". اصبح شارل نابليون الوريث على العرش الامبراطوري بعد موت اخيه البكر عام 1831 واخيه دوقReichstadt (نابليون الثاني) عام 1832. قام بمحاولة انقلابية فاشلة في 30 اكتوبر 1836 ابعد بعدها الى الولايات المتحدة الامريكية. في 6 اوت 1840 قام بمحاولة انقلاب أخرى كان مصيرها كسابقتها, ولكن تم ايقافه هذه المرة وتمت محاكمته التي سنتعرض لها, وحكم عليه بالسجن المؤبد. استطاع الفرار من سجنه في عام 1846 ليقيم في لندن. وقد اعلن الجنرال كيبير Gubière المكلف بحقيبة الحرب عن هذه المحاولة بقوله: \" انتهكت عصابة من المتآمرين القادمين من موانئ بريطانيا بأمرة شارل لويس نابليون بونابرت, بعد العفو الذي صدر بشأنه, مع عدد قليل من مثيري الاضطرابات, حرمة التراب الوطني, فتجرأوا على الانتشار في ساحة بولونيا ح املين راية التمرد. وقد تم ردهم الى الامواج التي كانت قد تقيأتهم على شواطئنا. القي القبض على بعض انصار بونبارت, وقتل بعضهم وغرق الاخرون. \" (مشار اليه في كتاب P. Milza نابليون الثالث). من الازمة الاقتصادية التي بدأت عام 1847 ولدت ثورة 22 ـ 24 عام 1848 التي اسفرت عن خلع الملك لويس فيليب. في 10 ديسمبر 1848 انتخب شارل لويس نابليون بونابرت اول رئيس للجمهورية بفرنسا باقتراع عام بنسبة 57% . وفي 2 كانون الثاني 1851 اعد انقلابا على حكومته للاحتفاظ بسلطاته قبل انتهاء فترة رئاسته. في 21 ـ22 1851 تم اقرار النظام الجديد وابقاء السلطات بيد لويس نابليون باستفتاء وبنتيجة 7 ملايين صوتا بنعم ضد 60000 صوت بلا. في 2 ديسمبر 1852 اصبح شارل لويس نابليون امبراطورا واخذ اسم نابليون الثالث, وبدأت الامبراطورية الثانية من 1852 الى 1870. انتهى نظامه اثر هزيمته في الحرب الفرنسية البروسية عام 1870. عام 1873 توفي شارل لويس نابليون بونابرت في بريطانيا. تصريح لويس نابليون امام المحكمة: بعد محاولة الانقلاب الفاشل على النظام الملكي ليلة 5 اوت 1840 القي القبض على لويس نابليون بونابرت وجرت محاكمته امام محكمة باريس Chambre des pairs . وسنشير هنا لتصريحه اثناء محاكمته ثم الى مرافعة محاميه برييه Berryer . واخيرا لرسالة شكر لويس نابليون للمحامي المذكور. بدأ لويس نابليون تصريحه بالقول: \" للمرة الاولى في حياتي سُمح لي اخيرا بإعلاء صوتي والتحدث بحرية في فرنسا. رغم الحرس المحيط بي, ورغم الاتهامات التي سمعتها للتو, فاني أرى هنا بين جدران مجلس الشيوخ هذا ,(مكان محاكمته), الكثير من ذكريات طفولتي الاولى, وبينكم انتم الذين اعرفكم . ايها السادة لا اعتقد اني بحاجة هنا للتعريف بنفسي, ولا اعتقد بانكم تستطيعون ان تكونوا قضاتي. ولكنها مناسبة علنية لأشرح لمواطني سلوكي, و نواياي, و اهدافي, هذا ما اعتقد انه باستطاعتي. اُذكّر بهذه المناسبة المفتوحة لي, دون استعلاء ولكن دون ضعف, بما وضعته الامة من حقوق بأيدي عائلتي. هذا فقط للتذكير بما تفرضه هذه الحقوق علينا من واجبات تجاه الامة. منذ 50 عاما ومنذ ترسخ مبدأ سيادة الشعب في فرنسا وفي العالم بفضل القوة العظمى للثورة, لم تكن مطلقا الارادة القومية معلنة ومكرسة ومعبر عنها بالاستفتاءات العامة العديدة والحرة, ودون معارضة, في تبني دساتير الامبراطورية مثلما كان الحال عليه آنذاك. لم تلغ الامة مطلقا عقد سيادتها, وقد اعلن الامبراطور \" كل ما يتخذ خارج سيادة الامة هو غير مشروع\". احتفظوا باعتقادكم باني كنت مدفوعا بطموحات شخصية, وباني, رغم عدم رغبة فرنسا, حاولت اعادة الامبراطورية اليها. لقد تربيت على الدروس الكبرى, وعشت في ظل انبل الامثلة. والدي تنازل عن العرش, دون اسف, في اليوم الذي قدر فيه بانه من المستحيل التصالح مع مصالح فرنسا ومصالح الشعب الذي دعاه للحكم. عمي الامبراطور فضل التنازل عن الامبراطورية على ان يقبل بمعاهدات تضيق حدود فرنسا وتعرضها للاحتقار والازدراء والتهديد الخارجي, مثلما هو الحال اليوم الابعاد الفظ وغير المستحق الذي عوملت به خلال 25 عاما من حياتي, من المسيرة نحو العرش حيث, ولدت, الى السجن الذي منه اليوم خرجت , امور اتعبتني, ولكنها لم تستطع ان تجعلني يوما خارج الكرامة, غريبا عن المجد, بعيدا عن الحقوق وعن مصالح فرنسا . سلوكي وقناعاتي تبرهن على ذلك. عندما استعاد الشعب الفرنسي عام 1930 سيادته اعتقدت, غداة هذا الفتح, انه سيكو ن ميمونا, كالفتح نفسه, وان اقدار فرنسا قد تحددت نهائيا. ولكن البلد عرف تجربة حزينة في اعوامه العشرة الاخيرة. اعتقدت ان تصويت اربعة ملايين مواطن لعائلتي تفرض علينا على الاقل واجب استدعاء الامة و استجواب ارادتها. اعتقدت انه ان ظهرت , خلال المؤتمر الوطني الذي اردت الدعوة اليه, بعض المطالبات , سيكون عندي حينها حق ايقاظ الذكريات المضيئة في الامبراطورية, والتحدث عن الاخ البكر للإمبراطور, هذا الرجل صاحب القيم , الذي كان جدير قبلي بالميراث, هو اليوم مستضعف ومنسي في مؤتمر الملو ك. كانت فرنسا عندها قوية في الداخل قوية في الخارج ومحترمة. نهاية الآمنا وخصوماتنا تتبع القرار الحر لفرنسا, جمهورية اكانت, ام ملكية ,ام امبراطورية. فيما يتعلق بأهدافي اكرر بان لا يوجد لي شركاء. لقد عزمت على ما قررته وحيدا, لا يعرف احد مقدما مشاريعي ومصادري ولا آمالي. فاذا كنت مجرما ضد أحد فذلك فقط تجاه اصدقائي. مع ذلك لا يتهمونني باني تجاوزت حدود الشجاعة و الوفاء تجاههم. انهم يتفهمون الاهداف النبيلة والحذر الذي يسمح لهم بان يكتشفوا بأنفسهم كم هي نبيلة وعميقة اهدافي, وكم كان الأمل بالنجاح كبيرا. الكلمة الاخيرة ايها السادة: أنا امامكم أمثّل مبدأ , وقضية, وهزيمة. المبدأ هو سيادة الشعب. القضية هي الامبراطورية. الهزيمة هي واترلو. المبدأ اعترفتم به. القضية كنتم في خدمتها. الهزيمة تريدون الانتقام لها. لا. لا يوجد خلاف بيني وبينكم. ولا استطيع الاعتقاد بان اكون منذورا لتحمل عقوبة اخلال الاخرين بواجباتهم. كممثل لقضية سياسية, لا اقبل ان تكون محاكمة اهدافي واردتي وافعالي من قبل محكمة سياسية. هيئتكم هذه لا ينخدع بها أحد. في الصراع المفتوح لا يوجد الا منتصر ومهزوم, لا اتنظر منكم عدالة. كما لا أريد استجدائها من سماحتكم. مرافعة محامي الدفاع اما م المحكمة المذكورة. اختار لويس نابليون بونابرت محام للدفاع عنه هو السيد برييه Berryer رغم علمه ان هذا الاخير ملكي ومن اشد انصار الملكية التي اراد لويس الانقلاب عليها. برييه ( 1770 ـ 1868 ) رجل سياسة ومحام ببداية متواضعة , اصبح, بعد تشجيع والده المحامي, من المع محامي عصره. ملكي التوجه ولكنه ليبرالي, مدافع عن حرية الصحافة وعن الحقوق المقدسة للملوك. وكان من غير المعقول ان يختاره لويس نابليون للدفاع عنه وهو المعروف بأفكاره المتناقضة كلية مع افكار موكله لولا ايمانه بنزاهته واستقلاله المهني. انتُخب برييه عضوا في الاكاديمية الفرنسية عام 1855 , وكان معارضا قويا لنظام موكله ال ذي اصبح فيما بعد, كما اشرنا أعلاه, رئيسا للجمهورية ثم امبراطورا. وعند الزيارة الرسمية لهذا الاخير للأكاديمية الفرنسية طلب برييه اعفاءه من حضور استقبال الامبراطور مقدما ذريعة ان من غير الملائم ان يجد لويس نابليون الامبراطور نفسه أمام من كان محاميه. ( يا لروعة المحاماة حين يكون الفكر مستقلا. والارادة حرة. والضمير المهني محركا ومرشدا. والجرأة في قول الحق نبراسا. والشرف رادعا). بدأ بيريه مرافعته كما يلي: \" قبل قليل اعلن النائب العام \" انها دعوى حزينة ومؤسفة\" وانا ايضا لا استطع المشاركة في هذه المرافعات دون كشف الانعكاسات الاليمة في قلبي . اي بؤس ألم ببلد عرف في سنوات قليلة هذا العدد من الثورات العنيفة المتتالية, قالبة كل شيء رأسا على عقب بما فيها الحقوق التي كان ينادى بها. وهذا ما القى الشك عميقا في القلوب والعقول, وفي الشعور بالواجبات !! ماذا!! في مدة لا تتجاوز حياة انسان واحد.!!. لقد خضعنا للجمهورية , ثم للإمبراطورية, ثم لعودة الملكية, ولملكية 7 جويليه. قبول هذه الحكومات المنقلب بعضها على بعض بسرعة الم يكن على حساب حيوية ونقاء الضمائر وكرامة ال انسان, على حساب طاقة الانسان. وحتى على حساب سيادة القانون؟. (ململمة في قاعة المحكمة). الاحساس الذي انتابني, واسمحوا لي ببوحه: عندما تتعاقب مثل هذه الاحداث على شعب الا يصبح عندها صحيحا ان أكثر الرجال حيوية, اكثرهم شعورا بما تفرضه عليهم الواجبات, وايمانا ووفاء لما التزموا به من افكار, هم من ينظر اليهم على انهم متمردون ومواطنون سيئون؟. ويصبحون الاكثر تعرضا للاتهام والملاحقة؟. اما اولئك الذين يبقون في تلك الثورات المتعددة خاملي التفكير ضعفاء القلوب, لا يؤمنون باي مبدأ, اليس هم من يقيّمون على انهم مواطنين صالحين ومخلصين شرفاء؟. من اجل كرامة العدالة, المعتدى عليها. ايها السادة لا تدينوا بتهمة جريمة ما هو ليس بجريمة. من الواقع الاجتماعي هذا, قد يتألم ويتأثر رجال الدولة, والمفكرون. والاخلاقيون, ويرون ان من واجبهم التنبيه اليه. اما رجال العدالة, قضاة ومحامون ,عندما يرون انفسهم في مثل هذه الدعاوى السياسية, وهذه الاتهامات الجنائية, حين تكون حياة انسان موضوع نظر, عليهم عندها واجب التسلح بالحقيقة والشجاعة, والاعتراض بشدة وحيوية قبل الموافقة على ارضاء مطالب المجتمع والسلطة بالانتقام... الواجب الذي فُرض علي اليوم كنت اقوم به منذ بداياتي في المهنة. عام 1815 جرت ملاحقات قضائية لوزراء لم يعترفوا بحقيقة النظام الملكي, ولم يكونوا اوفياء لكيانه, واقتيدوا امام المحاكم. رجال نزلوا في فرنسا مع نابليون بعد هزيمة واترلو ونجوا من الكارثة. لقد تبنيت طيلة حياتي المبادئ القائلة بحق الدفاع. كنت عنيدا وجادا في اعتقادي بان المشهد المعروض تحت ناظري يقوى من يوم لأخر. ومع اني ملكي, فقد دافعت عن رجال بقوا على ولائهم للإمبراطور. لإنقاذ حياتهم, لقد كنت أرجع للأحداث, للقوانين, للمعاهدات, للأفعال, حتى لأخطاء الحكومة, وعليه فان قضاة الملك قد برءوا حينه ا الجنرال كامبرون . شرّف اليوم المتهم استقلالي وطيب نيتي بثقته, طالبا مني الدفاع عنه, مع اني في موقع فكري مختلف عن موقعه كليا, وسوف لا يراني اخون هذه الثقة مطلقا. الاسئلة التي تثيرها هذه الدعوى تلامس بعمق نقاط اساسية في نضالنا السياسي. اطمأنوا ايها السادة فسوف لا اتطرق لها الا من الزاوية التي انتم مدعوون للنظر فيها هنا, من الزاوية القضائية فقط. في 6 اوت الماضي خرج الامير لويس بونابرت من لندن دون ان يعلن عن اغراضه, عن قراراته. كان مصحوبا بعدد من الرجال موضع ثقته واعتماده. ابحر واقترب من السواحل الفرنسية. وعلى ارضها اصدر قراره المعلن ان بيت اورليان Orléans توقف عن الملك. وبان الغرف قد حُلّت, وبان مؤتمرا وطنيا سيُعقد. وبان رئيس الوزراء سيصبح رئيسا للحكومة المؤقتة. كل هذه الافعال تم اعترافه بها. وانتم مدعون للحكم فيها. ولكني اسألكم: بالوضع الشخصي للأمير لويس نابليون, بعد الاحداث التي مرت على فرنسا , والتي هي الان محل نظركم, وبوجود مبادئ اعلنتموها , وبموجبها استدعيتم القوانين السائدة في البل اد. ولكن هل أفعال, واهداف الامير نابليون, وقراراته, تشكل عناصر اجرامية تسمح لكم بإمكانية اعلانه مجرما وادانته قضائيا؟. هل الامر متعلق بتطبيق, على مواطن متمرد ومقتنع بالتمرد, احكام القانون الجنائي؟. الامير فعل شيئا اخر: لقد فعل اكثر من القدوم لمهاجمة الوطن الذي جعله مجرما بحق الشعب الفرنسي: لقد جاء يعارض سيادة بيت اورليان, جاء الى فرنسا ليطالب بحقوق عائلته وسيادتها, وبمقتضى نفس المبدأ السياسي الذي على اساسه اقمتم الملكية الحالية. في هذه الحالة الامر بالنسبة لكم هو النطق بقرار بين مبدأين اشتد الصراع بينهما وتعمق وانتشر الاضطراب الذي مزق بلدنا خلال 50 عاما. اليس الدفاع عن المبدأ المهيمن حاليا على كل السلطات في فرنسا, لتطبيق القوانين الموجودة ضد المبدأ الاخر المعارض مشكلة بحد ذاتها. كلمتين لشرح ذلك: طالما امراء فرع بربون Bourbon (عائلة بيت بربون تنقسم الى فرعين : بيت بربون بإسبانيا ونحدر من لويس الرابع , و بيت اورليان في فرنسا المنحدر من لويس الثامن.) يقيمون على العرش, فان السيادة في فرنسا تقيم في شخص الملك. وتم نقلها له بنظام ودون فوضى وباعتراف الجميع, ووطدت نفسها فوق كل ادعاءات جميع المنافسين, بقوانين اساسية, لا يستطيع احد مهما كان مخالفتها. وهكذا توطد الحق السيادي واصبح في الوقت نفسه العنوان والضمان لكل حقوق المواطنين في الدولة, وذلك بفعل الزمن وبعامل الدين...
[/align]