ورقة عمل مقدمه إلى المنظمة العربية للتنمية الإدارية

المؤتمر الدولي الأول لقانون الإنترنت

21-25 اغسطس2005

إعداد
عثمان سعيد المحيشي
ماجستير في القانون العام

قاضي محكمة سرت الابتدائية


[glow=000000]مقدمة :[/glow]

الإيميل هو البريد الإلكتروني ، وهو يختلف عن البريد التقليدي الذي لا يعدو كونه ملكاً للغير ومودع أسرار وممتلكات . أما الإيميل ( البريد الإلكتروني ) فهو أكثر من ذلك بكثير ، حيث يمتزج بشخص صاحبه ؛ فعلاوة على أن الاستيلاء عليه يمثل اعتداء على ملك الغير وانتهاكا لحرمة أسراره ، فهو انتحال لشخصيته ، ذلك أن من أخطر النتائج المترتبة على الاعتداء على الإيميل هو أن الجاني يستعمله في مخاطباته ومراسلاته مع الغير باالإ سم الذي يعرف به صاحب الإيميل .

ولكن هل التشريعات الحالية بإمكانها معالجة وضبط هذا النوع من الجرائم المستحدثة ؟ وهل بالإمكان تطويع هذه النصوص لتنبسط على الوقائع المستحدثة؟ وفي حالة إصدار تشريع معاصر لذلك ، فما هي الأسس والجذور القانونية لهذا التشريع ؟ وما هي التدابير الاحترازية للوقاية والتخفيف من مخاطر هذا النوع من الجرائم ؟

في هذه العجالة سوف أقدم محاولة متواضعة لمعالجة ذلك في النقاط الآتية :-

مبحث أول : التكييف القانوني لجريمة السطو على الإيميل في التشريعات التقليدية.

مبحث ثان : الأساس القانوني لتجريم السطو على الإيميل.

مبحث ثالث : إجراءات الضبط الإداري لمكافحة الجريمة .

خاتمة .

آملاً أن يكون هذا الجهد المتواضع خالصاً لوجه الكريم .




الباحث


[glow=000000]المبحث الأول

التكييف القانوني لجريمة السطو على الإيميل في التشريعات التقليدية[/glow]


إن واقعة الاعتداء على البريد الإلكتروني تشكل العديد من الجرائم المبينة نصاً في قانون العقوبات ؛ وهي تتعدد بتعدد غرض الجاني ( القصد الجنائي ) وسلوكه الإجرامي ، فهو فعل واحد إلا أن الجرائم تتعدد وتتنوع ، سواء كانت لدافع إجرامي واحد أم لدوافع متعددة . فبمجرد وقوع الاختراق تتحقق جريمة انتهاك الحرمة ، فكما لا يجوز الدخول إلى المساكن والسيارات وتفتيش الحقائب ، لا يجوز أيضاً الدخول إلى البريد الإلكتروني، وبما أن هذه الانتهاكات تمثل جرائم يعاقب عليها القانون ؛ فإن اختراق البريد الإلكتروني يمثل جريمة يعاقب عليها القانون . أما إذا استعمل الجاني البريد الإلكتروني وهو خاص بالغير على اعتبار أنه هو صاحبه خصوصا في مخاطباته مع الغير أو توجيه أو استقبال مراسلات عليه فهو يعتبر انتحال للشخصيه , حيث أن الإيميل - كما تقدم ذكره - يرقى ليتمازج مع شخص صاحبه ,إذ أن العلاقات المميزة للبريد إلكتروني عن غيره هي ذاتها التي تميز الشخص الطبيعي في العالم الإلكتروني,إذ يعرف الشخص بمسمي بريده الإلكتروني , ومن ثم يكون الجاني قد استعمل اسم الشخص صاحب البريد الإلكتروني (المجني عليه) وانتحل شخصيته في العالم الإلكتروني , وهذه الجريمة هي ذاتها الجريمة المنصوص عليها في المادة 355 عقوبات والتي تنص علي : ( يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة كل من ضلل الغير بانتحال شخصية أخرى لتحقيق منفعة لنفسه أو للغير أو لإلحاق ضرر بآخرين ، أو انتحل لنفسه أو لغيره اسماً مزوراً أو صفة كاذبة أو انتحل صفة تترتب عليها آثار قانونية ، كل هذا ما لم يكن الفعل جريمة أشد ضد الثقة العامة ) أما إذا اختلس الجاني أشياء أخرى أو ممتلكات موجودة فإنها إضافة إلي ما ذكر تمثل جريمة سرقة إذا ما اكتملت فيها الأركان , وفي بعض الأحيان لا تقتصر المسؤولية على الجاني بل تتعداه إلى الغير ، وذلك عندما تقع الجريمة من داخل مقهى إنترنت على سبيل المثال ، أو من غير صاحب الخط الخاص ، عندها تكون المسؤولية مسؤولية مركبة ، ليست مقتصرة على الجاني فقط - كما سبق بيانه - ، فإن القانون الذي ينظم نشاط مقاهي الإنترنت هو القانون التجاري ، سواء من حيث ضرورة الالتزام باستصدار ترخيص ، أو من حيث مسك الدفاتر التجارية ، إذ ألزمت المادة من القانون التجاري الليبي - على سبيل المثال – ضرورة مسك دفترين ، أحدهما دفتر الجرد والميزانية ، والآخر دفتر اليومية، وهذا الأخير مهم جداً ، إذ من الأحوال اليومية المتعلقة بمحل الإنترنت تسجيل الزبائن ، وساعة الحضور والانصراف ، وغيرها من البيانات التي تقلل من وقوع الجرائم الإلكترونية وتساعد كثيراً في ضبطها .
وإذا ما التزم صاحب ألنت بهذه الدفاتر فإنه لا يحمل المسؤولية ، فإذا ما حدث جرم مما ذكر ،- إذا لم يقم بذلك – فإن المسؤولية التقصيرية تلحقه ، وهي يترتب عنها إلزامه بالتعويض .