لا يخفى على الجميع, النظرة الاجتماعية الدونية النابذة, للمرأة العاملة في بعض المجالات, ومنها المجال القانوني, الذي هو محط اهتمامي, كوني طالبة قانون. حيث أن الفكر السائد يرفض عمل السيدة في أي مجال تخالط فيه إخوانها الرجال, حتى في حيز لا يتعدى ما تقتضيه ضرورة العمل, والتي بطبيعة الحال لا تتجاوز الحديث في صلب الموضوع أو القضية مع الطرف الآخر (الرجل), ولو رجعنا للقياس من وجهة النظر الاجتماعية, فإن ذلك لن يتجاوز ثقافة (المكاسرة), التي تقوم بها جميع النسوة في المتاجر بمختلف أنواعها, مع البائعين للوصول لأدنى سعر للبضاعة المشتراة.

وباعتقادي الجازم الذي تؤيده الشواهد, أن الجميع يتقبل جدل المرأة مع الرجال إذا كان يخدم جيوب أرباب الأسر, فلم لا نتقبله والهدف حينه رفع الظلم وإحقاق الحق, والأخذ بيد المظلوم حتى ننصفه من الظالم, وهذا باعتقادي أسمى وأرقى من توفير بضعا من الريالات.
ولنجلي الصورة أكثر تبعا للقاعدة الفقهية (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح)، فنحن بعملنا هذا ندرأ الكثير من المفاسد، فعلى سبيل المثال 50 امرأة يعملن كوسيط بين 1000 امرأة و10 رجال, خير من أن تكون الألف امرأة كلهن يخالطن العشرة رجال, مخالطة لا يدرين فيها, هل جميع ما يطلب منهن هو من مقتضيات العمل أم لا، هنا تظهر أهمية وجود دراية بمهام وواجبات العمل الإجرائي, وهذا لا يتحقق إلا بتواجد باحثات قانونيات يخدمن المجتمع, ويخدمن نسوته على الوجه الأخص.
وبعمل مسح بسيط, قد لا يتطلب أكثر من الاطلاع على نماذج من ملفات القضايا في عدد من المحاكم, سنجد بلا أدنى شك, أن معظم القضايا تخص النساء, وهذه القضايا ليست بالتأكيد قضايا إجرامية تضطلع المرأة بارتكابها, وإن وجد فتلك ندرة نادرة، وإنما هي قضايا حقوق ممتهنة أو مسلوبة من تلك المسكينة، وقد تتجاوز ذلك إلى ارتكاب ما يسمى بالفعل جريمة ترتكب ضدها أو ضد أطفالها، والمرأة والحال كذلك لا خيار لها سوى اللجوء إلى المؤسسات القضائية, فهي مجبرة على ارتياد المحاكم ومكاتب الاستشارات القانونية, ومكاتب المحاماة والدوائر الحكومية، كل هذه الأماكن، دفاعا عن حقوقها, ورفعا للظلم الواقع عليها.
فلماذا نقف مع الظروف ضدها, وندفع بها إلى الهاوية, ونرغمها بذلك على التعامل مع الرجال دون أدنى إلمام منها بما ينبغي فعله, ودون علم منها بما سيئول إليه حديثها, وما النتائج المترتبة على ذلك من وجهة النظر القانونية. وخلاف ذلك مما فد تتعرض له من مساومات رخيصة, ممن خانوا الله وخانوا أماناتهم, من قبل بعض العاملين في تلك الدوائر (وإن كانوا ولله الحمد قليل), ومع كل تلك الملابسات فلن تجد المرأة من يمثلها بصدق أكثر من امرأة مثلها, تعي معاناتها وتتلمس جراحاتها, وتدافع عنها بحماس, حتى تأخذ لها حقها وهي مهابة مصونة.
ولا يفوتني أن أشير إلى وعي القيادة السعودية العليا, حين منحت الصلاحيات لجامعاتنا باعتماد تخصصات لم يكن لها وجود, مثل القانون والإدارة المالية وغيرها، هذه التخصصات فرضت أهميتها طبيعة الحياة, وتبادل الثقافات بين الشعوب, ومتطلبات العولمة التي جعلت من العالم قرية صغيرة, يسهل التأثير والتأثر بها في أي مكان.


مقال رائع للأخت إيمان _ إحدى طالبات القانون بجامعة الملك سعود _ شاركت به في مجلة نبضنا

http://www.cksu.com/ob_mag/?c=125&a=1363