الجامعات المصرية خارج التصنيف الدولى
الجامعات المصرية خارج التصنيف الدولى
في ظل غياب الجودة وضعف الأداء
الإداري الجامعات المصرية خارج التصنيف الدولي
تحقيق وجيه الصقار
تساؤلات كثيرة أثارها خلو قائمة أفضل جامعات العالم من أي جامعة مصرية.. البعض قال: لماذا تراجعت جامعاتنا وخرجت من المنافسة بينما نتحدث كل يوم عن التطوير ورفع مستوي الجودة؟ هل السبب أن خطط التطوير لا تنفذ فعليا أم أنها تحتاج الي تطوير؟
الخبراء رصدوا الأسباب ورسموا خريطة طريق لخروج الجامعات من بوتقة التراجع والغياب عن قوائم الأفضل عالميا!
في البداية نوضح ان أحدث تقرير دولي نشر منذ أيام ويضم قائمة بأسماء أفضل200 جامعة في العالم والملاحظ أنه خلا من أي جامعة مصرية أو عربية, مما يكشف عن أن هناك خللا واضحا في الآداء التعليمي بمصر يلمسه كل دارس أو أستاذ في هذا الهيكل التعليمي نتيجة سوء الإدارة وانعدام الجودة, وتخريج طلاب لا يصلحون لسوق العمل فضلا عن غياب الجامعات المصرية عن النظم المتقدمة عالميا.
يوضح الدكتور فاروق فهمي مدير مركز تطوير العلوم الأسبق بجامعة عين شمس قائلا: إن هناك دولا في قائمة الدول النامية حققت ما لم نستطع أن نحققه في هذا المجال للأسف فهناك جامعتان لسنغافورة في الترتيب30 و73 وجامعة ماليزية في الترتيب180, وأخري بجوب أفريقيا(146) وأخريين بالهند(163 ـ181) واللافت للنظر أن هناك3 جامعات إسرائيلية, في القائمة(102 و114 و132), في الوقت الذي نتحدث فيه بمصر عن التطوير والجودة والاعتماد, وتصرف المليارات علي تنفيذ خطط هذا التطوير دون مردود حقيقي يظهر حتي في المستوي العلمي أو البحثي.
وأشار مدير المركز السابق إلي أن هناك سبعة أسباب وراء تخلفنا الجامعي عن المستويات العالمية أولها ما يخص المؤتمرات الدولية التي تعقد بالخارج وهي منفذ الاحتكاك الدولي والنهوض بمستوي عضو هيئة التدريس بالجامعة عالميا وهي أحد المعايير المأخوذ بها في الترتيب العالمي, والمؤسف أن الجامعات المصرية تحرم عضو التدريس من مكافآت الجودة والزائد عن نصاب أيام حضوره من أسبوع لعشرة أيام, ولا تدفع الجامعة الا مساهمات محددة في نفقات السفر ليتحمل العضو كل شيء علي نفقته الشخصية رغم ضعف دخله الجامعي بل إنه يعاقب علي جهده بحرمانه من السفر بجواز السفر الحكومي الذي يعفيه من دفع رسوم التأشيرات الباهظة, ومتاعب طوابير السفارات التي تبدأ من الصباح الباكر, بل والحد من السفر في المهمات العلمية أو للحصول علي درجات علمية من الخارج نظرا لضعف الميزانيات.
الترقيات
وأضاف أن السبب الثاني يرجع لنظام الترقيات الموجود حاليا والذي أضاع أهمية الأستاذية, ونتج عنه انخفاض عدد المدارس العلمية في الجامعات المصرية فقد تم اختزال الأمر في بضع أوراق تقدم للجان لترصد الدرجة العلمية فتحولت بالتالي الي كنترولات لرصد وجمع الدرجات, وأوضح أن السبب الثالث يرجع لوجود خلل بالهياكل الأكاديمية للأقسام, وبذا لا يمكن أن تتحقق الجودة فأصبح عدد الأساتذة فيها يفوق أضعاف المعيدين, وهو نظام لا مثيل له في العالم, والسبب الرابع يرجع لضعف مرتبات أعضاء هيئة التدريس, مما يجعلهم غير متفرغين لأداء مهامهم ومشغولين متطلبات الحياة الأساسية لهم وأسرهم والألتحاق بأعمال أخري في نفس الوقت أو حتي فتح مكاتب خاصة.
ويضيف د. فاروق فهمي أن السبب الخامس للتخلف الجامعي يرجع إلي ضعف الأمكانات البحثية المتمثلة في قلة الأجهزة والمواد والمراجع البحثية الحديثة, بل وعدم توافر أجهزة الكمبيوتر بالأعداد الكافية ويتمثل السبب السادس في تخلف كثير من البرامج والمقررات الدراسية وطرق التدريس والوسائل التي تركز علي الحفظ والتلقين, حتي أصبح الممتحن يطلب نموذج إجابة مع ورقة الامتحان, مما يعني إلغاء الجودة, وتنميط فكر الطالب الجامعي الذي يعتقد أن التفوق يعتمد علي الحفظ والتلقين مما يقضي تماما علي المبدعين والموهوبين, وفضلا عن ذلك فإن السبب السابع يعود لسوء توزيع الطلاب حسب المجموع دون مراعاة ميولهم وقدراتهم مما يضع الطالب في غير مكانه السليم والمناسب لإمكاناته.
ويؤكد د. فاروق فهمي أن هذه المعوقات التعليمية والبحثية بالجامعات المصرية تحد من مستوي الجودة التعليمية برغم أن الدولة تنفق عليها المليارات من جيوب دافعي الضرائب دون أن ننهض بالتعليم أو نحقق أي إصلاح فيه ويتساءل: وأين هي إدارة الجودة التي نزعم أننا نطبقها لإصلاح وتحديث التعليم؟ ويؤكد أننا في حاجة للتغلب علي السلبيات والمعوقات الإدارية والفنية.
التصنيفات الثلاثة
ومن جانبه يؤكد د. علي شمس الدين نائب رئيس جامعة بنها أن الجامعات المصرية لم تدخل التصنيفات العالمية الثلاث لاختبار أفضل الجامعات فالتصنيف الأول في الملحق التعليمي لمجلة التايمز البريطانية بالتعاون مع شركات متخصصة في بحوث التعليم ويرتكز تصنيفها للجامعات في العالم علي أساس الأبحاث والرسائل الجامعية وإدارة الأعمال واستطلاع آراء متخصصين بالتعليم والدراسة بالخارج ويصل عددهم إلي3 آلاف أكاديمي متميز علي مستوي العالم لاختيار الجامعة الأفضل بنسبة40% اعتمادا علي نشاطها العالمي وشهرة العاملين بها, ومدي ارتفاع نسبة الطلبة الأجانب والأساتذة الأجانب بها وتخصص المجلة10% لرأي مؤسسات توظيف الخريجين في العالم و5% لنسبة الطلبة الأجانب, و5% للأساتذة الأجانب و20% للبحث العلمي والفكر الإبداعي, وهي جميعها محاور مهمة في استراتيجية التلعيم التي يجب أن تدخل محاور التعليم في مصر والتي لم تدخل بعد بؤرة الاهتمام لتطوير نظم تكنولوجيا المعلومات, وتنمية مشروعات البحث العلمي وتحويلها لمستوي المنافسة وإدارة الأعمال.
ويضيف أن التصنيف الثاني هو ويبوماتريك الأسباني وفيه جاءت جامعة القاهرة في الترتيب1600 والجامعة الأمريكية بالقاهرة في الترتيب1200 بينما ترتيب مصر السادس علي الوطن العربي والثامن علي أفريقيا, ويعتمد التصنيف علي معايير خاصة بالموقع الألكتروني وتكنولوجيا المعلومات وشبكة المعلومات أما التصنيف الثالث وهو تصنيف شنغهاي فيعتمد علي معايير أساسية مثل: النشر العلمي والجوائز التي حصل عليها أساتذة الجامعة أو خريجوها وترصد40% علي الفكر العلمي واستخدام البحوث كمرجع و20% للعلوم الاجتماعية و20% لمن حصلوا علي جائزة نوبل من العاملين بالجامعات و10% للحاصلين عليها من خريجيها و10% أخري في ترجيع التميز في العدد النموذجي لأعضاء هيئة التدريس.
ويري الدكتور علي شمس الدين أن ميزانية التعليم العالي تعتبر من أكبر مشكلاته فالاعتماد السنوي له لا يتعدي11 مليار جنيه وهو أكبر مبلغ وصلت اليه مؤخرا بينما دولة مثل فرنسا وهي تقاربنا في عدد السكان تعتمد ما يعادل400 مليار جنيه للتعليم الجامعي وتعتمد انجلترا مبلغا مقاربا في حين يتكلف الطالب لدي الأخيرة في العام نحو5 آلاف جنيه استرليني يقابلها لنظيره المصري5 آلاف جنيه مصري أي ما يساوي20 مرة من المصروفات الطالب المصري, ويعتبر هذا المبلغ ضئيلا لتخريج طالب موهوبا يتدرب علي أحدث الأجهزة العالمي مع تطبيق المناهج في مجالات العمل والسوق.
نتيجة متوقعة!
أما الدكتور شريف عمر رئيس لجنة التعليم بمجلس الشعب فيؤكد أن النتيجة لأفضل الجامعات في العالم متوقعة تماما لأسباب خارج إمكانات الجامعة المصرية كما أن جامعة هارفارد وهي في التريب الأول ـ في التصنيف الأخير الذي يضم200 جامعة عالمية ـ هي جامعة أهلية وغير حكومية ولا تهدف للربح وتتوافر لديها كل الإمكانات, وكذلك فإن دولة مثل تركيا تعتمد كليا علي جامعات أهلية مدعمة من المجتمع المدني وبها نحو152 جامعة.
وأضاف أن المشكلة لدينا هي أن الحكومة لا تستطيع أن تفعل كل ذلك, وهذه الانجازات تحتاج جهدا مجتمعيا وإيمانا بأهمية التعليم لتحقيق نهضة كاملة علي كل المستويات بما فيها الجامعات.. وهذا بالتأكيد يبدأ منذ السنوات الدراسية الأولي بالتهوين بالتعليم وتطوير المناهج ليصل للجامعة طالب وباحث متميز, وكان ذلك متبعا من قبل في ظل وجود أوقاف يتجه ريعها لمجالات التعليم, ويكفي أن جامعة النيل الأهلية التي لاقت هجوما هي جامعة أهلية وكذلك الجامعة الأمريكية.
وأشار د. شريف عمر إلي أن النهوض بالجامعات لا يأتي فجأة ولكن بتكاتف الجهود مع ضرورة استقلال الجامعات إداريا وأقتصاديا لتصبح مؤسسات أكاديمية تهدف إلي التعليم الحقيقي والبحث العلمي وأن تتحول إلي بيوت خبرة. وهذه كلها أدوات معروفة وكلن ينقصها التنفيذ.
