مقابلة مع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بخصوص دارفور
44698
السنة 133-العدد
2009
ابريل
23
27 من ربيع الاخر 1430 هـ
الخميس
جريدة الأهرام
المدعي العام للمحكمة الجنائية
الدولية يفتح ملفاته أمام الأهرام:
تحقيقات دارفور جرت طبقا لنظام
المحكمة ونراقب أنشطة25 دولة في العراق
حوار اجرته : هند السيد هاني
هل أدلة إدانة الرؤساء العرب دائما ما تكون متوافرة اذا ما ظهرت حاجة سياسية لها؟ وهل أدلة إدانة اسرائيل دائما ما تكون غير كافية مهما بلغت جسامة الجريمة؟! لماذا البشير وليس بوش؟ ولماذا السودان وليست إسرائيل؟!
وفي حوار لـ الأهرام
يجيب لويس مورينو أوكامبو المدعي العام بالمحكمة ولورانس بلايرون المتحدثة باسم المحكمة عن تلك الاسئلة
* هل زرت دارفور محل القضية المزعومة؟ أو أرسلت لجنة تقصي حقائق الي هناك؟
أوكامبو:
** منذ بدء التحقيق حول الوضع في دارفور, قام مكتبي بجمع شهادات ودلائل خلال مهمات بلغ عددها105 وأجريت في18 دولة, من بينها خمس مهمات في الخرطوم لمقابلة ممثلي الحكومة والقضاء السوداني علي نطاق واسع, وخلال التحقيق, تفحصت حقائق مجرمة ومبرئة باستقلالية ونزاهة.
فيما يخص الإجراءات التي قام بها مكتبي ضد عمر البشير وكذلك ضد أحمد هارون وعلي كوشيب, فإننا اعتمدنا في المقام الأول علي:
(1) إفادات وشهادات أدلي بها شهود عيان وضحايا الهجمات في دارفور.
(2) لقاءات مسجلة لمسئولين بالحكومة السودانية.
(3) شهادات أدلي بها أشخاص علي علم بأنشطة المسئولين وممثلي الحكومة السودانية وبميليشيا جنجويد في الصراع في دارفور.
(4) وثائق ومعلومات أخري مدت بها حكومة السودان بناء علي طلب من الادعاء.
(5) تقرير لجنة تحقيق الأمم المتحدة ومواد أخري مدت بها اللجنة المذكورة.
(6) تقرير اللجنة الوطنية السودانية للتحقيق ومواد أخري مدت بها اللجنة المذكورة.
(7) وثائق ومواد أخري تم الحصول عليها من مصادر مفتوحة.
* هل تلقيت أي مساعدة من أي دولة غربية لاتهام البشير؟ وما هي هذه الدولة؟!
أوكامبو:
مكتبي يقوم بتحقيقاته طبقا لنظام روما الأساسي, الذي يحكم عمل المحكمة, وبناء علي سياسة المقاضاة فإن هذه التحقيقات تركز علي الأفراد الذين يتحملون المسئولية الأكبر في أكثر الجرائم خطورة, وهذه التحقيقات تفضي الي تحديد أي الحالات ـ في موقف ما ـ سيتم التحقيق فيها ومقاضاتها.
ومن خلال هذه العملية فقط ـ عقب الأدلة ـ تم تحديد السيد البشير للتحقيق معه ومقاضاته.
* لماذا لم تتخذ إجراءات مماثلة إزاء الجرائم الإسرائيلية في غزة حيث استخدمت أسلحة فسفورية محظورة دوليا ضد المدنيين؟ وكذلك إزاء المذابح الواقعة في الكونجو وسريلانكا علي سبيل المثال؟ والرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الذي ارتكب جرائم ضد الإنسانية في أفغانستان والعراق؟
أوكامبو:
في الواقع, أول تحقيق علي الإطلاق فتحته من خلال منصبي كمدع عام, تركز علي الجرائم الخطيرة التي ارتكبت في الكونجو, واليوم هناك ثلاثة متهمين تم اعتقالهم وتسليمهم الي لاهاي, حيث بدأت المحاكمة بالفعل.
في حالة العراق, نحن حللنا أنشطة مواطنين ينتمون لـ25 دولة طرفا متورطة في العراق, ولقد تلقيت أكثر من300 رسالة تتعلق بالوضع في غزة, والتقيت بممثلين من السلطة الوطنية الفلسطينية أعدوا إعلانا بمقتضي المادة12(3) من نظام روما بقبول سلطة المحكمة, وبشكل طبيعي, فإن مكتبي ينظر في كل المعلومات ومن بينها القادمة من مصادر مفتوحة, ويقوم مكتبي بفحص متأن لكل القضايا ذات الصلة والتي تدخل في سلطة المحكمة, ومن ضمنها مسألة ما اذا كان الاعلان المذكور أعلي مطابقا للمتطلبات القانونية, وما اذا كانت الجرائم المزعومة تدخل ضمن نطاق الجرائم التي قام بتعريفها نظام روما الأساسي, وعلي نحو مشابه, نحن نقوم بمراقبة حالات في أفغانستان, وكينيا وكولومبيا وجورجيا.
* كيف تمت إجراءات إصدار أمر الاعتقال ضد الرئيس السوداني عمر البشير؟!
** بلايرون:
بناء علي طلب من المدعي العام, أصدرت الغرفة1 من الشعبة التمهيدية قبل المحاكمة بالمحكمة الجنائية الدولية أمر الاعتقال ضد عمر البشير في4 مارس2009, وهذه الغرفة مكونة من ثلاثة قضاة هم: أكوا كيو نيهي رئيس الغرفة, من غانا أنيتا أوساكا من لاتفيا وسيلفيا ستاينر من البرازيل.
القضاة اتخذوا قرارهم بالأغلبية بعد تحليل متأن للأدلة المقدمة في طلب المدعي العام( هناك نسخة معدة للطباعة ومتاحة للاطلاع عليها علي موقع المحكمة علي شبكة الإنترنت).
* لماذا لم تتخذ إجراءات مشابهة إزاء الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة حيث استخدمت الأسلحة الفسفورية المحرمة دوليا ضد المدنيين؟ وكذلك إزاء المذابح الواقعة في الكونجو وسريلانكا علي سبيل المثال؟ والرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الذي ارتكب جرائم ضد الإنسانية في أفغانستان والعراق؟!
** بلايرون:
طبقا لنظام روما الأساسي, فإن المحكمة تمارس سلطاتها القضائية لو تمت إحالة قضية إليها من جانب( أ) دولة عضو بالمحكمة( ب) مجلس الأمن( جـ) أو أن يبدأ المدعي العام تحقيقا بمبادرة منه.
إضافة الي ذلك, فإن سلطة المحكمة القضائية تقتصر في الحالة( أ) والحالة( ب) علي الجرائم التي ترتكب علي الأراضي الوطنية أو من جانب مواطني دول أعضاء في نظام روما الأساسي, أو تلك الدول التي قبلت بسلطة المحكمة بالإعلان عن قبولها, وأعضاء المحكمة يبلغ عددهم108 حتي الآن.
الي جانب ذلك, فإن المحكمة الجنائية الدولية تنظر حاليا في أربع حالات في إفريقيا( جمهورية الكونجو الديمقراطية, وأوغندا وجمهورية وسط إفريقيا والسودان) وهذه الحقيقة تكشف عن أن الحالات الثلاث الأولي تمت احالتها للمحكمة من جانب الدول الثلاث نفسها, أما في حالة دارفور بالسودان فإن مجلس الأمن أحالها الي المدعي العام.
* هل تعتقدين أن مذكرة اعتقال البشير سوف تؤثر سلبا علي مصداقية المحكمة الجنائية الدولية في العالم العربي وإفريقيا؟
** بلايرون: إنشاء المحكمة الجنائية الدولية كان طموحا للمجتمع الدولي علي مدي50 عاما, منذ الحرب العالمية الثانية, والمحاكم تبني مصداقيتها بإجراء محاكمات عادلة واتخاذ القرار بناء علي أدلة مقدمة للقضاة, لا توجد عوامل أخري تؤخذ في الحسبان من جانب القضاة.
* هل ستحاولون اعتقال البشير في أثناء سفره؟ وكيف؟
** بلايرون: كما أشرت مسبقا, المحكمة الجنائية الدولية ليس لديها أي قوة شرطة أو جيش لاعتقال المشتبه بهم, المحكمة تعتمد علي تعاون الدول الأعضاء في القيام بذلك.
* هل هناك أي إمكانية لإجراء محاكمة بديلة في السودان أو خارجها أمام محكمة أخري للرئيس البشير؟!
** بلايرون: ليس للمحكمة الجنائية الدولية أن تعلق علي هذا النوع من الاحتمالات.
* ما هي إجراءاتكم المقبلة ضد السودان أو حكومتها لو فشلتم في اعتقال الرئيس السوداني؟!
** بلايرون: قضاة غرفة ما قبل المحاكمة يجدون أن علي السودان التزامات بمقتضي قرار مجلس الأمن بالتعاون الكامل وتقديم أي مساعدة ضرورية للمحكمة وهو ما يغلب علي أي التزام آخر تكون الدولة قد تحملته بمقتضي أي اتفاق دولي آخر.
وقد أشار القضاة أيضا الي أن حكومة السودان قد رفضت بشكل منهجي التعامل مع المحكمة منذ صدور أمر اعتقال أحمد هارون وعلي كوشيب, ونتيجة لذلك, فإن الغرفة أ من شعبة ما قبل المحاكمة أكدت أنه بناء علي المادة87(7) من نظام روما الأساسي, فإن الغرفة المختصة من المحكمة يمكن لها أن تخرج بنتائج التحقيق حول عدم تعاون السودان, وأن تحيل الأمر الي مجلس الأمن.
