المسؤلية الطبية فى القانون الليبى (2) المستشار سعد المصراتى مؤمن *
االمسؤولية الطبية ..ماهيّتها وأحكامها *** (2)
لمحة تاريخية *: إن الإصابة بالمرض من أوائل الأخطار التي واجهت الإنسان منذ بداية الخليقة ,فقد اعتبره الإنسان الأول تهديدا للبقاء , وقد أثبتت الدراسات بأن الأنسا ن الأول كانت له أمراض , وكان يعانى ألوانا من الأذى , وكان يحاول إن يلجا إلى الطبيعة للخلاص من ذلك الأذى وتلك الألأم فبدأ يفكر , ويتأمل في التاعا سا ت التي تصيبه فكره الموت والمرض , وفى فترة من الفترات أعتبر الإنسان المرض لونا من ألوان العقا ب أو مسا من روح شريرة أو شيطان (1)
وقد نظر ابن خلدون إلى صناعة الطب بأنها (( النظر إلى بد ن الإنسان من حيث المرض والصحة فيحاول صاحبها حفظ الصحة وبرء المرض بالأدوية والأغذية بعد أن يتبين المرض الذي يخص كل عضو من أعضاء البدن وأسباب تلك ألأمراض وقد سمى العلم الذي يجمع كل
ذلك بعلم الطب (2) بينما يرى بعض المؤرخين أن المصريين القدماء هم أول من وضع أسس علم الطب في عهد الملك زوسر من ملوك الأسرة الثالثة , ويعد امحوتب أول طبيب عرف في عهد قدماء المصريين كما إن الطب من مظاهر حضارة بلاد مابين النهرين , وقد اشتغل البابليون بالطب , وقد أظهرت بعض اللوحات التي اكتشفت سنة 1489م في خرائب مدينة نينوى الكثير من الوصفات الطبية التي عرفت من ذلك العصر ودونت على لوحة حمورابى ست فقرات متعلقة بدستور مهنة الطب (3)
وقد نظمت هذه الفقرات صناعة الطب وبينت المسؤولية الطبية في حالة ارتكاب الأخطاء بحق المرضى , وفرضت عقوبات على المرضعات اللأي يقصرن في العناية بالأطفال الرضع المعهود إليهن , وهذا بطبيعة الحال يؤكد أن تلك الشعوب كانت تدرك معنى المسؤولية الطبية الإنسانية التي تحتم على الطبيب الاهتمام بالمرضى وعلاجهم , كما أن قوانين حمورابى التي حددت أسس التعامل بين الأفراد والجماعات لسكان شبه الجزيرة العربية أشارت إلى أجور الأطباء وحددتها وحذرتهم من الوقوع في الخطاء , وحمّلتهم مسؤولية الأخطاء التي تؤدى بحياة المريض أو تؤذيه, كما أن بعض الاكتشافات ألأثرية بيّنت انه كان في العراق وضواحيه مدارس طبية فيها ألواح تتضمن وصايا طبية و علاجات , وقد أعتمد العرب اعتمادا كبير ا على كتب جالنيوس في تعلم التشريح وكانت كتبه في التشريح تدرس في مدرستي الرها وجنديسابور وكان منه ما يترجم للسريا نية وماشتهر ببيت الحكمة ببغداد وفى التراث العربي إشارة لذلك فقد جاء في قصيدة للمتنبي قوله:_
يموت راعى الغنم فى حهله كما يموت جالنيوس فى طبه
واشهركتبه التشريح *
الطب عند العرب قبل الإسلام : اشتهر منهم الحارث بن كلدة الثقفي ومن أقواله في الطب ( من سره البقاء والإبقاء فليباكر في الغذا ء وليعجل في العشاء ويخفف الرداء وليقلل الجماع ...ادفع بالدواء ولأتشربه إلا من ضرورة فانه لا يصلح شيئا ألا فسد مثله )*وقد سمى طبيب العرب في وقته و كما اشتهرت بعض النساء بالتطبيب ومنهن رفيدة التي عاشت إلى أيام النبي صلى الله عليه وسلّم ,,,,
الطب النبوى :*
الطب الأ سلامى يشمل الأسلام كدين من خلال الأوامر التي جاء بها القرآن والحديث حول حفظ الصحة حيث هناك آيات كريمة تتعلق بصحة الأشخاص وعادات الغذاء والوضوء وكذلك التعاليم الباطنية والخاصة بالروح من حيث علاقتها بالجسد وقد اعترف كثير من المستشرقين بالصلة الوثيقة بين الطب والدين في الأسلام ومنهم (جورجي ودار ميلانو )* حيث يقول (إن الفروض والواجبات و من سنن ومستحبا ت تتصل بالصحة في الآسلأم ترمى إلى تحقيق غايتين غاية صحية , وغاية دينية ) .................................................. ...
الطب النبوي عبارة عن مجموعة من الأحاديث النبوية تحتوى على قواعد عامة لحفظ الصحة وهى تدور حول الاستحمام , والأكل , والشرب , والزواج ومن وصايا النبي صلى الله عليه وسلّم الاعتدال في المعيشة والابتعاد عن المشروبات المسكرة والنظافة والوضوء والأجر آت الوقائية لحفظ الصحة يقول الرسول الكريم (العلم علمان علم الأبدان وعلم الأديان )* كما أنه أمر بالتداوى كما أمر الأسلام بمعاقبة اىّ نصّا ب أو محتال يمتهن مهنة الطب دون شهادة أو علم أو دراية وحمّل مسؤولية مايصيب المريض من أضرار نتيجة العلاج أو الخطأ ونستطيع أن نستنتج من أقوال النبي وأفعاله وتعاليمه مانسميه اليوم ( بالمسؤولية الطبية .) ,,,(مسؤولية الخطأ المدني )
فقد قال الرسول الكريم:
( من تطبب ولم يعلم منه طب قبل ذلك فهو ضامن )*....
هوامش : (1) تاريخ الطب فى الحضارة الأسلامية – د:فرج محمد الهونى –الدار الجماهيربةللنشر –الطبعة الأولى 1986م ص15, ص 16.
(2) المرجع السابق ص (15), (16)
(3) المرجع نفسه ص ( 18 )*
إلى اللقاء في الجزء الثالث (3) وفيه (المسؤولية الطبية من الناحية القانونية وفق إحكام القانون رقم:17/لسنة 1986م بشأن المسؤولية الطيبة , ولوائحه ..
مع تحياتي : سعد المصراتى *
